تستعد العشائر من سكان أجمل المواقع التاريخية في العراق، والتي طالما كانت قبلة للسائحين من مختلف أنحاء العالم، لمظاهرات إثر كارثة أصابت مهنهم ومناطقهم وآخر ما تبقى من الأهوار الخلابة – موطن قرطاسية السومريين في جنوب العراق.
وقرر أبناء العشائر في محافظة ميسان الواقعة أقصى الجنوب، الخروج في مظاهرات قريبا، بعد أن وصل الجفاف أوجه في جميع الأهوار بمدينتهم المسماة “فينيسيا العراق”، حتى الهور الكبير المدرج على لائحة التراث العالمي ضمن محميات اليونسكو، والذي بات تحت الخطر أيضا.
وكشف الناشط البيئي العراقي البارز من محافظة ميسان، أحمد صالح نعمة، في تصريح خاص لمراسلة “سبوتنيك” في العراق، اليوم الاثنين، أن العشائر في الأهوار ستنطلق بمظاهرات خلال الساعات المقبلة بسبب الشحة المائية، التي تشهدها المحافظة منذ شهور.
وأكد نعمة، أن المظاهرات تأتي عبر عدة مناشدات من خلال أبناء أهوار محافظة ميسان، تحديدا الأهوار الجنوبية “هور الحويزة، وبركة أم النعاج”، المكان الذي أدرج على لائحة التراث العالمي.
ويضيف: “قمنا بزيارة الأهوار وتبين التالي: أن الشحة المائية في أهوار ميسان تحديدا في الحويزة وصلت إلى أوجها، إذ أن الزوارق لا تستطيع عبور منتصف البركة “بركة أم النعاج” والوصول إلى أماكن الصيد مما تسبب بضرر بمهنة الصيادين وكذلك المزروعات وبحيرات الأسماك تعاني بشدة من الشحة المائية”.
وكشف نعمة عن مناشدات واتصالات وصلت إلى الكثير من الجهات في وزارة الموارد المائية لحل مشكلة شحة المياه في أهوار ميسان، منوهاً إلى أن المحافظة تدخلها إيجابي ولا دخل سلبي لها في موضوع الجفاف وكذلك مديرية الموارد المائية، ومركز إنعاش الأهوار على اعتبار أن قرارات الإطلاقات المائية باتجاه البصرة أو بقائها داخل العمارة “مركز ميسان” هي قرارات وزارية صادرة من العاصمة بغداد.
وأوضح أن “أبناء العشائر في ميسان بمناطق: العزير وقلعة صالح والكحلاء والمشرح، تضرروا بشكل كبير، بالتالي نحن نتحدث منذ يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بلغت كمية المياه المطلقة باتجاه محافظة البصرة أقصى جنوب العراق، 98 متر مكعب وتصل إلى 100 متر مكعب في الثانية”.
وبيّن نعمة، أنه “من الضروري أن تصل لمحافظة البصرة كميات كبيرة من المياه كونها تصد اللسان الملحي القادم باتجاهها في شط العرب، الذي عدم صده يسبب تغيرات غير صحية للمياه وتسمم”.
الحلول
وقال نعمة: “ثمة حلول أخرى لحل أزمة شحة المياه في أهوار ميسان، مثل إطلاق نفس كميات المياه باتجاه البصرة، ولكن بعد مرورها بهور الحويزة الذي يشبه “الحوصلة أو المثانة” تمر فيه المياه من نهري المشرح، والكحلاء ثم تخرج من ناظم قلعة صالح، والمسمى محليا ناظم الكسارة، وتتجه باتجاه البصرة، إذ أنه يرتبط بعامود دجلة الرئيسي”.
وأشار إلى أن “ما يحدث حاليا هو إطلاق كمية 98 إلى 100 متر مكعب في الثانية إلى البصرة من عامود نهر دجلة الرئيسي في ميسان باتجاه الأولى دون المرور بهور الحويزة مما يسبب شحة مائية قاسية جدا على الأطراف”، معبراً بالقول: “نتحدث عن ما تبقى من الأهوار الميسانية ما تبقى هو فقط هور الحويزة الكبير جداً”.
وتابع نعمة: “أما الجزء الشرقي من هور الحويزة المسمى العظيم فقد جف تماما وكذلك “بركة السودة” و”ذيل الفحل”، إضافة إلى جفاف الأهوار الوسطى المجاورة والملاصقة مع محافظة ذي قار في الناصرية، منذ 4 شهور، وفي هوري العودة والبطاط الحال نفسه”.
وذكر قائلا: “أنا أقود سيارتي داخل حوض هور العودة بسبب جفافه بالكامل”، محذراً من خلل بيئي كبير جداً يصيب ميسان إثر الشحة المائية.
واختتم الناشط البيئي: “نتفهم جدا أن للطبيعة سلوكيات كالفيضانات، والشحة المائية والجفاف لكن علينا أن نقنن الضرر ونتقاسمه مع محافظات واسط والبصرة وبغداد نتقاسم الضرر ونحاول أن نقلل أقل كمية من الخسائر”.
وعانت الأهوار الوسطى في محافظة ميسان الواقعة أقصى جنوبي العراق، منذ منتصف صيف العام الحالي، من انخفاض كبير بمناسيب المياه لشهور عدة أسفر عن جفافها بالكامل حتى المدرجة على لائحة التراث العالمي ضمن محميات منظمة اليونسكو، منذرة بكارثة بيئية وتغيير ديموغرافي يزيد الوضع سوءا.
وأطلق أبناء محافظة ميسان، خلال الأعوام الماضية حملات لإنقاذ الأهوار في مدينتهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبثوا من خلالها صورا تظهر الجفاف الذي أكل من جسد نهر دجلة، لدرجة أن الأطفال نزلوا إلى منتصف النهر الذي جف تماما، للعب الكرة والمرح بالتراب.