"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

طالبان بين الجماعة و إدارة الدولة

مركز القلم للأبحاث والدراسات :

خالد محيي الدين الحليبي :

نظريتان عسكريتان دخلتا في صراع نظرية الراتب الشهري للعسكري الذي يتم كسر شخصه نفسياً في التدريبات والضغوط التي تمارس عليهم بحجة الدفاع عن الأوطان و الهدف من تلك الضغوط ضمان استسلامه كلية في السمع والطاعة لأوامر قادته  و قد لا يكونون مخلصين لبلادهم فيقاتلون من أجل الترقية أو المكافئة  و هل بعد كسره نفسياً يقاتل إلا  الأضعف ولا يستسلمون إلا للأقوياء باحثين عن الحل السلمي مع  الأقوي وهو استسلام  مقنع بقناع اتفاقات دولية و سياسة و ما هو إلا الخوف بعد كسر شخصه واستسلامه للسمع والطاعة وهؤلاء الجيوش يقاتلون جماعات تقوم عقيدتهم وفقاً

لنظرية اخرى تقوم على الحب في الله والبغض في الله والموت في سبيل القرآن و الشريعة و الدفاع عن الإخوان وتقوية نفسه عقائدياً وإعداده لأن يموت في سبيل ذبك وهى نظرية تقوم على الحب و بدون ضغوط أو إهانات أو كسر معنويات والفارق بينهم واضح ولا يظهر إلا في الشدائد وفرار الجنود النظاميون واستبدالهم بالفدائيين  أو المقاومين أوالحشد الشعبي الآن كما ترى والفارق بينهما كبير وهذا هو الفارق بين جنود اشرف غني وقتالهم مع جماعات إسلامية كلهم انتحاريون في سبل معتقد

أما بعد :

لقد وقعت أمريكا ضحية  قيادات أمثال ترامب معرضين بلادهم لأخطار جسيمة على المدى القريب و البعيد دون أن يدري .

فماذا كان يعتقد الأمريكي بعد استفزازات ترامب  للصين و التهديد بفصل تايوان و هونج كونج و العبث في هذا الملف الأمني الصيني الحساس جدا  في بحر الصين وكذلك تهديده روسيا ومعاقبة كل من تعامل معها و تهديد الهند  و مخاصماته   مع باكستان و إيران وتركيا وكوريا الشمالية حتى حلفائه في أوروبا و  افتعل ضدهم  إشكاليات خطيرة  وهو يقول لهم ادفعوا لأوفر لكم الحماية كألمانيا و فرنسا وبريطانيا  وحتى السعودية فأغرقها هى والإمارات في اليمن . واهماً الأمريكيين انه جلب لهم المال ولكنه خسر ما هو أهم من المال بل وسيخسر الكثير بجهل وبغير حسابات دقيقه لقراراته الحمقاء

وبتهديده الخطير لإيران بالذات والصين وروسيا الواضح أنهم كادوا لحلف الناتو مكيدة عظمى تجلت في الدعم العسكري واللوجيستي المجهول المصدر حتى الآن لطالبان ولم نعلم بالدعم الإيراني لهم إلا في عزاء اللواء الإرياني قاسم سليماني وصرح هذا الوفد الطالباني الأفغاني بأنه كان من الداعمين للحركة في حربها للأمريكان وحلفهم الناتو الذي يحارب في أفغانستان زيقتل شعبها منذ عشرين عاماً بحجة الثأر لأمريكا من أفغانستان والعراق بسبب أحداث 11 سبتمبر وحينها قال بوش بأن الرب قد ظهر له في ردهات البيت الأبيض وأمره بأن يغزو أفغانستان والعراق ومن حينها وهذه الخزعبلات تسير بها السياسة الأمريكية حتى هذا الإنهار السريع المريع لقواتهم في افغانستان .

ولقد حدث هذا التقارب بين الإيرانيين الشيعة وطالبان على خلفية صدمة عصبية بالفعل وزلزال أحدثته السعودية بعد أن تبنتهم في حرب حلف وارسوا وروسيا في ثمانينات القرن الماضي تخلوا عنهم بعد خول أمريكا أفغانستان للإنتقام منهم بالإضافة إلى الفجور المرعب الذي نشرته السعودية بواسطة وزارة الترفيه واعتقال مراجع الوهابية الذين يعتبروا بالفعل مراجع للجماعات السلفية واعتقالهم قد يسقط هذه الدولة وإسلامها بالكلية لذلك لا عجب أن نجد المقدسي يكتب كتاباً بعنون [ ” الكواشف الجلية في كفر المملكة العربية السعودية”] وهنا سقطت الزعامة الروحية لهذه الدولة في نظرهم خاصة بعد حفلات الفجور التي لا يحلوا لهم إقامتها إلا بالحجاز مما ساعد في سقوط نظرة الولاية لهم وتولوا الأتراك وهم على ولاء لهم لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان له صور قديمة مع برهان الدين رباني وراشد الغنوشي وأبو الفتوح في مصر .

ومن هنا سيكون لتركيا قدم في مشروعات التنمية الأفغانية في الفترة القادمة لتصدرهم الدفاع عن التركمان ناطقي اللغة التركية عندهم وفي أسيا .

ومع هذه المتغيرات في داخل الجزيرة العربية وما فعلته أمريكا من عربدة في عصر الرئيس الجمهوري السابق ترامب مدت إيران يدها لمساعدتهم فاستأنستهم ومع كثرة مشاكل ترامب وتهديده للأمن القومي الصيني واستفزازهم في بحر الصين والضغط عليهم في ملف هونج كونج وتايوان بدعمهم بالأسلحة الأمريكية على أمل فصلهم وشغلهم بحرب وع إثارة ملف الإيجور وتركستان فمن المؤكد سربت الصين و ضباط داخل الجيش الباكستاني لأن طالبان أصل تأسيسها كان بالداخل الباكستاني وكذلك إيران انتقاماً من أمريكا وكذلك روسيا كثأر قديم بسبب تفكيك الاتحاد السوفيتي من قبل والصين لعبث أمريكا في ملف تايوان وهونج كونج واستفزازها ببحر الصين  أي أن كل هؤلاء من المؤكد وبشواهد دعموا طالبان في حركتها العسكرية وخاصة لحدودهم المباشرة مع باكستان وإيران وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان والصين .

وبالتالي كل من مد يده إليهم بمساعدة في ضعفهم قبلوها بالإضافة إلى الثأر القديم وتحميل روسيا أمريكا والغرب مسؤولية تفكيك روسيا وحلف ووراسوا بتسلط الأفغان عليهم بعد الثورة على حكومة بابراك كارميل في 1978 م اقرن الماضي .

ولذلك وجدنا في اليوم الثاني لسيطرة طالبان على قصر الرآسة تصريح الخارجية الروسية أنها لن تغلق سفارتها في كابول وتصريح آخر لطالبان لن يمس أحد من روسيا أي شوكة .

والصين ايضاً تصرح بأنها مستعدة لعلاقات ودية مع طالبان وذلك نكاية في الولايات المتحدة  وما فعله ترامب في المنطقة .

وأما بالنسبة للجماعات الإسلامية فهم في حالة من النشوة والفرح باعتبار أنها أول دولة على مذهب السنة تتبنى الشريعة الإسلامية منهجاً لهم ولكن طالبان منهكون من الحرب ويحاولون إعادة بناء بلادهم المدمرة والجماعات الإسلامية العربية ستبدأ الضغط عليهم باعتبار أنهم شركاء لهم في جهادهم منذ الحرب الأولى مع الأتحاد السوفيتي ولكن هناك فجوة في العلم والخبرة بين الإثنان بمعنى طالبان بتصريحاتها دللت على أنها بالفعل نجحت بجماعتها الإسلامية  في الإنتقال من مرحلة الجماعة إلى مرحلة قيادة الدولة وهذا  ما فشل فيه الإخوان المسملين في إدارتهم لمصر و تونس  حيث وقعوا في أخطاء جسيمة كانت من أهم أسباب زوال دولتهم وهذا ما يظهر هنا أن طالبان استفادت من فشل التجربة الإخوانية بتصريحات جيدة منها :

 

  • الإعلان عن عدم مطاردة المسؤولين السابقين .
  • تهدئة الشيعة في مزار الشريف بعد أخطاء بعض الإخوة في طالبان في نزع أعلام عزاء عاشوراء وهو بعد يومين من الآن .
  • الإعلان عن حماية المدينة من اللصوص وتهدئة الشعب الأفغاني بأنهم لم يأتول للقتل كما كانوا يشاهدونهم من قبل وهنا الإنتقال من مرحلة الجماعة إلى الدولة والإلتزام بالقانون المعمول فيها وقانون هؤلاء هو الشريعة الإسلامية وإن كانوا سيحكمون بالشريعة فلابد أن يعلنوا على العالم ما هو الفقه أو المذهب الذي سيحكمون به بلادهم وما هو تصورهم عن إدارة الدولة الحديثة ومالم يرد في كتب الفقه القديمة أسئلة كثيرة كل العالم ينتظر منهم الإجابة عليها .

