راي اليوم :
الهجمات العُدوانيّة المُتصاعدة التي يشنّها المُستوطنون بكثافةٍ هذه الأيّام ضدّ المُواطنين الفِلسطينيين أهل الأرض في الضفّة الغربيّة، وخُصوصًا في قُرى شوفه، وقفين، برقة، سبسطية، وقريوت في الشّمال المُحتل، إلى جانب سلوان والشيخ جراح في القدس المُحتلّة، وبحِمايةٍ من الجيش الإسرائيلي هي أفضل “هديّة” يُقدّمها الاحتِلال للقضيّة الفِلسطينيّة، لأنّ هذه الاعتِداءات تُمثّل المُفَجِّر لقُنبلة الاحتِقان، وقد تُسَرِّع بتفجيرها على شكل مُواجهات دمويّة في المُستقبل المنظور، تكون فيها حركة الاستِيطان، ودولة الاحتِلال، الخاسِر الأكبر على غِرار ما حدث في قِطاع غزّة عام 2005 بعد أن طفح الكيْل.
الحُكومة الإسرائيليّة اليمينيّة المُتطرّفة حُكومة مُستوطنين، ورئيسها نفتالي بينيت يستمدّ قوّته من تبنّيه للسّياسات الاستيطانيّة، ولهذا من الطّبيعي أن تقف وجيشها مع المُستوطنين، وتُؤيّد غاراتهم واعتِداءاتهم على القُرى والبلدات الفِلسطينيّة، وتُوفّر لهم الحِماية والدّعم.
نشرح أكثر ونقول، إن المُقاومة في قِطاع غزّة التي تصدّت للمُستوطنات، جعلتها على قمّة أهدافها، وشنّت عمليّات عسكريّة فوق الأرض وتحتها (عبر حفر الأنفاق) أرعبت إرييل شارون رئيس الوزراء في حينها، ودفعته إلى انسحابٍ أُحادي الجانب تحت جُنْح الظّلام ومعه أكثر من 17 ألف مُستوطن.
المشهد نفسه بدأ يتكرّر حاليًّا في الضفّة الغربيّة، ومُحيط مدينة نابلس على وجه الخُصوص، وهو مُرشَّحٌ للتطوّر للأسوأ بالنّسبة إلى المُستوطنين المُدَجَّجين بالسّلاح، بمعنى أن يلجأ المُدافعون عن الأرض والكرامة إلى السّلاح أيضًا، الذي بات مُتَوفِّرًا في الضفّة الغربيّة وتُصَنِّعه وِرَش خراطة، وخاصَّةً بُندقيّة “الكارلو” الرشّاشة التي استَخدمها الشّهيد فادي أبو شخيدم في هُجومه على جُنود إسرائيليين في مدينة القدس المُحتلّة قبل بضعة أسابيع.
أبناء الضفّة الغربيّة لهُم باعٌ طويل في المُقاومة، ويملكون إرثًا مُشَرِّفًا انعكس في الانتِفاضة المُسلّحة الثانية التي استمرّت عدّة سنوات أشعل فتيلها الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد عودته من مُفاوضات كامب ديفيد عام 2000، خالي الوِفاض ومُقتَنِعًا أن الإسرائيليين لا يُريدون السّلام وتطبيق اتّفاقات أوسلو، ويُخَطِّطون للاستِيلاء على القدس المُحتلّة، والتوسّع في الاستيطان، وضم الضفّة، وإغلاق كُل الطُّرق أمام الدّولة الفِلسطينيّة المُستقلّة.
هُناك فرق كبير جدًّا بين الرئيس عرفات ومن خلفوه في السّلطة، وزعامة حركة “فتح” فبينما كان، رحمه الله، طالب شهادة، يُصَنِّف من خلفوه بطُلّاب السّلطة، والاستِسلام للاحتِلال، وتجريم كُل أشكال المُقاومة، رغم الإذلال الذي يُواجهونه يوميًّا على أيدي سُلطة الاحتِلال.
حتى لا نُتّهم بالإغراق في العُموميّات وسَوق الاتّهامات جُزافًا، نتوقّف عند تصريحين صدَرا اليوم من مسؤولين كبيرين في السّلطة:
-
الأوّل: جاء على لسان الدكتور محمد اشتية “رئيس” الوزراء الفِلسطيني أثناء ترؤّسه لاجتِماع حُكومته في جلسة انعقدت في مدينة طولكرم، حيث استنجد بالأمم المتحدة لتوفير الحماية الدوليّة للمدنيين الفِلسطينيين في مُواجهة اعتِداءات المُستوطنين.
-
الثاني: تهديدات أطلقها السيّد رياض المالكي “وزير” الخارجيّة، من “صُدور قرارات حاسمة من المجلس المركزي الفِلسطيني الذي سينعقد الشّهر المُقبل، لا يُمكن الرّجوع عنها جرّاء تنصّل إسرائيل من الاتّفاقات المُوقّعة عليها”.