ساسة بوست :
كتبت أنا أهورنهايم، المراسلة العسكرية والدفاعية في صحيفة «جيروزاليم بوست»، تحليلًا عن الأوضاع في لبنان، وما يمكن أن تؤدي إليه الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد من تهديدات أمنية لإسرائيل، مؤكدةً على أن الجيش الإسرائيلي لا يمكن أن يسمح أن يصبح لبنان مثل غزة.
وتشير الكاتبة في مستهل تحليلها إلى أنه في الوقت الذي ينزلق فيه لبنان إلى هوة اقتصادية عميقة، شهدت الحدود مع إسرائيل في الأسابيع الأخيرة عدة حوادث مثيرة للقلق. ومن تهريب الأسلحة إلى التسلل والهجمات الصاروخية، تتعرض الحدود الهشة لإطلاق النار. وفي ظل حالة من الجمود المستمر منذ عقود بين الفصائل المتناحرة في البلاد، يتعرض الاقتصاد اللبناني للانهيار.
نصف سكان لبنان تحت خط الفقر
يعيش أكثر من نصف السكان الآن تحت خط الفقر، ويكفيهم المال الموجود لديهم بالكاد لشراء الضروريات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء. وأصبحت أعمال الشغب ضد الحكومة شبه يومية، وأصبح العنف أمرًا روتينيًّا في محطات الوقود والبنوك والصيدليات ومحلات البقالة.
وعلى الرغم من أن لبنان وإسرائيل في حالة حربٍ رسميًّا، فقد عرضت الأخيرة تقديم المساعدة للبنان أكثر من مرة.
وتوضح الكاتبة أن الجيش الإسرائيلي يراقب الوضع عن كثب، خشية أن يتدهور أكثر من ذلك. وحذَّر رئيس الأركان، أفيف كوخافي، ووزير الدفاع، بيني جانتس من أن إسرائيل لن تتسامح مع أي عنف عبر الحدود بسبب الأزمة. وقال الجيش إنه لا يعتقد أن حزب الله سيهاجم إسرائيل، لكنه يجهز نفسه إذا أدَّت الأحداث الصغيرة إلى اندلاع أعمال عنف.
الجيش الإسرائيلي يرد بحذر
وشهدت الأحداث الأخيرة رد الجيش الإسرائيلي بصورةٍ حذرةٍ، وهو ما يذكرنا بالطريقة التي تصرَّف بها ضد حماس في قطاع غزة عندما كان يحاول منع التدهور مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي وصفها التقرير بـ«الجماعات الإرهابية».
وتمضي الكاتبة في توضيح نمط رد الجيش الإسرائيلي؛ إذ إنه إذا أُطلِق صاروخ من القطاع الساحلي باتجاه جنوب إسرائيل، ولكن لم يتسبب في وقوع خسائر بشرية، فسيرد الجيش الإسرائيلي بنيران الدبابات أو المدفعيَّة على مواقع حماس الخالية. ولن يعمد إلى قتل أو إصابة أيٍّ من مقاتلي حماس.
وعلى الحدود الشمالية، كان الجيش الإسرائيلي مشغولًا بحملته ضد تحصينات حزب الله وإيران. ووقع هجومان في سوريا نسبَتهُما مصادر أجنبية إلى إسرائيل هذا الأسبوع فقط. وفي الوقت نفسه، استُهدِفت إسرائيل بقصفٍ صاروخيٍّ من جنوب لبنان. وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، أطلق مسلحون فلسطينيون، ربما من حماس بحسب التقرير، صواريخ من بلدة القليلة؛ ردًّا على التوترات في الحرم القدسي أثناء ذكرى خراب الهيكل الذي يحييه الإسرائيليون.
وردت إسرائيل بإطلاق عشرين قذيفة دبابة باتجاه مصدر إطلاق الصواريخ. لكن الموقع كان خاليًا؛ إذ فرَّ المسلحون بعد وقتٍ قصيرٍ من إطلاقهم الصواريخ. وأطلق المسلحون أنفسهم عدة صواريخ على إسرائيل خلال عملية حراس الجدران في مايو (أيار).
إطلاق صافرات الإنذار في حيفا
وعلى الرغم من إطلاق صافرات الإنذار في حيفا وضواحي كريات بياليك وكريات موتسكين المطلة على خليج حيفا، ردت إسرائيل بالطريقة نفسها؛ بقذائف المدفعية.
ولا شيء يجري في جنوب لبنان دون علم حزب الله، بحسب التقرير، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالعمليات عبر الحدود. وفي حين لا يجري إطلاق جميع الهجمات بناءً على طلب الجماعة، فإنها توفر معلوماتٍ استخباراتية أساسية للمسلحين عن كيفية استجابة الجيش الإسرائيلي لمثل هذه الحوادث.
وربما لم يمنح حزب الله الضوء الأخضر لأولئك الذين أطلقوا الصواريخ، كما لم يبلغ العاملين المهاجرين الأفارقة بعبور الحدود الأقل أمانًا يوم الخميس. لكن الجماعة كانت قادرةً على رؤية كيفية رد الجيش الإسرائيلي من خلال وضع الخطط لصد أي هجمات مستقبلية ضد إسرائيل ودراسة هذه الكيفية ومعرفتها.
وأُلقِي القبض على عديد من العمال المهاجرين وهم يتسللون إلى إسرائيل، بما في ذلك في يونيو (حزيران)، عندما نجح تركيان في عبور الحدود وأُلقِي القبض عليهما بعد 11 ساعةً. كما ألقت القوات القبض على الرجال الذين عبروا الحدود يوم الخميس بعد نحو ست ساعات من عبورهم الحدود إلى إسرائيل.
خمس محاولات لتهريب المخدرات والأسلحة
وبحسب المراسلة، أحبط الجيش والشرطة الإسرائيليان ما لا يقل عن خمس محاولات كبيرة لتهريب المخدرات والأسلحة منذ بداية العام:
في فبراير (شباط)، ضُبِط 12 كيلوجرامًا من المخدرات في منطقة دوفيف، واعتُقل أحد المشتبه بهم في إسرائيل. وفي مطلع أبريل (نيسان)، ضُبِط مسدِّسان وكيلوجرامَان من المخدرات في منطقة المطلة، واعتُقل عددٌ من المشتبه بهم. وفي مطلع يونيو، ضُبِط 15 مسدسًا وعشرات الخراطيش و36 كيلوجرامًا من المخدرات واعتُقل عددٌ من المشتبه بهم. وفي منتصف يونيو، ضُبِط 12 مسدسًا بالقرب من المطلة، واعتُقل أحد المشتبه بهم في إسرائيل.
وعلى الرغم من أن عمليات التسلل وتهريب المخدرات والأسلحة إلى إسرائيل لا تشبه الهجمات الصاروخية، فإنها تُعدُّ جرسَ إنذار للجيش. ويتساءل التقرير إذا ما استمر الجيش الإسرائيلي في الرد على مثل هذه الأحداث كردِّه في غزة، فهل يصبح سكان الشمال مثل سكان الجنوب؟ هل سيتعرضون لإطلاق الصواريخ المستمر، أو إطلاق الصواريخ المتقطع؟
وفي ختام تحليلها، تخلص الكاتبة إلى أنه في حين أن حزب الله قد يكون منشغلًا بانهيار لبنان، فإن «الجماعة الإرهابية» لم تتوقف عن التعلم وحماية نفسها. ويستغل حزب الله كل فرصة لجمع معلومات استخبارية عن الجيش الإسرائيلي ولن يفوِّت فرصةً لضربه.