"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

“القاهرة” وحكاية “الغراب الفاطمي”

تراثيات :

وسيم عفيفي
القاهرة هي عاصمة جمهورية مصر العربية وأكبر وأهم مدنها على الإطلاق، وتعد أكبر مدينة عربية من ناحية السكان والمساحة، وتحتل المركز الثاني أفريقياً والسابع عشر عالمياً من حيث التعداد السكاني
يعود تاريخ المدينة إلى نشأة مدينة أون الفرعونية أو هليوبوليس “عين شمس حالياً” والتي تعد أقدم عواصم العالم القديم.
أما القاهرة بطرازها الحالي فيعود تاريخ إنشائها إلى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص عام 641 وإنشائه مدينة الفسطاط، ثم إنشاء العباسيين لمدينة العسكر، فبناء أحمد بن طولون لمدينة القطائع، ومع دخول الفاطميين مصر بدأ القائد جوهر الصقلي في بناء العاصمة الجديدة للدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وذلك عام 969، وأطلق عليها الخليفة اسم “القاهرة”.
يبدأ تاريخها بعث الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بقائد جيوشه جوهر الصقلي إلى مصر ليستولى على السلطة وينفصل بها عن الدولة العباسية.
وصل جوهر في 17 شعبان 358 هـ / 968 م ، فاتجه في نفس الليلة إلى الصحراء القريبة من تلال المقطم واختار مكان العاصمة الجديدة ونصب خيامه، ومن المرجح تاريخيا أن جوهر قد اختار هذا الموقع لاعتبارات عسكرية، وقد أطلق جوهر على العاصمة الجديدة اسم “المنصورية” نسبة إلى الخليفة المنصور الفاطمي والد الخليفة المعز، تكريما لذكراه وظلت تعرف بهذا الاسم حتى وصول الخليفة الذي غير اسمها إلى “القاهرة المعزية”.
قبل وضع أساس القاهرة أتى جوهر بالعرافين المغاربة، كما تروي جيهان مأمون في كتابها “همسات مصرية.. جولة عبر الماضي”، وطلب منهم أن يختاروا توقيتا يكون طالعه سعيدا لرمي الأساس، وأحاط المدينة بقوائم خشبية، ووضع بين كل عمود وآخر حبالا تتدلى منها أجراس، لتدق كلها في وقت واحد عندما يعطى العرافون الإشارة المتفق عليها.
وقف العرافون يتشاورون ويحسبون حساباتهم الفلكية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد وقف غراب فوق أحد الحبال فدقت الأجراس وظن العمال أنها الإشارة المتفق عليها فقاموا برمي الأساس، وتصادف أن ظهر في السماء في هذا التوقيت كوكب المريخ الذي يطلق عليه “قاهر الفلك” ولذلك سميت القاهرة..!
اختار جوهر موقع المدينة الجديدة إلى الشمال من العواصم الثلاثة السابقة وأحاطها بسور سميك، واتخذت المدينة شكلا مستطيلا، ويوجد في كل ضلع من أضلاع السور بابان، ولم يكن مسموحا للعامة بدخولها إلا بإذن خاص، فكانت أقرب إلى الحصون منها إلى المدن.

القاهرة في عهد الفاطميين

القاهرة في عهد الفاطميين

وصل المعز إلى القاهرة بعد أربع سنوات في قافلة ضخمة، وأحضر معه رفات آبائه وأجداده وأنشأ لهم مدفنا وأطلق عليه تربة الزعفران – مكان خان الخليلي حاليا – وأعجب بالمدينة الجديدة أشد الإعجاب لكنه عاب بعدها عن النيل.
قام جوهر الصقلي ببناء عاصمة جديدة للدولة الفاطمية، فوضع أساسا لها في يوم وصوله إلى الفسطاط، بناء على توجيهات من الخليفة المعز، وهي مدينة القاهرة في الشمال الشرقي للفسطاط، وجعل لكل قبيلة أو فرقة من فرق الجيش مكانا خاصا بها، وشرع في تأسيس الجامع الأزهر وأحاط العاصمة بسور من الطوب اللبن وجعل له أبوابا في جهاته المختلفة من أشهرها باب زويلة وباب النصر وباب الفتوح