أخبار عاجلة

سورة الإسراء من تفسير البينة رقم (48) في التنزيل تفاصيل العلو  الكبير لبني إسرائيل و الذي يعقبة السقوط الأكبر (كتبت عام 2006)

مركز القلم للأبحاث والدراسات :

بعد قصف السيد الحوثي اليوم لحاملة الططائرات الأمريكية تم مراجعة تفسير سورة افسراء والتي كتبت عام 2006 ليتأكد لنا معجزة البيان القرآنني للقرآن الذي فصل ما تمر به الأمة العربية وافسلامية من أحداث

الشريف خالد محيي الدين الحليبي 

15 يناير 2024

***

نسخة pdf : سورة بني إسرائيل 1 

ملف 1 ورد 

(48)

بسم الله الرحمن الرحيم

 ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ- الإسراء1)

 

ورد في تفسير القمي لعلي بن إبراهيم :

 

[ عن ابي عبدالله عليه السلام قال جاء جبرئيل وميكائيل واسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الآخر عليه ثيابه فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل ثم قال لها اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله قال فرقت به ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه الآيات من السماء والارض قال فبينا انا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني يا محمد فلم اجبه ولم ألتفت اليه ثم نادانى مناد عن يساري يا محمد فلم اجبه ولم التفت اليه ثم استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها وعليها من كل زينة الدنيا فقالت يا محمد انظرني حتى اكلمك فلم ألتفت اليها ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزت به فنزل بى جبرئيل، فقال صل فصليت فقال اتدري اين صليت؟ فقلت لا، فقال صليت بطيبة واليها مهاجرتك، ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي انزل وصل فنزلت وصليت، فقال لي أتدري اين
صليت؟ فقلت لا، فقال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي انزل فصل فنزلت وصليت فقال لي اتدري اين صليت؟ فقلت لا، قال صليت في بيت لحم بناحية بيت المقدس، حيث ولد عيسى بن مريم عليه السلام ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الانبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي فوجدنا ابراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من انبياء الله قد جمعوا الي واقمت الصلاة ولا اشك إلا وجبرئيل استقدمنا، فلما استووا اخذ جبرئيل عليه السلام بعضدي فقدمني فاممتهم ولا فخر، ثم اتانى الخازن بثلاث اواني، اناء فيه لبن واناء فيه ماء واناء فيه خمر، فسمعت قائلا يقول ان اخذ الماء غرق وغرقت امته، وان اخذ الخمر غوى وغوت امته وان اخذ اللبن هدي وهديت امته، فاخذت اللبن فشربت منه فقال جبرئيل هديت وهديت امتك ثم قال لي ماذا رأيت في مسيرك؟ فقلت ناداني مناد عن يميني فقال لي أو أجبته؟ فقلت لا ولم التفت اليه، فقال ذاك داعي اليهود لو اجبته لتهودت امتك من بعدك ثم قال ماذا رأيت؟ فقلت نادانى مناد عن يساري فقال أو أجبته؟ فقلت لا ولم التفت اليه، فقال ذاك داعي النصاري لو اجبته لتنصرت امتك من بعدك ثم ثم قال ماذا استقبلك؟ فقلت لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة فقالت يا محمد انظرني حتى اكلمك، فقال لي أفكلمتها؟ فقلت لم اكلمها ولم التفت اليها، فقال تلك الدنيا ولم كلمتها لاختارت امتك الدنيا على الآخرة، ثم سمعت صوتا افزعني فقال جبرئيل أتسمع يا محمد قلت نعم قال هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما فهذا حين استقرت، قالوا فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قبض.

 

قال فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له اسماعيل
 و هو صاحب الخطفة التي قال الله عزوجل: ” ألا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب ” وتحته سبعون الف ملك تحت كل ملك سبعون الف ملك، فقال يا جبرئيل من هذا معك؟ فقال: محمد صلى الله عليه وآله قال أوقد بعث؟ قال نعم ففتح الباب فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالاخ الناصح والنبي الصالح وتلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا فما لقيني ملك إلا كان ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه كريه المنظر ظاهر الغضب، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا انه لم يضحك ولم ار فيه من الاستبشار وما رأيت ممن ضحك من الملائكة، فقلت من هذا يا جبرئيل؟ فاني قد فزعت فقال يجوز ان تفزع منه، وكلنا نفزع منه هذا مالك خازن النار لم يضحك قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على اعداء الله واهل معصيته فينتقم الله به منهم ولو ضحك إلى احد قبلك او كان ضاحكا لاحد بعدك لضحك اليك ولكنه لا يضحك، فسلمت عليه فرد علي السلام وبشرني بالجنة، فقلت لجبرئيل وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله مطاع ثم امين، ألا تأمره ان يريني النار؟ فقال له جبرئيل يا مالك ار محمدا النار، فكشف عنها غطاء‌ها وفتح بابا منها، فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت فارتعدت حتى ظننت ليتنا ولني مما رأيت، فقلت له يا جبرئيل قل له فليرد عليها غطاء‌ها فامرها، فقال لها ارجعي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه.

 

ثم مضيت فرأيت رجلا ادما جسيما فقلت من هذا يا جبرئيل، فقال هذا ابوك آدم فاذا هو يعرض عليه ذريته فيقول روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله سورة المطففين على رأس سبعة عشر آية ” كلا ان كتاب الابرار لفي عليين وما ادريك ما عليون كتاب مرقوم ” إلى آخرها، قال فسلمت على ابي آدم وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي، وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح.

 

ثم مررت بملك من الملائكة وهو جالس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه واذا بيده لوح من نور فيه كتاب ينظر فيه ولا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرئيل؟ فقال هذا ملك الموت دائب في قبض الارواح فقلت يا جبرئيل ادنني منه حتى اكلمه، فادناني منه فسلمت عليه، وقال له جبرئيل هذا محمد نبي الرحمة الذي ارسله الله إلى العباد فرحب بى وحياني بالسلام وقال ابشر يا محمد فاني ارى الخير كله في امتك فقلت الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ذلك من فضل ربي ورحمته علي، فقال جبرئيل هو اشد الملائكة عملا فقلت أكل من مات او هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ قال نعم قلت تراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟ فقال نعم، فقال ملك الموت ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني منها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء وما من دار إلا وأنا اتصفحها كل يوم خمس مرات واقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم احد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كفى بالموت طامة يا جبرئيل فقال جبرئيل ان ما بعد الموت اطم واطم من الموت.
قال ثم مضيت فاذا انا بقوم بين ايديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث يأكلون الخبيث ويدعون الطيب، فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من امتك يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله امره عجبا نصف جسده نار والنصف الآخر ثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفي النار وهو ينادي بصوت رفيع يقول سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج وكف برد هذا الثلج فلا يطفي حر هذه النار اللهم يا مؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب عبادك

 

المؤمنين، فقلت من هذا يا جبرئيل؟ فقال هذا ملك وكله الله يا كناف السماوات واطراف الارضين وهو انصح ملائكة الله تعالى لاهل الارض من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق، وملكان يناديان في السماء احدهما يقول اللهم اعط كل منفق خلفا والآخر يقول اللهم اعط كل ممسك تلفا.

 

ثم مضيت فاذا أنا باقوام لهم مشافر كمشافر الابل يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في افواههم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء الهمازون اللمازون ثم مضيت فاذا انا باقوام ترضخ رؤوسهم بالصخر، فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء ثم مضيت فاذا انا باقوام تقذف النار في افواههم وتخرج من ادبارهم، فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا، ثم مضيت فاذا انا باقوام يريد أحدهم ان يقوم فلا يقدر من عظم بطنه فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس فاذا هم مثل آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا يقولون ربنا متى تقوم الساعة قال ثم مضيت فاذا انا بنسوان معلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء اللواتي يورثن اموال ازواجهن اولاد غيرهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله اشتد غضب الله على امرأة ادخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عوراتهم واكل خزائنهم.

 

قال ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عزوجل خلقهم الله كيف شاء ووضع وجوهم كيف شاء ليس شئ من اطباق اجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية باصوات مختلفة اصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله فسألت جبرئيل عنهم، فقال كما ترى خلقوا ان الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط ولا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتهم خوفا من
الله خشوعا فسلمت عليهم فردوا علي إيماء‌ا برؤسهم لا ينظرون الي من الخشوع فقال لهم جبرئيل هذا محمد نبي الرحمة ارسله الله إلى العباد رسولا ونبيا وهو خاتم النبيين وسيدهم أفلا تكلمونه؟ قال فلما سمعوا ذلك من جبرئيل اقبلوا علي بالسلام واكرمونى وبشروني بالخير لي ولامتي.
قال ثم صعد بي إلى السماء الثانية فاذا فيها رجلان متشابهان فقلت من هذان يا جبرئيل؟ فقال لي ابناء الخالة يحيى وعيسى بن مريم فسلمت عليهما وسلما علي واستغفرت لهما واستغفرا لي وقالا مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح وإذا فيها من الملائكة مثل ما في السماء الاولى وعليهم الخشوع قد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلا يسبح لله ويحمده باصوات مختلفة.
ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فاذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم فقلت من هذا يا جبرئيل؟ فقال هذا اخوك يوسف فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لى وقال مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح، وإذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الاولى والثانية، وقال لهم جبرائيل في امري ما قال للآخرين وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون.

 

ثم صعدنا إلى السماء الرابعة واذا فيها رجل، قلت من هذا يا جبرئيل؟ قال هذا ادريس رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي واذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات، فبشروني بالخير لي ولامتي، ثم رأيت ملكا جالسا علي سرير تحت يديه سبعون الف ملك تحت كل ملك سبعون الف ملك فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله انه هو، فصاح به جبرئيل فقال قم فهو قائم إلى يوم القيامة، ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فاذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا اعظم منه حوله ثلة من امته

 

فاعجبتني كثرتهم فقلت من هذا يا جبرئيل؟ قال هذا المحبب في قومه هارون ابن عمران فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي واذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السادسة واذا فيها رجل ادم طويل عليه سمرة ولولا ان عليه قميصين لنفذ شعره منهما فسمعته يقول تزعم بنو اسرائيل انى اكرم ولد آدم على الله وهذا رجل اكرم على الله مني فقلت من هذا يا جبرائيل؟ قال هذا اخوك موسى بن عمران، فسلمت عليه وسلم علي واستغفرت له واستغفر لي واذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا يا محمد احتجم وأمر امتك بالحجامة، واذا فيها رجل اشمط الرأس وهو الذي (خالط بياض رأسه سواد فهو اشمط) واللحية، جالس على كرسي فقلت يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله؟ فقال هذا ابوك ابراهيم وهذا محلك ومحل من اتقى من امتك، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله ” ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ” قال صلى الله عليه وآله: فسلمت عليه وسلم علي وقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح واذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات، فبشرونى بالخير لي ولامتي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلالا يكاد تلالؤها يخطف بالابصار وفيها بحار مظلمة وبحار ثلج ورعد فلما فزعت ورأيت هولا سألت جبرئيل فقال ابشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله بما صنع اليك قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل
وتعجبي، فقال جبرئيل يا محمد أتعظم ما ترى؟ إنما هذا خلق من ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى، وما لا ترى اعظم من هذا من خلق ربك، ان بين الله وبين خلقه سبعون (تسعون خ ل) الف حجاب واقرب الخلق إلى الله انا واسرافيل وبيننا وبينه اربعة حجب.

 

حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من الغمام وحجاب من الماء، قال ورأيت من العجائب التي خلق الله سبحانه وسخر به على ما اراده ديكا رجلاه في تخوم الارضين السابعة ورأسه عند العرش وملكا من ملائكة الله خلقه كما اراد رجلاه في تخوم الارضين السابعة ثم اقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى استقر قرنه إلى قرب العرش وهو يقول: سبحان ربى حيث ما كنت لا تدري اين ربك من عظم شأنه وله جناحان في منكبيه اذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب فاذا كان في السحر ذلك الديك نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح يقول: سبحان الله الملك القدوس، سبحان الله الكبير المتعال، لا إله إلا الله الحي القيوم، واذا قال ذلك سبحت ديوك الارض كلها وخفقت باجنحتها واخذت في الصراخ فاذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الارض كلها ولذلك الديك زغب اخضر وريش ابيض كاشد بياض ما رأيته قط وله زغب اخضر ايضا تحت ريشه الابيض كاشد خضرة ما رأيتها.
ثم قال مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعي اناس من اصحابي عليهم ثياب جدد وآخرون عليهم ثياب خلقان فدخل اصحاب الجدد وحبس اصحاب الخلقان ثم خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمى الكوثر، ونهر يسمى الرحمة فشربت من الكوثر واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة فاذا على حافتيها بيوتى وبيوت ازواجي واذا ترابها كالمسك فاذا جارية تنغمس في انهار الجنة فقلت لمن انت يا جارية؟ فقالت لزيد ابن حارثة فبشرته بها حين اصبحت، واذا بطيرها كالبخت(و البخت بالضم الابل الخراسانية والجمع بخاتى)

واذا رمانها مثل الدلاء العظام، واذا شجرة لو ارسل طائر في اصلها ما دارها تسعمائة سنة، وليس في الجنة منزل إلا وفيها فرع منها فقلت ما هذه يا جبرئيل؟ فقال هذه شجرة طوبى، قال الله طوبى لهم وحسن مآب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهو لها واعاجيبها قال هي سرادقات الحجب التي احتجب الله بها ولولا تلك الحجب لهتك نور العرش كل شئ فيه، وانتهيت إلى سدرة المنتهى فاذا الورقة منها تظل به امة من الامم فكنت منها كما قال الله تبارك وتعالى: ” كقاب قوسين او ادنى ” فناداني ” آمن الرسول بما انزل اليه من ربه ” وقد كتبنا ذلك في سورة البقرة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا رب اعطيت انبيائك فضائل فاعطني، فقال الله قد اعطيتك فيما اعطيتك كلمتين من تحت عرشي: ” لا حول ولا قوة إلا بالله ولا منجا منك إلا اليك ” قال وعلمتني الملائكة قولا اقوله إذا اصبحت وامسيت: (اللهم ان ظلمي اصبح مستجيرا بعفوك وذنبي اصبح مستجيرا بمغفرتك وذلي اصبح مستجيرا بعزك وفقري اصبح مستجيرا بغناك ووجهي الفاني البالي اصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقى الذي لا يفنى) ثم سمعت الاذان فاذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة فقال: الله اكبر الله اكبر فقال الله صدق عبدي انا اكبر فقال: اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله فقال الله صدق عبدي انا الله لا إله غيري، فقال: اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله فقال الله صدق عبدي ان محمدا عبدي ورسولي انا بعثته وانتجبته، فقال: حيى على الصلاة حيى على الصلاة فقال صدق عبدي ودعا إلى فريضتي فمن مشى اليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه، فقال: حي على الفلاح حي على الفلاح فقال الله هي الصلاح والنجاح والفلاح، ثم اممت الملائكة في السماء كما اممت الانبياء في بيت المقدس، قال ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي اني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى امتك فقم بها انت في امتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فانحدرت حتى مررت على ابراهيم فلم يسألني عن شئ حتى انتهيت إلى موسى فقال ما صنعت يا محمد؟ فقلت قال ربي فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى امتك فقال موسى يا محمد ان امتك آخر الامم واضعفها وان ربك لا يرد عليك شيئا وان امتك لا تستطيع ان تقوم بها فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك، فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ثم قلت فرضت علي وعلى امتى خمسين صلاة ولا اطيق ذلك ولا امتي فخفف عني فوضع عني عشرة فرجعت إلى موسى فاخبرته فقال ارجع لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فاخبرته فقال ارجع وفى كل رجعة ارجع اليه اخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى فاخبرته فقال لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا فرجعت إلى موسى فاخبرته فقال لا تطيق فقلت قد استحييت من ربى ولكن اصبر عليها فناداني مناد كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كل صلاة بعشر، من هم من امتك بحسنة يعملها كتبت له عشرة وان لم يعمل كتبت واحدة(اي لم يقدر على فعلها وهذا كما قال صلى الله عليه وآله نية المؤمن خير من عمله) ومن هم من امتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة وان لم يعملها لم اكتب عليه شيئا فقال الصادق عليه السلام جزى الله موسى عن هذه الامة خيرا وهذا تفسير قول الله: ” سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ” الآية.

 

وروى الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال بينا انا راقد بالابطح وعلي (ع) عن يميني وجعفر عن يساري وحمزة بين يدي واذا انا بخفق اجنحة الملائكة وقائل منهم يقول إلى ايهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال إلى هذا واشار الي ثم قال هو سيد ولد آدم وحواء وهذا وصيه ووزيره وختنه وخليفته في امته وهذا عمه سيد الشهداء حمزة وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خصيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة دعه فلتنم عيناه ولتسمع اذناه وليعي قلبه واضربوا له مثلا ملك بنى دارا واتخذ مأدبة وبعث داعيا، فقال النبي صلى الله عليه وآله فالملك الله والدار الدنيا والمأدبة الجنة والداعي انا، قال ثم ادركه جبرائيل بالبراق واسرى به إلى بيت المقدس وعرض عليه محاريب الانبياء وآيات الانبياء فصلى فيها ورده من ليلته إلى مكة فمر في رجوعه بعير لقريش واذا لهم ماء في آنيه فشرب منه واهرق باقى ذلك وقد كانوا اضلو بعيرا لهم وكانوا يطلبونه فلما اصبح قال لقريش ان الله قد اسرى بي في هذه الليلة إلى بيت المقدس فعرض علي محاريب الانبياء وآيات الانبياء وانى مررت بعير لكم في موضع كذا وكذا وإذا لهم ماء في آنية فشربت منه واهرقت باقى ذلك وقد كانوا اضلوا بعيرا لهم، فقال ابوجهل لعنه الله قد امكنكم الفرصة من محمد سلوه كم الاساطين فيها والقناديل ، فقالوا يا محمد ان ههنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم اساطينه وقناديله ومحاريبه؟ فجاء جبرئيل فعلق صورة البيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما سألوه فلما اخبرهم قالوا حتى تجيئ العير ونسألهم عما قلت، فقال لهم وتصديق ذلك ان العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل احمر، فلما اصبحوا واقبل ينظرون إلى العقبة ويقولون هذه الشمس تطلع الساعة فبيناهم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس يقدمها جمل احمر فسألوهم عما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا لقد كان هذا، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ووضعنا ماء‌ا واصبحنا وقد اهريق الماء فلم يزدهم ذلك إلا عتوا. –  تفسير القمي لعلي بن إبراهيم ج2 ] .

سبحان  :

 

كلمة تنزيه لله عز وجل. وهى كلمة تنزيه لله تعالى عن كل عيب أو نقيصة يقول تعالي

(فسبحان الله رب العرش عما يصفون – الأنبياء 22) ويقول )هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ – الحشر23)

 

وسبحانه وتعالى لأن الخلق كله يسبح بحمده ولذلك الآية التالية (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- الحشر24)

 

وسبحان للتنزيه لقوله تعالي أيضًا (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء43)

ولقوله تعالى (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ-مريم35) .

 

وهنا يقول تعالى سبحانه تنزيهًا له تعالى من الشرك والولد وكل نقيصة والسماوات والأرض جميعًا يسبحن بحمده تعالى لقوله عز وجل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنّ-الإسراء 44) ويقول تعالى

(وَإِن مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم-الإسراء 44) ولذلك فهو المنزه عن كل عيب ونقيصه وشبيه وهو المُسَبحُ له سبحانه وتعالى الذي يسبح بحمده كل مخلوق حتى حملة العرش في قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ-الزمر75) ويأتي لفظ سبحانه للتعجب كما في قوله تعالى (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً- الإسراء93) وأما قوله تعالى

 

(الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله -الإسراء1)

وهنا أسرى

أي سرى بفلان وصاحبه ليلاً يقول تعالى (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الدخان23) وقال تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الشعراء52) وهذا الإسراء كان لمنطقة سيناء مما يدل على أن الإسراء كان بين المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مروراً بطور سيناء كما أخبرت السنة أنه صلى الله عليه وآله صلى بطور سيناء ركعتين وقال له جبرائيل أتدرى أين صليت يا محمد فقال له صليت بطور سيناء حيث تجلى ربك إلى موسى (ع)  والآية هنا تبين أن هذا الإسراء بقطع من الليل كما قال تعالى (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ-هود81)

وأما :

( بعبده )

أي عبد الله وهو سيدنا محمد كما في قوله تعالى { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا – الجن } أي كادوا يهجمون عليه فتكاً كالأسد اللابد تكذيباً له كما قالوا له يختبروه ” إذا صف لنا المسجد الأقصى ” فوصفه لهم والحادثة بطولها في السيرة النبوية المطهرة .

وأما

( ليلاً )

كقوله تعالى { فأسر بعبادي بقطع من الليل } أي في أشد أوقات الليل ظلمة وهو الثلث الأخير من الليل وهذا هو وقت إسراءه صلى الله عليه وآله .

وأما :

( من المسجد الحرام)

والمسجد الحرام وردت هذه الآيات في قوله تعالى { لتدخلن المسجد الحرام آمنين – الفتح 27} .

أي أنه دخل المسجد الحرام صلى الله عليه وآله آمناً وكان في هذه الرحلة أول تحويل للقبلة لورود “المسجد الحرام”  في قوله تعالى { فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره- البقرة 144 } .

وبالفعل السيرة النبوية تؤكد أن فرض الصلاة للقبلة الحالية وهى  المسجد الحرام كان في حادث الإسراء والمعراج  كما أن ورود الآية في قوله تعالى { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام – البقرة 149} تشيرإلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى ركعتين في المسجد الحرام في أثناء رحلته النورانية إلى المسجد الأقصى ثم العروج به صلى الله عليه وآله إلى سدرة المنتهى .

وورود الأيات في قوله تعالى { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين- الفتح 27} والآيات هنا تشير هنا إلى ان رسول الله كان آمناً في هذه الرحلة منشرح الصدر فرحاً كما فرح بفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً وهنا كان فرحه بلقاء أنبياء الله والإطلاع على الجنة والنار ووصوله صلى الله عليه وآله إلى سدرة المنتهى .

وأما :

(إلى المسجد الأقصى)

الأقصى أي البعيد وقد وصف المسجد بأنه أقصى ووصفت العدوة بأنها قصوى (إذ أنتم بالعدوة القصوى) اي البعيدة لمكان المخاطبين – معجم الفاظ القرآن باب القاف فصل الصاد والواو ] .

ومصدر اللفظ قصو وقصيا ورد في قوله تعالى عن سيدتنا مريم عليها السلام { فحملته  فانتبذت به مكاناً قصيا –  مريم 22} أي أن الله تعالى اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسجد والمكان الذي ولد به عيسى عليه السلام وعاش ودفن فيه آل إبراهيم والأنبياء من ذريته وهو المسجد الأقصى .

وكانت هذه هى رحلة الإسراء من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بفلسطين مروراً بطور سيناء في مصر كما في أحد روايات كتاب قصص الأنبياء للثعلبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى ركعتين في طور سيناء .

وهذه هى الأماكن المباركة التي نزلت بها الكتب السماوية  لقوله تعالى :

(الذي باركنا حوله)

أي كما فال تعالى( وهذا كتاب أنزلناه مبارك –الأنعام92) فالتوراة و لألواح بسيناء بمصر والإنجيل ببيت المقدس والقرآن بجزيرة العرب

 (حوله)

وحوله اي حول المسجد الاقصى من كل الاتجاهات قال تعالى { وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم – الزمر 75} .

وهذا التسبيح وهذه البركة هنا فيما حول بيت المقدس هنا لقوله تعالى ( الذي باركنا حوله – الإسراء1) وهذه الاماكن المباركة التي عاش فيها الأنبياء وسكنوها وعمروها وتنقلوا فيما بينها وهى  الحجاز والذي استأثر بالقرآن الكريم والشام والذي نزل فيه الإنجيل وسيناء التي تلقى فيها موسى عليه السلام الألواح والعراق الذي عاش فيه بعض أنبياء الله ومنهم إدريس وإبراهيم ويونس (عليهم السلام)

(  لِنُرِيَهُ   منْ آيَاتِنَا )

وهنا (لنريه من آياتنا) أي كما قال تعالى (لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى- طـه23) أي ان تلك الآيات المعجزات ستكون بهذه البقاع المباركة وسيريه الله تعالى أحداثاً يمر بها العالم في الدنيا ومكانة كل فريق من أولاد قابيل وأولاد المظلوم هابيل في الدنيا والآخرة ومن هذه الأمور يريه الله تعالى مواضع وأماكن سنزل بها عذاب على أفراد محددين من قريش و  أمم ظالمة لأمته وأهل بيته عليهم السلام من بعده وهذا بعض ما وعد الله تعالى هؤلاء في الدنيا وقال تعالى فيه :  (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُون َ- غافر 77)

وبعض الذي نعدهم ما سيقع بهم من عذاب في الحياة الدنيا  إلي قيام الساعة

والله تعالى قادر على أن يريه صلى الله عليه وآله  كل ما هو كائن إلى يةوم القيامة    لقوله تعالى : (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ- المؤمنون95).

وهنا قدرة الله لا تحد فيمكن أن يريه كما في حادث الإسراء والمعراج أو بالرؤيا أو بالوحي يمكن أن يريه الله تعالى آياته وما توعد به الكافرين والمنافقين وما سيفعلونه بأمته وما سيفعله الله تعالى بهم  ,  والرؤيا إما مناميه لقوله تعالى هنا (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ-الأنفال43)

ويمكن أن يرى بالوحى كما رفع جبرائيل المسجد الأقصى له يراه فيعدد أبوابه ونوافذه وهذا الوحى مثلاً يقول تعالى فيه (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ- الفيل1) والصحيح أنه أسرى به بالجسد الطيني العلوي الذي كان يعيش به بني آدم في جنة عدن في قوله تعالى عن كل بني آدم  { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا فسجدوغ إلا إبليس- الأعراف} .

وهذه المرحلة كانت بالجسد الطيني العلوي الذي قال فيه تعالى لسيدناآدم { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ولا تظمأ فيها ولا تضحى- طه} فإذا برزت السوءة فهى الجسد الطيني السفلي وهو جسد لا يصلح لمرحلة الصعود إلى جنات عدن والفردوس الأعلى وهذه السوءة قال تعالىفيها بعدما أكل سيدنا آدم {فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما-} وهذه السوءة لا تصلح لمهمة الصعود إلى جنة عدن وهنا نحذر القتلة المجرمين من الصهاينة والماسون والوهابية أنكم لا تقتلون المسلمين فالقتل يخفي الجسد ويظل باقياً متحولاً لقوة أكبر ومن هنا دائماً بعد قتل المؤمنين يحدث ابتلاءات وهلاك عام ريح زلازل براكين غرق فيضانات تفرق بين القوى المتآلفة وتناحرها يكون بسنن إلهية من جراء القتل للمسلمين بغير حق .

أى أنه رأى بعينه وبصيرته وجسده الطيني العلوي ومصير أعداء الله في النار ورؤية أنبياء الله تعالى في الجنة كما في قوله  (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ-المؤمنون95) وهل يدخل رسول الله الجنة للإلاع على من فيها والتخاطب مع الأنبياء بهذا الجسد المليئ بالعذرة والبول والدماء ؟ّ قطعا هو جسد طيني ولكن أطلق الله تعالى عليه سوءة وهى لا تصلح لدخول الجنة كألأن النفس في حلة دنيوية يطلق عليها سوءة فإذا خلها الإنسان أصبح جسده مهيئ لدخول الجنة .

كما أن قوله تعالى (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ-المؤمنون95)

فهو بالقطع صلى الله عليه وآله رأى ما سيحدث لمنافقى أمته والكفار منهم  وكان هذا في حادثة المعراج  عل الأرجح هنا في الآية  أن الله تعالى قد بين لرسول الله صلى الله عليه وآله أناساً بأعيانهم حادوا الله ورسوله وليسوا بمجهولين و بين له تعالى أحداثاً  تقع إلى يوم القيامة بأشخاصها وأعيانها ووقائعها وما ستفعله الأمة بأهل بيته وبدين الإسلام من بعدة  .

 

آياتنا

أي تأتيهم بعض آيات ربك وهى من علامات الساعة كإشارة على أن أحداثاً ستقع بهذه البقاع هى من علامات الساعة ومنها الحروب العربية الإسرائيلية كما ستبين الآيات فيما بعد بوعد أولاهما بجزيرة العرب ثم وعد الآخرة بالشام مع الفلسطينيين الآن وحزب الله ومنظور ظهور قوة إسلامية عاتية بسيناء في المستقبل القريب  قال تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُون َ- الأنعام 158) والآيات كلها خاصة المستقبلية التي تخص علامات الساعة والتي سنعرفها في آخر الزمان كما في قوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا – النمل 93) .

فنحن سنعرفها في آخر الزمان ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها وبينها وبين علامة كل دوله منذ وفاته إلى قيام الساعة حيث جلس معهم في الحديث المشهور يحدثهم بما هو كائن إلى يوم القيامة من بعد صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء وكان هذا بعد حادث الإسراء والمعراج حيث عرج به إلى السماء  وهذه حادثة   من الآيات التي جعل الله تعالى الأمة تراها ولا يبنكرها إلا جاحد فقد شرح لهم صلى الله عليه وآله صفات المسجد الأقصى بعد أن كذبوه صلى الله عليه وىله فأراه الله تعالى المسجد الأقصى وآيات الله تعالى  سيظهرها تعالىآخر الزمان ولن ينكرها إلا جاحد  قال تعالى (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُون َ- غافر81) .

أي أن كثير اًمن الناس أنكرت هذه المعجزة الإلهية خاصة في زمان البعثة النبوية الشريفة وكذبوه فبين لهم ما رآه من قوافل  بين مكة والشام في الطريق ورفع له جبريل الأمين المسجد فشرح لهم وصفه وعدد نوافذه وأبوابه ثم بين مكانة أناس فيهم فى النار وفى الجنة  ووصف المسجد الأقصى لهم . ولبيان كلمة

ثم يقول تعالى :

( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ )

( وسميع) أى أنه تعالى يسمع كل شئ لقوله (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ –  الزخرف80) .

ولبيان أنه تعالى يسمع الناس  يقول تعز وجل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى الله-المجادلة1)

وهو سبحانه وتعالى كان سميعاً بصيرأ لكل شيء قبل خلقه .قال تعالى ( وكان الله سميعاً بصيرا – النساء 134 ) وأما :

 بصير

أى بأعمالهم قبل خلقهم كما في قوله تعالى (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً-الفتح24) ويقول تعالى (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً-الفرقان20)  ويقول تعالى أيضاً (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً- فاطر45)

وهنا بصيراً  يرى كل أعمالهم سبحانه وتعالى وقد أحاط بها علماً قبل خلقهم ولذلك يقول تعالى (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً-الطلاق12) ويقول تعالى (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى- العلق14).

ويقول (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى- النجم40) ومن هنا يتبين لنا أن الله تعالى (سميع بصير) على أعمال بنى آدم وعلى ما سيفعلونه فهو رقيب عليهم وهو كان بعملهم عليم قبل خلقهم فكأن الله تعالى يقول (لنريه من آياتنا) بما أريناه وسمعناه جعلناه يسمع ويبصر صلى الله عليه وآله ماسيفعله بنوا إسرائيل في المسلمين  في وعد الأولى على زمانه صلى الله عليه وآله ثم وعد الآخرة كما ستبين الآيات فيما بعد  و الكلام عنهم ..

(وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً- الإسراء2)

 

وهنا يبدأ الله تعالى بسرد الأحداث وبدايتها أنه  عز وجل انزل التوراة على سيدا موسى في قوله تعالى :

( وآتينا موسى الكتاب )

أى أن الله تعالى أنزل آتي موسى الكتاب تماماً وتفصيلاً لكل شيئ وفيه هدى ورحمة كما في قوله تعالى { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ-الأنعام154}  أى أن الله تعالى أنزل التوراة فيها هدى ونور ويحكم بها الربانيون المستسلمون بالإسلام الله تعالى بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء

( وجعلناه هدى )

أي أنه تعالى انزل التوراة في ها هدى ونور كما في قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ-المائدة44) وهذا تمام معنى قوله تعالى هنا {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً- الإسراء2} فإن توكلوا علىأهوائهم وأرائهم ونبذوا كتاب ربهم وراء ظهورهم فقد كفروا بالله تعالى كما في قوله تعالى  :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ-المائدة44)  . ولذلك حذرهم الله تعالى هنا قائلا : { ألا تتخذوا من دوني وكيلاَ }

ثم يقول تعالى :

( أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي)

وردت هذه الآيات في تحذير الله تعالى من ترك كتاب الله تعالى و العمل بالهوى وهو إله ثاني مع الله تعالى قال فيه محذراً  : { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد – النحل } والإله الثاني هو الهوي كما في قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ – الجاثية 23 } وهذا من عمل الشيطان الذي  يدفع العبد بالهوى لترك كتاب ربه والتوكل على غير الله تعالى فيتولى بذلك شياطين  الجن  والإنس  كما في قوله تعالى{ فريقاً هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ  – الأعراف 50 } وهنا يحسبون أنهم مهتدون لأن الله تعالى حذر من ذلك في قوله تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا – فاطر 6 } وهذا الشيطان له ذرية كل من توكل على غير الله تعالى فقد وقع في ولاية هؤلاء ولذلك يقول تعالى لهؤلاء يوم القيامة :  { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا- الكهف 50 } ومن يفعل ذلك فقد خسر خسراناً مبيناً  كما في قوله تعالى  :

 

{ ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا- النساء 119}  وخسارتهم الدنيا والآخرة هنا لأنهم توكلوا على غير الله تعالى وتولوا شياطين الإنس والجن ولوكانوا مؤمنين بالله لاتخذوه وكيلا عملاً بقوله تعالى هنا { ألا تتخذوا من دوني وكيلا} ولو توكلوا على الله تعالى لتولوه عز وجل ورسله والذين آمنوا قال تعالى مبيناً  ذلك : { لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً  وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ – آل عمران 28 }

وأما :

(وَكِيلاً  – الإسراء 2)

التوكل على الله شرطاً من شروط الإيمان ورد في قوله تعالى على لسان سيدنا موسى  عليه السلام في قوله تعالى : { فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ   وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ – يونس 83-86} . ويبين تعالي ان من قوم موسى عصوه ايضا فبين رجلان مؤمنان لهم ان التوكل علي الله شرطا من شروط الايمان فكفر الكثير منهم كما في قول تعالى { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ  يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ  وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ – المائدة 20-23 } .

