DW :
كابوس نتنياهو ـ لابيد وبينيت ثنائي قد يُطيح بـ”الملك”
أكد نفتالي بينيت ويائيير لابيد وهما زعيمان لحزبين إسرائيليين الأول يميني متطرف والثاني وسطي، سعيهما لتشكيل ائتلاف حكومي، في خطوة قد تطيح برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحزبه “ليكود” للمرة الأولى منذ عام 2009.
نبه رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتانياهوالى أن التوجه لتشكيل حكومة وحدة برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد سيكون “خطرا على أمن إسرائيل”. وفي استشعار الخطر الذي قد يشكل ذلك على مستقبله السياسي قال نتانياهو إن “هذه الحكومة ستكون خطرا على أمن دولة اسرائيل. إنها (عملية) احتيال القرن”، وذلك بعدما أعلن زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت عزمه على الانضمام إلى معسكر لابيد بهدف إنهاء حكم نتانياهو. فمن يكون بينيت ولابيد؟
ينيت صاحب الخطاب الديني المتشدد
فرض نفتالي بينيت (49 عاما)، وهو رجل أعمال سابق في مجال التكنولوجيا الفائقة وصاحب ثروة تقدّر بالملايين، نفسه على الساحة السياسية في إسرائيل حتى اقترب من الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وقد يحل محله في منصبه بعدما كان “تلميذه”. وأعلن بينيت اليوم (الأحد 30 مايو/ أيار 2021) عزمه على الانضمام الى معسكر المعارض يائير لبيد الذي يحاول تأليف ائتلاف حكومي يقصي نتانياهو من السلطة.
و يعتمد بينيت خطابا دينيا قوميا متشددا، ويقود حزب “يمينا ” المؤيد للاستيطان وضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة كما يدعو الى سياسة متشددة حيال إيران. وفي حال توليه المنصب فسيكون أول رئيس وزراء لحكومة يمينية دينية متشددة في تاريخ الدولة العبرية بعدما شغل خمس حقائب وزارية سابقا بينها وزارة الدفاع في العام 2020.
كان بينيت الذي يتحدث الإنكليزية بلكنة أمريكية ودائم الظهور واضعا القلنسوة على رأسه الأقرع، تلميذا لنتانياهو، لا يزال يشاطره العقيدة، لكنّه ينتقد إدارته للبلاد. وعلى الرغم من نتيجة حزبه الضعيفة نوعا ما في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها إسرائيل في آذار/ مارس 2021، إلا أن بينيت استطاع في الأسابيع الأخيرة أن يكون “صانع ملوك” في ظل المباحثات الدائرة لتشكيل ائتلاف حكومي.
وقال إن خبرته تسمح له بأن يكون الرجل الذي يعالج اقتصاد إسرائيل بعد تداعيات وباء كوفيد-19، واقترح في حملته الانتخابية النموذج السنغافوري، إذ قال إنه يريد القيام بخفض ضريبي والتقليل من البيروقراطية. وكان بينيت جزءًا من حكومة بنيامين نتانياهو التي انهارت في عام 2018، وشغل منذ العام 2013 خمس حقائب وزارية كان آخرها الدفاع في العام 2020. لكن نتانياهو لم يطلب منه الانضمام إلى حكومة الوحدة التي تشكلت في أيار/ مايو، على الرغم من عقيدتهما المشتركة. وكان قال سابقا إن لا مانع لديه من المشاركة في حكومة مناهضة لنتانياهو، من دون أن يستبعد أيضا الانضمام إلى رئيس الوزراء، خصوصا إذا كان ذلك يساعد على تجنب انتخابات خامسة.
بينيت: تشدد ديني و”تلميذ” نتنياهو النجيب
ويقول إيفان غوتسمان من منتدى السياسة الإسرائيلية إن بينيت يمثل “النسخة المصممة خصيصا للجمهور (الإسرائيلي) الذي يسعى بشدة إلى استبدال نتانياهو”. ولد بينيت، وهو جندي سابق في القوات الخاصة، في 25 آذار/ مارس 1972 لأبوين مولودين في الولايات المتحدة ويعيش مع زوجته غاليت وأربعة أطفال في مدينة رعنانا بوسط البلاد. خدم بينيت في وحدة “سايريت ماتكال” المرموقة كما نتانياهو، ودخل السياسة بعد بيع شركته التكنولوجية الناشئة مقابل 145 مليون دولار في عام 2005. في العام التالي، أصبح رئيس مكتب نتانياهو الذي كان في ذلك الوقت في المعارضة.
بعد ترك مكتب نتانياهو، أصبح في عام 2010 رئيس مجلس الاستيطان في “يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية المحتلة) وغزة”، والذي يعمل لصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
أحدث بينيت ثورة في السياسة في عام 2012 عندما تولى مسؤولية حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد الذي كان يواجه احتمال خسارة كل مقاعده في البرلمان. فنجح في تعزيز حضوره البرلماني بأربعة أضعاف، بعدما أدلى بسلسلة تصريحات نارية حول الصراع مع الفلسطينيين.
في عام 2013، قال إنه “يجب قتل الإرهابيين الفلسطينيين وليس إطلاق سراحهم”. كما قال إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال لأنه “لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا”، وإن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله”. كما يعتبر من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية.
بالإضافة إلى توليه حقيبة الدفاع، شغل بينيت منصب وزير الاقتصاد والتعليم في حكومة نتانياهو.وفي 2018، أعاد تسمية حزب البيت اليهودي باسم يمينا (إلى اليمين). وعلى الرغم من خلفيته الدينية اليمينية، لا يمتنع بينيت عن مصافحة النساء ولا تعنيه الأسئلة حول مكانة الدين في الدولة، ولديه أفكار ليبرالية حول قيم بعينها خصوصا في ما يتعلق بقضايا مجتمع المثليين.
لابيد الصحافي التلفزيوني الطامح لإقصاء نتانياهو
لقد كسب النجم التلفزيوني السابق الوسطي يائير لابيد مصداقية متزايدة منذ بداياته في السياسة، إلى أن أصبح الخصم الرئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واختاره الرئيس الإسرائيلي الأربعاء لتشكيل الحكومة المقبلة. حين اعتزل الصحافي السابق العمل في التلفزيون عام 2012 لتأسيس حزبه “يش عتيد” (هناك مستقبل)، اتهمه منتقدوه باستغلال شعبيته كمقدم برامج ناجح لكسب تأييد الطبقة الوسطى.
وبعد حوالى عشر سنوات، يواصل يائير لابيد مسيرته السياسية وخصوصا بعدما كلفه رؤوفين رييفلين تشكيل الحكومة المقبلة بعدما أخفق نتانياهو في المهمة. وبعد حلول حزبه الوسطي في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في 23 آذار/ مارس حاصدا 17 مقعدا نيابيا، حدد لابيد لنفسه هدفا معلنا هو طرد رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ إسرائيل من منصبه بعدما وجهت إليه التهمة في قضية فساد.
خاض لابيد الانتخابات التشريعية السابقة في آذار/ مارس 2020 ضمن الائتلاف الوسطي “أزرق أبيض” بزعامة الجنرال بيني غانتس، غير أنه انسحب منه بعد إبرام غانتس اتفاقا مع حكومة نتانياهو. وتراجع التأييد لغانتس فيما أصبح لابيد زعيم المعارضة.
وروى لابيد قبل بضعة أشهر “قلت (لبيني غانتس) سبق وعملت مع نتانياهو (…) هو لن يدعك تمسك بالمقود”. وتابع لابيد الذي تولى وزارة المالية في إحدى حكومات نتانياهو بين 2013 و2014 “قال لي غانتس “إننا نثق به، لقد تغير. فأجبته “الرجل عمره 71 عاما، لن يتغير”. وللأسف من أجل البلاد، كنت على حق”.
ولد لابيد في تشرين الثاني / نوفمبر 1963 في تل أبيب حيث يتركز الدعم له، وكان والده تومي لابيد صحافيا ووزيرا للعدل. أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحافية.
لابيد ـ الإعلامي المتواضع
بدأ يائير لابيد العمل في صحيفة معاريف، وبعدها في صحيفة يديعوت أحرونوت الأوسع انتشارا بين الصحف الإسرائيلية، ما سمح له أن يصبح اسمه معروفا في إسرائيل. وبموازاة ذلك، واصل نشاطات متفرقة فكان يمارس الملاكمة كهاو ويتدرب على الفنون القتالية، كما كتب روايات بوليسية ومسلسلات تلفزيونية، وألف وأدى أغنيات، ولعب حتى أدوارا في أفلام.
لكن التلفزيون هو الذي سمح له بفرض نفسه نموذجا للإسرائيلي العادي. وحقق برنامجه التلفزيوني الحواري في سنوات الألفين أكبر جمهور. وتمكن لابيد الذي يقدم نفسه على أنه وطني وليبرالي وعلماني، من رص صفوف الوسط، فيما يلقى تنديدا في أوساط اليهود المتشددين.
وكتب الصحافي يوفال كارني في يديعوت أحرونوت قبل الانتخابات “إنه يمتنع عن أي تمجيد للذات (…) وهو الأقل مطابقة لمواصفات المرشح، من بين جميع المرشحين لمنصب رئيس الوزراء”، مشيرا إلى أن الإسرائيليين “يقدرون” تواضعه.
