لندن- “القدس العربي”:
قال الجنرال محمد حمدان (حميدتي) دقلو إن السودان قد يكون مصدرا لموجات مهاجرين إلى أوروبا، مؤكدا أن الحكومة السودانية ستسيطر على اللاجئين من السودان، في الوقت الحالي.
وتحدث حميدتي في مقابلة مع “بوليتكو” النسخة الأووبية أجراها معه ماتيي روسكا، قائلا إن أوروبا ستواجه تدفقا للاجئين من السودان إن لم تدعم الحكومة الجديدة تحت قيادة الجيش. وقال حميدتي إن أوروبا والولايات المتحدة لا خيار أمامهما إلا دعم الحكومة الجديدة لمنع وقوع أزمة للاجئين، وأشار إلى أن الحدود السودانية تسيطر عليها وتحرشها القوات المسلحة السودانية التي تعرضت لانتقاد من الغرب لقيامها بانقلاب عسكري في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر.
وجاءت تعليقات حميدتي وسط اضطرابات يمر بها السودان منذ الانقلاب، حيث تم وضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية مما أدى إلى شجب دولي. لكن الجيش أعاده في الأسبوع الماضي إلى منصبه عبر اتفاق للتشارك في السلطة، وهي صفقة لم تؤد إلى وقف الاحتجاجات ولم تخفف من عدم ارتياح الحلفاء الغربيين.
وفي مقابلة عبر الفيديو من الخرطوم قال حميدتي: “نظرا لالتزامنا نحو المجتمع الدولي والقانون فإننا نحد من هؤلاء الناس. ولو فتح السودان الحدود، فستكون هناك مشكلة على مستوى العالم”.
وتلعب تعليقات الجنرال السوداني على مخاوف وقلق المجتمع الدولي من اللاجئين. فهناك حالة من السخط لدى الدول الأوروبية من تدفق اللاجئين وتحاول تخفيض عدد القادمين إليها. وقللت الولايات المتحدة حصتها من اللاجئين في ظل إدارة دونالد ترامب، قبل أن تزيد من النسبة بداية العام الحالي.
وقال حميدتي إن رسالته إلى أوروبا والولايات المتحدة هي التخلي عن شكوكها والتعامل معه والفريق أول عبد الفتاح البرهان كمصدر للاستقرار.
وتشير وكالة دولية إلى أن حوالي 7 ملايين سوداني ومن جنوب السودان نزحوا بالقوة ويعيشون داخل الدولاين أو في الدول المحطية بهما. وعلق موقع “بوليتكو” قائلا إن حميدتي الذي يشغل منصب نائب البرهان، لا يحظى بثقة من الدوائر الدولية. فقائد لقوات الدعم السريع، ربط حميدتي بجرائم حرب وانتهاكات، خاصة في ولاية دارفور.
ونفى حميدتي أثناء اللقاء كل هذه المزاعم، واعتبرها حملات “أخبار مزيفة”. وبشكل عام، هناك شكوك من الحلفاء الأوروبيين في الجيش السوداني الذي لم يسلم السلطة إلى المدنيين كما وعد. وشجب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الانقلاب، وجمدت واشنطن والبنك الدولي المساعدات المالية للبلد، فيما هدد الاتحاد الأوروبي بعمل المثل. وفي مناسبة سابقة نقلت المجلة عن المتحدث باسم الممثل السامي للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي قوله إن الكتلة الأوروبية عبرت عن عدم ارتياحها مباشرة لحميدتي و”تعامل الاتحاد بطريقة ثنائية (مع حميدتي) وأرسلنا، بهذه الصفة وفي عدد من المرات رسائل دعم للشعب السوداني والحكومة المدنية”.
ويقوم حميدتي بتحركات لتخفيف مظاهر القلق الدولي. فقد تعهد قبل فترة بتسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث يواجه الزعيم السابق اتهامات بالإبادة في دارفور. وأكد حميدتي في اللقاء مع المجلة، أن الجيش سيسمح بانتخابات حرة في تموز/ يوليو 2023 واصفا استيلاء الجيش الأخير على السلطة بأنه “حركة تصحيحية” للعملية الانتقالية. وقال: “نريد انتخابات والبلد بحاجة لرئيس منتخب” مبررا تحرك الجيش الأخير بأنه “واجب” قام به لمنع “انهيار” السودان.
وزعم أن السودان يمكنه المساعدة في حل النزاعات التي تعيشها دول الجوار في ليبيا وإثيوبيا وجنوب السودان وإريتريا، وزعم أن السودان وجيشه يجب أن يكون جزءا من النقاشات الدولية حول مستقبل المنطقة. وقال: “هؤلاء هم جيراننا ونفهم بعضنا البعض ونستطيع المساهمة في الحل، ويمكن أن نلعب دورا كبيرا في حل النزاع حول السودان لأنه مركز المنطقة”. وأضاف: “للأسف لم يعط المجتمع الدولي السودان الاهتمام الذي يستحقه في هذه القضايا الكبيرة. جهودهم مقدرة لكنني لا أعتقد أنها ستحل المشكلة”.
وبعيدا عن دوره العسكري، فقد كان حميدتي محلا للتمحيص والنظر في نشاطاته التجارية، فقد نشرت وكالة أنباء “رويترز” تقريرا عام 2019 عن شركة تملكها عائلة حميدتي التي تنقل كميات من الذهب بملايين الدولارات إلى دبي، رغم انتقاد البشير بملأ جيوبه بالملايين على حساب الشعب. ونفى مكتبه أي صلة بين الجنرال والشركة. وتعهد الآن بأن يقف في صف الشعب السوداني، مع أن آلافا منهم يخرجون احتجاجا على دور الجيش في الحكومة. وتعرض تعهده لامتحان في الأسابيع الماضية وسط تقارير عدة بشأن استخدام العنف ضد المتظاهرين الداعين للديمقراطية.
وقالت لجنة الأطباء السودانيين في بداية الشهر الماضي، إن 10 متظاهرين قتلوا على يد قوات الأمن. ووعد حميدتي بإجراء “تحقيق حقيقي” في الموضوع ونفى أي علاقة للجيش بالعنف، واتهم عوضا عن ذلك “جهة ثالثة”، مؤكدا أن الجيش لن يكسب أي شيء من هذا التصرف.
وقال: “في 2019 وعندما وقفنا مع الشعب فإننا وفرنا الحماية للمتظاهرين السلميين وإلا لسقط ملايين الأشخاص”. إلا أن منظمات حقوق الإنسان لا توافق على أقوال حميدتي. وتقول إن قادة الجيش تتحمل مسؤولية العنف الذي مورس ضد المتظاهرين في البلد وخلال السنوات الماضية.
ونقلت المجلة عن لاتيتيا بادر، مديرة برنامج القرن الأفريقي في منظمة هيومان رايتس ووتش قوله: “على مدى العامين الماضيين لم تتم محاكمة سوى مسؤولي من الصف الثاني في حالات قليلة بمقتل محتجين”. و”قدم الشهران الماضيان صورة صارخة عن تأخير العدالة، ولو أريد لهذا الإرث التوقف، فيجب عدم السماح للمسؤولين عن دوامة الانتهاكات بالإفلات من العقاب”. وبالنسبة للحلفاء الغربيين فإن الوضع سيزداد تعقيدا، ففي الوقت الذي وقّع حمدوك على اتفاق للتشارك في السلطة مع الجيش، رفض المتظاهرون الخطوة بشكل ترك المجتمع الدولي بدون شريك لدعمه.