سلط الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست” الضوء على التغيير الأخير الطارئ على السياسة الخارجية لدولة الإمارات، مؤكدا أن ولي عهد البلاد “محمد بن زايد” وحاكمها الفعلي يحاول تقييم سياسته الخارجية الكارثية لتعديلها كي تناسب الشرق الأوسط الجديد الذي تغيرت تحالفاته مؤخرا.

جاء ذلك في تحليل مطول نشره الكاتب في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، استشهد فيه بالتغيير الطارئ في المواقف الإماراتية من أعدائها وحلفائها على حد سواء.

وقال “هيرست” إن كبار المسؤولين الإماراتيين يزعمون أنهم يجرون “إعادة تقييم استراتيجية” للسياسة الخارجية لبلادهم.

وذكر أن هذا الأمر بدأ مع بداية تولي الرئيس الأمريكي الديمقراطي “جو بايدن” منصبه خلفا للجمهوري “دونالد ترامب” الحليف المقرب من أبوظبي.

وأضافت إلى أن الإماراتيين أشاروا إلى سمتين من سمات علاقتها المتغيرة مع واشنطن منذ وصول إدارة “بايدن”: الأولى كانت رسالة متسقة من الإدارة الأمريكية الجديدة لـ”تهدئة” التوترات في الشرق الأوسط، والثانية هو عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ولفت الكاتب إلي أن سقوط أفغانستان بيد “طالبان” تسبب في حدوث زلزال في منطقة الخليج حيث بدأت تتصدع التحالفات التي بدت قبل عام واحد فقط وكأنها قائمة على خرسانة.

وأضاف “هيرست” أن الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان محسوسا به في الرياض وأبوظبي وتل أبيب كما حدث في كابل، مشيرا إلى أن أوضح علامة على التأرجح في السياسة الخارجية لأبوظبي تتمثل في عودة العلاقات مع تركيا وقطر وتوترها مع السعودية.

واستشهد الكاتب بزياراتي “طحنون بن زايد”، شقيق ولي عهد أبوظبي لكل من أنقرة والدوحة لإصلاح العلاقات.

 

 

وزعم الكاتب أن ولي عهد أبوظبي عرض على الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” استثمارات تزيد عن 10 مليارات دولار، وبحسب ما ورد تجري شركة الشحن “أرامكس” ومقرها دبي محادثات لشراء شركة التوصيل التركية MNG Kargo.

ولفت الكاتب ان “أردوغان” يقابل التقرب الإماراتي بالحذر، ومؤسسة السياسة الخارجية في تركيا متشككة، وكلاهما لديه أسباب وجيهة.

وعقب أن الإمارات متهمة بتمويل محاولة الانقلاب الفاشلة ضد “أردوغان” في 15 يوليو/تموز 2016، وتتنافس على النفوذ مع تركيا في سوريا واليمن وليبيا والقرن الأفريقي ومصر وتونس.

وذكر الكاتب أن تركيا لطالما كانت الطرف المتلقي لنتائج الكثير من التآمر الإماراتي في تلك البلدان.

ورجح الكاتب أن محاولة التقييم للسياسية الخارجية الإماراتية مدفوعة ببرجماتية “بن زايد” بالمقام الأول، وليس بسبب حدوث تغيير جوهري، ولهذا فإن المتشككين والحذرين في أنقرة محقون.

وعلى الجانب الآخر؛ أشار الكاتب إلى أنه من الواضح أن هناك فتورا بين أبوظبي والرياض في الوقت الحالي.

واستشهد بإعلان السعودية مؤخرا عن سلسلة من التحركات لإضعاف أبوظبي، كان آخرها انسحاب قناة “العربية” وشركة إعلام “MBC” من دبي.

كما شددت السعودية على السلع المعفاة من الضرائب من منطقة التجارة الحرة الإماراتية، فضلا عن الإصرار على أن تتخذ الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات مقارها في الرياض بدلا من دبي.

 

 

وفي نقطة أخري، قال الكاتب إن إعادة تقييم السياسات الخارجية يشمل أيضا اتفاق تطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، مشيرا إلى أنه بعد عام واحد، فقدت معاهدة التطبيع بريقها.

وأشار إلى أنه ثمة عيبان أساسيان في هذه الاتفاقيات، أولا أن الإمارتين اعتمدوا على القادة الأفراد –وليس الدول– الذين اجتمعوا في البداية سراً كسائقيهم.

هذا يعني أنه عندما تمت إزالة لاعبين رئيسيين من الصورة –ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو– فقد المشروع نفسه رعايته وزخمه.

كانت المشكلة الأخرى أنها كانت كلها تتعلق بالعلاقة بين دول المنطقة والولايات المتحدة. ولم تتطرقوا إلى المشاكل الأساسية للعلاقات بين الفاعلين الإقليميين الرئيسيين أنفسهم.

كان دافع الإمارات للاقتراب من إسرائيل هو تعزيز علاقتها بواشنطن، كان الاعتراف بإسرائيل دائما وسيلة لتحقيق غاية وليس غاية في حد ذاتها.

وختم الكاتب قائلا: “يجب أن يكون قرار محمد بن زايد بإعادة تقييم سياسته الخارجية حقيقيا وليس انحرافا مؤقتا، إنه محق في إعادة تقييم سياسته الخارجية..  لقد كانت كارثة، مضيعة كاملة لأمواله.. لقد أضعفت الدول التي كانت قوية في يوم من الأيام، مثل مصر، وتسببت في تدفقات هائلة من اللاجئين”.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات