باريس- “القدس العربي”: تحت عنوان:
‘‘لبنان يُعاقب من قبل السعودية’’، قالت صحيفة ‘‘لوفيغارو’’ الفرنسية، في عددها الصادر اليوم الاثنين، إنّه بعد مرور أكثر من شهر بقليل على ميلادها الذي أنهى فترة شغور استمرت ثلاثة عشر شهرا، ها هي الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي تواجه بالفعل أزمة عاصفة جديدة، أتت لتُفاقم الانهيار الذي يعيش البلد على وقعه منذ عامين.
فقد جاءت الضربة هذ المرة من السعودية، التي أعلنت وقف جميع وارداتها من بلد الأرز، واستدعاء سفيرها في بيروت، ومنحت 48 ساعة للسفير اللبناني في الرياض لمغادرة المملكة. وحذت البحرين حذوها، ثم الكويت، والإمارات العربية المتحدة، لكن عُمان وقطر بقيتا متحفظتين.
هذه ‘‘العقوبة’’ كما توضح ‘‘لوفيغارو’’ تم تبريرها رسمياً بأنها أتت على خلفية التصريحات الانتقادية للتدخل السعودي في اليمن، التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، قبل تشكيل الحكومة، وتم تداولها قبل بضعة أيام على منصات التواصل الاجتماعي. وسرعان ما أثار موقف الوزير ردود فعل حزبية ومجتمعية على طول خطوط الانقسام الإقليمية التي لها تداعيات مباشرة على المشهد السياسي اللبناني.
من جهة، أشاد حزب الله بموقف الوزير ‘‘الشجاع’’ واتهم السعودية بـ‘‘التدخل’’. من جهة أخرى، يتموضع القائد المسيحي للقوات اللبنانية سمير جعجع حليف الرياض كزعيم المحور المناهض لإيران في لبنان. لقد أضفى حزبه طابعاً رسمياً على خيار المواجهة المفتوحة مع حزب الله، الذي كان قد شكّل معه في السابق حكومات وحدة وطنية، من خلال تبرير استخدام السلاح خلال ‘‘أحداث’’ الطيونة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، والتي خلفت سبعة قتلى، بينهم مدني وستة مسلحين.
واعتبرت ‘‘لوفيغارو’’ أن النزاعات الإقليمية تحدث بالوكالة في لبنان، حيث لا توجد دولة قادرة على تحديد العلاقات الخارجية على أساس المصالح الاستراتيجية الوطنية. وهكذا يجد نصف مليون مواطن لبناني أجبروا على العمل في الخليج، بسبب نقص الوظائف في بلدهم، أنفسهم رهينة سياسات انتقامية.
لكن السفير السعودي في بيروت طمأن هؤلاء بشأن مصيرهم، وذلك عبر تغريدة على حسابه على تويتر. في حين أن ما تبقى من النسيج الإنتاجي اللبناني، المغلف بأزمة غير مسبوقة أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 40 في المئة خلال عامين، يخضع لإغلاق السوق السعودي، إحدى الوجهات الرئيسية للصادرات اللبنانية الضئيلة، بحسب ‘‘لوفيغارو’’.
بالنسبة لمعظم المراقبين، من الواضح أن كلام قرداحي ما هو إلا ذريعة للانفصال الدبلوماسي مع لبنان الذي قررته الرياض، وتقول الصحيفة الفرنسية إن الأمور تبدو مرتبطة بشكل أساسي بمدى تطور العلاقة بين طهران والرياض، اللتين تجريان محادثات ثنائية، وذلك بالتوازي مع المحادثات مع واشنطن حول البرنامج النووي الإيراني.
ومضت ‘‘لوفيغارو’’ إلى التذكير بأن التصعيد السعودي تجاه لبنان ليس بالأمر الجديد، إذ يعود إلى عام 2017 حين خُطف رئيس الوزراء وقتها سعد الحريري بتهمة الليونة في مواجهة حزب الله. ‘‘ويندرج هذا التشدد من الجانب السعودي ضمن المواجهة مع إيران، والإحباط السعودي بسبب غياب التقدم الثنائي، والخوف المتزايد في مواجهة المناقشات متعددة الأطراف التي تقودها الولايات المتحدة’’، كما تنقل الصحيفة الفرنسية عن دبلوماسي لم تذكر اسمه.
وأمام هذا المنطق الذي يتجاوزه، يبدو رئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، ‘‘شاحبا’’، في ظل تزايد الدعوات لاستقالته من قبل صفوف الموالين للسعودية، وتهديد حزب الله بإسقاط الحكومة من خلال استقالة وزرائه إذا تمت معاقبة جورج قرداحي؛ والذي يضاف إلى تهديدات نفس وزراء الحزب الذين يطالبون بإقالة القاضي المسؤول عن التحقيق في انفجار في مرفأ بيروت.
وتعمل باريس وواشنطن حاليا كدرع لميقاتي. مع الإعلان عن حضور دبلوماسي أمريكي في بيروت لاجتماع الأزمة الوزاري الذي انعقد يوم السبت، والاجتماع المقرر بين إيمانويل ماكرون وميقاتي اليوم الإثنين على هامش قمة COP26.