"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

العراق : فضيحة “مدوية”.. مجزرة الشرطة الاتحادية في كركوك والتي أودت بحياة 15 منتسب للشرطة الإتحادية انتقام عشائري بسبب جريمة اغتصاب وليس بهجوم نفذه تنظيم داعش كما أعلنته السلطات ذلك رسمياً.

شفق نيوز :

العراق : فضيحة “مدوية”.. مجزرة الشرطة الاتحادية في كركوك انتقام قروي من جريمة اغتصاب

أظهر تحقيق صحفي، يوم الخميس، حقائق جديدة أقل ما توصف بـ”الفضيحة” عن مجزرة ناحية الرشاد في محافظة كركوك، التي وقعت في الرابع من شهر أيلول الجاري، والتي أدت لمقتل 15 منتسباً في الشرطة الاتحادية، وتضمنت معلومات تتعلق بانتقام مرتبط بجريمة اغتصاب، وليس بهجوم نفذه تنظيم داعش كما أعلنته السلطات الأمنية العراقية رسمياً.

إفادات أمنية

وذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن “التحقيقات التي أجريت بناء على مقابلات مع عناصر امنية ومسؤولين ميدانيين في محافظة كركوك وبغداد، تناقض الرواية الرسمية المعلنة بأن عناصر الموقع الأمني تعرضوا لهجوم من داعش، وأنهم قتلوا بعدما نفدت ذخيرتهم أثناء المعركة”.

وأوضح الموقع البريطاني، أن “عملية تغطية جرت من جانب ضباط القوات الأمنية والعسكرية لإخفاء ما حدث فعلا في تلك الليلة، وإلقاء المسؤولية على داعش، بينما تظهر المعلومات ان الهجوم نفذه قرويون أرادوا الانتقام بسبب حادثة اغتصاب من جانب ضابطي شرطة متمركزين في الموقع الأمني”.

وأشار التقرير، إلى أن “المعلومات التي تحدثت عن مقتل عناصر القوات الأمنية خلال معركة بالأسلحة النارية، ليست صحيحة، حيث أظهرت تسجيلات مصورة أن العناصر التسعة الذين قتلوا بداية الأمر، كانوا جميعا نائمين”.

ونقل الموقع، عن ضباط يشاركون في التحقيقات، قولهم إن “أي عنصر حراسة في الموقع لم يعلن عن وقوع الهجوم او طلب ارسال تعزيزات، وعندما وصل المحققون إلى الموقع في اليوم التالي، قالوا إنهم وجدوا صناديق الذخيرة من دون ان تمس”.

وقال ضابط في الشرطة إن “تسجيلات الكاميرات الحرارية تظهر ان العناصر التسعة كانوا نائمين عندما وقع الهجوم”، مشيرا الى ان العنصر المكلف بمراقبة مشاهد الكاميرات الحرارية من موقع آخر، كان هو نائما ايضا عندما وقع الهجوم”.

وأضاف “رجالنا قتلوا بسبب الإهمال والتهور وليس بسبب نقص الذخيرة”.

ونقل التقرير أيضاً عن مصادر مطلعة على الصور التي التقطتها الكاميرات الحرارية، أن “الهجوم نفذه ستة رجال مسلحين اقتربوا من الموقع مشيا على الأقدام”.

وذكر التقرير أن “الإبلاغ عن الهجوم تم من خلال الشرطة على بعد كيلومترات عدة لفت انتباهها صوت طلقات الرصاص، وعندها ارسلت الفرقة الخامسة قوة مساندة تم استهدافها بعبوات متفجرة على بعد كيلومترين من الموقع المستهدف، ما تسبب في مقتل ثلاثة عناصر من الشرطة وجرح ستة آخرين، ثم تم إرسال قوة مساندة جديدة، استهدفت هي الأخرى بعبوة ناسفة، لكن لم تقع إصابات، وبرغم ذلك فإن قائد القوة قرر العودة بأدراجه إلى قاعدته”.

وأشار التقرير إلى أن “التحقيقات لم تتوصل حتى الآن ما اذا كانت العبوات الناسفة مرتبطة مباشرة بالهجوم على الموقع الأمني”، وعادة ما يقوم عناصر تنظيم داعش بزرع عبوات متفجرة على الطرقات التي تستخدمها القوات الامنية خاصة في المناطق النائية حول ناحية الرشاد.

لكن بحسب المصادر، فإن كل من كان في الموقع الأمني المستهدف، كان قد قتل بحلول ذلك الوقت”، وفقاً للموقع البريطاني.

جريمة اغتصاب

وبحسب الموقع، فقبل ثلاثة أيام من وقوع الهجوم، كانت فتاة بعمر المراهقة ترعى الماشية في مكان مجاور للموقع الأمني في ناحية الرشاد، لاحظها عنصران من حراسة الموقع وهي لوحدها والمنطقة خالية، فأجبروها على مرافقتهما وتناوبا على اغتصابها.

وعن هذه الحادثة، أبلغ ضابط بارز في الشرطة موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن “الذين نفذوا الهجوم على الموقع الأمني هم من القرية، وهو أشقاء وأبناء عمومة الفتاة، وتوصل المحققون إلى أن المهاجمين علموا بهويتي الشرطيين الذين كانا يبحثون عنهما، بالإضافة إلى اثنين آخرين اتهموهما بالتستر على الجريمة”.

وأشار التقرير، إلى أن “أربعة جرى عزلهم داخل غرفة نوم موقع الحراسة عن عناصر الشرطة الخمسة الآخرين الذين تم إيقاظهم وأجبروهم تحت تهديد السلاح على الخروج الى الفناء بالخارج”.

وحشية الرد

وقال ضابط شرطة يشارك في التحقيقات، للموقع البريطاني “ما شاهدناه كان مروعا ووحشيا.. حاول المهاجمون محاكاة أسلوب داعش، لكنهم لم ينجحوا تماما”.

وتحدثت مصادر للموقع البريطاني، أنه “جرى قطع راس عنصري الشرطة اللذين اعتديا على الفتاة في سريرهما، كما جرى تقطيع أعضائهما التناسلية، وكذلك قتل عنصري الشرطة اللذين اتهما بالتستر على واقعة الاغتصاب حيث كانا نائمين، وتم تحطيم رأس أحدهما بحجر.

ويعتقد المحققون أن “المهاجمين لم تكن نيتهم قتل عناصر الشرطة الخمسة المتبقين”، موضحين أن “الأمور خرجت عن السيطرة، وأن أحد المهاجمين انتابه الغضب وأطلق النار ليقتلهم جميعا”.

وعلم الموقع البريطاني، أن “قوات الأمن قامت بمداهمة قرية المهاجمين بعد بضعة أيام، لكن جميع الرجال المشتبه بتورطهم كانوا قد فروا”، كما أن الفتاة وعائلتها قرروا عدم تقديم شكوى ضد الشرطة”.

وبعد هذا الهجوم، أصدرت قيادة الفرقة الخامسة وقيادة العمليات المشتركة أوامر بتحميل المسؤولية عن الهجوم لتنظيم داعش، وذلك وفق ما اشار اليه ضباط في بغداد وكركوك للموقع البريطاني.

رد عسكري خجول

وعلم الموقع البريطاني أيضا، أن “العديد من المتورطين في الرد الفاشل على الهجوم هم الآن قيد الاحتجاز العسكري في بغداد”.

وبحسب المعلومات، فإن الشرطي المسؤول عن الكاميرا الحرارية جرى اتهامه بالإهمال، فيما يواجه قائد الفوج الثاني ورئيس أركان الفرقة الخامسة ونائب القائد العام الذي قاد قوة الدعم الثانية التي انسحبت، اتهامات تتعلق “بعدم قدرتهم على توصيل الدعم الى الموقع الذي يتعرض للهجوم في الوقت المناسب.

وأشار الموقع إلى أن الشرطة الاتحادية لم تعترف حتى الان بمزاعم الاغتصاب ضد عناصرها، مضيفا ان “التحقيقات ماتزال جارية تحت إشراف جهاز المخابرات ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، لكن مصادر قالت ان الاعتراف العلني ليس مرجحا.

واعتبر الموقع، أن هذا الهجوم سلط الضوء على المخاوف بشأن الكفاءة المهنية والروح المعنوية لقوات الشرطة الاتحادية التي بعد سنوات من القتال ضد داعش، لم يتم خلالها تعويض الخسائر في القوة البشرية والمعدات بشكل كاف، وهو ما أدى في ظل توسيع مدى انتشار قواتهم، إلى ما بعد نقطة الانهيار.

ونقل التقرير عن أحد كبار الضباط قوله إن “بعض قادة الفرق اضطروا الى إنفاق الأموال المخصصة للطعام على الوقود بدلا من القيام بدوريات، وان العمليات الامنية تعرضت للخطر أيضا بسبب نقص الاموال من اجل تجنيد عملاء المخابرات، لكن شكواه الى وزارة الداخلية لم تلق آذانا صاغية”.

النوم يقتل المنتسبين

وقال أحد قادة الشرطة “رجالنا مرهقون لقد انتقلوا من معركة الى اخرى منذ سنوات. نحن جميعا في موقع دفاعي الآن. كل شيء يبدو قاتلا بالنسبة لنا”.

وأشار الموقع إلى أن “بعد أيام قليلة من الهجوم الدموي على موقع الحراسة، قام قائد الفرقة الخامسة اللواء حيدر يوسف المطوري بعملية تفتيش مفاجئة في منتصف الليل لعشرات نقاط الحراسة قرب الرشاد”.

ونوه ضباط، إلى أن اللواء المطوري “وجد ان معظم من يفترض انهم في الخدمة، كانوا إما نائمين أو مشتتين بسبب هواتفهم المحمولة”.

وقال ضابط شرطة كبير في المنطقة إن “النوم هو الذي يقتل رجالي، واحدا تلو الآخر، بعضهم لم يشعر بوصول القائد حتى أخرجوه من سريره”.