[ عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ، ومن شاهق إلى شاهق ، ومن جحر إلى جحر ) ؟
عن عبد الله بن مسعود عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر فإذا كان ذلك لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله فإذا كان ذلك حلت العزبة ) قال وكيف تحل العزبة يا رسول الله وأنت تأمر بالتزويج قال إذا كان ذلك كان هلاك الرجل على أيدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي زوجته فإن لم تكن له زوجة كان هلاكه على يدي ولده فإن لم يكن له ولد كان هلاكه على يدي القرابات والجيران ) قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها ) – كشاف الزمخشري ج2 ص 442 – ميزان الاعتدال ” (2/185) ]
الهجرة غير الشرعية من غزة.. رحلة محفوفة بالموت
هربا من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة وانعدام الأمل في الحصول على فرصة عمل في ظل ارتفاع نسبة البطالة، فضّل الشاب الفلسطيني يحيى بربخ (26 عاما)، الهجرة غير الشرعية عبر البحر، وصولا إلى اليونان ومنها إلى دول أوروبية أخرى.
لكنّ الرياح لم تأتِ كما يشتهى القارب الذي كان يستقله “بربخ” وعشرة فلسطينيين آخرين من سكان القطاع كانوا برفقته، حيث غرق في عرض البحر قبل وصولهم إلى اليونان مساء الجمعة الماضي (5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري).
وبحسب “بربخ” الذي تحدث عبر الهاتف، فإن الفلسطينيين المهاجرين قضوا ساعتين يصارعون أمواج البحر، يحيطهم الضباب والخوف والمصير المجهول، حتّى أنقذت الشرطة التركية ثمانية منهم، في حين فُقدت آثار الثلاثة الباقين.
ولاحقا، أعلن السفير الفلسطيني في أنقرة فايد مصطفى، مساء الأحد، أن السلطات التركية عثرت على جثمان أحد المفقودين الثلاثة، حيث قضى غريقا، ويدعى نصر الله الفرّا.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، عن مستشار وزير الخارجية أحمد الديك، قوله إن “الجهود متواصلة من أجل العثور على المفقودَين الآخرَين”.
ويضيف بربخ: “نحن الآن، لدى خفر السواحل التركي، وبصحة جيدة بعد أن أنقذونا”.
وتابع: “المركب انقلب بفعل ارتفاع الموج في البحر، ومكثنا حوالي ساعتين، حتى جرى إنقاذنا”.
ويسعى الكثير من الشبان، للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، عبر قوارب غير آمنة، تنطلق من بعض الدول الشرق الأوسطية المطلة على البحر المتوسط، وتحاول الوصول إلى اليونان.
وفي حالات عديدة تغرق تلك القوارب، ما يؤدي إلى وفاة وفقدان الكثير من المهاجرين.
رحلة محفوفة بالموت
بعد حادثة الغرق، ومن شدة وقع الصدمة على الشاب بربخ، أرسل رسالة صوتية، عبر تطبيق محادثة من خلال الهاتف، لوالدته، يصرخ فيها ويستنجد باكيا.
وقال في الرسالة الصوتية: “يا أمي، معك يحيى.. نحن ميتون في البحر. أنا والشباب نغرق ونموت منذ ساعتين. أخذتنا الشرطة.. ومن كانوا معي ماتوا”.
وصلت هذه الرسالة إلى والدة يحيى وانتشرت بعد ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت حالة من التعاطف الشعبي مع ضحايا الحادثة، خاصة وأنهم هربوا من الوضع الصعب داخل قطاع غزة.
وتقول محاسن بربخ، والدة “يحيى”، إنها استقبلت التسجيل الصوتي، الذي وصلها من نجلها “بصدمة كبيرة”.
وتضيف: “لم أستطع أن أتمالك نفسي، وفقدت الوعي والسيطرة على نفسي آنذاك”.
وتوضح أن نجلها يحيى، اضطر إلى الهجرة من قطاع غزة، منذ عدة أسابيع مع عدد من أقربائه، بحثا عن لقمة العيش.
واستكملت قائلة: “لو كان سعيدا في بلاده، لما ترك زوجته وطفليه وعائلته وغادر، يحيى يجيد عدة مهن، لكن لا يوجد له عمل أو دخل ثابت.. يحيى فضل الهجرة عبر رحلة محفوفة بالموت، هربا من هذا الواقع”.
