Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

القطاع الزراعي في هولندا يواجه خيارات صعبة بسبب تداعيات تغير المناخ

القدس العربي :

بيغيس إي ريالس – أ ف ب:

في الريف الهولندي، يداعب كورنه دي روي خطم عجوله بتأثّر، متسائلاً إلى متى سيتمكن من الاحتفاظ بها… فالمواشي تشكل مصدرا رئيسا لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري قي بلاده، فيما يضع تغير المناخ مستقبل القطاع بأكمله في خطر.
ويقول دي روي (53 عاماً) من حظيرته في جنوب هولندا حيث يربّي العجول والدجاج «هذا العمل شغفي وحياتي»، مضيفاً «إذا كان علينا التوقف عن تربية المواشي، فسيكون ذلك مؤلماً».
وتضع الحكومة الهولندية المزارعين أمام خيار نهائي يتمثّل في جعل مزارعهم صديقة للبيئة أكثر، أو التخلّي عن هذه المهنة واللجوء إلى وظائف أخرى.
وتعتزم الحكومة الائتلافية الجديدة صرف 25 مليار يورو (28 مليار دولار) بحلول العام 2035 للمساعدة في تقليل أحجام قطعان الماشية، وتقليل انبعاثات النيتروجين، وهو من غازات الدفيئة (المسببة للاحتباس الحراري) المنبعثة بشكل خاص من الأسمدة الكيميائة والسماد الحيواني.
وتحوي الدولة الصغيرة ذات الكثافة السكانية العالية (17.5 مليون نسمة على مساحة صغيرة جداً من الأرض)، نحو أربعة ملايين رأس ماشية (أبقار وأغنام) و12 مليون خنزير و100 مليون دجاجة.
كما تُعدّ هولندا ثاني أكبر مُصدِّر زراعي في العالم بعد الولايات المتحدة، لكن قطاع الزراعة مسؤول عن 16 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة فيها.
وتعتبر الأبقار من خلال أجهزتها الهضمية إحدى المصادر الرئيسية لانبعاثات غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية.
وتسعى الحكومة لمساعدة المزارعين على تنويع أعمالهم، وإعادة تدريبهم، وتشجيعهم على الابتكار، أو حتى تغيير مكان مزارعهم إذا كانت تقع قرب محمية طبيعية.
وتحذّر الحكومة من أنها قد تصادر أراضي المزارعين الذين لا يحترمون قراراتها، وتؤكّد أنه لا خيارات أخرى أمامها.
وعلّقت المحكمة العليا العمل بمشاريع بناء ضخمة تهدف إلى معالجة نقص المساكن، في قضية رفعتها مجموعات بيئية حول انبعاثات الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري.
وتأمل الحكومة من خلال دفع القطاع الزراعي ليسبق التغيّر المناخي، في أن تكون قادرة على استئناف بعض مشاريع البناء مع تقليل انبعاثات النيتروجين بنسبة 50 في المئة بحلول العام 2030.
وأدرك الهولنديون أنّ حجم بلدهم الصغير لا يتيح لهم حيازة كل شيء في الوقت نفسه، من زراعة وصناعة ضخمة لإنتاج الزهور، ومطار سخيبول الكبير في أمستردام (وهو من الأضخم في أوروبا)، وشبكة طرق كثيفة، وسكن للجميع، ومع هذا كله، مناطق طبيعية.
ولم يشر الإئتلاف الحكومي الجديد الرابع لرئيس الوزراء مارك روته إلى تقليص حجم القطعان تحديداً، لكنّ هذا الإجراء كان قيد الدرس منذ فترة طويلة وأثار غضب العاملين في قطاع الزراعة.
ويشعر المزارعون الذين عملوا لأجيال في الزراعة بالإهمال والضياع منذ سنوات، وفق ما يؤكّد دي روي المقيم في قرية رييل بمقاطعة برابانت في جنوب البلاد قرب الحدود البلجيكية، والذي يقول أن «الشك كبير» بالنسبة له ولزملائه الذين يواجهون باستمرار قواعد جديدة تتطلب مزيداً من الاستثمار.
وسيكلفه المرسوم الأخير نحو مليون يورو لجعل حظائره محايدة مناخياً.
ويعتبر دي روي أن قطاع الزراعة أصبح «ضحية سهلة» إذ توجّه الحكومة الهولندية أصابع الاتهام دائماً إليه في البداية، حتى لو أنّه يشير إلى «قلق مؤكّد» من التغيّر المناخي. ويضيف «وفّروا لنا الوقت والمال وأهدافاً واضحة».
ويرى الاتحاد الزراعي الهولندي «إل.تي.أو» أن الحكومة محقة في صرف مليارات اليورو لجعل القطاع أكثر استدامة.
لكنه ينتقد تخصيص المزيد من الأموال لتعويض المزارعين الذين يتوقفون عن العمل، بدل تشجيع أولئك الذين يريدون الاستمرار في هذا القطاع.
ويقول رئيس الاتتحاد شاك فان دير أن «المزارعين يلاحظون التغيّر في المناخ، ويعرفون ما يتعيّن عليهم القيام به ويريدون ذلك، لكن هنالك تكلفة» سيتكبّدونها. ويضيف «نحن في نقطة البداية، ولكن على المجتمع والسياسة جعل هذا التحوّل في الزراعة ممكناً».
وحتى بلوغ هذه المرحلة، يتعلّم دي روي كيف يتعايش مع الشك. ويقول «أعرف عدداً لا بأس به من الزملاء الذين يعتقدون أنّهم سيكونون في حال أفضل إذا تخلّوا عن مهنة الزراعة، لأنّك لا تعرف في هولندا أي قدم عليك أن تستخدم لترقص»، مضيفاً «على السياسيين أن يعيدوا أقدامهم إلى الأرض».