"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

غسيل الارهاب … بعد فشل الاخوان احلال المرجعية الطالبانية في العالم الاسلامي محل المرجعية الاخوانية

 الوكالة نيوز :

غسيل الإرهاب.. التنظيمات المتطرفة تراجع أفكارها عقب سيطرة طالبان علي أفغانستان جبهة النصرة والقاعدة يرسمان مسار جديد للخطاب السياسي.. غزل لـ واشنطن والغرب علي غرار النموذج الطالباني

 محمد السيد :

لـم يكـن نجـاح حركـة طالبـان فـي السـيطرة علـى الحكـم فـي أفغانسـتان بعد سـاعات من بداية انسـحاب القوات الأمريكية من أفغانسـتان،إلا انعكاس لسياسة إعادة التموضع التي تبنتها فـي الفتـرة الماضيـة، وتمثلـت أهـم معالمهـا فـي المفاوضـات التـي أجرتهـا الحركـة مـع الولايـات المتحـدة الأمريكيـة وانتهت بالوصـول إلـى اتفـاق سـام فـي فبرايـر 2020 ، وهنـا، فـإن تداعيـات ذلـك قـد لا تقتصـر على الترتيبـات السياسـية والأمنية التـي يجـري العمـل علـى إعـادة صياغتهـا فـي أفغانسـتان بنـا ًء علـى المعطيـات الجديـدة التـي فرضتهـا سـيطرة طالبـان علـى الســلطة، وإنمــا ســتفرض ارتــدادات محتملــة فــي المنطقــة العربيـة، خاصـة أن بعـض التنظيمـات الإرهابيـة بـدأت -حتـى قبـل سـيطرة طالبـان علـى السـلطة- فـي تبني سياسـة مشـابهة لتلـك التـي اتبعتهـا الأخيـرة، كمسـار جديـد فـي عمليـة التمكيـن والاســتحواذ، عبــر الترويــج لخطابهــا السياســي، وأجندتهــا المحليـة، والسـعي لفتـح قنـوات اتصـال مع الـدول الغربيـة، مع محاولـة نفـي صفـة الإرهـاب من خـلال اسـتبعاد آلية اسـتهداف المصالح الامريكية والغربية بشكل عام .

التنظيمات المتطرفة تعيد حساباتها عقب سيطرة طالبان علي أفغانستان .. مرحلة غسيل الإرهاب

ووفقاً للتحليل الاستراتيجي الصادر خلال الساعات القليلة المنقضية عن مركز العالم العربي للدراسات والابحاث المتقدمة فإنه هناك تحركات متوازية حيث اتخـذت بعـض التنظيمـات الإرهابيـة فـي المنطقـة خطـوات عديـدة تفيـد بأنهـا تتجـه إلـى تبني السياسـة نفسـها التـي اتبعتهـا حركـة طالبـان، ويتمثـل أبرزهـا في ” هيئـة تحريـرالشـام في سوريا [ النصرة سابقاً ]  ، وتنظيـم القاعـدة فـي بـلاد المغـرب الإسـلامي ” .

 1 هيئـة تحريـرالشـام

سعت هيئة تحرير الشام في سوريا ” جبهة النصرة سابقاً ” التي نظمت في 17 اغسطس الجاري مسيرات في محافظة إدلب السورية دعماً لحركة طالبان ورفعت فيها اعلامها واعلام الحركة إلـى العمـل علـي تحسـين صورتهـا أمام الـدول الغربيـة، عبر محاولـة تقديم نفسـها كفصيـل مسـلح معـارض لـه خلفيـة دينيـة وليس جماعـة إرهابيـة، مع الترويـج لأن هناك قواسـم مشـتركة يمكـن أن تجمـع التنظيم والـدول الغربية .

فعلـى سـبيل المثـال، نشـر موقـع “FRONT LINE”، فـي 2 أبريـل 2021، نـص الحـوار الـذي اجري قبل ذلك بشهرين وتحديداً في 2 فبراير من العام نفسه بين الصحفي الامريكي مارتن سميث وقائد التنظيم محمد الجولاني الذي يحرص علي الظهور في اللقاء بزي مختلف عن الـزي الدينـي أو العسـكري الـذي كان دائـم الظهـور بـه منـذ نشـأة التنظيـم الإرهابـي فـي ينايـر 2012، وهـو مـا فسـرته اتجاهـات عديـدة بأنـه محاولـة للترويـج لحملـة جديـدة هدفهـا إقنـاع الـدول الغربيـة بأن الأجنـدة التـي يتبناهـا التنظيـم منفصلـة عـن تلـك التـي تسـعى إليهـا التنظيمـات الإرهابيـة الأخرى .

لكن الجولاني لم يكتف بالاشارة الرمزية التي يطرحها زيه في الحوار وانما سعي خلاله الي توجيه رسائل عديدة للدول الغربية مفادها ان الاجندة التي يتبناها التنظيم لا تشكل تهديداً للمصالح الغربية بـل إنهـا تعكـس وجـود قواسـم مشـتركة بيـن الطرفيـن ، ففـي هـذا السـياق، قـال الجولانـي  : ” إن الـدور الـذي يقـوم بـه التنظيـم فـي محاربـة نظـام الأسـد وتنظيـم داعـش والسـيطرة على المنطقـة التي يقطـن بهـا ماييـن النازحيـن الذيـن مـن الممكـن أن يصبحـوا لاجئيـن عكـس المصالـح المشـتركة مـع الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية ، مضيفاً ان هيئة تحرير الشام لا تشكل تهديداً للولايات المتحـدة الأمريكيـة، ويجـب علـى حكومتهـا أن ترفع اسـمها من قائمة التنظيمـات الإرهابيـة “.

وفي رده علي تساؤلات المحاور حول الانتهاكات التي يتعرض لها نشطاء وصحفيون في السجون التابعة للهيئة كان لافتاً ان الجولاني يعرض السماح للمنطمات الدولية المعنية بحقوق الانسان بزيارة تلك السـجون والتحقـق مـن تلـك الاتهامـات، بعـد أن أشـار إلـى أن الأشـخاص المقبـوض عليهـم هـم مـن ” أتبـاع النظـام أو روسـيا أو داعـش “، وهـم الأطـراف الثلاثـة المعـادون للولايـات المتحـدة الأمريكيـة والـدول الغربيـة في سـوريا .

التنظيمات المتطرفة تعيد حساباتها عقب سيطرة طالبان علي أفغانستان .. مرحلة غسيل الإرهاب

وبالتـوازي مـع ذلـك، بـدأت الحركـة فـي شـن حملـة هدفهـا الأساسـي التأكيد علـى طابعها المحلـي، في إشـارة إلـى أنهـا تختلـف عـن التنظيمـات الإرهابيـة العابـرة للحـدود، خاصة تنظيمـي القاعـدة وداعش، حيـث أكـدت أكثـر مـن مـرة علـى أن مهمتهـا تتركـز حـول مواجهـة التدخـات الخارجية، لا سـيما من جانـب إيـران التـي اتهمتهـا بدعـم أجنـدات أطراف أخرى لا سـيما تركيـا والولايات المتحـدة الأمريكية.

2 تنظيـم القاعـدة فـي بـلاد المغـرب الإسـلامي

مـع نجـاح المفاوضـات بين حركـة طالبـان والولايات المتحـدة الأمريكيـة، قـام تنظيـم القاعـدة فـي بـلاد المغـرب الإسـلامي بإعـادة تغييـر خطابـه الإعلامي ، ليكـون بـدوره أقـرب إلـى خطـاب “جماعـة تمـرد مسـلح ” ، حيـث أصدر فـي بدايـة فبرايـر 2021، بياًنا بمناسـبة مـرور عاميـن علـى انـدلاع الثـورة فـي الجزائـر ضـد الرئيـس السـابق عبدالعزيـز بوتفليقـة، واسـتخدم فيـه مفـردات سياسـية جديـدة، علـى غـرار “دعـم التحـركات الشـعبية السـلمية فـي مواجهـة الأنظمـة”، و”سـيادة الشـعب”، وهـو المفهـوم الذي لا تتبناه التنظيمـات الإرهابية، باعتبـار أنه يتعارض كليـة مـع التوجهـات العامـة التـي تتبناهـا، وهـو مـا اعتبرتـه اتجاهـات عديدة بمثابـة محاولة مـن جانب التنظيـم لاحتـواء الضغـوط التـي يتعـرض لها والاتهامـات التي توجه لـه باعتباره أحد الأفرع الرئيسـية لتنظيـم القاعدة .

