آية من كتاب الله تعالى – (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )

سبب النشر

ليس إلا ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى ففي الحديث الشريف ” من تقاضى على القرآن أجراً فذاك حظه من القرآن ” .. صدق رسول الله صلى الله عليه وآله

والخشية تكون من كتمان علماً قد ينتفع به العالم على كافة الديانات والمذاهب الإسلامية  وبالتالي الخشية هنا من الوقوع في الإثم والذنب العظيم من كتمان العلم لقوله صلى الله عليه وآله : [ من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار… صدق رسول الله صلى الله عليه وآله  ] وذلك لأن جريمة العلماء بين شقين ولا تخرج عن كونها كتمان للعلم أو تحريفاً له و لذلك قال تعالى  { فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون – البقرة} 

وهو علم ذا بصمة منفردة لا يستطيع أحدا في العالم سرقته أو نسبته إلى نفسه لتفردنا به دون غيرنا وعدم تكراره من قبل في

بسم الله الرحمن الرحيم

وهنا :

(48) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)

وهنا :

{ وما نرسل المرسلين}

أي أنه يقول تعالى ومانرسل بالآيات التي أنزلها وأرسلها مع المرسلين إلا لتبشير المؤمنين أو إنذار وتخويف المجرمين قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا – الأحزاب 45 } وهذه الآيات أيضاً لتخويف العصاة والمجرمين بآيات الله المتلوه لعلها تردعهم وتعطيهم صورة عما سيلاقوه بعد موتهم لقوله تعالى في هذه الآيات المتلوة أو

  • الآيات المعجزات

{ وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما ومانرسل بالآيات إلا تخويفا – الإسراء} وهذه الآيات التي كناقة نبي الله صالح أو معجزات الأنبياء  كعصا موسى أ وإحياء الموتى كنبي الله عيسى عليهما السلام أو معجزات المرسلين من تحول البحر إلى جبل كالطود العظيم  بعصا نبي الله موسى عليه السلام أو معجزات نبي الله إبراهيم وتحول النار لبرددا وسلاماً هذا النوع من الآيات بين تعالى أنها لن تعود مرة أخرى بعد نزول القرآن الكريم معجزة الله تعالى الباقية حتى قيام القيامة وذلك لتكذيب الأمم الأولى  بهذه ا{يات قال تعالى { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون – الإسراء 59 }  أي أن الله تعالى أرسل رسله الكتب والبينات والهدى والفرقان والمعجزات ليكونوا بين الناس مبشرين ومنذرين ولكن ببعثة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ختم هذا النوع من الآيات ولن تعود حتى قيام القيامة الكبرى ومن هذه الآيات على سبيل المثال لا الحصر خسف القرى والذي كان بصاعقة أو صيحة وأصبح بإذن الله بالقنابل النووية الآن قبل الساعة فبدلاً من نزول سيدنا جبريل عليه السلام بها للخسف علم الإنسان كيفية الخسف بإذن الله  والدليل هنا مثلا  قوله تعالى بعد بيان كفر أعراب الجزيرة العربية في أوائل سورة فصلت ثم  قال تعالى في الآية 13  { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت } وهنا (مثل) كقوله تعالى { وخلقنا لهم من مثله مايركبون -يس} أي أنها ليست صاعقة سماوية بل أرضية تتشابه مع التي تنزل من السماء بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام وكل ذلك بإذن الله فهى مثلها في الشبه وليست الأصل من السماء ومثل ذلك مجازات بينها وفصلها  القرآن الكريم عن الدابة التي تعلم الناس القرآن واليقين أو حمار الدجال الذي يطير به في الهواء أو رجلاً أعور  يحكم العالم أو يأجوج ومأجوج أصحاب الآذان الكبيرة التي يلتحفون بها  فكل هذه رموز ومجازات بينها حضرة المصطفى صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام رحمة بعقول العرب وقتها والتي لا تعرف إلا الدواب والسماء والأرض والجبال والبحار .

 – وأما عن الأنواع الأخرى من تلك الآيات بكتاب الله تعالى بعضها نزل وبعضها موجود وبعضها سيآتي آخر الزمان كما يلي  :

  •  (2) أيات متلوه في كتب الله المنزلة لهداية البشر : لقوله تعالى { تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق }
  • (3) آيات مشاهده خلقها الله تعالى لهداية البشر : لقوله تعالى { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار آيات لآولي الألباب – آل عمران 190 } وهذه الآيات التي ترى بالعين خلقها الله تعالى لتدل عليه عزو جل لأن كل شيئ متحرك لابد وله من محرك فلا يتحرك من تلقاء نفسه  لذلك قال تعالى في نوع من البشر أقل من الدواب في الرتبة بل الدواب أفضل منهم لقوله تعالى { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل  } وذلك لأن الأنعام تعبد الله تعالى مذللة وهؤلاء يمرون على آيات خلقها الله تعالى في السماوات والأرض ولم يؤمنوا به تعالى وعبدوا غيره قال تعالى لذلك في هؤلاء ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ – يوسف 105 ﴾. وهل الإعراض عن آيات الله كما كان يظن الكثير أنه عن آيات الله المتلوه في قوله تعالى { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعدا- الجن } والإعراض يكون عن آيات الله كما في قوله تعالى { وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين – الحجر 81} والإعراض هنا عن آيات الله المتلوة و المشاهدة بالعين غفلة  عنها وعدم اكتراثهم بالتفكر فيها و فيمن خلقها وحركها وكثير من الناس لا يتفكرون في تلك الآيات لقوله تعالى { وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون – يونس 92} .
  • (4) آيات تركها الله تعالى من آثار الأمم من قبل : لقوله تعالى   {وَتَرَكْنَافِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ – الذاريات 37}
  • (5) آيات يخلقها دجال كل عصر ليبهر بها ضعاف النفوس ممن لا إيمان ولا دين له : قال تعالى فيها { اتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون – الشعراء } .
  • (6) أيات مستقبلية تأتي مع إمام آخر الزمان ونزول العذاب على الأمم قال تعالى فيها { هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ – الأنعام 158}
  • (7) آيات نصرة بنزول ملائكة لإهلاك العدو : كمافي غزوة بدر { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ – آل عمران 13 } وقال تعالى أيضاً : { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا- الفتح 20 } .

وبهذه الآيات المعجزات والايات المتلوه يكون النصر على أعداء الله تعالى لقوله تعالى : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ – القصص 34- 35} وبهذه الآيات يتم النصر على العدو وظهور دين الحق على الدين كله لقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا – الفتح 28 }.

وهذا النصر وهذه الغلبة تأتي بعد تلاوة آيات الله تعالى على الناس لإقامة حجة الله تعالى وتعليم المؤمنين دينهم بجعل القرآن حاكما على العالم والمتعلم وليس على المتعلم فقط ليجعلوا رجالاً حكاماُ على كتاب الله فيفرقون الأمة وفق أهواء وفهم كل منهم فينطبق عليهم قوله تعالى : { كل حزب ما لديهم فرحون }  قال تعالى عن هذه الآيات وتلاوتها على الناس وتعليمهم إياها من تلاوة واحكام : { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ –البقرة 151 } . وتعليم كتاب الله كما ورد في القرآن الكريم على اربع محاور :

أولا : حفظ كتاب الله تعالى

لقوله تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ – العنكبوت 49 }

ثانيا : تلاوته :

لقوله تعالى { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِى حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَىْءٍۢ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين – النمل 91-92  }

وقال  تعالى أيضاً { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ  -فاطر 29  }

ثالثا : دراسة كتاب الله  :

{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ – الأعراف 169} وقال تعالى مبيناً أنه تعالى  لم ينزل غير  الكتاب   لدراسته قال تعالى { وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ۖ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ – سبأ 44 }

رابعا : تدبر آياته :

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ- ص 2 } وقال تعالى أيضاً  { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا – محمد 24  }

والمكذبين بآيات الله تعالى ورسله  توعدهم الله تعالى قائلا   : { الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا  فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ – غافر 70 } وهنا هذا الوعيد لكفرهم وإقرارهم على أنفسهم بذلك لقوله تعالى : { قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون – إبراهيم 9 } وهنا يرسل الله تعالى عليهم رجزاً من السماء لقوله تعالى : { فأرسلنا عليهم رجزاً من السماء بما كانوا يظلمون – الاعراف 162 } وبالتالي المرسلين مابعثهم الله تعالى إلا مبشرين ومنذرين قال تعالى : { وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين – الكهف 56 } .

وأما :

  • – (مبشرين ومنذرين )

 

والبشير النذير هو رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيرا – الفرقان 56}

 

والإنذار للظالمين والبشارة للمحسنين لقوله تعالى { لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين – الاحقاف 12 } . وقال تعالى أيضاً : { طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ  هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ – النمل 1-3 } .

أي أن آيات الله تبشر المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات واجتنبوا كل من تحاكم لغير الله تعالى ةهم الطواغيت قال تعالى { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه – الزمر 17-18 } .

والطاغوت كل من عمل بالهوى واجتنب النص القرآني وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله ومرويات أهل بيت النبي عليهم السلام المرفوعة لحضرة النبي صلى الله عليه وآله قال تعالى في هذه الطواغيت العاملة بالهوى في مقابل النص { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا – النساء 60} .

 

وهؤلاء الذين آمنوا بالله تعالى وعملوا الصالحات واجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها بشرهم الله تعالى بالجنة لقوله تعالى { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – البقرة 25 } .

 

وهذا في الآخرة وفي الدنيا لهم البشرى والفتح القريب لقوله تعالى  { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ – الصف 13} .

 

وهناك بشرى للكافرين قال تعالى فيها { وبشر الذين كفروا بأن لهم عذاباً أليما – النساء 138} وأيضاً المنافقون لهم بشرى قال تعالى فيها { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً – النساء 138ـ139} .

وهذه البشرى لهم بالنار كانت لولايتهم غير الله تعالى ورسوله وأهل بيته لولاية الآباء والأجداد والقبائل والبلدان قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ– التوبة 23} .

وكل من سمع آيات الله تعالى ولم يطع فقد بشره الله تعالى بالعذاب الأليم كما في قوله تعالى { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ – الجاثية 7-8 } . وأما قوله تعالى :

  • ( مبشرين ومنذرين )

 

والمنذر الأول هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولكل أمة هادٍ لها وهادي هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو الإمام علي عليه السلام لقوله تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } .

 

وهو الشاهد على هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى “{ أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة “- هود } – [ منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد – باب سور القرآن [

 

و [ قال أمير المؤمنين : والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار الا وقد علمت فيمن أنزلت ولامر على رأسه المواسي الا وقد أنزلت عليه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنة أو إلى النار، فقام إليه رجل، فقال : يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول: ” أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ” فرسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه وانا الشاهد له فيه وأتلوه معه.- بصائر الدرجات ]

 

{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ – يس 11 } والإنذار للمؤمنين كما في قوله تعالى { وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ – يس 10 } فإذا كان آخر الزمان ألقى الله تعالى الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر الناس كما في قوله تعالى : { رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ – غافر 15 } وهنا الإنذار يكون بعذاب يحل عليهم قال تعالى فيه { وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب – إبراهيم 1 } وقد أنذر الأنبياء قومهم من قبل كما في قوله تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام { إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – نوح1 } وإذا أراد الله تعالى بهم سوءاً أغلق سمعهم عن السمع بصيانهم لله تبارك وتعالى لقوله عز وجل { قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ – الأنبياء 45 }

وهذا الصمم عن آيات الله تعالى بكفرهم فيعرضوا عن ذكر الله تعالى لقوله عز وجل { والذين كفروا عما أنذروا معرضون – الأحقاف 3 } ثم يتخذوا آيات الله تعالى هزوا لقوله تعالى { واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا – الكهف 56 } ولذلك ينذر الله تعالى هؤلاء لقوله عز وجل { إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا – النبأ 40} .

ثم ينزل الله تعالىعليهم بأساًشديداً لقوله تعالى { لْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ   قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا – الكهف 1-2 } .

ويبدأ هذا البأس بإنذار ودعوة تحذيرية للناس من عذاب الله على لسان إمام من أهل البيت عليهم السلام لقوله عزوجل {  { يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ – غافر 15 } فيقوم فيهم نذيراً لقوله تعالى { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير – فاطر 24 } وهنا يقوم فيهم الإمام نذيراً ويقيم عليهم حجة الله تعالى و من ثم يكون هلاكهم في هذه الحجة وفيها نذر الآخرة كما قام بها المرسلين من قبل لقوله تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56 } .

أي أنه كما كان هناك نذرأولى هناك نذر آخر يقوم بها رسول الله صلى لله عليه وآله والأئمة عليهم السلام  من بعده وآخرهم إمام آخر الزمان عليه السلام وهو لسان الصدق الذي قال فيه تعالى على لسان سيدنا إبراهيم في دعوته { واجعل لي لسان صدق في الآخرين – الشعراء } .

وأما قول تعالى :

  • – (فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

وهنا يبين تعالى أن المؤمنين هم الذين تولوا أمير المؤمنين الذي نزل فيه قوله تعالى

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ – المائدة 55 }

وولاية الله تعالى ورسوله ثم أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام هى سبيل المؤمنين هذا ومن تولى غيرهم فهو على ما تولاه من دون الله تعالى ورسوله وأهل بيته من شقاق

قال تعالى  { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا- النساء 115 }

والظالمين الذين خرجوا على ولاية الله الحق يتولى بعضهم بعضا لقوله تعالى

{ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ – الانعام 129 }

 

وهذا هو الكفر لقوله تعالى هي أمتنا التي تأت من بعد أمة نبي الله عيسى عليه السلام :

{  تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ – البقرة 253 }

وهؤلاء الظالمين تولى بعضهم بعضاً بما كانوا يكسبون وماكسبوه كان حسداً لآل بيت النبي عليهم السلام لقوله تعالى فيما كسبوه من حربا عليهم كان أصلها الحسد قال تعالى { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ ۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا – النساء 54-55 } .

فمن آمن بالله تعالى دخل في ولايته وولاية رسوله وأهل بيته عليهم السلام ومن خرج على هذه الولاية فهو في شقاق  كما بينا ويتولون بعضهم بعضاً بظلمهم لآل البيت عليهم السلام قال تعالى { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ – الجاثية 19 } ومن تاب وآمن بهذا فهو من المفلحين قال تعالى { فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ الجاثية 67 } والمفلحين في الدنيا والآخرة هم حزبه تعالى لقوله عز وجل { ألا إن حزب الله هم المفلحون – المجادلة } وهم الغالبون لقوله تعالى { وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ- المائدة 56 } . وأما قوله تعالى :

 

  • – ( فمن آمن وأصلح )

وهنا أصلح أي عمل صالحاً لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا – الكهف 30 }

ويبين تعالى أن الانبياء دعوا الله تعالى أن يجعلهم من الصالحين كدعاء نبي الله يوسف عليه السلام {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ – الكهف 101 }

وهؤلاء الصالحين من الانبياء والمرسلين والصديقين والشهداء هم الذين أنعم الله تعالى عليهم بطاعتهم لله تعالى ورسوله لقوله عز وجل { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا – النساء 69 }

وبطاعتهم لله تعالى ورسوله وولايتهم له تعالى ولرسوله وأهل بيته عليهم السلام جعل المودة بينهم لقوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا – مريم 96} وهذه المودة  فيما بين المؤمنين جعل الله تعالى أصلها وعمادها مودة أهل بيت النبي عليهم السلام كما في قوله تعالى { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ – الشورى 23 }

وهؤلاء هم حزب الله الغالبون الذين يرثون الارض بأعمالهم الصالحة وليس سفك الدم الحرام أو التربح بأخماس أو صدقات جعلها الله تعالى للضعفاء والفقراء والمساكين قال تعالى { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ – الانبياء 105 }

وهؤلاء جميعاً من أنبياء ومرسلين وصالحين كلهم دخلوا بصلاحهم في مع%

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

من تفسير البينة : ميلاد نبي الله يحى و الإمام الحسين عليهما السلام في آخر ربيع أول وليس شعبان من القرآن الكريم

البحث بصيغة PDF : ميلاد نبي الله يحى والإمام الحسين عليهما سورة مريم : الآية …