"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

فورين أفيرز : ترامب فتح الباب للجماعات اليمينية المسلحة وسيكون من الصعب إغلاقه

شفقنا :
قالت مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية إن الرئيس دونالد ترامب أظهر خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض تعاطفا واضحا مع جماعات تفوق العرق الأبيض اليمينية المتطرفة -خاصة المسلحة منها- أكثر من أي رئيس آخر في ذاكرة أميركا الحديثة.

 

وأكدت المجلة -في تقرير للباحثين الأكاديميين أيلا ماتانوك، وبول ستانيلاند- أن إدارة ترامب ضغطت أيضا على وكالات إنفاذ القانون لتقليل خطورة التهديد الذي تشكله هذه الجماعات اليمينية، مما سمح للعنف غير الحكومي بالتسلل مجددا إلى المشهد السياسي، حيث وصل مستوى لم تشهده البلاد منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

 

وتوقع الباحثان -استنادا إلى نتائج دراسة أنجزاها- أن دوامة العنف المتطرف ستستمر قبل الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل وفي أعقابها.

 

وكشفت الدراسة أن هناك طريقتين أساسيتين تتسببان في زيادة المشاركة المسلحة في السياسة الأميركية، هما حين تؤيد النخب السياسية الجماعات المسلحة ولو ضمنيا، أو عندما تفشل الحكومات في حشد استجابة متسقة وموحدة تجاه هذه الجماعات، مؤكدة أن كلا المسارين ظهر بشكل جلي ومثير للقلق خلال رئاسة ترامب.

 

المجلة أكدت أن على وكالات إنفاذ القانون معاملة جماعات اليمين المتطرف كباقي الجماعات الإرهابية (رويترز)

عنف انتخابي

وتؤكد المجلة أنه بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل فإن فترة ترامب الرئاسية قد فتحت الباب لمزيد من العنف الانتخابي مستقبلا، وسيكون من الصعب جدا إغلاقه.

 

وأضافت أن النظام السياسي الأميركي إذا بدأ في التطبيع مع وجود هذه الجماعات المسلحة، وإذا فشلت وكالات إنفاذ القانون في ردعها ومعالجة المشكلة من أساسها فقد يرى الساسة الطامحون في المستقبل فائدة انتخابية في تنمية ورعاية هذه المنظمات.

 

وأشارت إلى أنه رغم ترجيح بعض المحللين أن تسقط الولايات المتحدة في أتون حرب أهلية فإن السيناريو الأكثر احتمالية هو الدخول في دوامة من العنف السياسي المتقطع والمتكرر منخفض المستوى يحرض عليه ويغذيه القادة السياسيون، مما سيؤدي تدريجيا إلى تآكل الديمقراطية الأميركية.

 

وذكرت المجلة أن جماعات تفوق العرق الأبيض تنخرط في السياسات الانتخابية بطرق مختلفة، أهمها السعي للتأثير على نتائج الانتخابات من خلال دعم المرشحين صراحة أو استهداف خصومهم علنا، كما يمكن للسياسيين أيضا تنمية علاقاتهم مع هذه الجماعات لتعزيز أجنداتهم وتحسين فرصهم في الفوز.

 

وعلى صعيد آخر، أوضحت فورين أفيرز أن الجماعات المسلحة النشطة في الولايات المتحدة لديها مجموعة واسعة من الأهداف، حيث إن بعضها مناهض مبدئيا للسلطة، مما يجعل مشاركتها في السياسة أمرا صعبا للغاية، في حين يركز آخرون بشكل أساسي على محاربة ما يرون أنه توسع سريع لسلطة الدولة، وسلطة اليسار على وجه الخصوص.

 

وأشارت إلى أنه في عهد ترامب وجهت هذه الجماعات غضبها بشكل متزايد إلى الحكام الديمقراطيين والشخصيات السياسية الأخرى الذين يعارضون رؤيتها العنصرية للدولة والأمة الأميركية.

 

ومن الجماعات الأكثر شهرة في هذا المجال جماعة “براود بويز” (Proud Boys) اليمينية المسلحة، وأجزاء من “حركة بوغالو” (Boogaloo Movement) المناهضة للحكومة، والمنتمون للمنظمة العنصرية “كو كلوكس كلان” (Ku Klux Klan)، ومجموعات النازيين الجدد ومليشيات ووحدات مسلحة أخرى محلية.

 

شرعية ترامب

وتؤكد المجلة أنه قبل مجيء ترامب إلى السلطة عام 2016 عملت هذه المجموعات بشكل أساسي على هوامش السياسة وكانت معرضة للإدانة من أغلبية مكونات المشهد السياسي، لكن لغة الرئيس ترامب ونهجه الخطابي أضفيا الشرعية على أجنداتها.

 

وترى المجلة الأميركية أن أفضل طريقة للوقوف ضد المزيد من توغل هذه الجماعات في الساحة السياسية الأميركية هي عبر تنصل جماعي من العنف الانتخابي من قبل كافة الساسة ومكونات المشهد السياسي، من الديمقراطيين اليساريين إلى الجمهوريين الداعمين لترامب.

 

كما يتوجب -تضيف المجلة- على وكالات إنفاذ القانون على المستويات الفدرالية والمحلية والولايات استئناف عمليات تحييد المتطرفين اليمينيين ومعاملتهم بشكل لا يختلف عن تعاملهم مع باقي المتطرفين.

 

ويمكن أيضا للإعلام أن يلعب دورا محوريا في هذا الصدد من خلال تعبئة الرأي العام بشكل إيجابي ضد هذه الجماعات، حيث سيزيد تقليل التعاطف معها حجم التداعيات التي قد تواجهها، ويرفع مستوى المخاطر السياسية التي قد تعترض الساسة الداعمين لها.

 

وتختم المجلة بأنه على الرغم من صعوبة تقويض المكاسب التي حققتها هذه الجماعات اليمينية المتطرفة خلال سنوات ترامب التي اتسمت بالتساهل فإنه ستكون لدى الإدارة القادمة الفرصة والأدوات المناسبة لمكافحتها، خاصة من خلال العمل الحزبي المنسق الذي من شأنه تحرير الديمقراطية الأميركية من نفوذ هؤلاء المتطرفين.