باريس- “القدس العربي” :
تحت عنوان: “لبنان سفينة تائهة بلا ربان”، قال موقع أورويون 21 OrientXXI الفرنسي إن بعد نحو عامين لم نعد نعرف أي معجم هو الأنسب لوصف الأزمة الطويلة للبنان: انهيار أو سقوط أو ذهاب إلى الهاوية أو انتحار أو تدمير للنفس أو حتى اختفاء.
كاتب المقال هنري معمارباشي، وهو مراسل سابق لوكالة فرانس برس، ومدير سابق لفرع الوكالة في بيروت والرباط، قال إن لبنان يغوص أكثر فأكثر في أزمة تعود مسؤوليتها لحد كبير إلى قادته الغارقين في معارك سياسية دنيئة، غير مبالين بالمشهد البائس الذي يعرضونه للعالم وبسوء أحوال سكانه سواء كانوا من الفقراء أو من الطبقة المتوسطة.
يُترك اللبنانيون لمصيرهم مع اندلاع أزمة اجتماعية-اقتصادية (ثورة في الشوارع، إفلاس مالي)، محرومين من الكهرباء والبنزين وزيت الوقود. كما تشهد الأسعار ارتفاعا كبيرا ويُسجّل نقص في الأدوية وتعاني المستشفيات من الندرة. وبالتالي، يتواصل نزيف السكان نحو أراض أكثر رحمة.
وأضاف الكاتب أنه في لبنان الذي يقبع تحت تأثير خارجي قوي، لم تستطع لا الزيارتان اللتان قام بهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا الاهتمام الذي أبدته العديد من البلدان، ولا صرخات تحذير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تحريك “الحمار اللبناني”، كما صار الناس يسمون النومنكلاتورا التي تسيء إليهم. لأن هذا الحمار أصبح كائنا هجينا كأنه خرج من كتاب الأساطير، ولكنه أصبح حقيقيا مع مرور الزمن.
بين طهران وواشنطن
هل يمكن ألا يتهاوى هذا الهرم؟ هل سبق وأن شوهد هذا النوع من فقدان المعنى والمسؤولية؟ من دون شك الإجابة هي لا، باستثناء بعض البلدان المدمنة على الفساد والتي تستمر في العيش كيفما اتفق. هل من المحكوم على لبنان الالتحاق بهذه البلدان المنبوذة؟ يتساءل الكاتب.
يشير الكاتب إلى أن جماعة حزب الله اللبنانية تريد أن يلجأ لبنان إلى إيران (وإلى آسيا بشكل عام) لتطوير علاقاتها التجارية المتوجهة تاريخيا نحو البلدان الغربية. ولكن ماذا يُنتظر من مسؤولين منقسمين بخصوص كل شيء تقريبا. إذ ندّد رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بتصريحات زعيم التيار الشيعي معتبرا أنها تنال من “سيادة” لبنان. ويعدّ هذا فصلا من المضحكات المبكيات، يوضح الكاتب.
أما الأمريكان فقد فتحوا قبل بضع سنوات ورشة بناء كبيرة ستأوي سفارتهم الجديدة على قطعة أرض مساحتها 174 ألف متر مربع، على جبل مطل على البحر شمال بيروت. ومن المنتظر أن ينتهي بناء هذا المجمع الدبلوماسي ذي المظهر المستقبلي في 2023.
وستصبح هذه السفارة الأمريكية الأكبر في المنطقة بعد سفارة بغداد، وفق مصمميها. يسمح هذا المثال بالتخمين بخصوص نوايا الأمريكيين في لبنان والمنطقة على الرغم من إخفاقاتهم المريرة مؤخرا. هل يبقى لبنان، المُسلَّم لهؤلاء ولغيرهم (سوريا ليست ببعيدة وإسرائيل تراقب)، والذي تخلى عنه قادته الحاليون، ملعونا إلى الأبد؟ يتساءل هنري معمارباشي.