وواضح هنا أن هؤلاء الذين عصوا موسى كانوا ذرية بعض الذين ركبوا السفينة مع سيدنا نوح كما في الآيات هنا  وقال فيهم { وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا  ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا – الإسراء 2-3 } .

والتوكل على الله الاستسلام وتفويض الأمر إليه  عز وجل فهو سبحانه وتعالى المتوكل عليه والمفوض الأمر إليه  فلما كفر بهذه الرسالة بني إسرائيل بين عز وجل أنه وكل بها سيدنا محمد وآل بيته (عليهم السلام) كما في قوله تعالى عن آل إبراهيم المحسودون  عليهم السلام :

{ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ  فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ  قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا  إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ -الأنعام89-90} وهؤلاء هم المحسودون من بني إسرائيل إلى ان يفصل الله تعالى بين الحزبين في آخر الزمان في وعد الآخرة قال تعالى {أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْآتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا – النساء 54-55} وهذه الرسالة بإمامة أهل البيت عليهم السلام رفضتها قريش وكذبت بها كما في قوله تعالى إنما الوكيل على الناس هو خالقهم ولقوله تعالى (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بوكيل-الأنعام66)

وقال تعالى ايضاً لرسوله صلى الله عليه وآله { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ-الزمر41}

وما دامت قريش كفرت بها وهم قوم رسول الله صلى الله عليه وآله وبني إسرائيل يبين تعالى أنه وكل بها آل بيت البنوة عليهم السلام ولن يكونوا بها كافرين كما في قوله تعالى : { أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ  فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ  قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا  إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ -الأنعام89-90}

ثم يقول تعالى مبيناً أن هؤلاء ليسو ذرية نوح بل من حملنا مع نوح منزهاَ إياه  عن الكفر والإفساد في الأرض الذي سيفعله هؤلاء آخر الزمان مؤكداً أن سيدنا نوح عليه السلام كان عبداً شكورا . قال تعالى

(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً-الإسراء3)

وهنا  ذرية من حملنا مع نوح

(ذرية)

الذرية دائما إما مؤمنة مسلمة أو ظالمة كما قال تعالى في ذرية نوح  إبراهيم عليهما السلام وجعل النبوة إرثاً في تلك الذرية التي اصطفاها الله عز وجل { ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون – الحديد 26 } ويقول تعالى أيضاً مبيناً أن هذه الأكثرية منها المحسن ومنها الظالم   في قوله تعالى { وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين – الصافات 113} .

وهذه الأكثرية الظالمة هنا ستظل موجودة حتى لقاء الله تعالى وقولهم عند الحساب  {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ  قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون – الأعراف 172-173}  وهذه الذرية التي ظلمت نفسها بعد الطوفان  كانوا في سفينة سيدنا نوح عليه السلام  من ذرية قابيل أول ظالم قتل أخاه على الأرض أو ابناء نساء من ذريته نزعهم عرق من أبيهم فيما بعد فأفسدوا في الأرض كما افسد أبوهم من قبل

وذلك لأنه تعالى ربط بين  بني إسرائيل آخر الزمان وقضية أول قاتل على الأرض بما يؤكد أنهم من ذرية هذا القاتل في قوله تعالى  { فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ  مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ – المائدة 31-32} .

وهنا { من أجل ذلك }  لأنهم ذرية قابيل أول قاتل على الأرض

وأما :

 

( من حملنا)

ومن حملنا هنا في السفينة سيدنا نوح وذريته وكذلك أناس سيخرج من خلفهم خلوف يتبعون الشهوات وهم قتلة الأنبياء الوارد ذكرهم في قوله تعالى { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا  فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴿59﴾ – مريم 58-59 } وهؤلاء هنا الذين اتبعوا الشهوات ذرية من حملنا مع نوح كما في الآية هنا { ذرية من حملنا مع نوح} .

وأما (ذرية من حملنا مع نوح)

وهنا ورد اسم سيدنا نوح في قوله تعالى :  (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ-هود48) .

وهنا أمم ممن معك وهم ذرية نوح الصالحة المؤمنة وذلك لأن أمماً ورد فى قوله تعالى فى الأسباط (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً –  الأعراف 160) وهم ذرية يعقوب النبي عليه السلام  ولذلك فى سورة هود (وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَك – هود 48) وأمم ممن معك ليس جميعهم فمنهم الطيور والحيوانات قال تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ- الأنعام 38)

ولكن البركات خاصة بأمة نوح وأولاده وهم الذين اصطفاهم الله عز وجل فى آية الاصطفاء (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العلمين ذرية بعضها من بعض- آل عمران)

والبركات تأتى ومعها الرزق كما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض-الأعراف 96) وأهم بركة بها يتنزل الرزق من السماء كتاب الله تعالى لقوله عز وجل (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه – الأنعام 92) وهذه البركات لا تنزل إلا على أولاد بنى آدم الذين اصطفاهم الله عز وجل لأنه أوكل بها هؤلاء كما فى قوله تعالى (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ- الصافات113) .

وقد قطعهم الله تعالى أثنا عشرا سبطاً نقباء من أولاد إبراهيم كما فى قوله تعالى (اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبا- المائدة 12) .

ومن هنا يكون قوله تعالى (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَك-هود 48) .

وهم أهل البركات المنزلة عليه وهى الرسالة على نوح وأمم ممن معه أثنى عشر سبطا له أنزل الله تعالى عليهم البركة من نوح ( ع ) وأورثها إياهم من دون الأمم والطيور والحيوانات التي معهم ثم تكلم القرآن على أمةً أخرى معهم قال تعالى فيها (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ – هود 48) .

والمتاع في الدنيا قال تعالى فيه { فماا أوتيتم من شيئ فمتاع الحياة الدنيا – الشوري 36} وكل اقتصاد العالم الآن ومنذ القرن الخامس عشر الميلادي بعد سقوط الأندلس في يد الصليبيين وبداية إعادة إحياء الفكر الصهيوني لبني إسرائيل قتلة الأنبياء فهؤلاء وكل من تولاهم غارقون في متاع الحياة الدنيا كالبهائم ثم مأواهم جهنم وبئس المصير قال تعالي { والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم – محمد 12} .

وهذا المتاع نالوه بالبغي والقتل على كل دول العالم خاصة المسلمين فبدأوه بالهنود الحمر وانتهوا بالعرب السمر وما بينهما من قتل بني الأصفي في أسيا والسود في أفريقيا  قال تعالى مبيناً أن المتاع  الزائد عن الحد الشرعي من البيت والدابة والزوجة الصالحة لا يناله الناس إلا بالغي  على أنفسهم قال تعالى : { يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا – يونس 23 }  والغريب أن القرآن يكشف علاقة وطيدة بين الجن والإنس آخر الزمان في الإستمتاع في قوله تعالى { ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا – الأنعام 128}  .

وهذه العلاقة حقيقية نشأت بعد خروج كل أثار الفراعنة الذين كانوا يستخدمون فيها السحر والتحنيط وفك شفرة اللغة الفرعونية المسماه بالهيروغليفية وهذه تسمى بعدة الكاهن حصلت عليها تقريباً كل أجهزة المخابرات العالمية وعلى رأسها الكيان الصهيوني والسعودي والأمريكي ولكن الإيمان بالله تعالى ورسوله وأهل بيته و الصلاة على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد يبطل هذا السحر وهذا سر هزيمتهم أمام شيعة أهل البيت منذ مطلع القرن الماضي وانهيار المذهب السني الذي اندمج بالوهابية والسلفية التي أخرجته عن سنيته وأصبحوا يعتقدون عقائد الخوارج وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بمعني لو تفحصت عقائدأهل السنة في القرون الخمسة الأولى لن تجدهاإلا التزام بالقرآن والحديث والأمة الواحدة وشيعي يتتلمذ على يد عالم سني وعالم سني يتتلمذ على يد عالم شيعي من أهل البيت حتى وضع اليهود الدسيسة بين المسلمين وحرفوا دينهم الذي أصبح عاموده ابن تيمية وابن عبد الوهاب الذين يعتقدون عقائد الخوارج ومع قلة علم العلماء وقلة جهدهم في البحث سلموا بالفكرة أن ابن تيمية اعظم عالم فضلوا وأضلوا جبلاً كثيراً بعدما بعدوا عن كتابالله تعالى وسنة نبيه وعلم السلف الصالح الحقيقي والذي استبدله الإستعمار البريطاني لهم بكتب ابن تيمية وابن عبد الوهاب .

والأجل نهاية هذه الأمة يكون ببعثة الإمام آخر الزمان من ذرية الرسل والأنبياء وآخرهم سيدنا محمد لورود لفظ المتاع واقترانها بقدوم الحق ورسول مبين في قوله تعالى  :

{ بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جائهم الحق ورسول مبين- الزخرف 29} وهذه الآية وردت بعد ذكرقوم رسول الله صلىالله عليه وآله وقولهم الملائكة اناثاً ثم ذكر قوم ابراهيم وكفرهم بالله تعالى  بين تعالى انه نزل بهم العذاب بعد ما جائهم الحق ورسول مبين وهكذا سيتكرر هذا الالمر آخر الزمان بدليل أيات سورة الزخرف بعد ذلك في الآية 33 تقول { وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ  وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ – الزخرف 33-35 } .

والآية تتحدث عن صعود الإنسان لطبقة السماء الأولى وذلكلأن معاج جمع مفردها معراج قال تعالى فيه { تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} أي في عصر المعار سيكون متاع أولاد قابيل بالبغي على العالم وهلاكهم سيكون ببعثةإمام قد أظلنا زمانه إن شاء الله تعالى

وهو نفس معنى قوله تعالى أيضاً بصيغة الجمع  :  (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ-هود 48) .