وحين تظاهر آلاف الإسرائيليين كل أسبوع ضد نتانياهو أمام مقره الرسمي في شارع بلفور في القدس وفي مواقع أخرى من إسرائيل، بقي يائير لابيد بعيدا عن الأضواء. وقال في ذلك الحين “شعرت بأن ثمة مشكلة إن تظاهرت كزعيم للمعارضة أمام مقر رئيس الوزراء”. وأكد أنه لا يسعى إلى المنصب، بل يريد التحالف مع أحزاب أخرى بهدف إزاحة “الملك نتانياهو” عن عرشه. وواصل لابيد الدعوة إلى “إزالة الحواجز التي تقسم المجتمع الإسرائيلي” من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية “مستقرة”.
ح.ز / ص. ش (أ. ف.ب / د.ب.أ)
DW
اقرأ أيضاً :
انتهاء حقبة نتانياهو.. احتمال يصعد حدة الدراما السياسية الإسرائيلية
وسط أنباء عن اتفاق وشيك بين حزبي “يمينا” و”يش عتيد”، تبدو فترة حكم نتانياهو لرئاسة الوزراء قد بشارت على نهايتها. ومع ذلك لا تبدو الأمور محسمومة في الدراما السياسية الإسرائيلية.
استحوذت التكهنات وأجواء الترقب على الساحة السياسية في إسرائيل اليوم الأحد (30 مايو/ أيار)، لاحتمال انتهاء فترة حكم بنيامين نتانياهو الذي أصبح أطول رؤساء وزراء إسرائيل بقاء في السلطة.
فبعد أربع انتخابات برلمانية غير حاسمة جرت في غضون عامين، ينتهي يوم الأربعاء تفويض مدته 28 يوماً حصل عليه زعيم المعارضة يائير لابيد لتشكيل حكومة جديدة، وذكرت تقارير إعلامية أنه على وشك تشكيل ائتلاف سينهي فترة حكم نتانياهو التي استمرت 12 عاماً.
الكلمة الفصل لدى نفالتني بينيت
وتعود فرص لابيد في النجاح إلى حد كبير إلى السياسي اليميني المتطرف نفتالي بينيت، “صانع الملوك” الذي يستحوذ حزبه (يامينا) على ستة مقاعد في البرلمان.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يعلن بينيت (49 عاماً) ربما اليوم الأحد ما إذا كان سيضع يده في يد لابيد الذي يقود حزب يش عتيد. لكن سيتعين أولاً على بينيت حشد نواب حزبه للانضمام إلى ما وصفه خصوم نتانياهو بأنه حكومة “تغيير” تضم فصائل من اليسار والوسط واليمين.
ومع الافتقار لأغلبية برلمانية بعد انتخابات 23 مارس/ آذار الماضي، قد يكون مثل هذا التجمع المتنوع هشّاً، وسيحتاج دعماً خارجياً من أعضاء عرب في الكنيست تختلف آراؤهم السياسية اختلافاً حادّاً عن توجهات يامينا.
والتزم بينيت الصمت العلني في الأيام الماضية، كما أجج نتانياهو زعيم حزب الليكود التكهنات المتعلقة بنهاية عهده الوشيكة في تغريدة ومقطع فيديو يوم أمس الجمعة. وكتب قائلاً “تحذير حقيقي”، مشيراً إلى أن خطر احتمال تشكيل حكومة “يسارية” وارد.
وأعلن حزب يامينا في وقت متأخر من مساء أمس السبت أن بينيت سيلتقي النواب من الحزب ويطلعهم على المستجدات اليوم الأحد بعد تقارير أفادت بأنه وافق على صفقة يتولى بموجبها رئاسة الوزراء أولاً قبل أن يسلم المنصب للابيد المنتمي للوسط.
شكوك في نجاح حكومة لابيد
وتردد على نطاق واسع التوصل إلى اتفاق مع لابيد بالفعل قبيل اندلاع القتال في العاشر من مايو/ أيار الجاري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وقال بينيت خلال القتال إنه سيتخلى عن جهود تشكيل ائتلاف مع الوسط واليسار.
لكن الهدنة صامدة وموجة العنف في الشوارع في إسرائيل بين العرب واليهود انحسرت ويمكن لشراكة لابيد-بينيت أن تعود لمسارها. أما بالنسبة للمحللين السياسيين الإسرائيليين فهم لا يعتبرون أن أي احتمال مسلم به بعد.
وقال كاتب المقالات السياسية يوسي فيرتر في صحيفة هاآرتس اليوم الأحد “حكومة التغيير المناهضة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهولم تصبح حقيقة واقعة بعد”. وتابع قائلا “من السابق لأوانه الاحتفال كما أنه من المبكر جداً أيضا إبداء الندم” مشككاً في تحمل نواب حزب يامينا للضغوط من اليمين بشأن اتفاق مع لابيد.
وإذا أخفق لابيد (57 عاماً) في إعلان تشكيل حكومة بحلول يوم الأربعاء فسيصبح إجراء انتخابات للمرة الخامسة منذ أبريل/ نيسان 2019 مرجحاً بقوة.
و.ب/ع.غ (أ ف ب، رويترز)