كشفت صحيفة “واشنطن بوست” تفاصيل قصة التجسس التي تعرض لها مركز العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير).

وجاء في التحقيق الصحفي الذي شاركت في إعداده الصحفيتان “ميشيل بورستين” و”هناء علام” أن “رومين إقبال”، ممثل ولاية أوهايو في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية والعضو النشط في المجلس من سنوات طويلة، اتهم بأن لديه علاقة سرية منذ سنوات مع مجموعة “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب” التي تروج لمناهضة آراء المسلمين، وأنه تقرر طرده من المجلس.

وأكدت الصحيفة أن الأمر بدأ برسالة بريد إلكتروني مشفرة في أغسطس/آب 2019 دون اسم المرسل وكان موضوعها: “معلومات قد تحتاجها”.

وأضافت أن الأمر استغرق أكثر من عام حتى يظهر مرسل البريد الإلكتروني بصورة جلية، وتتضح تفاصيل عملية التجسس.

وتابعت الصحيفة: “بالنسبة للعديد من المنظمات الإسلامية الأمريكية، صارت المراقبة من قبل الحكومة والمخبرين الأمريكيين سمة منتظمة للحياة في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول 2001. لكن بالنسبة لجماعة وازنة ومؤثرة مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) الذي يمثل أكبر جماعة إسلامية للحقوق المدنية في البلاد، فإن عمليات المراقبة تضاءلت كثيرًا خلال العقد الماضي”.

 

 

وقال المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “إدوارد أحمد ميتشل”، عن رسائل البريد الإلكتروني: “في البداية اعتقدنا أن الأمر يتعلّق بشخص متشرد”.

لكن رسائل البريد الإلكتروني قادت المديرين التنفيذيين في المجلس إلى تسجيلات ونصوص وثّقت ما وصفته الإدارة بأنه “أكبر تجسس ضد منظمة إسلامية أمريكية في التاريخ الحديث”.

وقال المجلس إن اثنين من الناشطين المسلمين كانا يسلّمان المعلومات الداخلية على مدى سنوات إلى إدارة “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب” الذي يوجد مقره في العاصمة، ويعده غالبية مسلمي أمريكا أنه مجموعة متطرفة تحمل مشاعر الكراهية والعداء للمسلمين.

وتضمنت الوثائق والتسجيلات المسلّمة اجتماعًا لكبار القادة المسلمين الأمريكيين عام 2010 قاموا فيه بالرد على موجة العداء تجاه مركز إسلامي في نيويورك، إلى جانب محادثة عام 2015 حول التوتر الناجم عن خطاب المرشح آنذاك “دونالد ترامب”، المعادي للمسلمين، بالإضافة إلى الهجوم الانتحاري الذي نفّذه في ذلك العام زوجان مسلمان في سان برناردينو بكاليفورنيا؛ وتسجيل مثير للجدل للنائب الديمقراطي آنذاك عن ولاية مينيسوتا “كيث إليسون” يتحدث عن ديناميكيات القوة في الشرق الأوسط.

وكشف المجلس الشهر الماضي أن “رومين إقبال”، الزعيم الذي مثّل المجلس ولمدة طويلة مديرًا لفرعه في أوهايو، أحد المشاركين في عملية التجسس.

كما كشف المجلس، الأربعاء الماضي أن “طارق نيلسون”، الذي كان ينشط في مركز دار الهجرة في فولز تشيرتش بولاية فيرجينيا يعد أيضًا من الأشخاص الذين لهم علاقة بقضية التجسس إلى جانب أعضاء آخرين في المركز الإسلامي “دار الهجرة” التي تعد من أكبر مساجد العاصمة واشنطن.

 

 

وقالت الصحيفة إنه منذ الإعلان عن تفاصيل عملية التجسس الشهر الماضي، كان السؤال الأكبر الذي طرحه مسلمو أمريكا هو لماذا لم يعلّق مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية على دوافع “رومين إقبال” للتجسس لمدة 13 عامًا على المجلس الأمريكي الإسلامي لصالح منظمة معادية للمسلمين؟

وأقر “طارق نيلسون” بأنه تلقي أكثر من 100 ألف دولار على مدار ثلاث سنوات من إدارة “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب”.

لكن وفقًا لمقابلات معه ومع شركاء مقربين، لم يكن المال هو الدافع الوحيد.

وفي مقابلة معه، قال “نيلسون” إنه برر عمله في إدارة “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب” بأنه كان يحاول إقناع الجماعات المعادية للإسلام بأن المجتمع المسلم يمكن أن يكون مجالًا للتكيف والعثور على المراد بينما كان يتقاضى رسومًا لتقديم ما يراه معلومات.

وأوضحت الصحيفة أنه بالنسبة للعديد من المسلمين الأمريكيين، كانت الفضيحة الجديدة بمثابة تذكير صريح لم يعشه المسلمون في أمريكا منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول وأنه في العقد الذي تلا 2001، كانت المراقبة من قبل الحكومة الأمريكية منتشرة بشكل كبير لدرجة أنها طردت العديد من المسلمين من المساجد، وخلقت الخوف وانعدام الثقة في العديد من المجتمعات.

وخلصت إلى القول بأنه في السنوات الأخيرة، هدأ الخوف نسبًيا مع توقف قضايا الإرهاب التي تشمل المسلمين، لكن القلق لم يختفِ أبدًا.

وقال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “نهاد عوض”، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، إن المجموعة تواصلت مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن جهود التجسس منذ مدة طويلة لأنها كانت تشعر بالقلق من أن بعض الوثائق المسربة أظهرت أن “ستيفن إيمرسون”، مؤسس “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب”، كان يتواصل مع مسؤولي الحكومة الإسرائيلية وخاصة مع مكتب رئيس الوزراء آنذاك “بنيامين نتنياهو”.

 

 

وأضاف “عوض” أن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية لم يتلق أي رد، واصفًا ردة فعل مكتب التحقيقات الفيدرالية بأنها “مخيبة للآمال”.

وتساءل: “هل هذا لأننا مسلمون يتم التعامل معنا بهذا الاستخفاف؟”.

وقال “إدوارد ميتشل” إن الجماعات المعادية للإسلام مثل “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب منظمة خطيرة، تحاول نقل صورة نمطية عن المسلمين بأنهم عنيفون أو يمثلون تهديدًا ديموغرافيًا للدول الغربية”.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات