بغداد ـ “القدس العربي”:
شن المئات من المسلحين الشيعة، الذين ينتمون لإحدى العشائر العراقية في محافظة ديالى، الأربعاء، هجوماً عنيفاً استهدف سكان أهالي قرية “نهر الإمام” السنية مجاورة، “انتقاماً” لمقتل نحو 15 وجرح نحو 8 من أبنائهم على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وأوضح مصدر أمني، رفض كشف اسمه للأناضول، أن “الهجوم الذي شنه مسلحو القبيلة على سكان القرية أوقع 8 قتلى، إلى جانب إضرام النيران في عدد من المنازل والبساتين”.
نزوح جماعي للأسر من قرية “نهر الأمام” شمال شرق بعقوبة نحو البساتين
مواقع إخبارية محلية نقلت عن مصادر أمنية قولها، إن “الهجوم شُن من أربعة محاور بمشاركة 678 مقاتلا في المحور الشمالي، و994 في المحور الجنوبي، و395 في المحور الغربي، و1470 في المحور الشرقي”.
وأضافوا أن “المهاجمين جلبوا معهم 43 جرافة تولت جرف بساتين سكان “نهر الإمام”، مشيرة إلى أن “المهاجمين من قبيلة بني تميم الشيعية من سكان قرية الرشاد، وشنوا الهجوم انتقاما لمقتل أبنائهم خلال هجوم مسلح شنه تنظيم “الدولة” (داعش)” ليلة الثلاثاء/ الأربعاء. وشن تنظيم “الدولة “هجوماً مسلحاً استهدف قرية الرشاد التابعة لقضاء المقدادية في محافظة ديالى، متسبباً بمقتل 15 شخصاً وإصابة 8 آخرين.
نزوح جماعي
وكشفت المصادر عن نزوح جماعي للأسر من قرية “نهر الأمام” شمال شرق بعقوبة، صوب البساتين والمناطق القريبة على خلفية الهجوم الأخير. وأكدت أن “قرية نهر الإمام بضواحي المقدادية شمال شرق بعقوبة شهدت نزوح العشرات من الأسر على خلفية الهجوم الأخير الذي راح ضحيته عدد من المدنيين بين قتيل وجريح”. وأضافت أن “ما حصل خاضع للتحقيق لمعرفة ما إذا ما كان ردة فعل على مجزرة الرشاد القريبة منها، أو هو فعل مدبر لإثارة النعرات الطائفية”.
وفي وقت سابق من صباح الأربعاء، وصل وفد أمني رفيع، إلى مكان الهجوم في محافظة ديالى.
وضم الوفد مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول ركن عبد الأمير يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري، ورئيس تحالف “الفتح”، هادي العامري. تزامن ذلك مع إغلاق القوات الأمنية طريق بحيرة حمرين ذهاباً وإياباً قرب مجمع حمرين – ناحية السعدية – قضاء خانقين من قبل الجيش العراقي بعد حادثة مجزرة المقدادية.
في الأثناء، حمل مرصد “أفاد” الحقوقي، حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة في البلاد، مسؤولية الأوضاع الأمنية في مناطق شمال شرق محافظة ديالى، وما شهدته من “انتهاكات إنسانية وجرائم مروعة” منذ ليلة الثلاثاء.
وأبلغ سكان محليون وشهود عيان وأفراد في جهاز الشرطة المحلية مرصد “أفاد”، أن “مجاميع مسلحة تستقل سيارات رباعية الدفع على بعضها شعار (هيئة الحشد الشعبي)، نفذت عمليات إعدام ميدانية وحرق منازل ومركز صحي وبساتين وسيارات داخل قرية (نهر الإمام)، بعد الاعتداء الإرهابي الذي طاول قرية الرشاد والمعروفة باسم (قرية الهواشة)، التي تقطنها قبيلة بني تميم”.
وأقر عبر الهاتف، جنرال برتبة عقيد في الجيش العراقي، ضمن قاطع عمليات بعقوبة، وفقاً للمرصد، بأن “عمليات إعدام ميدانية نفذت خلال الساعات الماضية جرى بعضها داخل منازل الضحايا على يد جماعات مسلحة اقتحمت قرية نهر الإمام، بعد الهجوم الإرهابي لتنظيم داعش”، موضحا أنها “تمت بدراية من القوات الأمنية التي فشلت في منع تنفيذ الاعتداءات على المواطنين، وهناك تورط لمدير مركز الشرطة في المنطقة وآمر الفوج الذي لم يتحرك لمنع وقوع جرائم الإعدام والحرق”.
وحصل مرصد “أفاد”، على أسماء عدد من الضحايا الذين جرى تنفيذ عمليات إعدام بحقهم من قبل ما وصفها “الميليشيا” التي اقتحمت قرية “نهر الإمام”، وهم كل من محمد كاظم المهداوي (تولد 1946)، وستار إبراهيم المهداوي (تولد 1985) وعدنان حسين الخيلاني، وكريم حسين الخيلاني، وأجود كريم الخيلاني، وعباس أجود الخيلاني، وإبراهيم أجود الخيلاني، وزين العابدين أيمن الخيلاني، (تولد 2006)، إضافة إلى امرأتين مقتولتين داخل منازل تم اقتحامها وإضرام النار فيها، كما سجل إصابة نحو 20 آخرين لغاية الآن.
وأحرق المسلحون المركز الصحي الوحيد في القرية، كما تم إحراق المسجد المجاور له (جامع الرحمن) وتدمير ما لا يقل عن 30 سيارة وماكنة زراعية وحرق بساتين بمساحات واسعة و9 منازل بشكل كامل، على حد بيان المرصد.
وقال زعيم قبلي من أهالي القرية لـ”مرصد أفاد”، إن “السكان يحاولون الهرب من القرية عبر طريق يدعى (قرية شوك الريم)، ووجهوا نداءات لعدد من الساسة وأعضاء البرلمان السابقين والمرشحين الفائزين في هذه الانتخابات بعد فشل استجابة الأمن العراقي لهم”.
وعد المرصد أن “استمرار العمليات الإرهابية في ديالى سببه الأول هو عمليات إفراغ القرى والمدن من أهلها وتركها مفتوحة”، معبراً عن استغرابه “تحميل سكان قرية جرى تدقيقهم أمنيا وفحص سجلاتهم أكثر من مرة مسؤولية هذا الاعتداء، بما يؤسس لشريعة تحكمها قوانين جماعات مسلحة طائفية”.
فتح تحقيق
وأضاف: “في الوقت الذي يتحمل فيه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والقادة الأمنيون المسؤولية القانونية والأخلاقية، في الجرائم التي نفذت من قبل ميليشيا مسلحة معروفة بسجلها الإجرامي في المنطقة ذاتها، تحت غطاء الرد على الهجوم الإرهابي الذي نفذ في قرية مجاورة، فإنه يدعو إلى فتح تحقيق بعدم استجابة الأمن لمناشدات الأهالي لنجدتهم وحمايتهم وتركهم فريسة عمليات قتل مروعة ما زالت بعض فصولها غير واضحة لغاية الآن بسبب إغلاق المنطقة بالكامل”. وطالب المرصد، “الحكومة بتوفير الحماية العاجلة للسكان المحليين ووقف الانتهاكات التي يتعرضون لها”.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان مقتضب، إن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أصدر توجيهات بملاحقة بقايا عصابات داعش الإرهابية، وتكثيف الجهد الاستخباري لمنع تكرار أي خرق أمني”. وتوعد، الكاظمي، بملاحقة منفذي جريمة المقدادية في محافظة ديالى. وقال، في “تدوينة” له، “جرب الإرهابيون فعلنا. نفي بما أقسمنا”. وأضاف: “سنطاردهم أينما فروا، داخل العراق وخارجه، وجريمة المقدادية بحق شعبنا لن تمر من دون قصاص. واللهم فاشهد”. وشدد قائلاً: “كلما أوغلوا في دماء الأبرياء نزداد إصراراً بأن ننهي أي أثر لهم في أرض الرافدين”.
كما وجه رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته، محمد الحلبوسي، دعوة إلى القوى السياسية في أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة عدد من أهالي قرية تابعة لقضاء المقدادية في ديالى. وقال الحلبوسي، في “تدوينة” له، إن “استهداف الإرهاب للمدنيين الآمنين في ديالى دليل واضح على وحشيته ومحاولة مفضوحة لزعزعة الصف الوطني واللحمة الوطنية في قرى ومدن المحافظة”. وأضاف قائلاً: “ندعو القوى السياسية الوطنية إلى تغليب مصلحة العراق على ما سواها وتفويت الفرصة على المتربصين بوحدة أبناء الوطن الواحد”.
“محاولة خسيسة”
ووصف رئيس الجمهورية برهم صالح، الحادث “الإرهابي” الذي استهدف إحدى قرى محافظة ديالى، بأنه “محاولة خسيسة لزعزعة استقرار البلد”. وقال صالح في “تدوينة” إن “الحادث الإرهابي الجبان على أهلنا في ديالى محاولة خسيسة لزعزعة استقرار البلد”. وأضاف أن الحادث “تذكير بضرورة توحيد الصف ودعم أجهزتنا الأمنية وغلق الثغرات وعدم الاستخفاف بخطر داعش وأهمية مواصلة الجهد الوطني لإنهاء فلوله في كل المنطقة”.
في حين اعتبر الأمين العام لحركة “إنجاز”، وزير الداخلية الإسبق، باقر جبر الزبيدي، أن عملية الهجوم الدامي الذي شنه التنظيم على قرية “الرشاد” في قضاء المقدادية في محافظة ديالى خُطط له منذ أيام، منتقداً القوى السياسية الشيعية لانشغالها بتحالفات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بينما تقع مثل هكذا خروقات.
خرق أمني
وقال الزبيدي في “تدوينة” له، إنه “تم التخطيط (للهجوم) خلال أيام دون علم القوة الماسكة، وهذا يوضح حجم الخرق الأمني وفقرا كبيرا في العمل الاستخباري”. وتابع “خلال الفترة الماضية حذرنا ولعدة مرات من تطور هجمات داعش بعد حادثة مخمور منذ ثلاثة أشهر حيث تم خطف 10 أشخاص بهذه الحادثة”. وأردف: “لابد أن نشير هنا إلى الأسباب التي جعلت مشكلة الأمن مستعصية وهي أمن المناطق المتنازع عليها، والتي أصبحت مناطق لعبور الإرهابيين إلى عمق الأراضي العراقية”.
كذلك، أكد رئيس ائتلاف “دولة القانون”، نوري المالكي، أن ما حصل في قضاء المقدادية من مجزرة بحق الأبرياء العزل “يستدعي من الجميع التوحد والوقوف صفا واحدا في وجه هؤلاء المجرمين وملاحقتهم”، داعيا إلى ضرورة “إعادة النظر بالخطط الأمنية”. وقال في بيان صحافي، إن “تكرار المجازر وعمليات القتل الجماعي للمدنيين الأبرياء الذي تقوم به فلول عصابات داعش يلزم الحكومة أن تعيد النظر بخططها الأمنية”.
وأضاف أن “ما حصل في المقدادية وما سبقه في مناطق اخرى يستدعي من الجميع التوحد والوقوف صفا واحدا في وجه هؤلاء المجرمين وملاحقتهم وإنزال القصاص العادل بهم”، داعيا الحكومة الى “تفعيل عملها الاستخباري وإجراء تقييم دائم لكل الأجهزة الأمنية والاستخبارية لمنع تكرار الاعتداءات الإرهابية”.
إلى ذلك، طالب تحالف “عزم”، بقيادة خميس الخنجر، بتحقيق فوري بالهجوم. وذكر بيان للتحالف، أن “الناطق الرسمي باسم تحالف عزم، صلاح الجبوري، طالب القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي باجراء تحقيق فوري بالخرق الأمني لتنظيم داعش في قضاء المقدادية في محافظة ديالى”.
وأكد، ضرورة أن “يكون للقائد العام وحكومة ديالى المحلية وقفة جادة وإجراءات واضحة ورادعة لوقف الانتكاسات والخروقات الأمنية التي يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق المدنيين العزل في قرى ومدن ديالى المختلفة”.
وقال إن “أولويات تحالف عزم أن تكون الحكومة المقبلة قادرة بالفعل وليس بالقول على ضمان أمن وحماية المواطن العراقي من كل أشكال الإرهاب وعصاباته سواء كان داعش أو جماعات السلاح المنفلت، وهو مطلب أساسي للموافقة على أي حكومة مستقبلية، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار الأهمية الحيوية لمحافظة ديالى ومدنها”.
وعلق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على الهجوم، معتبراً في “تدوينة”، “لا ينبغي التغافل عن الإرهاب وجرائمه، ولا ينبغي التلهي بالصراعات على المقاعد والسياسة ونسيان الإرهاب”.
وأضاف: “فها هي قرية من قرى المقدادية يعصف بها الإرهاب في خضم الصراع السياسي. فلا ينبغي على المجاهد ترك السواتر فما زال الإرهاب يتربص بالعراقيين المنون. أفيقوا يرحمكم الله. وإلا فللإرهاب عودة”.
وعلى إثر “تدوينة” الصدر، أصدرت “هيئة الحشد الشعبي” بيانا قالت فيه: “على خلفية الجريمة الإرهابية الغادرة في قرية الرشاد التابعة لقضاء المقدادية في محافظة ديالى، تعلن قيادة الحشد الشعبي أنها بكامل جهوزيتها للتحرك على أي منطقة تشهد خرقا أمنيا وتضع كل إمكاناتها العسكرية والأمنية تحت أمرة قيادة العمليات المشتركة لمعالجة أي خرق ولدعم قواتنا المسلحة البطلة”.
وأضافت “وفي الوقت ذاته تنفي عمليات الحشد الشعبي ما يتم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي بأن قرية الرشاد في قضاء المقدادية التي حصل فيها الخرق الإرهابي هي ضمن مسؤولية أبطال الحشد الشعبي، ورغم ذلك بعد الحادث مباشرة تم إرسال تعزيزات من قبل عمليات ديالى الحشد الشعبي لمكان الجريمة”.
“اليقظة والحذر”
وطالب رئيس تحالف “قوى الدولة”، عمار الحكيم، القوات الأمنية بمزيد من اليقظة والحذر وتكثيف الجهد الاستخباري لتحقيق الضربات الاستباقية على “رؤوس الإرهاب”. وذكر في “تدوينة”، “فجعنا بنبأ سقوط العديد من الشهداء والجرحى جراء الاعتداء الإرهابي الذي طال قرية الرشاد في قضاء المقدادية في محافظة ديالى”، مبيناً أن “مثل هذه الاعتداءات العنيفة إنما تؤشر حالة من التراخي والاطمئنان في وقت تتحين فيه خلايا الإرهاب الفرص للاعتداء على أبناء شعبنا”.
وأضاف أن “تكرارها يربك المشهد الأمني ويعصف بمنجز الاستقرار الذي تحقق بجهود قواتنا الباسلة وتعاون الأهالي”، مطالباً، القوات الأمنية بـ”مزيد من اليقظة والحذر وتكثيف الجهد الاستخباري لتحقيق الضربات الاستباقية على رؤوس الإرهاب للحيلولة دون وقوع المحذور”.
وأدان “ائتلاف النصر”، الهجوم. وذكر بيان للائتلاف، ان “الإرهاب الداعشي ينشط في أكثر من موقع، وهي حالة خطرة حذرنا من اتساعها، ودعونا إلى جعل الأمن أولوية بإدارة الدولة، لضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار الذي تحقق بعد سحق داعش”. وشدد على ضرورة “جعل الملف الأمني على رأس أولويات العمل الحكومي، ورصد الإمكانات له، وتكاتف الشعب والمؤسسات والقوى السياسية معاً لاستئصال بقايا الإرهاب، وعدم السماح بإعادة ظروف 2014 بأي شكل من الأشكال”.
واستمراراً لموجة الإدانة السياسية، قال رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، في “تغريدة” على “تويتر”، “أدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي وقع الليلة الماضية في ديالى. وأتقدم بالتعازي لأسر الضحايا والمصابين”. وأضاف: “لا يزال داعش يشكل تهديداً للسلام والتعايش الإقليميين ويتطلب رداً جماعياً وإقليمياً”.
كما ندد رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، بالهجوم المسلح، مشيراً في “تغريدة” على “تويتر”، “ندين بأشد العبارات الهجوم الداعشي الدموي الغادر على أهلنا في ديالى الذي يؤكد مرة أخرى على ضرورة وقوفنا جميعا وبحزم مساندين قواتنا الأمنية ضد هذا الخطر الذي مازال يداهمنا ويستهدفنا”.
في حين، أدان “التحالف الدولي” بزعامة واشنطن، الهجوم، واكد استمرار دعمه للعراق. وقدم التحالف، عبر “تويتر”، التعازي للضحايا وعائلاتهم.