Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

جهاز المخابرات العراقي والأمن الوطني : نقاط القوة والضعف …. و جهاز مكافحة الإرهاب: الولاء إلى الوطن

 نون بوست : 

 

يعد جهاز المخابرات العراقي وجهاز الأمن الوطني من أقوى الأجهزة الأمنية في البلاد، إذ توكل للأول مهام الحفاظ على الأمن القومي العراقي من خلال العمل في جميع أنحاء العالم وفق مبدأ الاستخبارات الخارجية والداخلية في آن معًا.

أما جهاز الأمن الوطني فيعمل على حفظ الأمن داخل البلاد من خلال تفعيل وحدات الاستخبارات الداخلية حيث يتجلى عمله داخل حدود البلاد، وهو أشبه بمديرية الأمن العامة التي كان معمولًا بها في العراق قبل الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003.

جهاز المخابرات العراقي

يعد جهاز المخابرات العراقي امتدادًا لجهاز المخابرات العامة العراقية الذي حله الحاكم المدني للعراق بول بريمر عقب الغزو الأمريكي للبلاد، ليحل محله جهاز المخابرات العراقي الذي تأسس عام 2004 ويتبع لرئاسة مجلس الوزراء في البلاد.

وفقًا للموقع الرسمي لجهاز المخابرات العراقي، يعرِّف الموقع مهامه بأنه “يتولى مسؤولية جمع المعلومات وتقييم التهديدات الموجهة للأمن الوطني العراقي، ويقدم على أساس ذلك المشورة للحكومة العراقية والدعم الاستخباري للقوات المسلحة بمختلف صنوفها”.

أما الخبير الأمني حسن العبيدي فيعرف مهام الجهاز على ذات النحو ليضيف لها أن جهاز المخابرات يتولى صلاحية جمع المعلومات وإدارة النشاطات الاستخبارية المتعلقة بتهديد الأمن القومي العراقي ومكافحة الإرهاب والتمرد والتجسس داخل البلاد، فضلًا عن مكافحة الإتجار بالمخدرات أو زراعتها وتصنيعها مع متابعة الجريمة المنظمة وحماية الآثار والمواقع الحيوية داخل البلاد والموارد الطبيعية.

أعداده وانتشاره

ويتابع العبيدي أن جهاز المخابرات العراقي يتولى كذلك مراقبة وجمع المعلومات عن البعثات الدبلوماسية ونشاطاتها والمنظمات العاملة في البلاد ومصادر تمويلها، فضلًا عن اشتراكه مع بقية الوكالات الاستخبارية في مراقبة المطارات والمنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية.

هذا وشغل منصب مدير جهاز المخابرات العراقي ثلاث شخصيات منذ إعادة تأسيس الجهاز عام 2004

لا يعرف عدد منتسبي جهاز المخابرات العراقي ولا عدد ضباطه أو منتسبيه، فرغم تواصل “نون بوست” مع العديد من أعضاء البرلمان العراقي والمصادر الأمنية، أكدوا أن تلك المعلومات بالغة السرية وليس لهم اطلاع على أعداد منتسبي هذا الجهاز أو كيفية عمله.

وأضحت المصادر أن هذه السرية من صميم عمل جهاز المخابرات في أي من دول العالم، وبغيرها لن يستطيع هذا التشكيل الأمني المهم العمل بسرية ودون إثارة أي شكوك، خاصة أن مبدأ عمل جهاز المخابرات يعتمد على الاختراق والدخول ضمن صفوف شبكات التجسس والجريمة.

هذا وشغل منصب مدير جهاز المخابرات العراقي ثلاث شخصيات منذ إعادة تأسيس الجهاز عام 2004، فقد شغل محمد عبد الله الشهواني منصب مدير الجهاز بين عامي 2004 و2009 بينما امتدت فترة عمل زهير الغرباوي بين عامي 2009 إلى 2016، ثم خلفه في المنصب مصطفى الكاظمي الذي بدأ عمله في المنصب منذ عام 2016 وحتى عام 2020، عندما تولى الأخير منصب رئيس مجلس الوزراء، وبات يدير الجهاز وكالة.

عمل الجهاز وتسليحه

يتمتع جهاز المخابرات العراقي بكفاءات وموارد بشرية مدربة وعلى اطلاع كبير بأساليب عمل أجهزة المخابرات، وذلك بحسب الباحث في الشأن الأمني العراقي رياض العلي الذي كشف أن جهاز المخابرات لديه القدرة على الوصول لأي مكان في البلاد سواء بطرق مباشرة أم غير ذلك.

ويتابع العلي في حديثه لـ”نون بوست” أن جهاز المخابرات يمتلك مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة الحديثة جدًا والمستخدمة في الخدمات السرية والعملياتية، إضافة إلى حيازته على تكنولوجيا الاختراق والبحث والتقصي والتصوير السري وغير ذلك.

إلا أنه ورغم كل ذلك، يعتقد العلي أن السبب الرئيس لتعثر عمل جهاز المخابرات العراقي بعد عام 2017 هو الوضع السياسي في البلاد الذي وصفه بـ”السيئ” خاصة ما يتعلق بعلاقة حكومة حيدر العبادي ومن بعده مصطفى الكاظمي مع الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة الموالية لإيران، وبالتالي تدخل هذه الفصائل والأحزاب في رسم الإستراتيجيات الأمنية في البلاد بصورة عامة، لافتًا إلى أن الكاظمي ومنذ توليه منصبه عام 2016 أعاد تفعيل شعبة إيران في جهاز المخابرات العراقي.

هذا وشهدت علاقة جهاز المخابرات العراقي مع الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي تدهورًا كبيرًا منذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي في 3 من يناير/كانون الثاني 2020، إذ اتهمت هذه الفصائل جهاز المخابرات العراقي بمساعدة الولايات المتحدة في اغتيال المهندس وسليماني.

وضمن مسلسل تدهور العلاقة بين الطرفين، استطاعت الفصائل المسلحة الموالية لإيران اغتيال 3 ضباط رفيعي المستوى في جهاز المخابرات العراقي كان آخرهم العقيد نبراس فرمان شعبان الذي اغتيل في منطقة البلديات بالعاصمة بغداد في 7 من يونيو/حزيران 2021.

وقال مصدر أمني عراقي إن عمليات الاغتيال جاءت كرد فعل من الميليشيات تجاه ما يتم من تضييق الجهاز وتقييده لعمل هذه الفصائل المسلحة في مجالات عدة، منها تغيير قيادات أمنية داخل الجهاز وإخراجهم من مناطق حساسة مثل المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي، إضافة إلى الاعتقالات التي طالت قيادات وشخصيات تابعة لهم مثل حسام الأزيرجاوي وفرقة الاغتيالات في البصرة واعتقال قائد محور الحشد الشعبي في الأنبار قاسم مصلح.

في الوقت ذاته، كشف ضابط في جهاز المخابرات العراقي لإحدى وسائل الإعلام أن العقيد نبراس فرمان كان مسؤولًا عن نشاطات المراقبة في جانب الرصافة من بغداد، كما تسلم مسؤولية رئاسة الفرق الاستخبارية المشتركة التي تعمل في جانب الرصافة، وهي منطقة كبيرة ومعقدة وتشكل أكبر من نصف بغداد سكانًا ومساحةً.

جهاز الأمن الوطني

تأسس المجلس الأعلى للأمن الوطني العراقي عام 2004 وتحديدًا في شهر يونيو/حزيران، ويعد مجلس الأمن الوطني منظومة أمنية حكومية تهدف لتحقيق أمن الدولة العراقية وسلامتها من جميع الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وغيرها.

يرأس المجلس رئيس الوزراء العراقي وفي عضويته كل من وزير المالية والداخلية والدفاع، فضلًا عن وجود مستشار للمجلس وهو في ذات الوقت قائد الأمن الوطني الذي شغله رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض حتى إقالته من كلا منصبي مستشار وقائد الأمن الوطني ليخلفه في العمل قاسم الأعرجي مستشارًا وعبد الغني الأسدي قائد أعلى للجهاز.

يندرج جهاز الأمن الوطني ضمن سلسلة الوكالات الأمنية في العراق، إذ شغل فالح الفياض منصب مستشار ورئيس الجهاز الأمن الوطني لعدد كبير من السنوات، ثم أطاح الكاظمي بالفياض من منصبيه عام 2020 وعين قاسم الأعرجي مستشارًا للأمن الوطني بينما كلف الفريق عبد الغني الأسدي بمهام قائد الأمن الوطني، إذ كان الأخير قائد جهاز مكافحة الإرهاب الذي يعد قوات النخبة ضمن التشكيلات الأمنية القتالية في البلاد.

المهام والانتشار

يتبع جهاز الأمن الوطني رئاسة مجلس الوزراء العراقية، وله تخصيصات مالية مباشرة من وزارة المالية حاله حال وزارتي الدفاع والداخلية، أما عن مهامه، فيقول الخبير الأمني حسين العنزي إن مهام الجهاز تتمحور في جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية عن التنظيمات الإرهابية والفئات المعادية للدولة ومتابعة كل ما يتعلق بنشاطاتها.

للجهاز هيكلية خاصة ويرتبط برئيس جهاز الأمن الوطني الذي عينه رئيس مجلس الوزراء

ويتابع العنزي أن مهام جهاز الأمن الوطني شبيهة ومتطابقة مع مهام جهاز الأمن العام في عهد النظام السابق الذي حله رئيس سلطة الائتلاف المؤقت بول بريمر بعد الغزو الأمريكي عام 2003، مضيفًا أن من مهامه مكافحة تجارة المخدرات والجريمة الاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الأجنبية العاملة في البلاد، فضلًا عن مكافحة تجارة السلاح وحماية الآثار والبنى التحتية وقطاع الاتصالات في البلاد.

أما عن انتشار الجهاز في البلاد، فيكشف مصدر أمني عراقي – اشترط عدم كشف هويته لعدم تخويله بالحديث لوسائل الإعلام – أن جهاز الأمن الوطني منتشر في جميع المحافظات العراقية باستثناء محافظات إقليم كردستان – أربيل ودهوك والسليمانية – وللجهاز مقر رئيسي في مركز كل محافظة، فضلًا عن فروع له في الأقضية والنواحي.

ويتابع المصدر في حديث حصري لـ”نون بوست” أن الجهاز يتكون من آلاف المنتسبين بين ضباط وجنود – دون تحديد العدد الفعلي – وله هيكلية خاصة ويرتبط برئيس جهاز الأمن الوطني الذي عينه رئيس مجلس الوزراء، لافتًا إلى أن للجهاز إنجازات كبيرة في مجال مكافحة تنظيم داعش من خلال عدد كبير من الاختراقات التي نفذها الجهاز خلال احتلال التنظيم للعديد من المحافظات.

كما أن الجهاز استطاع اعتقال آلاف المنتمين لتنظيم داعش عقب تحرير المدن عام 2017، بحسب المصدر، الذي أكد أن جهاز الأمن الوطني يعد شبيهًا في عمله بجهاز المخابرات العراقي، لكن عمله ينحصر داخل الأراضي العراقية.

التسليح

يتكون جهاز الأمن الوطني من العديد من الأقسام ما بين استخباراتية وعملياتية، وبالتالي يشرف كل ضابط على مجموعة من المنتسبين وفق المهام والقسم والمنطقة التي يعملون فيها، كما أن الجهاز يعمل وفق سياقات خاصة يمتنع فيها منتسبوه عن ارتداء الزي العسكري إلا في حال عمليات المداهمة أو الاعتقال، وذلك بحسب ما كشفه الخبير الأمني العراقي حسن العبيدي.

وفي حديثه لـ”نون بوست” يقول العبيدي: “لجهاز الأمن الوطني علاقات مباشرة مع قيادات الشرطة والعمليات في المحافظات العراقية، وتسليحه يشمل امتلاك مختلف أنواع العجلات المدنية والعسكرية المدرعة منها وغير المدرعة – وفق القسم والمهام داخل الجهاز – إضافة إلى امتلاك الجهاز لمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والآلية الخفيفة والمتوسطة دون امتلاكه السلاح الثقيل الذي تنتفي الحاجة إليه داخل المدن، بسبب طبيعة العمل الاستخباري للجهاز”.

وكان جهاز الأمن الوطني قد واجه الكثير من التهم المتعلقة بمشاركة أفراده في الفتنة الطائفية التي عصفت بالبلاد بين عامي 2006-2008، فضلًا عن اتهامات للجهاز باحتجاز مدنيين على أسس طائفية أو من خلال ما بات يعرف عراقيًا بـ”المخبر السري”.

ويقول مصدر أمني عراقي في حديثه لـ”نون بوست” إن الأجهزة الأمنية العراقية كانت تعاني من العمل وفق المنظور الطائفي في السنوات السبعة الأولى التي أعقبت الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، إلا أنها وبحسب المصدر شهدت تطورًا في المهنية وحقوق الإنسان فيما بعد.

لا تزال الأجهزة الأمنية العراقية تشهد انتقادات كثيرة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في ظل عدم شفافية هذه الأجهزة وعدم تطبيقها للقوانين العراقية

إلا أن هذه التصريحات تتنافى مع تقارير العديد من المنظمات الدولية التي أشارت لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان متعلقة بجهاز الأمن الوطني، إذ كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها أن جهاز الأمن الوطني احتجز في 2018 أكثر من 420 شخصًا في موقع غير رسمي (سجن سري) شرق مدينة الموصل شمالي البلاد ولمدة تزيد على 7 أشهر دون تقديم هؤلاء للقضاء والمحاكمة رغم المدة الطويلة لاعتقالهم.

كما يتهم بعض ضباط جهاز الأمن الوطني العراقي بتلقي الرشى وبعمليات ابتزاز والمشاركة في العديد من الأنشطة الاقتصادية غير القانونية التي تتنافى مع مهام الجهاز جملةً وتفصيلًا.

لا تزال الأجهزة الأمنية العراقية تشهد انتقادات كثيرة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في ظل عدم شفافية هذه الأجهزة وعدم تطبيقها للقوانين العراقية المقرة والمعمول بها في البلاد في ظل تعدد الجهات السياسية المسيطرة على هذه الأجهزة.

ورغم التغييرات الكبيرة التي شهدتها الأجهزة الأمنية العراقية خلال العامين الماضيين، فإن غالبية المناصب الأمنية العليا لا تزال حكرًا على قادة الأحزاب السياسية، ومنها مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي الذي يعد أحد أبرز القيادات في منظمة بدر التي يرأسها هادي العامري المعروف بقربه وولائه لإيران منذ ثمانينيات القرن الماضي.

نون بوست

جهاز مكافحة الإرهاب العراقي: الولاء إلى الوطن

نون بوست 

 

“القوات الخاصة العراقية” أو “قوات العمليات الخاصة العراقية” أو “جهاز مكافحة الإرهاب” أو “الفرقة الذهبية”، كلها مسمّيات للقوة ذاتها التي تشكلت بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وكان تشكيلها منذ الأشهر الأولى للغزو، عقب حلّ الولايات المتحدة لجميع الأجهزة الأمنية في البلاد.

تسلسُل التشكيل

شكّلت الولايات المتحدة قوات العمليات الخاصة في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2003، وذلك بحسب الموقع الرسمي لجهاز مكافحة الإرهاب، حيث كانت هذه التشكيلات تتبع وزارة الدفاع العراقية منذ تشكيلها وحتى فبراير/ شباط 2007، عندما انفكّت هذه القوات من تبعيتها لوزارة الدفاع وأُلحقت بجهاز مكافحة الإرهاب، مع تغيير اسم قيادة العمليات الخاصة إلى قيادة العمليات الخاصة الأولى.

وبعد ذلك بنحو عامَين إلى 3 أعوام، تشكّلت قيادة العمليات الخاصة الثانية مع ازدياد أعداد منتسبي هذا الجهاز وزيادة تمويله والمهام المكلَّف بها، على نحو جعله أفضل قوة مختصة بمكافحة الإرهاب في البلاد على صُعُد التدريب والتسليح والمهارة.

الأعداد والانتشار

لا يذكر الموقع الرسمي للجهاز أعداد المقاتلين المنضوين ضمن جهاز مكافحة الإرهاب، إلّا إن الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي سرمد البياتي، يؤكد أن أعداده تقارب الـ 16 ألف فرد، ويشمل هذا العدد الإداريين والمقاتلين وجميع الأفراد والضبّاط.

ويضيف البياتي في حديثه لـ”نون بوست”، أن مقاتلي هذا الجهاز مدرَّبون بشكل احترافي، ما جعلهم القوة الأولى في مجال مكافحة الإرهاب بما يمتلكونه من مهارات قتالية فعّالة في الحروب النظامية وغير النظامية، وهو ما ظهرَ جليًّا في الحرب على تنظيم “داعش” بين عامَي 2014 و2017، حيث صمد مقاتلو جهاز مكافحة الإرهاب في مصفى بيجي النفطي قرابة عدة أشهر، دون أن يستطيع مقاتلو التنظيم بسط سيطرتهم على المصفى بشكل كامل.

أما عن انتشار مقاتلي الجهاز في البلاد، فيشير مصدر أمني عراقي في حديثه لـ”نون بوست” إلى أن جهاز مكافحة الإرهاب يتبع مباشرة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، التي يمثِّلها رئيس مجلس الوزراء، ويتكوّن من قيادتَي العمليات الخاصة الأولى والثانية.

وتتكوّن تلكا القيادتَين من وحدات نخبوية منتشِرة في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، إضافة إلى أفواج الجهاز المنتشِرة في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان، حيث أن لكلِّ محافظة فوج من جهاز مكافحة الإرهاب منتشِر فيها ومسمّى باسمها، ودائمًا ما يكون مستعدًّا للتدخل في حالات الطوارئ، بحسب المصدر.

كما إن للجهاز وحدات كوماندوز واستطلاع وأفواج طوارئ، بما يشمل 3 ألوية منتشرة في المدن الرئيسية الكبرى في البلاد، وهي بغداد والموصل والبصرة.

التسليح

يتمتّع جهاز مكافحة الإرهاب بحيازته أفضل وأحدث أنواع الأسلحة الأميركية، الرشاشة وقاذفات القنابل والأسلحة القنّاصة، كما يمتاز عن غيره من الوكالات الأمنية العراقية بأنه يتمتّع بقدرات قتالية عالية، ولا يدين بالولاء للأحزاب والكتل السياسية ولا يتأثر بالخلفيات المذهبية أو القومية لأفراده، وذلك بحسب المتحدث الرسمي باسم الجهاز صباح النعمان.

ويضيف أن المهمة الرئيسية للجهاز تكمن في متابعة التنظيمات الإرهابية ومصادرها وكل ما يتعلق بها، إضافة إلى أن الجهاز ينفِّذ استراتيجيته في مجال الوقاية والحد من الإرهاب وأخطاره.

وبرزت قوات مكافحة الإرهاب في العراق في حرب العراق ضد تنظيم “داعش”، إذ كان للجهاز صولات قتال دامية وفاعلة ضد مقاتلي التنظيم في محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى، وذلك بحسب الخبير الأمني العراقي رياض العلي.

ويتابع العلي في حديثه لـ”نون بوست” أن جهاز مكافحة الإرهاب كان الأكثر إتقانًا لعمله، ولم تؤشَّر عليه انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، كما حدث في قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي في معارك التحرير.

ليس هذا فحسب، إذ يؤكد العلي أن التدريب المكثَّف والمحترِف لمقاتلي الجهاز لم يتوقف على مدى السنوات الماضية، ودائمًا ما يوفد ضبّاط الجهاز إلى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراتهم العملياتية في الميدان، إضافة إلى أن المعارك التي خاضها الجهاز كانت تحظى بغطاء جوي أميركي على مدار الساعة، ما ساعد مقاتلي الجهاز على تحقيق نصر كبير على مقاتلي “داعش” في المدن المستعادة منها.

أما عن العربات والآليات التي يستخدمها الجهاز، فيضيف العلي أن عربات الهامفي الأميركية المصفّحة تعدّ وسيلة النقل الأولى لمقاتلي جهاز مكافحة الإرهاب، إضافة إلى بعض العربات وناقلات الجند المدرَّعة والدبابات الأميركية، التي حصل عليها الجهاز من الحكومة العراقية بعد عام 2014، يضاف إلى ذلك الآليات الثقيلة المستخدَمة في فتح الطُّرُق التي زوَّدت الولايات المتحدة الجهاز بها مع بدء عمليات استعادة المدن من “داعش”.

علاقاته مع الفصائل المسلّحة

لم يُعرَف عن جهاز مكافحة الإرهاب محاباته للفصائل المسلحة المقرَّبة من إيران، بينما كانت هذه الفصائل والعديد من الشخصيات السياسية المحسوبة على طهران تتّهم الجهاز وأفراده بقربهم من الولايات المتحدة، ما أدى إلى تخوُّف كبير من قدرات هذا الجهاز وتأثيره على عمل وانتشار الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون، وذلك بحسب الباحث السياسي محمد عزيز.

ويتابع عزيز حديثه لـ”نون بوست” ليشير إلى أن أقسى المراحل التي مرَّ بها جهاز مكافحة الإرهاب من الناحية السياسية، كانت في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، الذي أحال أحد أبرز قادته عبد الوهاب الساعدي للإمرة في وزارة الدفاع، ما يعني تجميده.

وأضاف عزيز أن استبعاد الساعدي من الجهاز، كان نتيجة ضغط كتلة الفتح والفصائل الولائية التي رأت في الجهاز وقادته الكبار خطرًا محدِقًا، بعد أن فشلت جميع الجهود التي بذلتها هذه القوى في اختراق الجهاز أو كسب ولاء قادته.

بعد 18 عامًا على تأسيسه، لا يزال جهاز مكافحة الإرهاب يعدّ القوة الضاربة في العراق من بين جميع الوكالات والوزارات الأمنية في البلاد.

لم يستمرَّ هذا الوضع كثيرًا، إذ ومع تولي مصطفى الكاظمي منصب رئاسة مجلس الوزراء في شهر مايو/ أيار من العام الماضي، كانت أولى خطوات الأخير إعادة عبد الوهاب الساعدي إلى الجهاز وتعيينه قائدًا له، مع إعادة اعتباره الوظيفي والعسكري، بحسب عزيز.

يقول العميد السابق في الجيش العراقي أعياد الطوفان، إن الأحزاب النافذة في البلاد دائمًا ما تتّهم الجهاز بأنه أميركي، موضِّحًا أن هذا الاتِّهام منافٍ للحقيقة، رغم أن مستوى تدريبه وتسليحه وتجهيزه بأحدث الأجهزة والمعدات العسكرية كان بإشراف القوات الأميركية.

ويؤكد الطوفان كذلك على أن الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة فشلت في اختراق الجهاز حتى الآن، وهذا جعل مرجعيته للوطن بنسبة 90% وليس للأحزاب السياسية وأجنحتها المسلحة، لافتًا إلى أن مسلسل التشهير والتسقيط للجهاز وضبّاطه لا يزال مستمرًّا.

خسائر الجهاز

خسرَ جهاز مكافحة الإرهاب أعدادًا كبيرة من مقاتليه وضبّاطه خلال المعارك ضد تنظيم الدولة، إذ يشير “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” أن الجهاز فقدَ قرابة 40% من قواته المشاركة في معركة الموصل ضد تنظيم “داعش”.

ويضرب المعهد مثالًا على حجم الخسائر التي مُنيَ بها، إذ يكشف أن عدد جنود كتيبة المغاوير الإقليمية في النجف المشاركة في معركة الموصل كان يناهز 350 جنديًّا، إلا أن هذا العدد تقلّص إلى 150 جنديًّا خلال 90 يومًا فقط من القتال.

أما عن أسباب نجاح قوات مكافحة الإرهاب دون غيرها من القوات العراقية، فيكشف المعهد أنه وضمن أحد البرامج التدريبية للجهاز عام 2008، لم يتمكّن سوى 401 مرشَّح (18%) فقط من التخرُّج كجنود في جهاز مكافحة الإرهاب، من أصل 2200 مرشَّح.

ويضيف أن صغر حجم الجهاز أسهم بتلقي مقاتليه ضعف الرواتب التي يتلقّاها الجنود في الجيش العراقي، فضلًا عن الظروف المعيشية والمعدّات المجهَّزة بها، التي تعدّ أفضل بكثير من تلك التي تتلقاها القوات العراقية الأخرى، ما يجعلها تضاهي التجهيزات التي يحصل عليها الجنود في القوات الخاصة الأميركية، بحسب المعهد.

بعد 18 عامًا على تأسيسه، لا يزال جهاز مكافحة الإرهاب يعدّ القوة الضاربة في العراق من بين جميع الوكالات والوزارات الأمنية في البلاد، إذ تتمتّع هذه القوة بسمعة ومقبولية جيّدتَين لدى العراقيين بمختلف قومياتهم وطوائفهم، وسط استمرار محاولات التسقيط لهذا الجهاز من قبل الأحزاب والفصائل الأيديولوجية.

نون بوست