واكد تقرير مركز العالم العربي للدراسات والابحاث المتقدمة ان أهداف عديدة لتلك التحولات مشدداً في تحليلة الاستراتيجي علي ان تلـك التنظيمـات الارهابية تستهدف تحقيـق الكثير من الأهـداف العديـدة وذاك عبـر اتبـاع هـذه السياسـة التي اشبه الي حد كبير سياسة غسيل الوجوه أو الجرائم ، وهـو مـا يمكـن تناولـه علـى النحـو التالـي :

 1 الانخـراط فـي العمليـة السياسـية

تحـاول بعـض التنظيمـات الإرهابيـة فـي المنطقـة تبنـي المسـار ” الطالبانـي ” عبـر التحـول إلـى فاعـل سياسـي رئيسـي، لا سـيما داخـل الدول التـي تمثل محـاور ارتكاز للتنظيـم، بهدف تعزيز فرص مشاركتها في اية مفاوضات محتملة قد تعقد لحل الازمة السياسية القائمـة، وهـو مـا يمكـن ملاحظته مـن قبـل هيئـة تحريـر الشـام التـي تسـعى إلـى إقنـاع الـدول الغربية بأنهـا يمكـن أن تتحـول إلـى أحـد الفاعليـن فـي المشـهد السـوري، بمـا يعنـي أنهـا تريـد اسـتقطاب دعـم تلـك الـدول للمشـاركة فـي أيـة ترتيبـات سياسـية قد يجـري العمل علـى صياغتها فـي المرحلة القادمة.

2 رفع التصنيف كجماعة إرهابية

تعتبر أغلب التنظيمات الإرهابية والمليشـيات المسـلحة المتطرفة َّ بالإقليـم مصنفة علي قوائم الارهاب الدولي سواء من قبل الولايات المتحدة الامريكية او من جانـب دول الاتحـاد الأوروبـي ومـن هنـا، فإنهـا تـرى أن تبنـي خطـاب إعامـي وسياسـي جديـد يمكن أن يسـاعد علـى رفـع بعضهـا مـن تلـك القوائـم، ومـن ثـم توسـيع هامـش الحركـة المتـاح أمـام قياداتهـا للتعامـل مـع التطـورات السياسية التي تشهدها بعض دول الازمات .

3 إعـادة بنـاء الصـورة الذهنيـة المجتمعيـة

تدعـي التنظيمـات المتطرفـة تغييـر بعـض المفاهيـم
والمنطلقـات العقائديـة مـن أجـل عـادة بنـاء صـورة مجتمعيـة مغايـرة عـن الصـورة النمطيـة المقترنـة بالارهاب وهو هدف يمكن ان يساعد وفقاً لرؤية قياداتها في إعادة بناء قاعدة شعبية جديدة تسـاعدها فـي التحـول إلـى طـرف فـي المشـهد السياسـي مسـتقبلاً .

4 سـهولة تلقـي التمويـلات والتبرعـات

فـرض اتجـاه العديـد مـن القـوى الإقليميـة والدوليـة إلـى اتخـاذ إجـراءات مشـددة لمحاصـرة عمليـات تحويـل الأمـوال لجماعـات وتنظيمـات إرهابيـة، ووقـف نشاط العديد من الجمعيات الاهلية والخيرية والتي كانت مصدراً رئيسياً لدعم أنشطة بعض هذه الجماعات ، تداعيـات قويـة عليهـا، حيـث تسـبب ذلـك فـي تراجـع العديـد من أنشـطتها بشـكل حـاد، بما فيهـا القـدرة علـى دفـع الرواتـب للعناصـر الإرهابيـة التابعـة لهـا، علـى نحـو يمكـن أن يدفـع بعضهـم لانشـقاق عنهـا ، ومـن هنـا فإنهـا قـد تـرى أن الاقتـراب مـن المسـار ” الطالبانـي ” يمكـن أن يسـاعد بشـكل كبيـر فـي تعزيـز مصـادر تمويلهـا خـلال المرحلـة القادمـة .

التنظيمات المتطرفة تعيد حساباتها عقب سيطرة طالبان علي أفغانستان .. مرحلة غسيل الإرهاب

فـي النهايـة، يمكـن القـول إن سـيطرة حركـة طالبـان علـى السـلطة فـي أفغانسـتان سـوف تفـرض تأثيـرات مباشـرة علـى بعـض دول المنطقـة، لا سـيما التـي تتواجـد بهـا تنظيمـات إرهابية، علـى غرار سـوريا والعـراق، خاصـة أن تلـك التنظيمـات ربمـا تتجـه إلـى إجـراء تغييـر فـي توجهاتهـا للتعامـل مع التحـولات الجديـدة التـي سـتنتجها عـودة طالبـان إلـى كابـول مـرة أخـرى .