 

ولذلك هذه الجماعات إما تطلب منهم الدعم في جهاد الحكومات العربية الظالمة أو فتح بيت المقدس كما تعلن كل الجماعات ذلك الأمل الذي يتأملونه أو كثير منهم من سيعتبر أفغانستان دار إسلام واجب الهجرة إليها هرباً من مشاكل كثيرة جداً سياسية واقتصادية غي بلادهم وهذه شريحة مجتمعية سترى الهجرة لأفغانستان أولى من أوروبا وبالتالي ستتحول إلى مركز تجمع كبير سيكون أخطر تجمع ممكن أن يواجهه العرب وقد تتحول إلى جسر لقتال الشيعة في العراق وهنا يكونوا قد بدأو إفشال دولتهم كما فعل الإخوان في مصر بالصالة المغطاة سنة 2013 وقبل زوال حكمهم بشهور قليلة أنهم سيرسلون المقاتلين والسلاح ودعوا للجهاد في سوريا وقادمون ياسوريا فكتب الله تعالى نهاية دولتهم بحماقتهم و هذا ما فهمه الرئيس أشرف غني فجنب بلاده مهالك هو يعلم ما خلفها من سوء نية وإهلاك لبلاده دون فائدة تذكر .

وأما عن  إسرائيل  فهى في تراجع  و دخول في نفق مظلم من جراء افعالهم وسفكهم للدماء بلا داعي  وحصار أهل غزة دون اللجوء لحل القضية الفسطينية بناءاً على حل الدولتان وهو الأوقع .

وما يحدث في أفغانستان خطوة مرعبة في طريق انهيار الحلم الصهيوني لأسباب كثيرة مع تعمد حرب الغرب مع المسلمين في معتقداتهم دون الدخول في تصحيحها أو تبيين ما هو صحيح فيها وما هو مخالف للقرآن الكريم وكتب الله السماوية ولكن عنادهم وتعمدهم بث الخلاف بين المسلمين لإبادتهم جميعاً كما فعلوا مع الهنود الحمر من قبل نقول لهم المسلمون ليسا هنود ولا حمر والزمن غير الزمن ولا يصح إلا الصحيح وهو التعايش السلمي بين جميع الديانات والمذاهب .

ولقد أدرك الرئيس أشرف غني بأن المخطط  يقوم على تسليح الجيش الأفغاني تسليحاً جيداً للدخول في حرب أهلية مدمرة للجميع في أفغانستان عالجها   بسرعة الهروب لوقف هذه الحرب  بعد أن واجه تدميراً في صفوف جيشه خطير وذلك لأن المتابع بالشهور الأخيرة سيعرف أنه يومياً يقتل منهم عشرات وأحياناً مآت القتلى بما يعني أنهم قد وصلهم تسليحاً جيداً ولا فائدة من استمرار الحرب الأهلية إلا إزهاق المزيد من الأرواح وبالتالي هروبه يعتبر من الأعمال الجيدة التي جنبت أفغانستان المزيد من القتلى .

كما أن الحلم الأمريكي الصهيوني بإزكاء الحرب بين الشيعة والسنة من جهة نظن أنه في طريقه إلى الإنهيار باستثناء العراق الذي نجحوا فيه نجاحاً باهراً لأسباب كثيرة ليس مجالها الآن .

وأما الإنسحاب المفاجئ والسريع من افغانستان فهو مقصود لنشر الرعب بعد وضع أفغانستان على حافة الحرب الأهلية بين طاجيك وأوزبك وتركمان وهزارة وشيعة وسنة وقد ينتقل هذا الصراع لخارج الحدود الأفغانية هنا تصرف طالبان بحكمة الآن يحسب لهم بأنهم بالفعل حدث لهم نضوج سياسي وخبرة لم تصل إليها الجماعات الإسلامية العربية .

الخطر الطالباني ليس من قوتهم او قسوتهم بل نهجهم المدمر لكل الخطط الموضوعة لإهلاك وإبادة الإسلام والمسلمين وهذا باختصار ولذلك تجد تصريحات أووبية قد يظن الكثير أنها بلهاء ففي ظل كل هذه الأحداث يطالبون بحقوق المرأة والشعب وحقوق المشاركة السياسية السؤال لمن المشاركة وقد نالوا الدولة باسيافهم وليس بالكلمات الرنانة .

وبالتالي فعلاً اهتمامات أوروبا بالمرأة والحرية تؤكد بأنهم يعتبرون الخطر أصلاً في السلوك الطالباني وليس شراستهم أو شدة بأسهم ونؤكد بأن النهج الطالباني سينتشر خاصة في باكستان والمشكلة ستزداد اتساعاً بين اختلاف وجهات النظر بين الخوف الأوروبي من الإسلام السياسي وتوجس طالبان خيفة من هؤلاء وضغوطهم للتنازل عن أجزاء من الشريعة بالضغوط السياسية أو الإغراءات المادية ولذة الحكم والسلطة والتي قد تفقدهم الكثير مما يتبنونه من معتقدات إسلامية خاصة في إدارة الدولة وكيفية تسيير أمروها وبأي فقه سيحكمون ومن هو مفتيهم وما هو شكل الدولة والعلم الجديد الذي سيرفعونه ول ستكون دولة رآسية أو برلمانية أو نظام ولاية فقيه مثل إيران أسألة كثيرة تدور في أذهان العالم يريدون لها عن إجابة .

 

خالد محيي الدين الحليبي

مركز القلم للأبحاث والدراسات