“السعوديون محقون في الشعور بعدم الارتياح إزاء ما يعنيه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لأمن حكمهم”.. هكذا قدم المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط “هيو مايلز” خلاصة تقديره لانعكاسات تطورات الأوضاع في أفغانستان على السعودية بعدما عادت حركة طالبان إلى الحكم مجددا.

وذكر “مايلز”، في تقرير نشره بموقع “فير أوبزرفر” الأمريكي، أن آل سعود يواجهون الآن لحظة مقلقة بشأن أفغانستان، لأسباب ليس أقلها أن العائلة المالكة، مثل الحكومة الأفغانية السابقة، تعتمد على الولايات المتحدة في الحماية من الأعداء الخارجيين والتهديدات الداخلية.

واستشهد “مايلز” بتقدير لزميل الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس “كريستيان كوتس أولريتشسن”، أشار إلى أن الضمانات الأمنية الأمريكية طالما كانت موضع شك كبير منذ هجمات سبتمبر/أيلول 2019 على البنية التحتية النفطية السعودية، في إشارة إلى استهداف الحوثيين لمنشآت تابعة لشركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو”.

وأضاف “أولريتشسن” أن التخلي الأمريكي المفاجئ عن الشركاء في أفغانستان، له صدى قوي بين حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، ما جدد التشكيك في الدوافع الأمريكية والضمانات التي يمكن للولايات المتحدة تقديمها مستقبلا بشأن الأمن.

وفي هذا السياق يتوقع “نيل كويليام”، محلل شؤون الشرق الأوسط في “تشاتام هاوس”، أن تبدأ قيادة حركة طالبان حملة لتحدي شرعية آل سعود عبر مناشدة الشعب السعودي مباشرة تحدي لسلطة الأسرة الحاكمة بالمملكة.

وأوضح “كويليام”: أن “طبيعة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تثير قلق السعودية”، مشيرا إلى أن خطاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” حول الانسحاب، والذي أشار فيه إلى أن البقاء في أفغانستان لم يعد يمثل مصلحة حيوية، أرسل أيضًا موجات صادمة للقيادة السعودية”.

وتابع أن طالبان قد تنقلب على السعودية، كما يمكن للجماعات الجهادية العابرة للحدود الوطنية مثل القاعدة أن تهدد المملكة من أفغانستان مرة أخرى.

 

 

لكن هناك أسبابا قد تمكن ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، من الاستفادة من الوضع في أفغانستان، حسبما نقلت “رويترز” عن دبلوماسي أجنبي في الرياض، رجح أن تتخذ السعودية نهجا براجماتيا في هذا الشأن.

وقال الدبلوماسي: “للسعوديين علاقة تاريخية مع أفغانستان وسيتعين عليهم في النهاية قبول طالبان مرة أخرى.. ليس لديهم خيار آخر”.

ويعزز من هذا الترجيح أن طالبان باتجاه تشكيل علاقة مع الولايات المتحدة بالفعل، ففي عام 2019، قال “جلال الدين شينواري”، نائب وزير العدل السابق في الحركة، لصحيفة “نيويورك تايمز”: “ما نقوله للأمريكيين هو: لقد قبلتم المملكة العربية السعودية ، ونحن لن نفعل أكثر من تطبيق قانونها الأساسي: القصاص من القاتل، وقطع يد السارق. إذا قبلت السعودية فلماذا لا تقبلونا نحن أيضا؟”.

يمكن إذن لطالبان أن تحلم بعلاقة مع الولايات المتحدة شبيهة بتلك التي يتمتع بها السعوديون، حسبما يشير “مايلز”، ومع ذلك فإن هذه علاقة الولايات المتحددة بالسعودية تظل مختلفة تمامًا عن تلك التي تربطها بأفغانستان.

فالولايات المتحدة لن تنسحب أبدًا من السعودية كما فعلت في أفغانستان، ليس فقط بسبب الثروة النفطية، وليس فقط لضمان أمن إسرائيل، إذ ترغب واشنطن وحلفائها الغربيين بالتأكيد في العمل مع أي نظام عربي يكون مستعدًا للاعتراف رسميًا بإسرائيل، خاصة السعودية، بل أيضا لأن انسحاب الولايات المتحدة يعني عواقب لا يمكن تصورها لفقدان السيطرة السعودية على الحرمين الشريفين في مكة والمدينة لصالح القاعدة أو حركة جهادية أخرى.

وهذا هو سبب بقاء دعم الولايات المتحدة للسعوديين قوياً رغم الهواجس والشكوك من كلا الجانبين، بحسب تقدير “مايلز”.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات