فارس فرسان الأقصى.. أحد أسلحة العصر الفتاكة بيد الفلسطينيين
leroydeshotel
17 أكتوبر، 2021
تحقيقات وتقارير
22 زيارة
العميد أحمد عيسى
فرسان الأقصى هي لعبة إلكترونية تشبه إلى حد كبير ألعاب إلكترونية أخرى مثل (كاونتر سترايك (Counter Strike) وبابجي (Pupg) اللتين تجذبان الملايين من البشر من أعمار مختلفة حول العالم، وما يفرق لعبة فرسان الأقصى عن غيرها من الألعاب الإلكترونية الأخرى أنها وإن كانت من عالم الخيال الإفتراضي، إلا أنها مستوحاة من الواقع وتصور واقع الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الإحتلال العسكري الإسرائيلي.
من المتوقع أن تتاح اللعبة للجمهور في نهاية العام الجاري 2021، وستوزع من خلال شركة (Steam) أمريكية الجنسية والتي تعتبر إحدى أكبر شبكات توزيع الألعاب في العالم، وحبكة اللعبة هي قصة خيالية مستوحاة من حقائق واقعية، إذ تدور حول قصة شاب فلسطيني هو بطل اللعبة أطلق عليه مصمم اللعبة إسم (أحمد الفلسطيني)، وكان الجيش الإسرائيلي قد سجن أحمد ظلماً كغيره من مئات آلاف الفلسطينيين، حيث أمضى في السجن خمس سنوات فقد خلالها كل عائلته في غارة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي، وبعد إطلاق سراحه من السجن شرع أحمد بمقاومة الإحتلال من خلال الإنضمام إلى جماعة (فرسان المسجد الأقصى) وهي حركة مقاومة فلسطينية جديدة، الأمر الذي بحد ذاته لا يخلو من دلالة، لا سيما وأن مصمم اللعبة (نضال نجم) هو أبن لأحد مناضلي حركة فتح الذي غادر بيروت إلى البرازيل العام 1982.
المضمون السياسي للعبة واضح، إلا أن هذا المضمون يبتعد عن التحريض والتمييز العنصري ولا يمكن إعتباره معادي للسامية، وتدعو اللعبة بوضوح إلى عدم إطلاق النار على المواطنيين الإسرائيليين من النساء والأطفال والمسنين، كما تخلو اللعبة من صور لأي محتوى جنسي أومخدرات أو تدنيس ديني أو خطاب كراهية ضد أي شخص أو مجموعة أو عرق أو دين أو دعاية ضد اليهود أو تضامن مع النازية أو التباهي بالجماعات الإرهابية أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وقد تمت الموافقة على اللعبة من قبل وزارة العدل البرازيلية وحصلت كذلك على تصنيف عمري 18+.
قد يتسائل البعض من الفلسطينيين هنا عن جدوى وأهمية هكذا لعبة خيالية في مدى تأثيرها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من قرن من الزمان؟
في الواقع تجادل هذه المقالة أن الأفكار والمقاصد المحركة لفارس هذا العمل العظيم المبدع البرازيلي الفلسطيني (نضال نجم) الذي صمم هذه اللعبة على مدار العقد الماضي، قد جعلت من هذه اللعبة تفوق في أهميتها وقدرتها على التغيير ترسانات هائلة من الأسلحة المتطورة بما فيها من طائرات ودبابات وغواصات ومدافع وصواريخ وجيوش إستثمرت فيها شعوبها نصيب ضخم من مواردها على حساب قوتها ورفاهيتها، لا سيما وأن اللعبة تعيد تقديم الرواية الفلسطينية بلغة العصر وأدواته، وذلك في لحظة تتهاوى فيها صدقية الرواية الصهيونية وينكشف زيفها، وتصعد فيها صدقية الرواية الفلسطينية ومظلومية الفلسطينيين.
نعم يناقش كبار خبراء العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية أمثال (جون ميرشايمر، وستيف والت) أن الصراع في فلسطين الآن يدور حول روايتين، الأولى تدافع عن إسرائيل الكبرى العنصرية، وتدعو الثانية لفلسطين الديمقراطية، ويقيناً ستنتصر الرواية الثانية، إذ سينحاز غالبية سكان الأرض وفي مقدمتهم اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية ضد إسرائيل العنصرية التي باتت عنصريتها ثابتة للعيان وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والعالمية، وفي هذا الشأن من المتوقع أن يصدر قريباً تقريرا مماثلاً عن منظمة العفو الدولية.
صحيح أن بطل لعبة فرسان الأفصى قد إتخذ من المقاومة المسلحة أسلوباً للإنتقام من جيش الإحتلال الذي سجنه وأباد عائلته وصادر أرضه وممتلكاته، لكنه حرص على أن تبقى مقاومته ضمن سياق القانون الدولي وتنحصر فقط ضد جنود الجيش وتحرص في نفس الوقت على عدم إيذاء المدنيين من النساء والأطفال والمسنين، وتسعى إلى رفع الظلم عن الفلسطينيين، وأبرز مقاصدها كما قال مصمم اللعبة هي دحض إتهام الشعب الفلسطيني بالإرهاب.
من جهتها أدركت القوى السياسية الصهيونية ما تنطوي عليه هذه اللعبة من مخاطر على الرواية الصهيونية في فلسطين من خلال العرض التجريبي لها، حيث طالب رئيس حزب القوة اليهودية الكهاني (إيتمار بن غفير) حكومته بالتدخل لعدم نشر اللعبة المعادية للسامية على حد قوله، الأمر الذي يؤكد أن هذا النمط من النضال الآن أكثر خطورة على إسرائيل وروايتها من كثير من الجيوش والأسلحة، ويجعل من مصمم اللعبة (نجم) وما أكثر أمثاله في صفوف الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، أسلحة فتاكة بيد الشعب الفلسطيني الذي يتوجب عليه إحتضان هذه النماذج وإطلاق العنان لإبداعاتها وخيالاتها في قادم الأيام.
المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي