Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

لماذا نُطالب “حماس” بالإصرار على الإفراج عن الأسير البرغوثي في أيّ صفقة مُتوقّعة لتبادل الأسرى؟ وما دخل السّلطة في انتِصار غزّة حتّى تُشرِف على إعادة إعمارها؟

راي اليوم :

أعادَ الانتِصار الكبير الذي تحقّق في الحرب الأخيرة الدّولة المِصريّة إلى مِقعَد القِيادة، ودُون أيّ مُنافس عربي أو إقليمي، فيما يتعلّق بملفّات رئيسيّة أبرزها مِلف إعادة الإعمار، وصفقة تبادُل الأسرى، والوحدة الوطنيّة الفِلسطينيّة على أُسسٍ جديدة من الشّراكة الحقيقيّة المُفتَرضة.

زيارة اللواء عبّاس كامل، رئيس جهاز المُخابرات العامّة إلى قِطاع غزّة، ورصد الحُكومة المِصريّة 500 مِليون دولار لتمويل عمليّة إعادة الإعمار جعلت مِصر اللّاعب الرّئيسي في القضيّة الفِلسطينيّة بدَعمٍ أمريكيّ أوروبيّ غير محدود، ويتّضح ذلك من خِلال عدّة أمور يتصدّرها الاتّصالان الهاتفيّان اللّذان تلقّاهُما الرئيس عبد الفتاح السيسي من نظيره الأمريكي جو بايدن، وكذلك زيارة وزير الخارجيّة الأمريكي أنطونيو بلينكن للقاهرة، ومُوافقة جميع الفصائل الفِلسطينيّة بالطّرح المِصري الذي يَربِط بين عمليّة إعادة الإعمار في القِطاع والصّفقة المُقترحة لتبادل الأسرى، والتَّوجُّه إلى القاهرة في الأيّام القادمة لبلورة اتّفاق مُصالحة جديد ومُلْزِم.

صحيح أنّه ما زالت هُناك بعض العقبات مِثل اعتِراض جهات عديدة داخِل قِطاع غزّة وخارجه، على تولّي السّلطة في رام الله الإشراف على عمليّة إعادة الإعمار، بِما في ذلك التّحكّم بالأموال المرصودة في هذا الإطار، خاصّةً من قِبَل اتّحاد المُقاولين الفِلسطيني، ولكن يبدو أنّ الوسيط المِصري ذَلّل مُعظَمها من خِلال التّأكيد أنّ إشراك السّلطة شَرطٌ أمريكيّ أوروبيّ، وأنّ عمليّة إعادة الإعمار ستتم بطريقةٍ شفّافة، وبإشرافٍ فِلسطينيّ مُوسَّع.

الاعتِراض على إشراك السّلطة على عمليّة الإعمار مَشروعٌ ومُبرَّر لعدّة أسبابٍ أبرزها فساد هذه السّلطة وقيادتها، وعدم قِيامها بأيّ دور في الحرب الأخيرة في قِطاع غزّة، ووقوفها أمنيًّا في خندق الاحتِلال، واتّهام نسبة كبيرة من أبناء القِطاع بعدائها لهم، والمُشاركة بفاعليّة في الحِصار المفروض عليهم، ومُمارسة التّمييز ضدّهم فيما يتعلّق بالمراكز في السّلطة، وتخفيض رواتبهم، وعدم مُعاملتهم بالمِثل وعلى قَدمِ المُساواة مِثل زُملائهم في مناطقٍ أُخرى.

الأصوات تتعالى هذه الأيّام في أوساط الشّعب الفِلسطيني في الضفّة والقِطاع التي تُطالب بتنحّي رئيس السّلطة محمود عبّاس من منصبه لتقدّمه في السّن وعدم قيامه بأيّ دور في الدّفاع عن القدس ومُقدّساتها، وتورّط أجهزته الأمنيّة في فرض التّهدئة بالقوّة في الضفّة الغربيّة، واعتِقال العشَرات من السّجناء، وبدأت هذه المُطالبات تَجِد صدىً إيجابيًّا في الأوساط الشعبيّة، الأمر الذي قد يَصُب في مصلحة بعض الاقتِراحات التي تُنادي بتشكيل لجنة عُليا للإشراف على عمليّة الإعمار من مُختلف الفصائل، وأن تكون حُكومة الوحدة الوطنيّة التي يتم التّداول حاليًّا بتشكيلها في المرحلة المُقبلة برئاسةٍ مُستقلّة، أو من أحد شخصيّات الفصائل الأُخرى التي شاركت في الحرب، وتصدّت للعُدوان الإسرائيلي بفاعليّةٍ وقدّمت عشَرات الشّهداء.

إذا نجحت خطّة حركة “حماس” في الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي، وقادة آخرين مُعتَقلين مِثل أحمد سعدات، أمين عام الجبهة الشعبيّة، في أيّ صفقة لتبادل الأسرى، فإنّ هذا يعني وضع نُقطة النّهاية لمرحلةِ قيادة الرئيس محمود عبّاس للسّلطة ومنظّمة التّحرير.

تحالف “الحُريّة” الذي دعمه الأسير البرغوثي لخوض الانتِخابات التشريعيّة التي كانت مُقرَّرةً الشّهر الماضي، حَظِيَ بالمركز الثّاني بعد حركة “حماس” في استِطلاعات الرأي، نظرًا لالتِفاف مِئات الآلاف من أعضاء حركة “فتح” حوله، ومثلهم من المُستقلّين، الأمر الذي دفَع الرئيس عبّاس لتأجيل الانتِخابات وربّما إلغائها.

خُروج الأسير البرغوثي من أسره في أيّ صفقة تبادل للأسرى يعني زِلزالًا في العمل السياسيّ الفِلسطينيّ، وإعادة ترتيب البيت الدّاخلي القِيادي الفتحاوي، وضخّ دماء شبابيّة جديدة ونظيفة في المُؤسّسات القياديّة الفتحاويّة بشَكلٍ عام، ولذلك تأمل الأغلبيّة السّاحقة من الفِلسطينيين في الوطن والمنافي بأن تُصِر حركة “حماس” ومُفاوضوها مع الإسرائيليين على هذا الطّلب الاستراتيجيّ للخُروج من حالة العفن والتّواطؤ مع الاحتِلال التي تعيشها حاليًّا السّاحة الفِلسطينيّة.

“رأي اليوم”