الفايننشال تايمز : المسلحون المستترون في العراق يعقدون جهود الولايات المتحدة لتخفيف التوترات
رأي اليوم :
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا تحت عنوان: “المسلحون المستترون في العراق يعقدون جهود الولايات المتحدة لتخفيف التوترات”.
وبدأت الصحيفة مقالها بالتذكير أنّ “قلة من الناس داخل العراق أو خارجه سمعوا بحراس الدم’ قبل أن يعلن المسلحون مسؤوليتهم عن إطلاق وابل صاروخي على مدينة أربيل الشمالية استهدف قاعدة عراقية تستضيف قوات أمريكية”.
وهو الهجوم الذي دفع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بشن أول عمل عسكري منذ توليه منصبه، فقد أمر الطائرات المقاتلة الأمريكية الأسبوع الماضي بشن ضربات في سوريا ضد الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.
واعتبرت الصحيفة أن الأمر “كان اختباراً مبكراً لكيفية ردّ إدارة بايدن على الأعمال الاستفزازية من قبل المتشددين، مع إبراز التحديات التي تواجهها واشنطن في سعيها لإعادة التواصل مع إيران بشأن اتفاقها النووي وتهدئة التوترات التي تصاعدت خلال رئاسة دونالد ترامب”.
وقالت الصحيفة إنّ “أحد تركة الأعمال العدائية بين إدارة ترامب وإيران، هو ظهور أكثر من اثنتي عشرة جماعة “مقاومة” غامضة في العراق، مثل “حراس الدم”، التي صعّدت من هجماتها ضد الأفراد والأصول الأمريكية خلال العام الماضي”.
ونقلت عن محللين قولهم إنه “اتجاه اكتسب زخماً بعد أن اغتالت إدارة ترامب قاسم سليماني، أقوى قائد عسكري في إيران، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار بالقرب من مطار بغداد في يناير/كانون الثاني 2020”.
وأشارت إلى أنّ “الهدف المعلن للعديد من هذه الجماعات هو الانتقام لمقتل سليماني والمهندس – بطلا الميليشيات الشيعية”.
واعتبرت الصحيفة أنّ هذه الجماعات “أضافت طبقة جديدة من التشدد، تخلق بيئة لا يمكن التنبؤ بها، في دولة هشة تستضيف 2500 جندي أمريكي وحيث تندلع الخصومات الأمريكية والإيرانية”.
كما أشارت الى أنّ هذه الجماعات “تهدّد بأن تكون عاملاً يسعى الى التعقيد، في حين يسعى بايدن إلى الابتعاد عن حملة الضغط القصوى التي شنها ترامب ضد إيران، وتقليل التوترات الإقليمية، والانضمام مجدداً إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع طهران”.
وقال سجاد جياد، الذي يعمل من بغداد مع مؤسسة القرن في مقابلة مع الفاينينشال تايمز: “إنّ سبب وجود هذه الجماعات [العراقية] هدفه جر الولايات المتحدة إلى صراع”.
وأضافت الصحيفة إنّ محللين يشتبهون في أنّ هجوم أربيل كان ناتجاً عن استخدام طهران لوكلائها، بهدف زيادة الضغط على واشنطن قبل البدء بأي جهود دبلوماسية جديدة، على الرغم من قول البنتاغون إنه لم يعثر على دليل على أنّ إيران وجهت الهجوم”.
وقال ريناد منصور، المحلل العراقي في تشاتام هاوس، للصحيفة إنّ ظهور مجموعات غامضة ذات قيادات غير شفافة يجعل من الصعب على إدارة بايدن معرفة مع من يجب أن تتعامل، ويعقّد آمال الحكومة العراقية في متابعة إصلاح أمني هادف.
وأشار أيضاً الى أنّ الصورة مشوشة من حقيقة أنّ مجموعات “المقاومة” هذه، تُعتبر واجهات لقوات شبه عسكرية مدعومة من إيران أكثر رسوخاً في البلاد ومتأصلة بعمق في الهياكل الأمنية والسياسية العراقية، بما في ذلك منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله.
وقالت الصحيفة إنّ قوّة المجموعات الرئيسية تعاظمت منذ أن تم حشدها مع الميليشيات الأخرى في عام 2014 لمواجهة تقدم داعش. واستفادت من دورها في الهزيمة الإقليمية للجهاديين لتعزيز دعمها الشعبي وتوسيع طموحاتها السياسية.
وبحسب الصحيفة، يوجد أكثر من اثنتي عشرة جماعة مسلحة تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي، وهي قوة شبه عسكرية تضم أكثر من 100 ألف عنصر وحصلت على ميزانية قدرها 2.6 مليار دولار من الحكومة العام الماضي.
بالإضافة إلى الهجمات على المصالح الأمريكية، تُتهم الجماعات المسلحة بقتل وترهيب المتظاهرين السلميين والنشطاء والمنتقدين.
وقال مايكل نايتس، من معهد واشنطن، إن إنشاء “الجبهات” هو استراتيجية طورها سليماني، الذي ترأس فيلق القدس الإيراني، الذراع الخارجي للحرس الثوري.
وقال نايتس “إنه جزء منطقي للغاية من استراتيجية تقويض الدولة العراقية مع بناء هذه الجماعات سياسياً”. وأضاف: “هؤلاء يريدون الحصول على رواتب من الحشد الشعبي… لكن في الوقت نفسه يريدون عصيان التسلسل القيادي العراقي والقيام بهجمات إرهابية داخل وخارج العراق”.
وقال منصور إنّ المفارقة هي أنّ “المهندس” كان يعمل على فرض سيطرة ومركزية أكبر على الميليشيات قبل أن تقتله إدارة ترامب.
وقال “قتل المهندس هز عملية المركزية غير المستقرة في العراق”.
بينما جادل كثيرون بأنه كان لاعباً رئيسياً في حملة الحكومة العراقية على المتظاهرين في عام 2019، وبالتالي يجب إزالته، فإنّ الضربة، مثل الأعمال العسكرية السابقة في البلاد، فشلت في تأمين حماية أكبر للمحتجين… أو تعزيز مصالح واشنطن في الحد من النفوذ الإيراني”.
وقال إنه تحدث إلى مقاتلين في مجموعات “طلائعية”، مثل كتائب حزب الله، التي ليس لها قاعدة دعم شعبية، الذين ادعوا أنهم لا يعرفون من هم قادتهم.
وأضاف منصور للصحيفة أنّ التحدي الذي تواجهته واشنطن هو “أنّ هذا الانتقام سيستغرق سنوات”.