الخليج الجديد :
أجرى سلاح الجو الإسرائيلي تدريباته الخامسة هذا الشهر بمشاركة أسراب وطيارين مقاتلين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليونان وفرنسا والهند. وفي غضون ذلك، وصل قائد سلاح الجو الإماراتي اللواء “إبراهيم ناصر محمد العلوي” إلى إسرائيل لمراقبة التدريب، وانضم إلى قادة 10 دول أخرى. وكان في استقبال “العلوي” نظيره الإسرائيلي اللواء “عميكام نوركين” مع حرس الشرف في قاعدة “بلماخيم” الجوية وسط إسرائيل.
وبالرغم من الزيارات السابقة لكبار الضباط من الدول العربية إلى إسرائيل، إلا أن هذه الزيارات كانت دائما سرية. لكن هذه المرة، نشر الجيش الإسرائيلي صورا تظهر الضيف الإماراتي وهو يستعرض حرس الشرف إلى جانب “نوركين” الذي قام بعد ذلك بتثبيت شريطة التدريب على طية صدر السترة لضيفه. وتم بث تلك اللقطات على وسائل الإعلام الإسرائيلية، لكن الجمهور المستهدف كان على بعد 1700 كيلومتر إلى الشرق، أي طهران.
وقال مصدر دبلوماسي بارز لـ”المونيتور”، شريطة عدم الكشف عن هويته: “تخيلوا سربا إماراتيا يشارك في تمرين قادم تحت العلم الأزرق، وليس فقط مشاركة رمزية لقائد جوي. ويمكن أن نرى خلال الفترة المقبلة سربا من سلاح الجو الإسرائيلي يحط في الإمارات. يمكنك أن تتخيل تأثير ذلك في طهران”.
وخلال الأعوام الأخيرة، جرى التركيز على جهود إيران لتطويق إسرائيل عبر ترسيخ قدمها في سوريا وسيطرتها على لبنان من خلال “حزب الله” ومحاولتها التواجد في هضبة الجولان السورية وتأثيرها على “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة واحتمال استخدامها لليمن كنقطة انطلاق لهجمات صاروخية ضد إسرائيل.
لكن لم يتم الحديث عن الجهود الإسرائيلية االأكثر إثارة لتطويق إيران، والتي توصف خلف الأبواب المغلقة بـ”دبلوماسية التطويق”.
وقال دبلوماسي غربي يعمل في المنطقة لـ”المونيتور”: “يراقب الإيرانيون بجدية هذه التطورات التي تثير قلقا شديدا في طهران، وهم يرون إسرائيل تصل إلى البحرين والإمارات وأذربيجان، ويفهم الإيرانيون الآن أن إسرائيل أقرب بكثير مما كانوا يعتقدون”.
ووفقا لتقارير الأسبوع الماضي، أصدر رئيس الأركان الإسرائيلي “أفيف كوخافي” تعليمات لسلاح الجو الإسرائيلي باستئناف التدريبات على شن هجوم محتمل ضد إيران. وتقول تقارير أخرى إن الحكومة خصصت 1.5 مليار دولار لتحديث ما يسمى بالخيار العسكري الذي كانت إسرائيل تعده على مدى الأعوام الـ 11 الماضية.
وقال القائد في سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال “أمير لازار” للصحفيين خلال التدريبات إن الجيش الإسرائيلي يغير نقطة البداية ويركز أكثر على التطلع إلى الشرق. وأشار إلى أن إسرائيل يجب ألا تنسى أن سلاح الجو لديه القدرات الأساسية المطلوبة للعمل في الدائرة الثالثة، بحيث لا يبدأ الجيش الإسرائيلي من الصفر.
و”الدائرة الثالثة” هي المصطلح الذي تستخدمه إسرائيل للإشارة إلى دول مثل إيران، التي لا تشترك في حدود مع إسرائيل وتقع على بعد دولتين من سلاح الجو الإسرائيلي، وتتمتع مع ذلك بتفوق استراتيجي كبير على جميع منافسيها في المنطقة.
وقامت إسرائيل بتضخيم مثل هذه الإشارات بشكل كبير في الأيام الأخيرة، في رد واضح على تردد الولايات المتحدة في التفكير في خيار عسكري لإعادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات وممارسة الضغط عليهم لتقديم تنازلات.
على سبيل المثال، سمحت الرقابة العسكرية بنشر تقارير تفيد بأن إيران كانت تزود سوريا بالدفاعات الجوية وأن بطارية إيرانية مضادة للطائرات حاولت مؤخرا اعتراض طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أثناء هجوم على أهداف في سوريا.
ووفقا للتقارير المسموح بنشرها، تم توفير هذه البطارية من قبل إيران وتشغيلها بواسطة أطقم محلية. وبحسب ما ورد هربت الطائرات الإسرائيلية من الصواريخ التي تم إطلاقها عليها ودمرت البطارية. وفي غضون ذلك، تتواصل الهجمات في سوريا، حيث نُسبت غارة أخرى إلى إسرائيل ليلة 24 و25 أكتوبر/تشرين الأول، وهذه المرة ضد أهداف بالقرب من هضبة الجولان السورية.
وتحد المسافة الطويلة النسبية بين إسرائيل وإيران إلى حد كبير من قدرة إسرائيل على توجيه ضربة كبيرة لمشروع إيران النووي. وعلى عكس المشاريع النووية التي أطلقها “صدام حسين” في العراق و”بشار الأسد” في سوريا، التي تقول تقارير أجنبية إن إسرائيل قضت عليها في مهدها، فإن القدرة الإيرانية لا تعتمد على مفاعل نووي واحد.
وقامت إيران بنشر منشآت تخصيب اليورانيوم الخاصة بها على مناطق واسعة وقامت بتحصينها بشدة في أعماق الأرض. وتؤثر هذه الظروف بشكل كبير على قدرة الخيار العسكري الإسرائيلي على سحق طموح إيران النووي.
ومع ذلك، سوف تتغير هذه الظروف بشكل كبير إذا تمكنت الطائرات الإسرائيلية من الهبوط، قبل أو بعد الضربات، بالقرب من إيران. لذلك يتزايد قلق طهران من التحالفات الاستراتيجية التي تقيمها إسرائيل مع الدول المجاورة لإيران.
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي لـ”المونيتور”، طلب عدم الكشف عن هويته: “لا خيار أمام إسرائيل. لم يعد الأمريكيون في الواقع على نفس الصفحة مع إسرائيل، فهم مستمرون في الإيمان بالدبلوماسية والدبلوماسية فقط. وبالرغم من التصريحات الأخيرة حول الخيارات الأخرى، فإننا نفهم أننا الوحيدون القادرون حاليا على تنفيذ خيار عسكري حقيقي وموثوق”.