تداول مغردون عبر “تويتر”، مؤخرا، إعلانا وظيفيا يبحث عن مختصين لترجمة الأناجيل إلى لهجات خليجية، منها الحجازية والنجدية.

أول ما قد يتبادر إلى الذهن عند قراءة إعلان كهذا: من يفكر بترجمة الأناجيل إلى لهجات خليجية، وهي أصلا منشورة بترجمات رسمية بالفصحى، تقرّها الكنائس في المنطقة العربية، ومتاحة للجميع؟

ومن الذي فكّر بتوظيف مترجمين لإعادة ترجمة الأناجيل الآن، مع العلم أن عملية ترجمتها من اليونانية القديمة والآرامية تستغرق سنوات، وتتطلب جهدا هائلا من علماء لاهوت ولغويين؟ ومن الجمهور المستهدف بهذه الترجمة إن كانت أعداد المسيحيين في دول الخليج العربية قليلة جدا في الأساس؟

هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” قدمت إجابات على هذه التساؤولات، مشيرة في تقرير لها إلى أن هذا الإعلان جزء من الذراع العربي لمشروع إنتاج محتوى أمريكي شهير اسمه “مشروع الكتاب المقدس”.

 

 

هدف المشروع

وبحسب تعريف المشروع فهو “استوديو لا يسعى لتحقيق الربح، متخصص في إنتاج الرسوم المتحركة، يتولى إنتاج مقاطع فيديو قصيرة تعتمد بالكامل على الرسوم المتحركة، وتهدف إلى تقديم قصة الكتاب المقدس كي تكون في متناول الجميع وفي كل مكان”.

وإلى جانب الفيديوهات المتحركة، ينتج المشروع حلقات بودكاست، وبرامج دراسية مجانية للراغبين بالاطلاع على الكتاب المقدس كعمل أدبي، وفهم مراحل كتابته، وأبرز المواضيع والشخصيات الواردة فيه.

انطلق المشروع عام 2014 على يد “تيم ماكي” و”جون كولينز”، المختصَين بدراسات الكتاب المقدس، والمهتمَين بتاريخ النصوص الدينية القديمة، ولديهما شغف في السرد، ومساعدة القراء المعاصرين على “إعادة اكتشاف الكتاب المقدس كقطعة فنية”.

وعن ذلك، يقول “مايكل ماكدونالد”، المسؤول عن العلاقات الاستراتيجية والنشاط العالمي في المشروع، إن الفيديوهات بترجماتها كافة وصلت إلى نحو 182 مليون شخصاً حول العالم خلال 7 سنوات.

ويضيف أنه تمت ترجمة الفيديوهات إلى نحو 42 لغة، من الألمانية والفرنسية والفارسية والتركية.

ويستدرك: “بالطبع، هذه ليست ترجمة للكتاب المقدس، بل نقل للمحتوى التعليمي حوله، كما يسرده ويرسمه فريق المشروع. ونجد من بين المحتوى المنقول، فيديوهات بالعربية الفصحى، وباللهجة المصرية”.

ويشرف “ماكدونالد” على مشاريع الترجمة ونقل محتوى المشروع من الإنجليزية إلى اللغات الأخرى.

ويقول: “أنتجنا حتى الآن نحو 170 فيديو لمساعدة الناس على فهم الكتاب المقدس. نقدمه في قالب تعليمي للأشخاص الذين لم يقرؤوه، أو سمعوا عنه ولا يعرفون ما هو، أو قد يكونون مسيحيين يقرؤونه طيلة حياتهم أو حتى مسلمين اطلعوا عليه، ولكنهم يريدون أن يفهموه بالفعل”.

وكأي منتج للمحتوى، يسعى فريق “مشروع الكتاب المقدس” إلى توسيع نطاق انتشاره؛ لذلك كانت الترجمة خيارا بديهيا للوصول إلى جمهور لا يفهم الإنجليزية بالضرورة، وقد وجدوا في لهجات العالم العربي سوقا واعدة.

يمكن أن نجد حسابا للذراع العربية من المشروع على “إنستجرام”، وعلى “يوتيوب”، وعلى “فيسبوك”.

لكن يبدو أن المحتوى العربي ليس من مواضع قوته؛ إذ لا يتجاوز عدد المشاهدات على قناتيه بالفصحى والمصرية 200 ألف مشاهدة، فيما يبلغ عدد المشاهدات على القناة الأم أكثر من 260 مليون مشاهدة. ويبلغ عدد المشاهدات على قناته الإسبانية أكثر من 45 مليون مشاهدة.

 

 

هل الهدف تنصيري؟

ورغم أن الهدف الواضح للمشروع قد يكون “تنصيريا”، إلا أن “ماكدونالد” ينفي ذلك.

ويقول: “لا نحاول أن ندعو الناس لاعتناق المسيحية، هدفنا تقديم محتوى يساعد على فهم الكتاب المقدس”.

ولنقل المحتوى إلى اللغة العربية، يتعاون “مشروع الكتاب المقدس” مع شركة “آراسكوب” المصرية للإنتاج، التي تولت النقل إلى الفصحى، وإلى اللهجة المصرية، وتعمل حاليا على اللهجة اللبنانية، وبدأت بوضع مخططات أولية للهجة الخليجية.

وبرأي “ماكدونالد”، فإن ترجمة المحتوى إلى اللهجات الخليجية سيكون تحديا مهما لهم.

ويقول مدير الشركة التنفيذي للمشروع “أمير وحيد” أن تعريب الفيديوهات يمرّ بمراحل معقدة قبل وصوله إلى الجمهور، يتخللها مراجعات لاهوتية ولغوية دقيقة.

وبغض النظر عن هذا التفصيل، يرى “وحيد” أن المشروع قد يساعد في توضيح مفاهيم غير حقيقية أو مشوهة، حول المسيحية، في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، بما يساهم في التقريب بين الناس”.

وبحسب “ماكدونالد”: “علينا أن ننتظر نحو 6 أشهر، قبل أن يجهز الفيديو الأول بلهجة خليجية، علما أن عملية اختيار ممثلي الأصوات بدأت”.

ووفق القائمين على المشروع، فإن الأمر لن يقتصر على اللهجات الخليجية، بل هناك خطة للترجمة إلى اللهجات المغربية، والسودانية، والعراقية، وغيرها من اللهجات العربية.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي