لندن – “القدس العربي” ووكالات :
ألقى الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمام جلسة مشتركة للكونغرس ، أمس الخميس(الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة) خطابا تناول فيه العديد من النقاط التي تعاملت معها إدارته خلال الأيام الـ 100 الأولى في منصبه، مركزاً بشكل أساسي على القضايا الداخلية.
وقال بايدن إن محاولة التمرد التي شهدتها البلاد في 6 كانون الثاني/يناير الماضي في مبنى الكابيتول كانت “أزمة وجودية واختبارا للديمقراطية”، مشددا على أن “النضال لم ينته بعد”، وأن “مسألة ما إذا كانت ديمقراطيتنا ستستمر طويلا هي مسألة قديمة وعاجلة على حد سواء”، وفقا لشبكة (سي أن أن). وحذر بايدن في كلمته من أن “الحكام الطغاة في العالم” يراهنون على زوال الديمقراطية الأمريكية.
وأشار بايدن في كلمته إلى الحرب العالمية الثانية ودعوة الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت للأمريكيين للقيام بدورهم، قائلاً: “هذا كل ما أطلبه: أن نقوم بدورنا. إن الحكام المستبدين لن يفوزوا بالمستقبل، ولكننا سنفعل ذلك (…) أمريكا ستفعل” .
ووجّه الرئيس بايدن مرة أخرى نداء إلى الكونغرس للعمل على السيطرة على الأسلحة النارية. وطالب في كلمته بسد الثغرات المطلوبة في قانون شراء البنادق، ودعا إلى حظر الأسلحة الهجومية ذات القدرات العالية .
وحول قضية الهجرة، وصفها بايدن بأنها “ضرورية لأمريكا”، ودعا المشرعين إلى اتخاذ إجراءات لإصلاح نظامها، وقال: “لأكثر من 30 عاما، تحدث السياسيون عن إصلاح نظام الهجرة ولم يفعلوا شيئا حيال ذلك. لقد حان الوقت لإصلاحه”. وقال بايدن: “الآن – بعد 100 يوم فقط – يمكنني أن أبلغ الأمة بأن أمريكا تتحرك مرة أخرى، لتحوّل الخطر إلى إمكانية والأزمة إلى فرصة، والنكسة إلى قوة” . كما أعلن أن إدارته تصرفت لاستعادة الثقة في الديمقراطية وإظهار أنها قادرة على تحقيق نتائج.
ولدى طرحه رؤية تقوم على مزيد من الاستثمارات الحكومية التي يمولها الأثرياء، حثّ الرئيس الديمقراطي الجمهوريين الذين يعارضون بشدة إلى الآن مساعدته في إقرار مجموعة واسعة من التشريعات من الضرائب إلى إصلاح الشرطة والهجرة.
والتزم الجمهوريون الصمت إلى حد بعيد خلال الخطاب، بينما انخرط الديمقراطيون في التصفيق. كما وجه بايدن، الذي تولى منصبه في يناير/ كانون الثانيـ نداء حماسيا لزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء الأمريكيين للمساعدة في دفع تكاليف “خطة العائلات الأمريكية” البالغ حجمها 1.8 تريليون دولار. وقال “حان الوقت للشركات الأمريكية وأغنى واحد في المئة من الأمريكيين لدفع نصيبهم العادل – فقط نصيبهم العادل” .
ويحاول بايدن الموازنة بين الجمهوريين المعارضين لمزيد من الإنفاق والزيادات الضريبية اللازمة لتوفير أمواله، والديمقراطيين الليبراليين الذين يريدون منه الضغط من أجل خطط أكثر قوة. وعبر عن استعداده للعمل مع المشرعين من الجانبين للتوصل إلى اتفاق، قائلا إنه سيلتقي بكبار المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في البيت الأبيض يوم 12 مايو/ أيار في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة.
وفي خطابه الذي يأتي بعد أقل من أربعة أشهر من اقتحام متظاهرين موالين للرئيس وقتها دونالد ترامب مبنى الكونغرس في محاولة لإلغاء نتيجة الانتخابات، قال بايدن: “أمريكا تتحرك مجددا، محولة الخطر إلى إمكانية والأزمة إلى فرصة والانتكاسة إلى قوة” . وأضاف: “لقد رأينا بأم أعيننا جحيم التمرد والاستبداد – جحيم الجائحة والألم – ولم نتوان نحن الشعب (…) وفي اللحظة نفسها التي كان خصومنا على يقين من أن عرانا ستنفصم ونفشل تجمعنا واتحدنا” .
وأشار إلى أن حزمة الإنفاق الجديدة، والتي تبلغ إلى جانب خطة سابقة للبنية التحتية والوظائف نحو 4 تريليونات دولار، استثمار حيوي لمستقبل الولايات المتحدة. وقال: “أتيت الليلة لأتحدث عن أزمة وفرصة لإعادة بناء وطننا، تنشيط ديمقراطيتنا والظفر بالمستقبل لأمريكا”.
ودعا إلى زيادة المساهمات الضريبية بالنسبة إلى الشركات والأمريكيين الأكثر ثراءً وذلك من أجل تمويل خطته لمساعدة العائلات، قائلاً: “حان الوقت لكي تبدأ الشركات الأمريكية وأغنى 1% من الأمريكيين في دفع نصيبهم العادل” .
لكن الجمهوريين يقولون إن معظم أوجه الإنفاق تستهدف إرضاء قاعدة بايدن من الليبراليين، وإن خطط الرئيس تصل إلى حد الاشتراكية. وقال بايدن إن خطط الإنفاق لازمة لمواكبة الصين، التي يعتبرها هو وإدارته منافسا استراتيجيا كبيرا. ومضى يقول: “الصين ودول أخرى تضيق الخناق علينا سريعا”، مضيفا أنه أمضى وقتا كثيرا في الحديث إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وقال: “إنه جاد أشد الجد في أن يصبح بلده أهم دولة في العالم. يعتقد هو وآخرون أن الديمقراطية لا يمكن أن تنافس الأنظمة الاستبدادية في القرن الحادي والعشرين” .
كما أكّد بايدن أنّه لا يسعى إلى تصعيد التوتّرات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد أن فرض عقوباتٍ على موسكو بسبب مجموعة من المخاوف. وقال: “أوضحتُ لبوتين أنّنا لا نسعى إلى التصعيد، لكنّ أفعالهم لها عواقب” .
واعتبر بايدن أنه تولى السلطة في ظل أسوأ جائحة منذ قرن وأسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير، موضحاً أن أكثر من 220 مليون أمريكي تلقوا اللقاح ضد فيروس كورونا خلال الـ100 يوم من رئاسته، مشيرا إلى أن ما أنجز خلال هذه الأيام يعد أحد أكبر الإنجازات اللوجستية في تاريخ البلاد.