دعا لإسقاط النظام ووجّه نداءً لرفاق السّلاح.. ضابط “مارينز” أمريكي يُوجِّه انتقادات علنيّة نادرة ويُسائِل وزير دفاعه حول الهزيمة أمام “طالبان” وقرار الانسحاب “الفوضوي” فهل هُناك غضب ساكن في الجيش الأمريكي؟.. تهديدات وصلته و”اليمين” يصفه بالبطل و66 ألف مُشاركة كيف كشفت شُعور المُواطنين الأمريكيين بمرارة الهزيمة؟

عمان- “رأي اليوم”  :

قد تكون حركة “طالبان” قد حسمت أمر سيطرتها على أفغانستان بالكامل، وحسمت أيضاً معه الجدل الذي تصدّر عناوين الصحافة والإعلام حول اتفاق ما بينها، وبين الولايات المتحدة الأمريكيّة، فالأخيرة وجّهت لها الانتقادات على جميع الأصعدة، وفقد الحُلفاء الأوروبيون ثقتهم بها، الأمر الذي ضاعف من مخاوف عودة حركة طالبان إلى ماضيها، وتبنّيها ضرب المصالح الأمريكيّة، أو ما يصفه الغرب بالإرهاب، ولعلّ إغلاق السفارة الأمريكيّة في كابول، وإتمام الانسحاب في موعده 31 / أغسطس، وتركها لأسلحة تُقدّر بالمليارات، لهو أكبر دليل على تسجيل طالبان هدفاً قاتلاً في مرمى الدولة العظمى، وهيبتها أمام العالم.

أن تسقط الولايات المتحدة الأمريكيّة بنظامها الحالي، من خلال بوّابة أفغانستان، قد يستبعده المُغترّون بقُوّة أمريكا، ولكن يبدو أنّ الصوت القادم من داخلها، قد يشرح ربّما مدى فداحة الخسارة الأمريكيّة، وليس أفضل من أن يُسجّل ذلك النقد، على لسان ضباط الجيش الأمريكي، في مشهدٍ نادر، ولم يسبق أن حدث على الملأ على الأقل.

ضابط في البحريّة الأمريكيّة “المارينز” صدم بلاده، ونظامها، حينما تجرّأ ووجّه انتقادات إلى قياداته العسكريّة، والمدنيّة، على خلفيّة ما وصفه بالانسحاب الفوضوي من أفغانستان، وهو انتقاد نشرته وسائل إعلام أمريكيّة، وجّهه الضابط خلال مقطع فيديو نقدي غير مسبوق.

وخلال المقطع، قدّم الضابط المقدم المدعو ستيورات ب.شيلر استقالته، كما دعا إلى إسقاط النظام، وهو مشهد شبيه بتلك المشاهد التي تتبنّاها الولايات المتحدة الأمريكيّة ضدّ الأنظمة المُعادية لسياساتها الاحتلاليّة في المنطقة مع ضباط جيوش يرغبون بالانشقاق ضد مصالح أوطانهم، وفرضها في المُقابل التبعيّة على حُلفائها، والتخلّي عنهم، أو هُروبهم بعد انسحابها كما فعل حليفها الهارب إلى الإمارات الرئيس الأفغاني الفارّ أشرف غني.

المشهد الذي أقدم عليه الضابط، هو بمثابة “انشقاق” عن جيش بلاده، وليس فقط استقالة، فالرجل لم يكتف بالاستقالة اعتراضاً على انسحاب بلاده الفوضوي من أفغانستان، بل طالب بإسقاط السلطة المدنيّة في بلاده، وهي مُطالبة نادرة ولافتة من عسكري “قضى 17 عاماً من حياته في الخدمة العسكريّة”، وفعلته تلك وجدت إشادةً من اليمين المُتطرّف وجمهوريين، لا بل وصفه البعض بالبطل القومي.

الضابط شيلر استعان بحسابه على “الفيسبوك”، وقال في المقطع مُوجّهاً انتقادات لقيادته العسكريّة: “القيادة العسكرية العُليا لم تتعرّض لأية مساءلة بسبب ما فعلته في أفغانستان. صحيح أن أحداً لم يطلب منها البقاء هناك إلى الأبد، لكن كيف ولماذا يتم إخلاء قاعدة باغرام الاستراتيجية بهذه السرعة ولصالح من؟”.

وهاجم الضابط وهو يرتدي بزّته العسكريّة وزير الدفاع الأمريكي قائلاً: “إن وزير دفاعنا، لويد أوستن، شهد أمام الكونجرس في شهر مايو الماضي بأن القوات الأفغانية يمكن أن تصمد أمام تقدم طالبان”. وأضاف: “لدينا رؤساء هيئة الأركان المشتركة، الذين من المفترض أن يقدموا المشورة بشأن السياسة العسكرية، لكن لا شيء حدث”.

وفي فيديو آخر أكثر جُرأةً، أعلن الضابط شيلر ما اعتبره البعض تمرّدًا، دعا فيه رفاق السلاح إلى مُقاومة السيطرة المدنيّة، وإسقاط النظام بأكمله، وهو ما فتح المجال أمام مخاوف من وجود حالة سخط صامتة بين أفراد وعناصر الجيش الأمريكي، الناقمين على إدارة الرئيس جو بايدن، وقراره المُفاجئ بالانسحاب من أفغانستان، تدفع باتجاه تساؤلات إمكانيّة تكرّر مشهد الانتقاد والاستقالة العلني، أو حالة أكبر تصل لانشقاق وتمرّد على القيادات الكبيرة داخل الجيش الأمريكي.

ويبدو أنّ مقطع الفيديو الناقد هذا، كان له أثره الحاد على بعض الجهات في الدولة الأمريكيّة، فتعرّض الضابط لتهديدات هو وأسرته، دفعت به إلى طلب حراسة له، وعائلته خوفاً على حياتهم، وبعد انتقادات شيلر في المقطع، جرى إعفاءه من مهامه رسميّاً.

ستيفن روجر، عسكري سابق في البحريّة الأمريكيّة، غرّد من جهته مُتعاطفاً مع الضابط شيلر، وأكّد أنه يجب فصل كبار الضباط، وليس هذا البطل.

وعلى خلفيّة مقطع الفيديو، دعا نشطاء أمريكيّون إلى ضرورة تحرّك وغضب العديد من عناصر الجيش الأمريكي، على طريقة غضب الضابط شيلر، لمُحاسبة المسؤولين عن انسحاب فوضوي، كانت قد وصفته وكالة الأنباء الفرنسيّة بأنه مشهد انسحاب، ونهاية مُشينة لأطول حرب أمريكيّة.

بكُل الأحوال هذا المشهد الذي سجّله ضابط المارينز، لافت، وغير مألوف، فالمعروف أنّ الصّمت سمة يجب أن تُرافِق العسكري الأمريكي دون اعتراض، سيرًا على مبدأ حُدود العسكريّة، وانضباطها، لكن الضابط المذكور كسر ذلك العُرف، ووجّه انتقادات علنيّة على وسائل التواصل الاجتماعي لقيادات جيش بلاده، مُحقّقاً أكثر من 900 ألف مُشاهدة على “فيسبوك”، وأكثر من 66 ألف مُشاركة قابلة للزيادة، ليبدو أنّ الشارع الأمريكي على المنصّات هو الآخر يشعر بمرارة الهزيمة، وخيبة وهم انتصار الانسحاب من أفغانستان.

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

عقيد بريطاني يحذر إسرائيل من تهديد اليمن أكبر من “حماس” و”حزب الله”

RT : عقيد بريطاني يحذر إسرائيل من تهديد أكبر من “حماس” و”حزب الله” حذر العقيد …