أهل البيت (ع) شهداء التأويل

بقلم : خالد محيي الدين الحليبي 
 

مركز القلم 

نشر  في التسعينات في جريدة صوت أهل البيت ثم نشرناه مرة أخرى على موقع المطرقة  في 2 نوفمبر 2011

وننشره على موقعنا للإفادة  منه وفيه زيادة :

لقد كتب الأصفهاني كتاباً عن شهداء أهل البيت عليهم السلام  اسمه (( مقاتل الطالبيين )) وحصر فيه الألاف من الشهداء بالعصر الأموي والعباسي .

وهنا سنبين أن هذه الشهادة كانت لإيمانهم بتأويل القرآن الكريم أنه نزل في بيوتهم  فهم الموكول إليهم  الولاية و بيان الكتاب والإمامة وذلك لأن الآية الثالثة بعد اقرأ  ثم سورة المزمل نزل قوله تعالى في السورة الثالثة من التنزيل وفيها نزل قوله تعالى : { يا أيها المدثر قم فأنذر } وهذا الإنذار أولاً  بالأمر الإلهي لأهل بيته عليهم السلام  وعشيرته من بني هاشم وبني عبد المطلب وهذه مرحلة لم يكن فيها أي صحابي لإلتزام النبي صلى الله عليه وآله بما أمره به الله تبارك وتعالى حيث قال { وأنذر عشيرتك الأقربين – الشعراء } ثم تتدرج الدعوة بعد ذلك لقريش ثم العرب  .

ثم جاءت الموضوعات والمكذوبات بسبب الحسد  الذي قال تعالى فيه { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا  – النساء 54 } 

فقدموا على أهل بيت النبي عليهم السلام غيرهم حسداً  تحت حجج كثيرة منها أن هذا صلى بالناس أو ذاك جمع القرآن أوهذا تهرب منه الشياطين إذا رأته وكلها مرويات عبارة عن سمعنا سمعنا ولا وجود لهم بأي بطولة في غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله أثناء حياته بما وضع الأمة في حالة من الإنقسام لفريقين بين كناصري فكرة الصحابة أو من يتولون أهل بيت النبي عليهم السلام وكل أهل بيت النبي حتى الآن يقاتلون لهذا السبب ولذلك قلنا هنا أنهم شهداء التأويل كما قال النبي في الإمام علي عليه السلام  ” ياعلي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم أنا على التنزيل ” .

وهنا :

الشهيد الأول على يد هذه الأمة أمير المؤمنين علي عليه السلام  : 

منذ مطلع الإسلام والحرب لاتنتهى مع رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمين ولما هاجر صلى الله عليه وآله للمدينة المنورة بدأ المنافقون الكذب عليه صلى الله عليه وآله وظهر ذلك جلياً في قول اليهود لعنهم الله تعالى{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)(فصلت:26}وقال تعالى فيما فعله المنافقون من كذب عليه صلى الله عليه وآله وقبل مماته(وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)(النساء:81)وقد نهى الله تعالى هؤلاء الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم من الكذب على الله تعالى ورسوله قائلاً (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)(النحل:116)ولما توفى صلى الله عليه وآله وحدثت الردة والإنقلاب الذي قال تعالى فيه(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)(آل عمران:144) كثر الكذب أكثر مما كان على عهده صلى الله عليه وآله بل نال السند القانوني من المنقلبين ببلدانهم لأنها كلها تقؤيباً جائت في مدائح رجالهم ولذلك يحذرهم صلى الله عليه وآله قائلاً :

[ من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار… الحديث] .