قلق وخوف
سوسن بربخ (57 عاما) والدة شاب آخر، يدعى “محمود”، كان برفقة “يحيى بربخ” في رحلة الهجرة عبر البحر.
وعبرت السيدة “بربخ” عن قلقها وخوفها الكبيرين على نجلها “محمود” البالغ من العمر 23 عاما، والذي نجا من الحادث.
وتقول إنها “انهارت فور سماعها لنداء الاستغاثة، وخبر غرق القارب وسط البحر وفقدان بعض الشباب الذين على متنه”.
وتضيف: “ما زلت في حالة الصدمة، رغم نجاة محمود، لا أصدق ما حدث معهم وأتمنى أن يعود إلى غزة، وإلى عائلته”.
وتذكر أن نجلها تم نقله إلى المستشفى، لتلقّي الرعاية الصحية اللازمة.
وتشير إلى أن ابنها محمود، تزوج منذ 5 أشهر فقط، وترك زوجته وهي حامل في غزة.
واستكملت قائلة: “محمود غادر مُجبرا بحثا عن لقمة العيش، بعدما تعذّر عليه توفيرها في غزة، وذلك في ظل عدم وجود فرص العمل”.
ويعاني ما يزيد عن مليوني نسمة في قطاع غزة، من أوضاع اقتصادية متردية للغاية، جرّاء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006، ما تسبب بارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ضغوط اقتصادية كبيرة
يقول ماهر الطبّاع، مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة بغزة، إن القطاع المُحاصر من إسرائيل للعام الـ15 على التوالي، يعاني من أسوأ مؤشرات اقتصادية، ما يتسبب بوجود ضغوط كبيرة على المواطنين.
ويضيف: “معدلات البطالة تتجاوز 50 في المئة، بينما تصنف التقارير الدولية نصف سكان قطاع غزة بالفقراء، ويعتمد أكثر من 80 في المئة منهم على المساعدات الغذائية العاجلة”.
ويوضح الطبّاع أن هذا الواقع الذي أنشأه الاحتلال الإسرائيلي، أدى إلى “انسداد الأفق للشباب الفلسطيني”، ما يدفعهم للهجرة.
وذكر أن الاعتداءات العسكرية التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة بشكل متكرر، منذ بداية حصارها، أدى إلى “تدمير المنشآت الاقتصادية والشركات”، فضلا عن القيود على حركة الواردات والصادرات، ما أدى إلى انهيار القطاع الخاص.
كما أشار إلى الندرة الشديدة في الوظائف التي يوفرها القطاع العام (الحكومة)، نظرا للانقسام السياسي الفلسطيني بين غزة والضفة.
بدوره، يحمّل الكاتب والحقوقي الفلسطيني، مصطفى إبراهيم، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الأوضاع “البائسة بغزة التي تسببت بتدهور كافة مجالات الحياة، ودفعت الشبان للهجرة من القطاع، إلى الخارج، وصولا للدول الأوروبية بطرق غير شرعية، يتعرضون خلالها للموت”.
وقال: “الاحتلال الإسرائيلي والانقسام السياسي، كلها عوامل تدفع لزيادة معدلات البطالة والفقر، وغياب الأمل لدى الشباب، ما يؤدي إلى عزوفهم عن البقاء بغزة والهرب – بأعداد كبيرة – للخارج والهجرة”.
ويضيف: “يحاول الشبان من خلال الهجرة البحث عن أي بارقة أمل في حصولهم على عمل، وتغيير مستقبلهم، في ظل غموض سياسي واقتصادي فلسطيني”.
لكنه يذكر أن المهاجرين للخارج “يصطدمون بصعوبات وعراقيل كبيرة قد يفقدون على إثرها حياتهم، أو تزيد من معاناتهم”.
وتابع: “بدءا من الهجرة غير الشرعية عبر البحر، يتعرضون للغرق والموت، أو يتعرضون لمضايقات العصابات التي يتعاملون معها، وإذا نجوا فإن أعدادا كبيرة منهم تعمل في مجالات لا تليق بهم؛ نظرا لزيادة أعداد المهاجرين العرب في تلك الدول”.
(الأناضول)