سبوتنك :
يزداد الوضع اليمني تعقيدا كل يوم عن سابقه، الحرب تدخل سنتها السابعة، والأوضاع في البلد الذي كان يوما يسمى بـ”السعيد” لا تبشر بأي سعادة متوقعه قريبا لمواطني هذا البلد الذي مزقته الحرب، وأنهكته التدخلات الخارجية، فزادت مأساته وحرم من أساسيات الحياة.
في شبوة التقت سبوتنيك محافظها محمد صالح بن عديو، وطرحنا عليه العديد من الأسئلة عما يحدث في شبوة، وكيف تسير الأوضاع على الأرض، ومن يملك زمام الأمور… وهذا نص الحوار..
ما هو الوضع العام في محافظة شبوة؟
بالنسبة للوضع العام في محافظة شبوة، الملف اليمني معقد، الحرب تدخل السنة السابعة، منذ أن بدأت المعارك مع الميلشيات الحوثية، ومنذ أن قامت الميلشيات الانقلابية بالانقلاب على الدولة، وعلى الشرعية وقيادة الدولة والرئيس المنتخب. كما تعرفون تفاصيل الأحداث وصلت الأمور إلى أن هناك جبهات مشتعلة في أكثر من منطقة وخصوصا في مأرب ثم شبوة، المجاورتين لبعضهما البعض.
هناك اشتباكات شبه يومية بين الجيش الوطني والميلشيات الحوثية، مع الأسف كان هناك سقوط لمديرتين بالكامل التي هي مديريات بيحان وسقوط جزئي لمديرية عسيلان. تم إعادة ترتيب الجبهات، وهناك معارك بشكل شبه يومي لاستعادة ما تم السيطرة عليه من قبل هذه الميلشيات.
الوضع الاقتصادي في البلد، لا يمر يوم إلا ويسجل الريال اليمني رقما قياسيا لم يكن معهودا أو معروفا من قبل. هناك انهيار متسارع، كون العملة فقدت اكثر من 90% من قيمتها التي كانت قبل 6 سنوات. ونلاحظ أن كثير من الساسة لا يريدوا أن يتحدثوا عن السبب الجوهري لسقوط العملة. لا شك أن هناك عدة أسباب وراء ذلك لكن السبب الرئيسي أن صادرات البلد من النفط والغاز توقفت. فالغاز الذي يشكل 60% من إيرادات الدولة اليمنية توقف بشكل كلي، والنفط لا يتجاوز 60 أو 50 ألف برميل يوميا. بينما كانت تنتج قبل ذلك 430 الف برميل يوميا.
لم تعد الشركات وخصوصا الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بسبب أنّ منشآتها لا زالت إلى اليوم تستخدم كمنشأة عسكرية ورفضت القوات الإماراتية أن تقوم بإخلائها رغم مناشدات فخامة الرئيس [عبد المنصور هادي] ومطالبتهم بالخروج من قبل الحكومة ومن قبلنا هنا في المحافظة، إلا أنهم يتلكأوا ويخلقوا اعذار أخرى.
هذه الشركة إذا اشتغلت سيكون هناك تحسن كبير في الوضع الاقتصاد واستقرار العملة المحلية، ناهيك أن هناك أسباب أخرى وهي التضييق على الموانئ والسفر عبر المطارات والمنافذ البرية والبحرية. كل هذه الاجراءات التي تم اتخاذها بعد الحرب.
وما سبب رفض القوات الإماراتية ترك ميناء بلحاف؟
الاماراتيين يعشقون السواحل ويعشقون قطاعات النفط والغاز.. الحكومة الشرعية مع الأسف لا تسيطر على أي من هذه الموانئ، وعندما وجه فخامة رئيس الجمهورية باعتماد ميناء في شبوة اسمه ميناء قنق لاستيراد المشتقات النفطية، قامت الدنيا ولم تقعد، وصور هذا الميناء على أنه ميناء لاستقبال الإرهابيين والسلاح المهرب وبأنه بؤرة شر، فكان جوابنا لهم، نحن مع أي يأتي خبراء دوليين يراقبوا البضاعة التي تدخل هذا الميناء.
هذا الميناء موجود في محافظة شبوة؟
نعم، اشتغل عدة أشهر وهناك عراقيل كثيرة أدت إلى إيقافه.
هل هو قريب من ميناء بلحاف؟
يبعد عن ميناء بلحاف 20 كيلومتر.
هل أصغر منه حجما؟
هو كان ميناء قديم، من أيّام الدول اليمنية التي كانت قبل ميلاد المسيح، كان هو الميناء الرسمي لليمن بالإضافة إلى ميناء المخا، ولكن هناك جهود لإعادته إلى العمل بالتواصل مع فخامة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وبالنسبة لميناء بلحاف؟
لا زالت هناك عراقيل حتى الآن، رافضين [الإماراتيون] حتى الآن تسليمه، لكن هناك أخبار لدينا ليست مؤكدة أنه ربما يغادروا.
هل تجرى أي مباحثات معهم؟
ليس بيننا وبينهم مباحثات لأن الثقة غير موجودة أصلا ونحن لا نعرف حتى أسمائهم، هم عبارة عن أشخاص يحملون كنى فقط مثل أبو محمد أو أبو أحمد.
كيف لا يسمحون للسلطة المحلية بدخول الميناء؟
هم لا يسمحون، نحن نستطيع أن ندخل، لكن الآن هناك حراسة تتبعهم ولا ندخل الميناء، لأنهم لازالو في الميناء.
وكم عدد الأشخاص أو العساكر الإمارتيين الموجودين؟
150 (لنعتمد حوالي 100 ) إضافة إلى سوادنيين وبحرنيين ولكن بأعداد قليلة.
هل عندهم بواخر؟
لا ليس معهم بواخر، معنا نحن بواخر، زوارق حربية تتبع للبحرية اليمنية ولكن مع الأسف قاموا بتدميرها والاستيلاء على بعضها.
هذا يعني أنكم لا تستطيعون استخدام الميناء للتصدير والنفط؟
أبلغتنا شركة توتال صاحبة الامتياز في الشركة الشركاء التابعين للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال Yemen-LNG أنهم لن يشغلوا الميناء إلا إذا خرجت الإمارات من الميناء. لأنه أثار لهم إحراجات لهم في مجلس النواب الفرنسي كونه استخدم في السابق كمعتقل إخفاء قسري.
السلطة اليمنية لا تحاول أن تجرى مباحثات مع الجانب الإماراتي حول الموضوع؟
السلطة اليمنية مهتمة بموضوع محاربة الانقلاب الحوثي باعتباره هو الأخطر، لكن ما حملته لنا الإمارات من مشاكل في المناطق المحررة لا يقل خطورة عن ما قام به الحوثي من انقلاب. خلق ميليشيات مناهضة للدولة لا تخضع للدولة ولا تأتمر بأمر الدولة، كيانات موازية دخلت مع الدولة عدة مرات في حروب وصدامات وتنفيذ هجمات واغتيالات. تمويلهم من الإمارات، تصوري 90 ألف مرتزق في اليمن يستلمون مرتباتهم شهريا من الإمارات، في كل المناطق المحررة، ابتداء من المهرة، ثم حضرموت ثم شبوة ثم أبين ثم عدن وتعز والساحل الغربي.
هل يعملون كموظفين دولة؟
ليس موظفين دولة، هم مرتزقة يعملون مع دولة أجنبية، وهذه القوات لا تخضع لوزارة الدفاع اليمنية ولا تخضع لوزارة الداخلية اليمنية.
على أي حقول نفط يسيطر الحوثيين في المحافظة؟
لم يسيطروا بعد على أي حقول، لا زالت الحقول تحت سيطرة الدولة.
كم يبعدون عن أماكن الحقول؟
يبعدون نحو 60 كلم.
هل تستمرون بإنتاج النفط من هذه الحقول؟
نحن نقوم بإنتاج نفط بسيط جدا، لأن صناعة النفط تحتاج إلى شركات أجنبية، وإلى حفر آبار جديدة وإلى صيانة للآبار الموجودة حاليا، وهذه الأمور لا تتم بسبب عدة عوامل، أهمها الحرب مع الحوثي ثم إضعاف الجبهة الداخلية الشرعية بسبب ما تقوم به هذه الميليشيات الأخرى الموازية والتي تقف على نفس المسافة مع الحوثيين في العداء للدولة، وتعرقل الكثير من الأمور. إضافة إلى افتعال المشاكل من تخريب أنابيب النفط والغاز، ووجدنا أنه تقف وراءها هذه الميليشيات التي تدعمها الإمارات.
ما كمية النفط التي تنتجوها في المحافظة حاليا؟
نحن اليوم لا ننتج سوى 7500 برميل يوميا فقط، ومن حقل واحد فقط في محافظة شبوة. لكن حقول مأرب وحضرموت تنتج أكثر.
وكم إنتاج النفط من كل اليمن؟
ما بين 50 ألف إلى 60 ألف برميل يوميا، وهذا ضعيف جدا.
وقبل الحرب كم كانت المحافظة تنتج من نفط؟
ما يزيد عن 80 ألف [برميل]. لم تستغل كل الحقول، إلا أربع حقول من أصل 23 حقل داخل شبوة، وهذه الأربعة بها ثلاثة متوقفة.
حاليا هل تجرى مباحثات مع شركات أجنبية لاستئناف الإنتاج؟
هذا من مهام وزارة النفط والحكومة وليس نحن السلطات المحلية، مهمتنا نحن تقديم العون والمساعدة والحمايو الأمنية وتسهيل عملهم، ونحن على استعداد كامل لتقديم أي دعم لأي شركة ستأتي إلى شبوة للتنقيب عن النفط أو الاستثمار في أي مجال آخر.
هل جاءت في الفترة الأخيرة الشركات الأجنبية إلى المحافظة؟
هناك شركة أجنبية مساهمة نمساوية تدعىOMV حاولت تقوم بجهود لرفع انتاجنا.
(“أو إم في” هي شركة متكاملة للنفط والغاز الدولية، ومقرها في فيينا. أعمالها الرئيسية هي استكشاف وإنتاج النفط والغاز ، وتوزيع الغاز الطبيعي و توليد الطاقة ، و تكرير وتسويق المنتجات النفطية. هي أكبر شركة التصنيع المدرجة في النمسا).
هل هناك شركات غير أجنبية تعمل في مجالات أخرى؟
يوجد ثلاث شركات وطنية، في مجال ضخ النفط اليمني وهناك شركة “صافر”.
(شركة صافر لعمليات الإستكشاف والإنتاج ، المعروفة عالمياً باسم SAFER، هي شركة النفط والغاز الوطنية الرائدة في اليمن. وأصبحت أكبر منتج للغاز الطبيعي وثاني أكبر منتج للنفط في البلاد) (واعتبارًا من عام 2013 ، صافر توفر خدمات تصل لأكثر من 40،000 برميل من النفط يوميًا. 2.4 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم؛ و 28000 برميل من غاز البترول المسال في اليوم الواحد).
كم هي نسبة الأراضي الواقعة تحت سيطرة أنصار الله من المحافظة؟
أكثر من 90% تحت سيطرة الحكومة الشرعية وتلك المديريات التي سقطت هي صغيرة من حيث المساحة ولكنها كبيرة من حيث عدد السكان، وخصوصا بيحان.
وكم عدد السكان في المديريات المحتلة؟
أكثر من 21 ألف. والعمل جار على استعادة الأراضي وإعادتها للشرعية.
وماذا بشأن مشاريع التنمية في المحافظة رغم الصعوبات؟
نهتم بمشاريع البنية التحتية خصوصا الطرقات والكهرباء والمياه والصحة والتعليم، إضافة إلى اهتمامنا بالشباب والرياضة، لكن حصة المحافظة تعتبر “ضعيفة”، يعطى للمحافظة 20% من حصة الدولة المركزية، مع ذلك فتحنا المجال للشركات المقاولة. وتم إيصال الكهرباء لـ6 مديريات جديدة لم تكن بها تلك. ونسعى لاستكمال مد الشبكة بشكل كامل في المحافظة.
ما هي الأماكن الخاضعة للمجلس الانتقالي في المحافظة؟
كانوا يسيطرون على أكثر من 80% من المحافظة في 2019، ولكن في أغسطس ذاك العام حصلت مواجهات بينهم وبين الجيش الوطني والأمن، هم طبعا قاموا بالهجوم، لكن تم إفشال هجومهم وملاحقتهم حتى تمّ تطهير المحافظة بالكامل من هذه الميليشات.
هل توجد أي قوات أجنبية باستثناء الميناء (مرفأ بلحاف) في أراضي المحافظة؟
لا توجد قوات أجنبية هنا، كانت توجد قوات سعودية في مطار عتق وغادرت المطار بعد مغادرة الإماراتيين بثلاثة أيام.
(غادرت قوة سعودية عاملة ضمن قوام التحالف العربي الداعم للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، اليوم الاثنين 1 نوفمبر، محافظة شبوة جنوبي اليمن، بعد عامين من تمركزها في المحافظة الغنية بالنفط وكانت متمركزة في مطار مدينة عتق مركز المحافظة متجهة إلى منفذ الوديعة البري في محافظة حضرموت شرقي اليمن، الرابط بين اليمن والسعودية. ونقلت عبر شاحنات، كافة معداتها وتجهيزاتها بما فيها منظومة اتصالات عسكرية ومولدات كهربائية ومدافع مضادة للطيران).
وهل كان هناك تعاون معهم؟
هناك تعاون وتنسيق مع السعوديين واحترام متبادل وليس لدينا أي مشاكل معها، مشكلتنا فقط هي مع الإمارات لأننا عرضنا أن نشغّل ميناء بلحاف لإنقاذ الشعب اليمن من كارثة المجاعة وهم يتصدقوا علينا بشراء المواد الغذائية بقيمة تصل إلى 2 دولار للفرد ويمنعوا عنا ما يصل مجموعه إلى 2 مليار دولار سنويا [إيرادات المرفأ].
ما السبب الذي دفع السعوديين إلى المغادرة؟
وفقا لمعلوماتي إنها ليس في شبوة فقط بل انهم خففوا من قواتهم أو انسحبوا من اكثر من محافظة منها عدن والمهرة وشبوة ومأرب.
حاليا القوات السعودية غير موجودة على أراضي المحافظة؟
لا توجد قوات. هناك عدد قليل لا يتجاوز 15 فردا في مطار عتق، وهم ضيوف عندنا، نحن استضفناهم بإرادتنا ونحن الذين كنا على وفاق وتعاون وقمنا بتوديعهم بشكل رسمي وشكرناهم. ونسقوا عملية انسحابهم الذي جاء بعد انسحاب القوات الإماراتية بثلاث أيام أي منذ قرابة أسبوعين من تاريخ اليوم.
أجرى الحوار من شبوة – يوليا ترويتسكايا