 

وينبئهم صلى الله عليه وآله بما ستفعله الأمة من اقتتال قائلاً [ لترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض… الحديث – البخاري]

 

و بعد هذا العصر كان تأسيس المذاهب والفرق على هذه الأحاديث ومناقب للرجال مختلقة إختلطت بصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وبهذه المكذوبات قتل أهل البيت حتى يقول بن تيمية لقد قتل الحسين بسيف جده أي بروايه تأمر الأمة بقتله ولا يقول بذلك عاقل لأن منهم من روى بأن الخلافة شورى بين الناس وتركهم رسول الله صلى الله عليه وآله للإختلاف والإقتتال ولو كاذ ذلك صحيحاً فلماذا أوصى أبي بكر ثم عمر هل إبتدعا أمراً من عندهما أم خالفا وصية وصى بها المصطفى صلى الله عليه وآله وهذا المنهاج ضرب الشريعة في مقتل إختلفت به الأمة مابين شيعة إلى سنة ثم فرق لكلا المذهبين والشورى عقلاً لا يمكن أن تكون من عند الله تعالى في الخلافة فالشورى على أمر دنيا أو حرب ولا شورى في نص والنص يقول تعالى فيه عن الكثرة ( وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)(المائدة: من الآية49(

 

وهل الشورى إلا كذلك حكم الأكثرية الفاسقة المالكة للمال والرجال في كل زمان ومكان .

و لو كانت النبوة أو الرسالة أو الإمامة شورى لحكم العالم النمرود و فرعون وهامان وذؤيتهما ولكان حكمهم شرعياً .

 

و لكن القرآن يؤكد وحديث رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته ومذهبهم يقولون بأن نظام الحكم الإسلامي جعلياً من الله تعالى كما قال عز وجل { وعلناهم أئمة يهدون بأمرنا… الآية}  ولذلك يقول تعالى عن تلك الوصية أوصى بها نوحا ذريته وأمته وكذلك نبي الله  إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام مصداقاً لقوله عزوجل (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)(الشورى:13) ويبين تعالى الوصية الإبراهيمية لبنيه قائلاً فيها سبحانه وتعالى (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(البقرة:132(

 

وبعد ذلك هل يموت صلى الله عليه وآله دون أن يوصي ويخالف الأنبياء من قبل عليهم السلام ؟ هذا ما قال به شطر الأمة وكان ضحية هذا الإقتتال أهل بيت النبي في كل زمان ولذلك [يقول صلى الله عليه وآله ياعلي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم على التنزيل……الحديث]ويبدأ التصادم مع علي كرم الله وجهه مع بداية السقيفة حيث اجتمع مجموعة من القرشيين لتدابر الأمر بينهم ومعهم سادة الأنصاروتم التشاور فيما بينهم وقطعوا أمرهم دون أن يحضر أحداً من آل بيت الرسول صللى الله عليه وآله ولا بني هاشم ولا بني عبد المطلب أي أن الشورى ناقصة فقالت لهم السيدة فاطمة سلام الله عليها قطعتم أمركم بينكم دوننا ورسول الله جنازة بين أيدينا ؟؟؟؟

 

ومرت هذه الأحداث بتولية الخليفة الأول ثم الثاني ثم الثالث والمنصف سيجد أن زمان الخلفاء الثلاثة استبعدوا فيها كل بني هاشم وبني عبد المطلب بالكلية من مناصب الولاية والقضاء والجند بل وخمسهم المفترض من الله تعالى كما في قوله عز وجل { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(لأنفال41 (

 

منعه عنهم عمر بن الخطاب بتأويل تأوله يحادد به كتاب الله تعالى ولذلك وجدنا في كتب السير والتواريخ أن عليا بن أبي طالب عليه السلام حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وآله يعمل أجيراً عند يهودي يسقي له الأرض بالأجر فهل هذه مكافئة رسول الله في أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟؟

 

ولما نشأ الأطفال والشباب بعد نيف وثلاثون عاما من موت رسول الله وقتل عثمان تولاها عليا فحاربه معاوية ويرسل رسالة[ يقول فيها إعلم أنني أتيتك بجيشاً لا يعرف فضلاً لأهل البيت ولا صحابة ويصلي الجمعة يوم الأربعاء – تاريخ المسعودي]

ولما قتل الخليفة عثمان بايعه طلحة والزبير وأهل الحل والعقد من الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم ثم استأذنا خروجاً للحج فقال لهم أمير المؤمنين والله مالحج تريدان وفعلاً يتوجهون لبيت أم المؤمنين عائشة فتسألهم قائلة من بويع للخلافة فقالاَ علي بن أبي طالب فعزمت على حربه لأنها كانت تطمع في الخلافة لإبن أختها بن الزبير أوابن عمها طلحة فجيشوا الجيوش عازمين على حرب أمير المؤمنين ومعهم معاوية الذي توحد هدفه معهم على القصاص من أمير المؤمنين وكأنه هو قاتل عثمان ويرسل يعلي بن أمية والي اليمن وإبن عم معاوية الجمل الأديب ويمول حملتها العسكرية بالمال ويعاونهم والي العراق الأموي أيضاً وهنا لنا سؤال من الذي ولى الأمويين على البلدان إلا عمر وعثمان الذين أسسا الملك الأموي ولما جاء أمير المؤمنين على كرم الله وجهه تلقفها الأمويون تلقف الكرة كما قال لهم جدهم أبو سفيان وهذا مدون في كتاب علي أمير إمام المتقين لعبد الرحمن الشرقاوي وهنا نبين أن قريشاً تجمعت مرة أخرى على حرب أهل البيت ولكن هذه المرة باسم الدين وبمكذوبات ومدائح لرجال فروا في أحد وحنين وجبنوا عن مواجهة عمرو بن ود في الأحزاب وكان في جيش أميرالمؤمنين أكثر الصحابة البدريين والعقباويون وقتلوا عمارا كما قال صلى الله عليه و آله فيه [عمار تقتله الفئة الباغية ]  .

 

ثم يقتتلون في صفين ثم يخرج الخوارج على أميرالمؤمنين وتكون شهادته على يد الملعون بن ملجم وهنا ينزل الغضب على هذه الأمة فتنفلق انفلاقات وتتشقق وتتفتت لمذاهب وفرق قامت على مكذوبات ومن ثم إختلطت هذه الأحاديث المكذوبة التي تجمع ما بيبن الشيئء ونقيضه وتنال قوة السلطان الجائر في كل زمان حتى وصلتنا على أسنة رماحهم ولذلك [تجد أبي هريرة يشير إلى حلقومه قائلاً عندي ما إن ذكرته قطع هذا الحلقوم  … ]

 

وهنا ما هو الذي سيقطع به الحلقوم إلا مايبطل خلافة غير أهل بيت النبي محمد صلى الله علي وآله أجمعين؟!!!

 

ولما ظهر هذ الكذب في جيل تابعي التابعين يقول الإمام أحمد بن حنبل لأبنه عبد الله : فيماأورده البخاري في صحيحه  » كتاب فضائل الصحابة » باب ذكر معاوية  :

 

[ أخرج ابن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ثم قال : اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي ، فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له . وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد ، وبذلك جزم إسحاق ابن راهويه والنسائي وغيرهما

 

فهل هناك شهادة أصدق من ذلك بنص شهادة إمام أهل السنة والجماعة وكان لهذه المناقب مقاتلين في سبيل الجاهلية وباسم الدينقتلوا أهل بيت النبي عليهم السلام بل وتم تهجير أكثرهم في البلدان المحيطة بالجزيرة العربية قال صلى الله عليه وآله [إن أهل بيتي بعدي سيلقون تشريداً وتطريداً حتى يخرج آخرهم المهدي…. الحديث] وصدق الله العظيم إذ يقول في هؤلاء القتله ومن تولاهم (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(الكهف104) وهنا تكون شهادة أول ولي وحاكم من أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وهو ممن أمر الله تعالى بمودتهم قائلاً فيهم( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى – الشورى23) فهل عملوا بتلك الآية الكريمة وودوا النبي صلى الله عليه في أهل بيته عليهم السلام  ؟

 

هذا وبالله التوفيق وما

توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين 

خالد محيي الدجين الحليبي

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

من تفسير “البينة” : لماذا قال الأنبياء من قبل لقومهم (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) و في أمتنا آخر الأمم (عذاب يوم كبير)  

لماذا قال الأنبياء من قبل لقومهم (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) و في أمتنا …