وهنا متعهم الله تعالى باستحبابهم الحياة الدنيا والعمل لها لقوله تعالى (ِقَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّار-البقرة126) وحيث أن نوح ( عليه السلام ) كان قريب عهد من شيث عليه السلام وإدريس ثم آدم عليه السلام فهؤلاء المؤمنون معه كان بينهم منافقون من ذرية قابيل قاتل أخيه والذين تشعبت بهم الأنساب ومع نزولهم من الفلك و بعد نجاتهم انقلب أكثرهم على عقبيه وعملوا للحياة الدنيا بعد ما اطمئنوا لها وعبدو ا ودا وسواعاً ويغوث ويعوق ونسرا كما قال تعال { وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا- نوح}  فنبذوا كتاب الله ووصايا نوح والأنبياء عليهم السلام وراء ظهورهم  بعدما رأوا بأعينهم آيات الله المتلوه المنزلة على نوح عليه السلام و الآيات التي شاهدوها وعاينوها من إنقاذ الله لهم بإيمانهم بعد هلاك العالم    .

وبعد النجاة كان يطلق عليهم من المؤكد أبناء عمومة معه أو خؤولة أو دخل فيهم بنات قابيل ما تلوثت به أنسابهم  وذلك معلوم من قول رسول الله صلى الله عليه وآله : (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس – الحديث ) فاندست الأعراق الفاسدة وأطلق عليهم القرآن الكريم هنا تنزيهاً لنوح والأنبياء والأئمة من ذريته عليهم السلام أن هؤلاء ليسوا ذرية نوح بل { ذرية من حملنا مع نوح  إنه كان عبداً شكورا }  وهنا يببين تعالى أن العالم انقسم لقسمان أو  :

لأمتان من بنى آدم :

  • أولاد نوح المؤمنون وهم مؤمنون كل زمان حتى محمد رسول الله وآل بيته جميعاً إلى أخر الزمان .
  • أولاد قابيل الذين آمنوا معه ثم انقلبوا على أعقابهم ومنهم بنو إسرائيل الآن ولذلك عندما قال تعالى قصة قتل أبني آدم فى قوله تعالى (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ -المائدة 31) ثم أعقبها بقوله (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً- المائدة 32) وتحملهم لأوزار قتل الأولين والآخرين لأنهم أبناء قابيل قاتل هابيل الأول وهم أيضاً قتلة المؤمنين آخر الزمان

وهؤلاء هم الذين قال تعالى فيهم ( ذرية من حملنا مع نوح ) وليس ذرية نوح وأمته المؤمنه التي عملت بالوصية في ذريته الذين اصطفاهم الله عز وجل في قوله تعالى { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ  وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ  وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ  فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ  وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ  وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ  اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ  اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا  وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ – الشورى 13-15 }

وهذه الوصية التي وصى بها نوحاً عليه السلام وواضح أنمها كانت بمن يخلفه من الأنبياء والوصية بنبي آخر الزمان كما هو معروف أن الأنبياء جميعاً وصوا برسول الله صلى الله عليه وآله ثم الأئمة من بعد ختم النبوة  به صلى الله عليه وآله وهذه العقائد كلها فصلها لهم سيدنا نوح عليه السلام ولذلك برأه الله تعالى من الكفر به تعالى وبسيدنا محمد صلى الله عليه والأئمة من بعده عليهم السلام في قوله تعالى هنا :

وأما ( عبداً )

ورود هذا اللفظ  كصفة لعبودية الله تعالى التي أمر بها في قوله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } وكل معبود مطاع دون الله تعالى لم ينزل بذلك سلطاناً في قوله تعالى { ويعبدون من دون الله مالم ينزل به سلطانا- الحج71}  ورسول الله صلى الله عليه وآله كان عابداً لله تعالى ولذلك قال تعالى فيه { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا- الجن} ومعنى ذلك أن سيدنا نوحاً كان عابدا لله تعالى مطيعاً له متخذاً لرسول الله إماماً وداعياً نبوته وإلى كلمة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) عملاً  بالميثاق الذي أخذخ الله تعالى على كل الأنبياء والمرسلين في قوله تعالى {  وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ  قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي  قَالُوا أَقْرَرْنَا  قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ – آل عمران81}

ولذلك قال تعالى في هنا { إنه كان عبداً شكورا} أي لم ينقلب على سيدنا محمد والتبشير به وبآل سيدنا محمد الأئمة من ذريته وذلك لختام النبوة به صلى الله عليه وآله . ثم الأئمة من بعده صلى الله عليه وآله والوهم أميرالمؤمنين صاحب العلم اللدني لورود لفظ عبد في قوله تعالى

( فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً- الكهف65) .

وأصحاب العلم اللدني ثلاثة الخضر وقاصف بن برخيا وأخرهم سيدنا علي صاحب علم الكتاب الذي نزل فيه قوله تعالى { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب }

 

وهنا [ عن زيد بن علي وعن محمد بن الحنفية وعن سلمان الفارسي وعن أبي سعيد الخدري وإسماعيل السدي أنهم قالوا: في قوله تعالى: ﴿قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب﴾ هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) ] .

 

وروى المنافقون أنه عبد الله ابن سلام اليهودي  فقال سعيد بن جبير في ذلك [ ﴿ومن عنده علم الكتاب﴾ عبد الله بن سلام ؟  قال: لا وكيف ؟ وهذه السورة مكية:. أقول: ورواه في الدر المنثور، عن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن جبير.- الدر المنثور للسيوطي ] .

 

وفي تفسير البرهان ، عن الثعلبي في تفسيره بإسناده عن معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس وروي عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر: أنه قيل له: زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام قال: لا ذلك علي بن أبي طالب.

 

وبالتالي عبداَ شكوراً أي مؤمناً بالله داعياً لرسول الله صلى الله عيه وآله ومبشراً بالأيمة من بعده وأولهم صاحب علم الكتاب أو العلم اللدني علي ابن ابي طالب (عليه السلا)

(إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً)  -الإسراء 3)

وطالما سمعنا شكوراً أي ليس كافراً لان الله تعالى خلق الناس اما شكرا وإما كفورا قال تعالى { إنا هديناه السبيل إما شاكراُ وإما كفورا- الإنسان 3 }

و الشاكر لله تعالى على نعمائه و لم ينقلب على أعقابه هو ولا ذريته من بعده عليه السلام  لقوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ– آل عمران144)  و الشاكرين دائماً  قله لقوله تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور– سـبأ 13) وهذه القلة قال تعالى فيهم {اعملوا آل داود شكرا  وقليل من عبادي الشكور – سبأ 13 }  وهم الذين قال تعالى فيهم أيضاً { ثلة من الأولين وقليل من الآخرين- الواقعة 14 } وهؤلا الشاكرين كان منهم رسول الله صلى الله عليه وآله عملاً بأمر الله تعالى له الذي قال فيه { بل الله فاعبد وكن من الشاكرين – الزمر 66}

وهذه القلة منصورة وظاهرة على حزب الشيطان أولاد قابيل القتلة الكفار الغير شاكرين الذين قال فيهم إبليس لرب العزة { ولا تجد أكثرهم شاكرين – الأعراف 17 } أي أكثرهم لن يكون مسلماً ولن يكون تابعاً لأئمة أهل البيت عليهم السلام قال تعالى في أكثر الناس { ولكن أكثر الناس لا يشكرون– يوسف 38} وهنا السورة ستحكي قصة الكافرين من أولاد قابيل والمؤمنين الشاكرين وقيادتهم منآل بيت النبي صلى الله عليه وآله .  الذين اتبعوا كتابا لله المصدق مابين يديه من كتب الله تعالى وأولهم نوح هنا الذي كان من الشاكرين

في قوله تعالى ( إنه كان عبداً شكوراً ) .

(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء4)

وهنا(  وقضينا    إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ)

أي حكم كما في قوله تعالي (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ-النمل78) وقضاؤه تعالى أمراً مفعولا لقوله تعالى (وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً  -الأنفال 42) والحكم هنا تسيير الأمور وفقاً لأمر الله وقدره الذي قدره فيه قال تعالى (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ- الأنفال42) وقال تعالي في بيان أن القضاء تسيير الأمور وفقاً لما يريده الله تعالي فمنه كان وإليه يكون كما في قوله تعالي (وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ-البقرة 117) ولذلك في قصة يوسف عليه السلام بيان أن القضاء تسيير الأمور بعلم الله وأمره ووفقاً لسننه تعالى كما ولذلك قال تعالى في يعقوب وبنيه عليهم السلام (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ-يوسف68) وهذا في ( الكن) وهو بداية نزول سنن الله ووقوعها في الناس بنزول عذاب على المسلمين من بنى إسرائيل عندما ينحرفون عن كتاب الله وأما ( فيكون) فهي نهاية حكم الله بعد توبة المسلمين وهنا يكون نهاية قضاء الله تعالى بالتوبة على المسلمين ونهاية بنى إسرائيل وهنا يقول تعالى ( قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ-يوسف 41) ويقول تعالي(فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ-غافر 78)وهذا القضاء بداية الكن وفيه يقول  تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي  الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ-الإسراء 4) وهنا:

 

وهنا لفظ  بني

الآية بينت أولاً أن الناس شاع بينهم أن أنهم على الظاهر أولاد إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام وما كان يعقوب إلا مؤمناً مسلماً لله تعالى وهم ليسوا بنيه عليه السلام بل  هم أبناء قاتل أخيه الملعون واشتهروا  بالعبرانيين لعبورهم البحر مع موسى عليه السلام ثم بني إسرائيل مجازاً واشتهروا ببني إسرائيل وماهم ببنيه بل هم قاتلى بني يعقوب النبيين عليهم السلام كما في قوله تعالى( ويقتلون النبيين بغير حق).كما أن قوله تعالى في بيان لفظ “بنى إسرائيل”ورد لفظ بنى على بنى آدم على عمومتهم في قوله تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (لأعراف 27) ووردت في مواضع كثيرة عن بنى إسرائيل كما فى قوله تعالى عن تفرقهم فما بعد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ-الصف14)و هنا رجعت كل طائفة لأصلها التي كانت عليه وورد لفظ بنى على بنى الأخوات في قوله تعالى (أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنّ – النور 31) وهنا بنو الأخوات يكون الرجل لهم خالاً فى النسب وهم أولاد رجال آخرين وهذا المثال بين لنا أن قوله تعالي (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ-الإسراء 3) وهم أبناء الأخوات والذين هم من عصب غير نوح عليه السلام كما بينا سابقاً.

وهؤلاء أولاد قاتل أخيه وهم أبناء أخوات نوح عليه السلام قال تعالى فيهم بعد أن اشتهروا أنهم أبناء نوح وبعد ذلك بنى إسرائيل كما بينا ثم يقول تعالي  (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء4)

 

 

الْكِتَابِ 

أي أن هذا الكتاب فيه كل شئ كما في قوله تعالي (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ-الأنعام59) وقال تعالي (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً-النبأ29)  ومما أحصاه الله تعالي في الكتاب هلاك القرى في زمان نهاية بنى إسرائيل حيث زمان هلاكها كما في قوله تعالي بنفس السورة (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً-الإسراء58). وهذا هو مما قضاه تعالي في الكتاب أن تهلك قري بظلمها قبل القيامة.وفى هذا الزمان منذ البعثة إلي يوم قضاء الله تعالي فيهم قال تعالي فيما سيفعله بنو إسرائيل

( لَتُفْسِدُنَّ   فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْن-الإسراء4)

والفساد يأتي  بمعنى  القتل لقوله تعالي على لسان الملائكة( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَك َ- البقرة 30) ويقول تعالى فيمن قتلوا المؤمنين أنهم مفسدون في الأرض ومحاربون الله تعالي كما في قوله تعالي (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا – المائدة33) ويقول تعالى في قوله تعالي (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا ً- المائدة 32) وقال تعالي فما فعله فرعون لعنه الله (يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ– القصص 4) ويأتى الفساد على عدم الإيمان بالله وهو الكفر في قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِين َ– يونس40) ويأتي الفساد علي العصيان لله تعالي لقوله تعالي (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ-ص ّ28) ويقول تعالي فيما فعله فرعون (آلأنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ-يونس91) ويأتي الفساد على بخس الناس أشياءهم وهى جريمة مالية قال تعالى فيها )وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ-الشعراء183) وهذه الجرائم فعلها بنو إسرائيل كما في قوله تعالى (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ-آل عمران112) وفى جرائمهم المالية وبخسهم للناس أموالهم وأكلهم الربا قال تعالى فيهم فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً-النساء160 –161).ومن هنا يتبين لنا أن قوله تعالى في بنى إسرائيل

( لتفسدن في الأرض  مرتين)

والأرض أي كل الأرض لقوله تعالي (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين – البقرة 63) وسيكون فسادهم بالتحديد ينطلق من بيت المقدس لقوله تعالى فيما قاله موسى عليه السلام لهم(يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ – المائدة21) وكذلك سيفسدون فساداً كبيراً بمصر خاصةً لإطلاق لفظ الأرض عليها في قوله تعالى(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ – يوسف55)وهذا ما نراه منهم الآن بمصر من فساد أعاذنا الله تعالى منه وأما لفظ

مرتين

هو قتلهم للنبيين ومحاولتهم قتل رسول الله أكثر من مرة بل مرات عديدة وتورطهم في التحريض على قتل آل البيت وكفرهم بآيات الله وتزعمهم لعملية تزييف شرع الله ووضع المكذوبات بمساعدة المنافقين من قريش وهذا هو سبب الفساد الثاني في آخر الزمان وبدايته أحداث معروفة فقد حاولوا إلقاء حجر عليه صلي الله وآله في حصن بنى قينقاع ثم الشاه المسمومة في حصن خيبر ومعلوم خبرها وتأليبهم للقبائل في غزوة الأحزاب. وتأليبهم للفتن بعد موت رسول الله صلى الله وآله ودور سرجون الرومي في قتل الأمام الحسين عليه السلام معروف.وهنا عاقبهم الله تعالى عن فسادهم الأول بحشرهم الأول كما في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ-الحشر 2) والحشر الآخر هو وعد الآخرة الذي قال تعالى فيه هنا وهي المرة الثانية في عذابهم (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا ً- الاسراء7) وقال تعالى فيه(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفا ً- الإسراء104) أي من قبائل شتى. ومن هنا يتبين لنا أن الفساد ين بلام الجزم تفيد وقوع الأحداث لا محالة. وهو عذاب يأتيهم مرتين مرة في زمن الرسول الأعظم لفسادهم الأول وكفرهم بالله وقتلهم للنبيين بغير حق وتحريفهم لشرعة ربهم  والثانية ما هم مقبلون عليه الآن لقوله تعالى في المنافقين الموالين لهم وهم هالكون معهم إن شاء الله (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ-التوبة101) وقلنا بسورة فصلت إن إسرائيل وعلوها كعاد الأولى ولذلك قال تعالى في عاد الآخرة وقريشاً الآخرة أنهما مضروب لهما مثال على عاد وثمود وعاد لاستكبارهم فى الأرض وثمود لقتلهم دابتهم وأمتنا لقتلهم أمير المؤمنين وهنا قال تعالى لهما في وعد  العذاب الثاني آخر الزمان وهذا التهديد لقريش الأولى بعذاب لها في آخر الزمان (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ- فصلت13).ثم يقول تعالى

(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء4)

والعلو إعطاؤهم الإمكانات و القدرة على تفرق الناس بالدسائس أو بالقوة  و اعتمادهم على قاعدة سياسية تقول [فرق تسَدُ ] وذلك كما قال تعالى في فرعون (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً – القصص 4) والعلو هو الكفر بالله تعالى ورفض كتابه تعالى ولذلك قال موسى عليه السلام لهم (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ-الدخان19) وقال تعالى في علو فرعون(وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ-يونس 83) وهذا عن علو فرعون قاتل الأطفال وهاتك حياء النساء وهذا قليل من كثير سيفعله بنو إسرائيل ولذلك قال تعالى(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء4) وهنا (لتعلن علواً) علواً مفعول مطلق. وأضاف إليه تعالى لفظ. كبيرا مما يدل على سطوتهم وسيطرتهم على مؤسسات القرار في كثير من المعمورة. ولفظ

( كَبِيراً -الإسراء 6)

يبين أنهم فعلوا  ما فعله فرعون ليس بمصر وحدها بل بأرجاء المعمورة ما من مذبحة إلا وتجد قائدها مدرب على يد يهودي هو القائم على تدريبه لتنفيذ مهمة إفساده في الأرض وقلته للمؤمنين. والمنافقون الذين أشركوا وأطاعوا سادتهم وكبراؤهم أيضاً ملعونون لعناً كبيراً مثل بنى إسرائيل لأنهما أولياء في هذه الأيام كما أنبأنا القرآن في ذلك بقوله تعالى فيهم (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً- الأحزاب67-68) وهؤلاء هم الذين عاونوا بنى إسرائيل في علوها الكبير وقال تعالى فيهم (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً– الفرقان21) والقرآن يبشر العاملين به أمام هؤلاء الشياطين بأنهم إن عملوا بالقرآن فلهم أجراً كبير كما في قوله تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً-الإسراء9) ثم يقول تعالى في وعد أولاهما

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً-الإسراء5)

وهنا (وعد أولاهما)

كما قلنا بسبب فسادهم الأول بمعاونة قريش الأولى في الكذب على الله والرسول كما بين القرآن ذلك في قوله تعالى عن منافقي الجيل الأول(فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ-النساء81) وعن بداية فسادهم الثاني وهو عملية وضع مكذوبات على الرسول ومحاولة إغتيال للرسول وآل بيته فيما بعد وذلك لأن اليهود أعلنوا الحرب على القرآن منذ البعثة النبوية بإعلان الإسلام أولاً ثم الردة عن الإسلام والطعن والكذب على الله ورسوله كما في قوله تعال (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ-آل عمران72) ثم محاولتهم تحريف الشرع والكذب جاءت في قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ – فصلت26) وهذا في حياة الرسول وقبل موته.وعلى هذا أصبح هؤلاء زعماء الضلال في الجيل الأول والآخر وقد استخدموا أسماء لامعة من قريش التي تزعمت الإسلام في ترويج الأكاذيب وتوزيع المناقب على أنها السنة فوزعوا المناقب على كل من هب ودب بغير حساب وقد حذر الله تعالى من إضلالهم في قوله تعالى(وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ- المائدة 77) ومن هنا يتبين أن لغوهم وكذبهم على الله ورسوله انتشر في الآفاق وضلل كثير اً من الناس بنص القرآن فقد أضلوا غيرهم وهم ضالون أصلاً فلا يضللون إلا فئة من غيرهم. وبعد انتشار هذا الضلال قروناً طويلة يبين تعالى أقوالهم في النار وأقوال من تبعهم من الآخرين(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ-لأعراف38- 39) وهذا عن حال الأولين والآخرين في النار بعد القيامة وأما قبلها فلهم وعد وهو الأول قال تعالى فيه(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ- الحشر2-3)وهذا هو وعد أولاهم االذي قال تعالى فيه

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً-الإسراء5)

وهنا (وعد أولاهما) هو بعث نبي أو إمام معه رجال مؤمنون أولى بأس شديد وذلك لأن قوله تعالى

بعثنا عليكم

 لم يأت بعثنا عليكم إلا على بعثة نبي أو إمام قال تعالى في بعثة  نبى يقول تعالى(ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآياتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِه الأعراف -103  ) ويقول تعال في الأمم من بعد نوح حتى رسول الله صلى الله عليه وآله (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ-يونس74)ويقول تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ-النحل36)

ويأتي على بعثة إمام كل زمان فهو شاهد على الأمة كما في قوله تعالى(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم ْ- النحل89). ويقول تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً-القصص59).ويقول تعالي (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً-الفرقان51). ونذير كل أمة هو مهديها لقوله تعالى (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ-الرعد7) ومن هنا يتبين لنا أن إفسادهم الأول وهو كفرهم بالله وقلتهم للنبيين بغير حق ومحاولتهم قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتحريفهم للشرع فبعث الله لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم اثنى عشر إماماً من أمتنا كما بعث اثنا عشر نقيباً من بنى إسرائيل  في قوله تعالى (وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبا-المائدة12)  ويكون خروجهم الأول في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قال تعالى فيه كما بينا ذي قبل  (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ – الحشر2) ثم يبين تعالى سبب إخراجهم من ديارهم قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ- الحشر4)وهذا هو الحشر الأول وبدايته ثم إخراجهم من جزيرة العرب. وكان ذلك عل يد مقاتلين مع الرسول الأعظم لهم صفه بينها الله تعالى هنا في قوله تعالى (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً-الإسراء5)

وعباداً لنا

هم حزب الله  المؤمنون وهم حزب أمير المؤمنين وأولياؤه الذين تولوه تعالى ورسوله وآل بيته لقوله تعالى فيهم(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُون – َالمائدة55-56)وهذه الآية نزلت في أمير المؤمنين كما في تفسير بن كثيرج2/598والطبري في تفسيره ج6/288) وهؤلاء هم الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها كما في قوله تعالى (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ البُشْرَى فَبِشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ -الزمر 17- 18) وهؤلاء توعد الله بهم الأمة إن ارتدت آخر الزمان قائلاً عز وجل ارتدت في (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ-المائدة54) ثم يبين عقيدة هذا الجيش سبحانه وتعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ-المائدة55-56).

