لماذا قررت الحكومة العراقية عودة التجنيد الإلزامي بالجيش”خدمة العلم”؟

بعد ثمانية عشر عاما من قيام الحاكم العسكري الأمريكي “بول بريمر” بحل الجيش العراقي وإلغاء التجنيد الإلزامي عقب احتلال البلاد العام 2003، أقرت الحكومة العراقية قانونا بعودة “خدمة العلم”.

فما هى أهداف القرار وهل تعارضه المليشيات المسلحة ومن يحوزون السلاح المنفلت في العراق؟.

يرى مراقبون أن تلك الخطوة ضرورية لإعادة العقيدة العسكرية مجددا إلى الجيش العراقي وتعميق الانتماء لدى الشباب، بجانب تحجيم الدور الذي تقوم به الفصائل والمليشيات المسلحة التي تعد جيوشا منفصلة داخل البلاد، لكن تلك الخطوة سوف تقابلها الكثير من المعوقات والعقبات من جانب تلك المليشيات التي التي تريد البقاء على حالها وسيطرتها على البلاد وعلى القرار العراقي.

بداية يقول، ثائر البياتي، أمين سر جبهة الخلاص العراقي للحرية والسلام- أمين اتحاد القبائل العربية بالعراق، إن التجنيد الإلزامي هو خطوة مهمة للمشاركة المجتمعة، وبشكل خاص بالنسبة للشباب من أجل تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن وحس المشاركة في حمايته، علاوة على تقوية روابط أبناء الوطن من خلال حياة العسكرية وخدمة العلم ومساواة الجميع بهذه الخدمة. 

صعوبة تحقيقه

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك“، لكن هذا القرار من غير الممكن تحقيقه في ظل الوضع القائم، والفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية التي يعيشها العراق تحت حكم ليس له القدرة على التحكم بعنصر من المليشيات، أو موظف مرتبط بالأحزاب الكبيرة أو النظام الإيراني، بل هناك سبب أقوى يقف عائقا أمام تحقيق القرار، وهي المليشيات الولائية التي تعتبر المؤسسات الرسمية خطر عليها، إن تم تفعيل دورها بشكل حقيقي.

وأشار أمين سر جبهة الخلاص إلى أن مشكلة العراق كبيرة، وتحتاج إلى قرار دولي لإعادة ترتيب البيت العراقي، والفوضى التي خلقتها الإدارة الأمريكية في العراق من خلال احتلاله، وبناء عملية سياسية فاشلة، وتسليمه إلى إيران وأدواتها في الحكم والسلطة حتى وصلت البلاد إلى طريق مسدود، وأصبح الجميع ينتظر الانفجار المتوقع بأي لحظة والحرب الأهلية بين الشعب والأحزاب ومليشياتها.

الجيش والمليشيات

وأوضح البياتي، أن المؤسسة العسكرية تم إضعافها أمام قدرات المليشيات المتنامية، الأمر الذي تسبب في إحداث شرخ داخل المؤسسة بين ضباط تخرجوا من مؤسسات عسكرية وبين ضباط دمجو بالجيش والأجهزة الأمنية من قبل الأحزاب، وهذا أيضا ينذر بخطر الانفجار. 

واختتم البياتي بقوله، الخلاصة: أن الوضع في العراق مهيأ لانتفاضة كبرى تزيح كل ماهو موجود على الساحة، وهذا متوقع من خلال دراسات واقع الحال على الأرض وهوما يفكر به الجميع، وأصبح الرعب والخوف الذي تعيشه الطبقة السياسية واضح للعيان نتيجة للوضع الذي تعيشه البلاد.

وحدة الصف

بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، والسفير السابق بالخارجية العراقية، قيس النوري: أدركت السلطة الحاكمة مؤخرا أهمية المؤسسة العسكرية في بناء شخصية الشباب، بعد أن شاعت حالات الانفلات والضياع وسط هذه الشريحة الهامة في المجتمع، كون الانخراط في التدريب العسكري والمعنوي يساهم بشكل فاعل في صقل شخصية الشباب، مثلما يؤثر بشكل واضح في بناء لحمة وطنية تتجاوز الحالات المرضية، مثل الشعور الطائفي والمناطقي.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك“، كل ما يحدث اليوم وما هو سائد، عبارة عن نتاج طبيعي ومحصلة للسياسات والممارسات المقيتة التي تنتهجها وبشكل مقصود الأحزاب والكيانات الطائفية، التي ساهمت في تفتيت التجانس المجتمعي منذ الاحتلال الأميركي الإيراني المشترك للعراق، والذي استهدف بالأساس تمزيق الوحدة الوطنية المجتمعية. 

عقبات كثيرة

وتوقع النوري، أن يلاقي هذا القرار الكثير من العقبات لغرض تعطيله، و التي سوف تفتعلها القوى المتنفذة، كون هذا القرار في حالة تنفيذه سوف يتقاطع مع توجهات القوى الطائفية، التي تسعى للإبقاء على الحالة التي تعيشها اليوم من امتلاك و سيطرة على القوات المسلحة.

أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الثلاثاء الماضي إقرار خدمة العلم الإلزامية في البلاد لتكريس القيم الوطنية.

وقال الكاظمي عبر حسابه الشخصي في تويتر: “أنجزنا اليوم ما تعهدنا به منذ لحظة تسلمنا المسؤولية أمام شعبنا والتأريخ، بإقرار خدمة العلم التي ستكرس القيم الوطنية في أبنائنا”.

وأضاف رئيس الحكومة العراقية: “طرحنا مشروع صندوق الأجيال الذي سيحميهم من الاعتماد الكامل على النفط، ومعا سنمضي إلى الانتخابات المبكرة وفاء للوعد”. 

وأكد في نهاية تغريدته أن: “العراق خيارنا الوحيد”.

وقال مكتب الكاظمي في بيان، إن مجلس الوزراء وافق خلال جلسته الأسبوعية في بغداد على “مشروع قانون خدمة العلم، الذي دققه مجلس شورى الدولة، وإحالته إلى مجلس النواب، ومن المنتظر أن يناقشه المجلس “البرلمان” في جلساته المقبلة تمهيدا لإقراره.

وقد ألغيت الخدمة الإلزامية في العراق عام 2003 من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، ويعتمد العراق الآن على جنود متطوعين برواتب تعتبر أعلى من رواتب بعض الموظفين المدنيين.

وانطلقت شرارة الاحتجاجات العراقية في الأول من تشرين الأول/اكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها  للشعب العراقي.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : تهديد لأوروبا.. شولتس يحذر من تنامي نفوذ اليمين الشعبوي

DW : حذر المستشار أولاف شولتس خلال مؤتمر الاشتراكيين الأوروبيين من تعاظم نفوذ اليمينيين الشعبويين …

اترك تعليقاً