دمشق – «القدس العربي» :
أعلنت الدفاع التركية، مقتل واعتقال نحو 12 عنصراً من حزب «العمال الكردستاني» شمال شرقي سوريا رداً على مقتل ثلاثة جنود من الجيش التركي على الحدود السورية – التركية عند مخفر حدودي شمال شرقي سوريا، وذلك بالتزامن مع استمرار التشنج السياسي بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي وجه قائدها العام رسالة مبطنة إلى النظام السوري، تفيد بإصرار الإدارة الذاتية على مطالبها المطروحة على طاولة المفاوضات بين الطرفين، لاسيما بعد وصول القوى السياسية الكردية والنظام، إلى طريق مسدود رغم الجهود الروسية المبذولة في هذا الاتجاه.
وزير الدفاع يتوعد بـ«حساب عسير» واردوغان يعزي أسرهم
وذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان لها «تحييد 12 إرهابياً من تنظيم «بي كا كا/ي ب ك» رداً على مقتل 3 جنود أتراك في انفجار في قضاء «أقجة قلعة» التابعة لولاية «شانلي أورفة» جنوب شرقي البلاد.
وقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعازيه لأسر «الشهداء الأتراك الثلاثة» الذين ارتقوا جراء انفجار عبوة ناسفة على الشريط الحدودي مع سوريا. وحسب معلومات حصلت عليها الأناضول، بعث الرئيس التركي برسائل تعزية إلى أسر القتلى الثلاثة.
وزير الدفاع التركي يتوعد
وتوّعد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، تنظيم «بي كا كا/ي ب ك» بحساب عسير بعد «استشهاد 3 جنود أتراك على الشريط الحدودي مع سوريا». جاء ذلك في كلمة ألقاها أكار بمناسبة إحياء الذكرى 107 لمعركة «صاري قاميش» التي قتل فيها عشرات آلاف الجنود العثمانيين من شدة البرد. وقال أكار في كلمته:» عملياتنا العقابية مستمرة، سنصل للإرهابيين والخونة أينما كانوا، دماء شهدائنا لم ولن تذهب سدى». وأكد أنّ القوات المسلحة التركية، «بعد استشهاد الجنود الثلاثة، استهدفت مباشرة مواقع إرهابيي «بي كا كا/ي ب ك» وتمكنت من تحييد 12 إرهابياً». وحسب البيان صادر عن الوزارة، فقد استهدف الجيش التركي مواقع «للتنظيم الإرهابي، ووفق المعلومات الأولية تم تحييد 12 إرهابياً»، مشدداً على مواصلة القوات المسلحة التركية عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني.
«قسد» توجه رسالة مبطنة للنظام السوري تفيد بثبات موقفها حول مطالب «الإدارة الذاتية»
وجاء في البيان: « دماء شهدائنا لم ولن تذهب سدى، نسأل الله الرحمة لشهدائنا، ونقدم تعازينا لأسر شهدائنا». وفي المقابل، أدان الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الادارة الذاتية لإقليم الفرات محمد شاهين القصف التركي الذي طال مناطق سيطرة قسد في ريف حلب، محملاً كلاً من موسكو وواشنطن مسؤولية الصمت على التطورات الميدانية.
وقال شاهين بأنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مدينة عين العرب «كوباني» وريفها لمثل هذه الهجمات، لاسيما منذ توغل القوات التركية في مدن تل أبيض، ورأس العين، وعين العرب وريفها في المنطقة. وحمل شاهين ما وصفهم بـ»الضامنتين» روسيا وأمريكا مسؤولية الهجمات التركية على المنطقة، «منذ أكثر عامين وهما تلتزمان الصمت».
في غضون ذلك، وجه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي رسالة إلى النظام السوري، تفيد بثبات الإدارة الذاتية على مطالبها المطروحة على طاولة المفاوضات مع النظام السوري، حيث شدد عبدي على ضرورة اعتراف النظام بالإدارة الذاتية، مبدياً الاستعداد للحوار مع أي طرف. وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي لمعهد واشنطن للدراسات، إنه «لا يمكن القبول بالعودة إلى ما قبل عام 2011، كما ترغب حكومة دمشق، وعليها الاعتراف بالإدارة الذاتية، ولفت إلى أن دمشق غير مستعدة لهذه الخطوة بعد، كونها تنظر لنفسها نظرة المنتصر. لكنه عاد وقال بأن العلاقات مع حكومة دمشق لم تنقطع وشدد على ضرورة التوصل لحلول للخلافات».
حل مشاكل البلاد؟
واعتبر عبدي أنه في حال التوصل إلى اتفاق بين شمال شرق سوريا وشمال غربها ستحل مشاكل البلاد تباعاً، معتبراً أن «التوصل إلى حل لن يتحقق إلا بفرض ضغط مستمر من قبل الأطراف الدولية وبرعايتها». وبيّن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، أن علاقتهم مع بعض أجسام المعارضة السياسية السورية، ليست جيدة، في إشارة إلى الائتلاف السوري، غير أن العلاقات المتبادلة بين «قسد» ومنصتي موسكو والقاهرة، وشخصيات بارزة أخرى فهي على ما يرام.
في الشأن التركي، أبدى عبدي، رغبته بحل الخلافات مع أنقرة بالحوار، معتبراً أن الولايات المتحدة وروسيا، هما اللاعبان الرئيسيان في المنطقة، وقال «في حال حصول اتفاق بينهما فإنه يمكن تحقيق تقدم في الملف السوري، غير أن اللقاءات الدولية لن تأتي بنتائج».
المبادرة الروسية
وكانت قد تلقت اللجنة الروسية بدمشق مطلع نوفمبر/تشرين الثاني رداً رسمياً من النظام السوري بعدم موافقته على المبادرة الروسية المتعلقة بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في منطقة شرق وشمال شرق سوريا، وذلك بعد مشاورات بين اللجنة الروسية ومسؤولين من قسد ومن الإدارة الذاتية انتهت بموافقة أولية من قسد وإدارتها على المبادرة الروسية دون شروط أو تحفظات.
وقامت المبادرة الروسية على احتواء القوات العسكرية لقسد ضمن قيادة الفيلق الخامس، واستمرار الإدارات المدنية بصلاحيات متفق عليها بشرط التزامها بقانون المجالس المحلية المعمول به في دمشق، والسماح لأحزاب مجلس سوريا الديمقراطي بالعمل السياسي في سوريا بعد حصولها على التراخيص الإدارية والأمنية حسب قانون الأحزاب المعمول به في حكومة النظام، مع ضمان تسهيلات هذه التراخيص من الجانب الروسي.
النظام السوري أكد في رده على اللجنة الروسية رفضه لمبدأ التسويات الجماعية، معلناً فتح باب التسوية الفردية وتسليم السلاح بشكل كامل، وإعادة تشكيل مجالس الإدارة المحلية بناء على ما هو معمول به في حكومة النظام، مع إمكانية مناقشة عمل الأحزاب السياسية بعد استيفاء تراخيصها اللازمة.
وجاءت المبادرة الروسية في بعد تراجع الدور الأمريكي السياسي والعسكري في سوريا، وتزايد التهديدات التركية وحصول انقسامات وخلافات كبيرة داخل بنية قسد وخاصة بعد تكرار الاستهدافات التركية لقيادات من حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق.
واعتبر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، أن الخاسر الأكبر في المستقبل هو مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي «يدرك ذلك وبالتالي يبقى في تخبط مستمر وانقسامات تمنعه من تقديم تنازلات مجدية في وقتها، ثم تضطره التغيرات بعد ذلك لتنازلات كبيرة دون ثمن، والسبب وراء ذلك هو عقلية المشروع الانفصالي الذي تتمسك به كوادر الحزب، وهو أمر مرفوض على المستوى الدولي والإقليمي وكذلك مختلف عليه على المستوى الداخلي في صفوف قسد».
بينما النظام السوري، وفق المصدر «غير قابل لأي تغييرات في طريقة فهمه للحكم وإدارته للموارد، وهذا ما يناسب المشروع الإيراني في المنطقة، بينما يُضطَر إلى الاستجابة للتغييرات الروسية بشكل محدود ومؤقت، وهي تغييرات مبنية على مصالح روسيا في المنطقة، ومع باقي الأطراف المحلية والإقليمية».