Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

في ذكرى سقوط مبارك – كيف نجح مبارك في رد الضربة لثورة يناير.. وما هي الاسباب الحقيقة لفشلها؟

راي اليوم :

م. يحيى حسن

(1)

    أعترف أن هذه المقالة ستغضب الجميع، لأننا كلنا – كثوار – وأعني بالثوار جميع من شاركوا في الثمانية عشر يومًا من 25 يناير حتى 11 فبراير، فما فيهم الإخوان والسلفيين الثوار وغيرهم، كل من شارك، الكل حمل نصيبًا من المسؤولية، ونظرًا لإن الإنسان منا لا يحب أن يعترف بمسؤولية الإخفاق، فالنصر له مائة أب كما نعلم والهزيمة يتيمة، لا أحد يريد أن يعترف بمسؤوليته عنها، لذلك أقول سلفًا أن هذه المقالة ستغضب الجميع.

(2)

    هناك عوامل كثيرة كثيرة في فشل الموجة الأولى من ثورة يناير، وأنا هنا حين أحاول رصد ما يسر الله لي رؤيته منها، وحين أرتبها تبعًا لأهميتها، فإنني بالطبع أعبر عن رأيي الخاص، الذي قد يتطور لاحقًا لكتاب أو أكثر يحاول التأريخ لها.

(3)

   العامل الأول في رأيي هو قلة الثقافة السياسية عمومًا والثورية خصوصًا عند الغالبية الساحقة من الثوار، ولا أعني هنا جماهير الثوار التي لا يعاب عليها كثيرًا قلة الثقافة السياسية الثورية، بل الطامة التي أعنيها هي النخب الثورية والتي دعت للثورة وشاركت فيها بقوة، كلنا كشفنا عن قلة ثقافة ووعي سياسي ينزل لمرتبة الجهل، بإستثناء مجموعة قليلة من المستبصرين أمثال الأستاذ/ حازم أبو إسماعيل وغيره، الذين طالبوا بعدم الإستسلام لإنتقال السلطة للمجلس العسكري، وطالبوا بالبقاء في الميدان حتى تسليم السلطة للمدنيين، لكنه كان مجرد صوت صادح في البرية، لا حياة لمن ينادي.

(4)

   دق مبارك الشرير أول مسمار في نعش الموجة الأولى من ثورة يناير حين سلم السلطة – بغير مسوغ دستوري – للمجلس العسكري، وكانت تلك أول غلطة فادحة للثوار أن وافقوا – في المجمل – على لعب اللعبة بشروط مبارك والمجلس العسكري، وبينما حذر السيد/ حازم أبو إسماعيل وقلائل معه من هذا وطالبوا الثوار بالبقاء في التحرير حتى يتم تسليم السلطة للمدنيين فإن الثوار جميعهم أخذتهم نشوة النصر بعد تنحي مبارك وأعتبروا أن الثورة حققت هدفها الرئيسي وكان الإرهاق قد نال منهم بعد ثمانية عشر يومًا اليوم منها بسنة، فغادروا ميدان المعركة السياسية السلمية يجمعون الغنائم المعنوية ويهنئ بعضهم بعضًا بينما كانت تلك هي الضربة الأولى التي توجه إلى خاصرة الثورة، والتي سيتألمون منها طويلًا لاحقًا بعد ذهاب السكرة.

(5)

    وإستمرت اللعبة بقوانين مبارك والمجلس العسكري، وبدلًا من ان تفرض الثورة أرادتها بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، ثم محاكمة مبارك ورموز عهده محاكمات ثورية ناجزة خدعنا جميعًا – إلا قليلًا من ذوي البصيرة – بشعارات معسولة مثل: لابد من محاكمات طبيعية حتى لا تصادر الأموال التي في الخارج، فكانت النتيجة أن تحاكمنا إلى قضاة مبارك الذين عينوا في عهده، والذين (لحم أكتافهم من خيره) فكان ما أطلق عليه الثوار ندمًا وتحسرًا (مهرجان البراءة للجميع)، وخرج لاحقًا كل فاسدي عهد مبارك براءة، فلا طلنا القصاص منهم، ولا طلنا الأموال !!، ثم إنتخب مجلس تشريعي في أكبر إنتخابات في تاريخ مصر الحديث شارك فيها 31 مليون ناخب، أسفرت عن أكبر تعددية في التاريخ النيابي المصري، فحزب الأغلبية حصل فقط على 43% من المقاعد، والحزب التالي علي 22%، والأحزاب الليبرالية على حاولي 22%، والباقي توزعت على الأحزاب الأخرى والمستقلين.

    وما ان بدأ المجلس في أعماله وأقر بعض النقاط الهامة ومنها أن تعلن نتائج الإستحقاقات الإنتخابية التالية بكافة انواعها من كل دائرة فرعية على حدة منعًا للتزوير من قبل لجنة الإنتخابات الرئيسية إذا بالمحكمة الدستورية العليا – ربيبة عصر مبارك والمختارة على عينه -تتآمر على التجربة الديموقراطية وتهدر أصوات 31 مليون مصري، وتبطل إنتخابات مجلس الشعب، وعلى الفور يعلن الشريك الآخر في المؤامرة وهو المجلس العسكري أنه يسترد الصلاحيات التشريعية التي كانت لمجلس الشعب !!.

   وهكذا ظل اللعب طوال فترة ثورة يناير من 11 فبراير 2011 وحتى سقوط الرئيس محمد مرسي بقوانين مبارك والمجلس العسكري، والذي يفرض قوانين اللعبة طبيعي أن يفوز في النهاية.

     لذلك أول درس لموجة يناير الثانية: اللعب يكون بقوانين الثورة، وعقاب أعداء الشعب الفاسدين المفسدين يجب أن يكون سريعًا وناجزًا.

(6)

   العامل الثاني في فشل الموجة الأولى هو إنفراط وحدة الثوار تبعًا للمصالح الذاتية، فقط طبق خصوم الثورة مع أتباعها سياسة فرق تسد، والحقيقة أنهم لم يبذلوا جهدًا كبيرًا، فقد حرص كل طرف على مصالحه في إطار نظرة ضيقة تنظر لما تحت القدمين وتفلت النظرة الأوسع، كان واضحًا للكافة أن شعبية التيار الإسلامي والمتعاطفين معهم أكبر من شعبية التيار الليبرالي الذي إعتبر نفسه هو الصاحب الحقيقي لثورة يناير، وأن التيار الإسلامي – في مجمله عدا الأقلية من الإسلاميين الثوار الذين كانوا في الميدان يوم 25 يناير – أتى لاحقًا وبالتالي ليس له السبق الثوري، وهكذا بدأ هذا التيار يحاول تعطيل الإستحقاقات الإنتخابية بدءً من محاولة (الدستور أولًا)، ثم محاولة تأجيل الإنتخابات التشريعية بدعوى أحداث محمد محمود التي أقاموا فيها مزايدات كثيرة على الإخوان، وأسفرت نتائج الإنتخابات النيابية على فوز واضح للتيار الإسلامي، وبدلًا من أن يقبل التيار الليبرالي قواعد اللعبة التي شارك فيها إتهم الإخوان بالخيانة، وخرجت حشودهم في الذكرى الأولى للثورة في 25 يناير 2012 تهتف (بيع بيع بيع….الثورة يا بديع)، في إشارة إلى مرشد الإخوان (د. محمد بديع)، دون أن يوضحوا كيف باع الإخوان الثورة، وما هي جريرتهم – وقتها – إلا أن حازوا أكثرية لا تصل للأغلبية – في المجلس النيابي في إنتخابات شارك فيها الجميع ولم يقاطعها أحد، فماذا كان مطلوبًا من الإخوان؟!، أن ينخدعوا بدعوات المقاطعة ليفوز الليبراليون بأغلبية ؟!!،  وهكذا حول قطاع كبير من الليبراليين ذكرى الثورة الأولى من يوم وحدة وإستعادة لأجواء الثورة إلى يوم فرقة وتشاتم وتنافر.

  وفي المقابل إستعلى الإخوان بمكسبهم هذا، ولم يحاولوا بجدية رأب الصدع، بل بدا في بعض أقوالهم وأفعالهم الشيئالكثير من التهاون، فعندما أثير في مجلس الشعب إستخدام الداخلية للخرطوش في محمد محمود، قال الدكتور الكتاتني رئيس مجلس الشعب: أخطرني وزير الداخلية أنهم لم يستخدموا الخرطوش، وسط تصفيق من أعضاء الإخوان !!!! (يا راجل أتؤخذ شهادة الذئب ؟!!!!)، ألا يقولون الآن يا كتاتني (لا يوجد معتقلون سياسيون في مصر)، بينما أنت وزمرتك تموتون الآن في المعتقلات.

https://www.youtube.com/watch?v=OuEi-RfM7OM

    واستمرت ثنائية (الحسد والحقد الليبرالي) و(الإستعلاء والتهاون والجهل الإخواني) تصبغ ما بقي من عمر (الجمهورية الثانية – جمهورية ثورة يناير)، ففرحت أغلب القوى الليبرالية في شماتة ظاهرة أو مستترة في قرار حل مجلس الشعب الذي إتخذته المحكمة الدستورية العليا (في تآمر واضح على الحياة الديموقراطية الوليدة لصالح المجلس العسكري وهو الكيان الحاكم بطريقة غير دستورية والذي أغتصب فورًا سلطة التشريع وسط صمت تآمري جديد من المحكمة الدستورية، فكأن سطوتها فقط على ما يختاره الشعب، أما ما يختاره مبارك وهياكله المزعومة فلا يخضع لسطوتها).

    وعندما أسفرت الجولة الأولى للإنتخابات الرئاسية عن إعادة بين مرشحين أحدهما ينتمي للثورة هو د. محمد مرسي والآخر عدو لها هو الفريق أحمد شفيق إذا قطاع من الثوريين – أغلبهم من اليسار – يصوت لشفيق بدعوى أنهم لا يريدون إسلامي، وقطاع يلزم بيته ويمتنع عن التصويت !!!!، وقطاع يقول – بجليطة – أنه يصوت لمرسي (ويعصر على نفسه ليمونة) !!!، حسدًا من عند أنفسهم أن الناخبين صوتوا لمرشح الإخوان.

(7)

   وفي ذات الصدد إرتكب الإخوان عدة كوارث، فأولًا أدت سنوات مبارك الطويلة والتي كان يمنع فيها أي مرشح للإخوان من الوصول لأي درجة فوق درجة مدير عام، وكانت النتيجة أنه مع قيام ثورة يناير لم يكن في عشرات الآلاف من كوادر الإخوان النخبوية من هو على خبرة إدارية حقيقية، وبدلًا من أن يحاول الإخوان الإستفادة من إنفراجة يناير الأمنية بأن يعطوا فرصة لأنفسهم وكوادرهم خمس سنوات مثلًا يبنون فيها خبرة إدارية وعلاقات، ويتعرفون على دخائل المنظومة الحكومية المصرية، ويمكن أن يشاركوا خلال تلك السنوات بعدة وزراء في الحكومة فيكتسبون الخبرة الوزارية، وبدلًا من أن يفوا بعهدهم بعدم تقديم مرشح رئاسي، عملًا بمبدأ (مشاركة لا مغالبة) على حد قولهم هم، إذا بهم فجأة يتقدمون بمرشح رئاسي يتلوه آخر، فكأنهم بذلك – وعلى حد قولهم هم – قد إختاروا (المغالبة) !!، لماذا وقد كان هناك ثلاثة مرشحين إسلاميين، د. العوا ود. أبو الفتوح، والأستاذ. حازم أبو إسماعيل، وبدلًا من أن يختاروا أحدهم خرجت كلمات إستعلائية مثل: من أراد لقاء المرشد فليأت إلى مقر مكتب الإرشاد، فالإخوان لا يذهبون لأحد..إلخ !!.

(8)

   وإستمر الحقد والحسد الليبرالي – اليساري على الإخوان واستعر بعد نجاح د. محمد مرسي، فرفض البرادعي وصباحي وغيرهم طلب الرئيس محمد مرسي بإسناد رئاسة الوزارة إليهم، ولسان حالهم يقول: نحن نعمل عندك ؟!!، نعم تعملون معه وليس عنده، ألم تعرض يا برادعي على المجلس العسكري عقب إستقالة د. عصام شرف أن ترأس الوزارة، ونشر ذلك في الصحف، أليس العمل مع د. مرسي أخلص للثورة من العمل مع المجلس العسكري !!، ألم تقبل يا برادعي بعدها أن تكون نائبًا للرئيس في دولة الإنقلاب، ألم يكن العمل مع د. مرسي أشرف ألف مرة مما آل إليه أمرك ؟!!!، لكنه الحقد والحسد إذا سيطر على قلب أعماه.

(9)

   كذلك مارس الإخوان سياسيات وتكتيكات زميمة، فلم يستشر د. مرسي أحدًا في موضوع الإعلان الدستوري، وحشد الإخوان أنصارهم في الشارع قبل حتى صدور الإعلان الدستوري، فأساءوا إلى أنصارهم وأظهروهم بمظهر القطيع الذي يُحْشَد لتأييد شيئ لم يُعْلَن بعد ولا يعرفون عنه شيئًا !!!!.

(10)

   وأعلنها التيار الليبرالي – الياسري المشترك نارًا محرقة على الرئيس مرسي ولو على حساب تقويض الثورة والقضاء على جمهوريتها الوليدة، وأعلن تشكيل (جبهة الإنقاذ الوطني) – وهي في حقيقتها [جبهة الخراب] التي قوضت الثورة و(جابت درفها)، وتتكون من (البرادعي) و(حمدين صباحي) و(عمرو موسى) – أصبح من الثوار !! – و(السيد البدوي) !!، وبدلًا من التدرج السياسي في التعامل مع الرئيس مرسي إذا بهم ينقلون الأمر فورًا إلى الشارع مع التهييج الشديد، فكانت النتيجة حصار الاتحادية، وحرق 26 مقرًا لحزب الحرية والعدالة، ثم أحداث الإتحادية، وكل هذا يزلزل جدران نظام الثورة ويصب في مصلحة خصومها الذين طمعوا فيها، حتى أقترح وزير الدفاع أن يجتمع الفرقاء للتشاور والنقاش (تحت مظلة الجيش) !!!.

  واستمرت (جبهة الخراب) في التصعيد، حتى إنتهى بها الحال إلى التآمر مع العسكريين في تمرد 30 يونيو الذي إنتهى – كما يتوقع كل عاقل – إلى إنقلاب 3 يوليو وسقوط الجمهورية المصرية الثانية وإنتهاء الموجة الأولى من ثورة يناير.

   والدرس المستفاد ” وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ “.

(11)

   والسبب الرئيس الثالث في هزيمة الموجة الثورية الأولى، بعد قلة الخبرة والثقافة السياسية، ثم تناحر الرفقاء الذين صاروا فرقاء، بين ثنائية الحقد والحسد من جهة، والإستعلاء والتهاون والجهل من جهة، هي الدولة العميقة بكافة أجهزتها، المخابرات العامة والعسكرية، الجيش، الشرطة، القضاء، الإعلام، وجيش من العملاء لا يعلمهم إلا الله تابع لهم ومندس بين الثوار.

    كل من هذه الإجهزة ساهم بحظ وافر في وأد ثورة يناير (في موجتها الأولى)، فالجيش ممثلًا في الظاهر في المجلس العسكري كان وراء الكثير من المؤامرات والمشاكل المفتعلة والعراقيل في طريق الثورة، والمخابرات العسكرية لم تقصر، والمخابرات العامة على لسان وكيلها لم تعط معلومة صحيحة واحدة للرئيس مرسي (طوال فترة حكمه) [كذا بالنص]، والشرطة على لسان وزيرها الدموي محمد إبراهيم (الثاني) كانت في أجازة طوال فترة الثورة وعهد الرئيس مرسي    [كذا بالنص]، ويقصد بالطبع أنها كانت في أجازة من عملها الحقيقي، أما التآمر على الرئيس مرسي ونظامه والثورة فكانت على قدم وساق، والقضاء لم يقصر كما ذكرنا سالفًا، بدءً من مؤامرة البراءة للجميعع إلى مؤامرة حل المجلس النيابي إلى عشرات المؤامرات، والإعلام بلسان أبتاعه كان غرضه (تفشيل الدولة) [كذا بالنص، على لسان عمرو أديب]، وكان غرضه إسقاط هيبة مرسي (بالمفتريات)، نقول عليه نحس، نقول عليه كذا [كذا بالنص على لسان خيري رمضان]، كان مكر الليل والنهار من جميع تلك الأطراف.

(12)

   وأما عن جيش العملاء، فكثير منهم كان في صفوف التيار الليبرالي – اليساري الله يعلمهم، وتعرفهم في لحن القول، وبعض منهم للأسف كان في صفوف الإخوان الذي تأكد لنا جميعًا الآن كم كانوا مخترقين، أما أكبر كتلة من العملاء حقًا والتي إرتدت ثياب الحملان وقلوبهم قلوب ذئاب فهم قيادات ما سمي (بحزب النور)، ففجأة تكون هذا الحزب، والتيار السلفي له شعبية، وقد يقول أحد أن الأموال الرهيبة التي سالت في أيديهم فإستأجروا المقرات وجهزوها ونظموا الدعاية هي من تبرعات المتعاطفين في الداخل أو قوى معلومة لها ذات الأديولوجية في الخارج، أما ما لا يمكن عزوه إلى قدراتهم الذاتية، والذي يؤكد أن جهاز أمن الدولة كان وراءهم، هي القدرات التنظيمية، فالشعبية والمال قد تتوفر، لكن القدرات التنظيمية خبرات متراكمة لا توجد إلا عند الإخوان بالدرجة الأولى والأحزاب بدرجة أقل، وأكبر منهم الجهاز الأمني المتغلغل.

    وقد رأيت هذا النموذج بالضبط في الجامعة ولكن بصورة مصغرة بالطبع، فلكي يضرب الأمن الأسر الطلابية الإخوانية قام بإنشاء أسر سلفية، ومولها الحزب الوطني، كي تتفتت أصوات المتعاطفين مع التيار الإسلامي بين أسرتين بدلًا من أن يستأثر الإخوان بكعكة الإسلاميين كلها، وكان إسم الأسرة السلفية (أسرة النور) !!، تلك اللعبة التي رأيتها وكنت شاهد عيان عليها في الجامعة عامي 1990 و1991، هي التي تكررت بالضبط في إنتخابات 2011، أخرج أمن الدولة حزبًا ظاهره أنه يمثل التيار السلفي، وباطنه لمشاكسة وحرب الإخوان، كان هذا الحزب من جهة مع جبهة الخراب من جهة طرفي الكماشة المدنية التي وئدت الثورة، وهم أصحاب الفرية الكبرى عن (أخونة الدولة)، وأن الرئيس مرسي عين 13 ألف إخواني في مفاصل الدولة، ولما طالبهم الرئيس مرسي بالأسماء أعطوه أسماء أقل من مائتين وقالوا: كنا نقصد 13 محافظة، وهكذا تحولت 13 ألف في لحظة إلى 13 محافظة، ثم إنصرفوا غاضبين (صرف الله قلوبهم، فقد كانوا أهل بهتان، فإذاقهم الله الذل بعد سقوط مرسي).

  الدرس المستفاد: ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ، وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ “.

(13)

   والسبب الرئيس الرابع تمثل في القوى الإقليمية الكارهة لثورة يناير، وعلى رأسها الإمارات وإسرائيل، ومن بعدهما السعودية، وقد تكفلت الأولى بالدعم المادي الرهيب لإسقاط ثورة يناير، وأنفقت المليارات في سبيل ذلك، وقد كشفت كثير من تلك الفضائح في تسريبات بأسماء الأشخاص والبنوك، ومن فم مدير مكتب السيسي، وما خفي كان أعظم جدًا، وأما القوة الثانية إسرائيل فتكفلت بالتآمر على الثورة في الداخل والخارج، عبر علاقاتها مع الدول الكبرى وعبر عملائها في الداخل المصري، وقد أقلقها توجه الرئيس مرسي في دعم غزة، وتاريخ صراعها مع الإسلاميين معروف، خاصة الإخوان، المعمد بالدم منذ عام 1947.

الدرس المستفاد: ” هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ “

(14)

  وهناك عوامل أخرى كثيرة، منها ما يتعلق بالشعب وقلة صبره على المعاناة الثورية، وقدرة الإعلام على التأثير فيه على علمه بفساد هؤلاء الإعلاميين، لكن المثل الشعبي المصري يقول (الزن على الودان أمر من السحر)، أي أكثر تأثيرًا وخطورة من السحر، وهذا هو ما لعب عليه الإعلاميين، نظرية رائدهم (جوبلز) (أكذب وأكذب وأكذب حتى يصدقك الناس)، وعوامل أخرى متفرقة كثيرة، ولكن هذا ما قُدِّر لي جمعه من تلك العوامل الرئيسية والفرعية……..وللثورة عودة في موجات اخرى إن شاء الله.

يحيى حسن عمر

كاتب سياسي مصري وباحث في التاريخ