وهؤلاء هم عباد الله الذين هم أولوا بأس شديد يسلطهم الله تعالى على اليهود وإمام هؤلاء مهدى الزمان ابن من أولاد أمير المؤمنين قال تعالى فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد ٍ- الرعد7). وأما

أولى بأس شديد

أي يكون مع هؤلاء أسلحة من حديد لها بأس شديد كما قال تعالى في الحديد(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ   بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس- الحديد25) أي جيش قوى له بأس قال تعالى فيه كما قال في جيش ملكة سبأ (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِين َ- النمل33). والآية هنا فيها بشارة إلى أن المدمر للصهاينة منهم جيش له بأس شديد من اليمن . أي أن هذا الجيش سيمتلك عناصر القوة الروحية التي أودعها الله تعالى في حزبه من أبناء الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وهم ذرية النبيالخاتم صلى الله عليه وآله وشيعتهم وهذا نسب أولي القوة الحقيقي سواء علموا أم لم يعلموا وسيمتلكون القوة المادية التسليحية والجيش القوى اللازم لتدميرهم فإذا جاء أمر الله تعالى سلط الله تعالى هذه العصابة المؤمنة على اليهود وكان صفة سلاحهم في هذه الحرب ووعد أولاهما هو الأسلحة البدائية من سيف ورمح ودرع ولذلك قال تعالى :

(فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً- الإسراء 5)

و[ الجوس هو الدخول بقوة ] ولا يكون ذلك إلا على الخيل وبالسيف دون هدم أو تتبير كما في الوعد الآخر وسنبينه فيما بعد وأما قوله تعالي

(وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً – الإسراء5)

ووعداً مفعولا   أي وعد مذكور عندهم في التوراة والزبور قال تعالى فيه (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيل َ- الشعراء193-197)وهذا الوعد بأن يسلط الله عليهم في كل زمان من يسومهم سوء العذاب لقوله تعالى(وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلي يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب- الأعراف167)ولذلك بين تعالى لفظ  مفعولا أنه جاء في حرب بدر (إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ – الأنفال42) وهذا الوعد يعلمة المؤمنين من الأحبار والرهبان الذين قال تعالى فيهم(وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَان وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً- الإسراء108) ويكون هلاكهم على كثرتهم وتجمعهم الكبير ولذلك يقول تعالى ( سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر- القمر) ومن عوامل مكر الله تعالى بهم بأن يقلل المؤمنين في أعينهم يقول تعالى ( وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً– لأنفال44).ويقول تعالى في  هذا الوعد المفعول آخر الزمان وفيه طمس وجوه  وعذاب شديد لهم بالنار كما في  قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً-النساء47) أي أن أمر الله هذا أمراً مفعولاً سيستدرجون إليه قبل الله عز وجل دون أن يشعروا هم ولا المؤمنون فيأتي النصر على فترة يأس لقوله تعالى ( مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْب – الحشر2) وهكذا وعد آخر الزمان سيأتي باستدراج إلهي وعلى غير انتظار وعلى يأس من الأمة والناس كما في قوله تعالى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ – يوسف110)

ثم يقول تعالى بعد إنجاز الوعد الأول وما فعله بنو إسرائيل بأمة الإسلام وهذا له مقدمة تمهيدية وهى سعى بنو إسرائيل و منافقي قريش في ترويج مكذوبات في شرع الله لهدم دين الإسلام وتم تدبير الانقلاب الأعظم على رسول الله وشرعه القويم في قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ-آل عمران144)

وأحاديث الحوض كثيرة ومبينة لطرد فئام كثيرة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله من على الحوض حيث يقول صلى الله عليه وآله يا ربي [ أصحابي أصحابي فيقال له صلى الله عليه وآله إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك لقد ارتدوا على أدبارهم القهقرى فيحال بيني وبينهم ].وهنا يحل الغضب من الله على الأمة كلها والبداية تكون بقتل بعضهم بعضاً كما في قول رسول الله صلى الله عليه وآله فيما رواه البخاري [لترجعن بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض – البخاري  ورواية أخرى ُضَلالاً] أي رؤساء الضلال فكذبت كل قبيلة على الأخري مدعية أنها سمعت من رسول الله فزاد الطين بله. وهنا قال تعالى (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْض-الأنعام 65). وهذا حدث ثم تولي المترفين لأمور المسلمين فيما بعد فيكون الإذن من الله تعالى بهلاك الأمة كما في قوله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً- الإسراء16) وبدأت الأمة الانهيار السريع حتى أعلن بنو إسرائيل موات روح أمة الإسلام والمسلمين بإعلانهم دولة إسرائيل وبمساعدة منافقى الأمة من قريش الآخرة في زمان جاهلية الآخرة التي قال فيها صلى الله عليه وآله (بعثت بين جاهليتين لأخراهما شرٌ من أولاهما – آمالي الشجري ج2/277) ولذلك يقول تعالى (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى –الأحزاب) أي أن هناك جاهلية آخره وبين الجاهلية والجهل أعلن بنو إسرائيل استيلائهم على بيت المقدس وهذا إعلان بتمام القهر والغلبة تحت وطأة الجهل والجاهلية والخيانة العظمى من كثير من حكام العرب إلا مارحم ربي وهم مستضعفون أيضاً ولاخلاص لهم إلا بالله تعالى وهذا ثأر ثأره اليهود لأنفسهم من المسلمين في انتقام منهم وشهوة في سفك الدماء لم يعهدها التاريخ من قبل في أي حقبة من حقب التاريخ   . وهنا قال تعالى في رد ثأر بنى إسرائيل من المسلمين حيث أخرجوهم من ديارهم والخطاب لبنى إسرائيل.

 (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً-الإسراء6)

والكرة

عكس الفر  وهى الغلبة وهى الرجعة لقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تبرءوا مِنَّا – البقرة 167) وقال تعالى ( لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ – الزمر58) وقال تعالى (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ – الشعراء102) وقال تعالى فيما قال الكفار (أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ – النازعـات12) أي أن المعنى هنا أنهم ردوا الثأر بكرةً على المسلمين ولفظ ردَّ هنا في

رددنا

تكون بمساعدة النصارى لرد المسلمين عن دينهم بالسيف لقوله تعالى(وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا -البقرة217) وذلك لأنهم لن يرضوا أبداً حتى يردوا المسلمين عن دينهم أو يقاتلونهم ليوم القيامة واتحدوا على ذلك وقد (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْء)(البقرة113) وهنا اتحدوا فيما يسمى بالصهيونية العالمية والتي قال تعالى فيها (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم – البقرة120) وهذا رد الكره على المسلمين والهاء هنا بينت الصهيونية وأمرها لأن الملتان توحدتا على ضرب الإسلام والمسلمين ويكون زمان هزيمتهم بعد ما يتوب الله على المسلمين بسيف اليهود وهو يظنون أنهم إلى إبادة تنزل عليهم رحمات الله ثم رد وجوههم على أدبارهم بالطمس كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا – النساء الآية47) ويكون هذا وعد الآخرة الذي قال تعالى فيه (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ – الأنبياء38-40) وهنا بل تأتيهم بغتة فيها دليل على أن النار التي تطمس وجوههم في وعد الآخرة وحرب آخر الزمان ثم يبين تعالي كيفية رد الكرة على المسلمين كانت بمدد من الله تعالى أيضا وبمعاصي المسلمين قال تعالى

(وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً – الإسراء6)

والكلام هنا ليس على اليهود فقط كما بينا إنما على الذين قال تعالى عنهم (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم -البقرة120) وهم الأكثرية التي قال فيها صلى الله عليه وآله[ تقوم الساعة والروم أكثر الناس ] ويتحول العرب إلي قلة . فهاتان الملتان توحدتا على هدف واحد وهو القضاء على الإسلام سواء أعلنوا ذلك كما في هذه الأيام أو أخفوه كما كان من قبل فكل قراراتهم وأفعالهم على عداء تام مع الإسلام والمسلمين فهم ألد الخصام هذه الأيام. وتكون البداية بأن يمدهم الله تعالى بأموال وبنين لقوله تعالى (وأمددناكم) والمد جاء على الظل وعلى الأرض وهو البسط ويأتي على المال . فعلى الظل قال تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنا – الفرقان45) وقال تعالى (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ- قّ7) ومد الأرض وظلها هنا فيها دليل على أن الله تعالى جعلهم يسيرون في الأرض فجابوها شرقاً وجنوباً واكتشفوا أماكن بها أناس أشبه بالدواب ويعبدون الأوثان بالهند وأفريقيا فنهبوا ثرواتهم بأيسر مجهود بل إن بريطانيا جندت الهنود والزنوج إجبارياً وفتحت بهم بلدان المسلمين حيث  أماكن الثروات ومواطن الدين فجاءوا بالنفير الكثير للمسلمين من أرجاء المعمورة.فازدادت أموالهم وبنيتهم كما في قوله تعالى (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِين وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ الشعراء132-134) وبدأت مرحلة الاستعمار العسكري للمسلمين و بمدد من الشياطين وذلك لأن الله أمد المسلمين في بدر بخمسة آلاف من الملائكة وهنا الدولة على المسلمين فكانت تساعدهم آلاف الشياطين من الجنة بل وتوحي إليهم بالمخترعات والاكتشافات أو صناعة الآلات بل وتحريف الشريعة والحلال والحرام . وقد بين صلى الله عليه وآله أن هناك خرجات للشياطين قال فيها صلى الله عليه وآله [ إذا جاءت سنة 35 هـ خرجت شياطين من البحر تعلم الناس القرآن منتخب كنز العمال وقال صلى الله عليه وآله إذا جاءت سنة 135هـ خرج إبليس في زي العلماء يعلم الناس الدين المنتخب هامش مسند أحمد ] وفى هذه الأحاديث أن هذه خرجه كان معهم فيها وبعدها شياطين كثيرة يعاونونهم حتى وصلوا لهذا المستوى العلمي من الحضارة والآلة العسكرية التي يطفئون بها نور الله وما هو نور الله إنما هو علم زور يظنون أنه الإسلام . والإسلام قادم لا محالة وبمدد من الله تعالى وبالقرآن. وهذا مدد من الله تعالى لمن أراد الدنيا والآخرة قال تعالى فيه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورا ًكُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً- الإسراء18-20)

أي أن الله تعالى أمد أعداءه بهذا المدد بعصيان المسلمين.كما سيمد المسلمين للنصرة إذا اتقوا الله وعملوا بالقرآن ويمدهم بالأسباب التي قال تعالى فيها لذي القرنين (وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبا ًفَأَتْبَعَ سَبَباً -الكهف84-85) وهنا كانت الكرة على المسلمين فأمدهم الله تعالى بالمال والبنين عندما وصلوا لمجاهل الكرة الأرضية باحثين عن الثروة وهذا ما فعله المسلمون الأوائل حيث وصلوا لمجاهل الكرة الأرضية لنشر دين الله ثم تركوا الأمم وتصارعوا فأذهب الله ريحهم وعندما أراد أعداء الله السيطرة درسوا أسباب نصر المسلمين فسعوا في الأرض وساروا كما أمر الله تعالى في قوله تعالى (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ- العنكبوت 20). فعلموا علوماً لم يقرؤوها في كتب علموا أين الثروة وأين المعادن وأين الرجال وأين الحديد وأين الماس والمسلمون منشغلون مرة بقتل أمير المؤمنين ومرة بقتل الحسين والشيعة ثم الحروب للدنيا ولا شأن للدين فيها وهى ما أكثرها وما أتفه أسبابها واستأسدوا علي شعوبهم عملاً بمبد أسدُ علي وفى الحروب نعامة تفر من صفير الصافر  فيجندون الجيش من الدولة لضرب شعوبهم بالدولة كما هو الآن وأخبر بذلك أمير المؤمنين علي أنه من علامات الساعة .

