أخبار عاجلة

إرهاب إسرائيل المقدس… موشي شاريت يشرح كيف أصبح الانتقام قيمة أخلاقية

رصيف 22 :

سعد القرش

الاثنين 24 مايو 2021

القارئ العربي، والمراقب الأجنبي الموضوعي، لم يكن كلاهما ينتظر نشر أجزاءٍ من مذكرات موشي شاريت في عام 1975، أو الأعوام التالية التي حاولت فيها إسرائيل منع نشر المذكرات. فالمشهد على الأرض أثارَه العربي، وتابعه الأجنبي، وتأكدت لكليهما طبيعة عقيدة تأسس عليها كيان عنصري لا يتورع عن الإبادة الجماعية، إثباتاً لجدارة مهامّ خدمته للرعاة، وخصوصاً شرطي العالم، الراعي الذي كان يوماً بريطانياً، فلما غربت شمس إمبراطوريتها، ورث الراعي الأمريكي خدمات “دولة وظيفية” لا تحمّله مادياً تكلفة حاملة طائرات في المنطقة، لحماية مصالحه، كما تعفيه من تلويث يديه بعمليات قذرة يزهو بها القادة الصهاينة، ويضيفونها إلى قائمة إنجازاتهم في “الإرهاب المقدس”.

في كتاب “إرهاب إسرائيل المقدس” تدرس الكاتبة الإسرائيلية ليفيا روكاش مذكرات شاريت الذي تعرضت عائلته لضغوط هائلة، لمنع نشر يومياته بالعبرية. ثم جرت محاولات شملت التهديد برفع دعاوى قضائية، “وطرق أخرى”، لمنع النشر خارج إسرائيل.

وفي 4 أبريل 1980 كتبت صحيفة “معاريف”، في صفحتها الأولى: “كارهو إسرائيل في الولايات المتحدة ترجموا بدون إذن يوميات موشي شاريت”. وفي الشهر نفسه هدّد مكتب محاماة شهير في نيويورك، متحدثاً باسم عائلة شاريت والناشر الإسرائيلي لليوميات، “برفع دعوى سريعة في محكمة إقليمية فيدرالية”، لمنع نشر اليوميات كاملة أو مجتزأة. التهديد لا يتعلق بحفظ حقوق الملكية الفكرية، وإنما باتهامات “هستيرية بمحاولة فضح إسرائيل عبر شاريت”.

كان موشي شاريت (1894 ـ 1965) أول وزير خارجية لإسرائيل، وثاني رئيس لوزرائها بين عامي 1953 و1955، بين فترتيْ رئاسة ديفيد بن غوريون لوزراء الكيان الصهيوني. وكان بين الرجلين خلاف قديم؛ فقبل حرب 1948 حاولت الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها جورج مارشال إيجاد حلّ سياسي لمشكلة الوجود اليهودي في فلسطين، وكان هناك اقتراح يستهدف “إقامة كونفدرالية شرق أوسطية تضم كياناً صهيونياً”، وكان من المفترض أن يكون رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي المفاوض الرئيس في الجانب العربي، “هذه المفاوضات التي كان من المتوقع أن تمنع اندلاع الحرب… كانت ستعني تأجيل الموعد الذي تحدّد من أجل إعلان دولة إسرائيل لعدة أسابيع”.

تشومسكي يرى شاريت من دعاة الاعتدال، مستشهداً بأن “هزيمته ” السياسية عكست صعود بن غوريون وموشي دايان وصهاينة آخرين

ولكن بن غوريون اعترض على فكرة التفاوض، ورفض تأجيل إعلان إنشاء “الدولة “، واتهم شاريت “بأنه يعارض قيام الدولة”. وأنكر شاريت الاتهام، وجادل بأنه يفضّل الحل السياسي على الحل العسكري؛ فالوسائل الدبلوماسية تحقق الهدف نفسه. آمن بن غوريون بالعنف، وله خبرة بالعمل المسلح، وأما منطق شاريت فاستند إلى خبرته في إدارة العلاقات الدولية للحركة الصهيونية، بصفته رئيساً للقسم السياسي في الوكالة اليهودية (1933 ـ 1948).

واستمر الصراع بينهما حتى كان سبباً في “طرد شاريت” من منصبه كوزير للخارجية في يونيو 1956، لمعارضته “أعمال التحرش المستمرة” بجيران إسرائيل، وكانت “تصفية وجوده المعارض مسألة ضرورية من أجل تحقيق مخطط الزعامة الإسرائيلية السياسية والعسكرية”.

تغطي يوميات شاريت الفترة من أكتوبر 1953 إلى نوفمبر 1956، وهي ذروة السنوات الأخيرة من حياته السياسية. وتمتد اليوميات حتى 29 نوفمبر 1957، وهي فترة شهدت معاناته بسبب “توقف نشاطه بعد موته السياسي”. وصدر كتاب ليفيا روكاش بعنوان “إرهاب إسرائيل المقدس” عن مكتبة الشروق الدولية بالقاهرة، وترجمته ليلى حافظ.

وقال ناعوم تشومسكي في مقدمة الكتاب إن بين إسرائيل والولايات المتحدة “علاقة خاصة”، تتضح على المستوى المادي بتدفق رأس المال، والأسلحة، والدعم الدبلوماسي، والعمليات المشتركة، وتظهر هذه “العلاقات الخاصة أيضاً على مستوى العقيدة”، فتتحرك إسرائيل للدفاع عن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وقلما يُشار إلى الدّور الحيوي لإسرائيل في استمرار الصراع.

تشومسكي اليهودي الأمريكي المعارض للسياسات الأمريكية والإسرائيلية يرى شاريت من دعاة الاعتدال، مستشهداً بأن “هزيمته ” السياسية عكست صعود بن غوريون وموشي دايان وصهاينة آخرين “لم يترددوا في استخدام العنف للوصول إلى أهدافهم”. ويضيف أن المذكرات “التي كرّست لها ليفيا روكاش دراستها، تعتبر بما لا يدعو للشك، مصدراً وثائقياً أساسياً. تلك اليوميات تبقى خارج التاريخ الرسمي”. وما عرف في الآونة الأخيرة بتيار المؤرخين الجدد في إسرائيل، وهم ينقُضون الرواية الصهيونية الرسمية، يكاد تشومسكي يشير إليهم، بقوله إن روكاش قدمت “خدمة قيمة عندما جعلت تلك الأوراق متاحة، لأول مرة، إلى كل هؤلاء الذين يهتمون باكتشاف العالم الحقيقي الذي يقبع وراء التاريخ الرسمي”.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : تهديد لأوروبا.. شولتس يحذر من تنامي نفوذ اليمين الشعبوي

DW : حذر المستشار أولاف شولتس خلال مؤتمر الاشتراكيين الأوروبيين من تعاظم نفوذ اليمينيين الشعبويين …

اترك تعليقاً