ثم رد الله تعالى الكرة على المسلمين بذنوبهم وعصيانهم لله تعالى وبسعي من أعداء الله وصلوا لعلوم التمكين بتكنولوجية عالية تمت  السيطرة عليهم . وكان إعلان موت الأمة بوقوع المسجد الأقصى عام 1967 م في يد اليهود كما بينا  . واليوم عام 2001 تم تحويل مسجد عمر بن الخطاب لمعبد يهودي ووضعوا حجر الأساس لبناء معبد سليمان ( الهيكل) بعد أن يهدموا المسجد الأقصى. وفى سبيل ذلك راح عشرات الآلاف بل مئات الألوف من المسلمين قتلى في شتى أرجاء المعمورة فهم أصحاب علم كبير سيطر على الأرض يعلمون بؤر التجمع الإسلامي المعارض لخطة الهيكل بفلسطين فيضربونها بأي حجة وبأي سبب ولو كان في بلاد الصين بل واتخذوا من أفغانستان كلها معسكر تدريب علي غزو العالم العربي. والمسلمين لا يشعرون وإن شعروا لا يعملون  وإن عملوا يكون بغير هدى ولا علم حقيقي لأسرار اليهود  التي  لايعلمها ألا هم و وآل بيت محمد فقط فتخبطت الأمة في الجهل و عملوا بالجهالات  ولايقتلون  ولا يستأسدون إلا على شعوبهم فقط ولديهم كل أنواع الأسلحة بل ثلاثة أضعاف ما تملكه إسرائيل بل إن حزب الله بالأسلحة الخفيفة أخرجهم مطرودين مدحورين إذن فنحن أمام خيانة عظمى من كثير من حكام المسلمين فلا دين نعلمه ولادنيا  فالحكم لله العلي الكبير  . وتم السيطرة على المسلمين فأصبحوا جثة بلا حراك والله تعالى هو المحرك والمسكن والقرآن هو كلام الله الذي يتم به النصر والحركة فلو أراد الله النصر بعث رجال القرآن ومعهم مهديهم ورجالاً لهم قلوب كزبر  الحديد كما في السنة المطهرة وهم الذين قال تعالى فيهم (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيد-الإسراء5).ثم يقول تعالى فيهم

( وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ   نَفِيراً  – الإسراء6)

.(والنفير) هم أنصار الرجل وعشيرته الذين ينفرون لمعاونته ونصرته قال تعالى (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً-الكهف34) كما أن قوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن-الأحقاف29) تبين أن هناك نفراً من الجن الكافر وقبائل معاونه لهؤلاء اليهود ولذلك فهم عالمون بالسحر والكهانة بل وإن جيشهم الإسرائيلي له منجم خاص به يبين لهم أحوال السياسة العامة لكل دولة وما يدبره خصومهم لهم .. الخ علوم الكهانة.وكلهم يهودهم ونصاراهم ينفرون لنصرة بعضهم بعضا وأصبح المسلمون بعصيانهم لله تعالى أضحوكة بين الأمم ويشاهدون بعضهم بعضا يذبح بيد الصهيونية العالمية ويلتمسون لعدوهم الأعذار  في قتل المسلمين إخوانهم فمرة انفصاليين ومرة إرهابيين ومرة دولة تمتلك قوى نووي …الخ . وذلك لأنهم رضوا بالحياة الدنيا وزهدوا فيما عند الله. فبعد أن كان اليهود يتمنى أحدهم لو يعمر ألف سنة في قوله تعالي (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَة- البقرة96). أصبح المسلمون يتمنون لو يعمرون عشرة آلاف سنة فأصبح  الصهاينة الجبناء الحريصين على الحياة الدنيا أُسوداً والمسلمون جرذاناً تفر مذعورة من أي شئ . وكانت هذه هي كرة الله على المسلمين بيد اليهود لقوله تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا – الشورى40). وقال تعالى في الحديث القدسي [ الظالم سيف من سيوفى أقتص به وأقتص منه] فبعد القصاص من الأمة يسلط الله تعالى مؤمنيها عليهم بعد أن يمدهم الله تعالى بالأسباب ويكون النصر والغلبة وكلمة الله هي العليا. وكذلك يحذرهم الله تعالى بعد ذلك قائلا عز وجل

.(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً-الإسراء7) وهنا:

(إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم)

أي (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ-الجاثـية15)

ومن أساء

أي جزاء سيئة سيئةً مثلها كما قال تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا – الشورى40) ويقول تعالى (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون َ- يونس27) وهذا إنذار من الله تعالى لهم قبل أن يحل عليهم وعد الآخرة الذي قال تعالى فيه

(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)

وهنا يبن تعالى أن وعد الآخرةإذا جاء زمانه جمعهم الله تعالى ليبيدهم ويأخذهم لفيفا كما في قوله تعالى (فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا- الإسراء104) وأما:

لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُم

وسوء الوجوه هذا يكون في وعد الآخرة كما في قوله تعالى (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ- الملك25-27) وهنا هذا ما كنتم به تدعون كانوا يدعون أنهم سيسومون الأمم سوء الذاب ففعل الله بهم هذا الفعل لقلبهم حقائق الأيمان وبدلاً من وعود وعدها الله مؤمني آخر الزمان أبلغها لهم ليريهم فعموا وادعوا أنها لهم تغريرا من الشيطان فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا . وسوء الوجوه نار تلفح وجوههم قال تعالى فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْت – النساء47) هذا الطمس يكون بالنار وهو وعد الآخرة الذي قال تعالى فيه كما بينا (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (الأنبياء:38-40). وهذا الوعد الآخر قال تعالى فيه أنه سبحانه سيجمع فيه كل قبائل وبطون بنى إسرائيل أحفاد القردة والخنازير ذرية الذين كفروا من أمة نوح وليس نسله كما في قوله تعالى فيهم هنا ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفا ً- الإسراء104). أي من قبائل شتى .ثم يقول تعالى في هذا الوعد الآخر

( وَلِيَدْخُلُوا  الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة ٍ- الإسراء7)

ودخول المسجد هنا كما دخلوه أول مرة يدل على أنهم أخرجوا منه على خوف من القتل كقوله تعالى (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّب – القصص21). وهنا أخرج المؤمنون من ديارهم ومسجدهم بغير حق لقوله تعالى (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز ٌ- الحج40). وهنا كان الإخراج للمسلمين من المسجد الأقصى كمبدأ عند الكافرين قالوا فيه (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا-إبراهيم13) وهنا دليل على سقوط مدينة بيت المقدس برمتها في يد اليهود وطرد المسلمين منها. وعندما يأتي وعد الآخرة فسيدخلونها بقوة كما دخلها أجدادهم أول مرة “فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا” وهذا وعد أولاهما وأما قوله تعالى :

(وليدخلوا  المسجد )

أي المسجد الأقصى لقوله تعالى( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ – الإسراء1) . وأما الوعد الآخر فقال تعالى فيه

(وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً)

والتتبير هو التدمير يقال (إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ- الأعراف139) ومتبر هنا مدمر مهلك.والتتبير يكون للمدنية وما بنوه وما علوه فيها وهذا معناه  أنهم بنوا أماكن يعصى فيها لله تعالى وقد يكون هذا هو معبد سليمان لقوله تعالى في كل ما بناه وشيده قوم عاد وثمود وأصحاب الرس وقروناً كثيرة بعدهم (وَعَاداً وَثَمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً وَكُلّاً ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلّاً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً – الفرقان38- 39)وكان ذلك بعصيانهم لله عز وجل وقد دعا نوح علي هؤلاء عندما نبأه الله تعالى بما سيفعله آخر الزمان فدعا عليهم قائلاً (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً– نوح28)  وأما قوله تعالى

(ماعلوا)

أي أن التدمير كما قلنا لكل ما على الأرض ولفظ تبارا هنا يبين أن دعوة نوح عليه السلام كانت علي ذرية قابيل الذين كفروا في زمانه وهم أولاده في أخر الزمان  و قال تعالى في الأبنية التي بنوها ليعصى فيها الله عز وجل (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ- الحجر74) أي أن المسلمين سيمكنهم الله تعالى بأسلحة تجعل عاليها سافلها عندما يحل وعد الآخرة ويأتي أجلهم بظهور الأمام وليتبروا ما علوا تتبيرا . و تتبيرا هنا مفعول مطلق لشدة الدمار حتى تتحول إلي مدينة من الحجارة يختبئ وراء الأحجار اليهود الفارين من نيران المعركة وقد أخبرت السنة النبوية المطهرة بذلك من أن الحجر والشجر سيقول يا مسلم تعالى ورائي يهودي فاقتله. كما هو معلوم لدى الجميع.

(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً-الإسراء8) وهنا

 ( عسى ربكم أن يرحمكم

هنا أي عسى أن يكو ن قريبا وقد كذبوا بهذا الوعد كما في قوله تعالى(ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا –الإسراء51) وأما قوله تعالى

(أن يرحمكم)

أي يرحمكم بمحمد صلى الله عليه وأله قال تعالي (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون – آل عمران-132)ولذلك يبين تعالى لهم أن هؤلاء الذين أطاعوا الله ورسوله أولائك هم المفلحون يقول تعالى(قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ – الأعراف157-156)وهنا الرحمة مشروطة بالطاعة والإتباع . ثم يقول تعالي

(وإن عدتم عدنا)

أي أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و أن عدتم إلي المعاصي عدنا عليكم بشرٍ من العذاب كما قال رسول الله ذلك في بيان هذه الآية بكتاب عقد الدرر للحافظ السلمي وهنا إن عدتم عدنا أي  كما قال تعالى (وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ – المائدة95) ويقول تعالى إن من عاد إلي المعاصي فهو خالد في النار لقوله تعالي (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون َ- البقرة275) ثم يقول تعالى في جهنم إنها مأواهم يقول عز وجل

(وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ)

أي أنه تعالى جعل جهنم للكافرين نزلا كما في قوله تعالى{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً- الكهف102}.وأما:

(لِلْكَافِرِينَ ً)

والكافرين هم الذين قال تعالى فيهم (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم – محمد ) ومعلوم كفرهم وحبهم للدنيا وهذه أسباب دخولهم النار لقوله تعالى(ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون – البقرة61 ) وأما:

 حصيراً

من حصر يحصره أي ضيق عليه وأحاط به قال تعالي:(وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ-التوبة 5) أي ضيقوا عليهم و احبسوهم لأن حصيراً محبسًا أو حتى يستسلموا لقوله تعالى( إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيل- النساءاً 90) ثم يأمر الله بحصارهم والتشديد على مراقبتهم لقوله تعالى (وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم ٌ- التوبة 5)وفي الآخرة جهنم لهم حصيرا لقوله تعالى إن لم يتوبوا (وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً- الإسراء 8)

بني إسرائيل 2

سورة بني إسرائيل 3

سورة بني إسرائيل 4

سورة بني إسرائيل 5

سورة بني إسرائيل 6

سورة بني إسرائيل 7

***

ملحوظة  

رجاءاً عدم الطبع أو النشر إلا بعد إذن كتابي من المؤلف 

{ والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون }

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

من تفسير البينة : ميلاد نبي الله يحى و الإمام الحسين عليهما السلام في آخر ربيع أول وليس شعبان من القرآن الكريم

البحث بصيغة PDF : ميلاد نبي الله يحى والإمام الحسين عليهما سورة مريم : الآية …

اترك تعليقاً