أنطاكيا – «القدس العربي»:
كشفت مصادر محلية من منطقتي البوكمال السورية والقائم العراقية لـ «القدس العربي» عن نشاطات تهريب نفطي وتجاري لتمويل فصائل الحشد الشعبي العراقي التي تنتشر في المدينتين، وتفرض سيطرة شبه مطلقة على المنفذ الحدودي بينهما.
وقالت المصادر إن هذه النشاطات في معظمها ذات مغزى اقتصادي «لأغراض تتعلق بتمويل تلك الفصائل والإنفاق على نشاطاتها في المنطقتين، وكذلك صرف رواتب مقاتليها بالإضافة إلى تحقيق مكاسب مالية للقادة والكوادر المتقدمة». وتركز الفصائل التي تخضع لإشراف وقيادة «الحاج عسكر المعين من قبل الحرس الثوري الإيراني على تهريب المشتقات النفطية من البوكمال إلى القائم بأسعار متدنية، وإنعاش حركة التجارة بين المدينتين مقابل 200 إلى 300 دولار تتقاضاها الفصائل كأجور نقل البضائع للتجار بسيارات هذه الفصائل التي تتراوح حمولتها ما بين 2 إلى 4 أطنان للسيارة الواحدة» حسب مصدر تحدث إلينا وهو تاجر جملة من سكنة قضاء القائم.
لكن، من هو الحاج عسكر؟ وفقاً لمصدر متابع للفصائل على الحدود العراقية السورية ويرتبط بعلاقات خاصة مع قيادات تلك الفصائل، فإن «الحاج عسكر هو أحد قيادات الحرس الثوري الإيراني، ويشرف على مناطق ريف البوكمال القريب من الحدود العراقية ويتولى إدارة فصائل «حيدريون» والنجباء والطفوف وكتائب حزب الله العراق وفصائل أخرى تتواجد في المنطقة».
يشرف عليها «الحاج عسكر» من الحرس الثوري الإيراني
«الحاج عسكر» عُيّن بعد إقالة «الحاج مجيد» الذي كان من أعتى قيادات الحرس الثوري ومعروف عنه ترهيب السكان المحليين والاعتقالات العشوائية إضافة إلى التصفيات الجسدية والتهجير القسري، المصدر أضاف، ان «الحاج مجيد كان المشرف الأول على عمليات تهريب الحبوب المخدرة الواردة من لبنان عبر الأراضي السورية لإدخالها إلى منطقة القائم في العراق ومنها إلى مدن عراقية أخرى معظمها في محافظة الأنبار، مثل أقضية حديثة والفلوجة والرمادي مركز المحافظة». وعلى خط «الحاج مجيد» في تسهيل عمليات تهريب الحبوب المخدرة، يواصل «الحاج عسكر» تنفيذ «عمليات تهريب واسعة النطاق من سوريا إلى العراق».
وحسب مصدر ثانٍ، فإن «الحاج عسكر» دائم التنقل بين منطقة وأخرى ضمن مناطق البوكمال وريفها «خوفاً من الاستهداف بغارات جوية أو بإنزال أمريكي، وعادة ما يختار منازل سكنية عادية من مساكن المواطنين في قرى ريف البوكمال، وأحياناً في منازل تعود لسكان البوكمال في الأحياء السكنية على أطراف المدينة». وكما انه يتخذ المزيد من الإجراءات الاحترازية في السكن والإقامة، فان «الحاج عسكر» يبدو أكثر احترازاً في استخدام السيارات لتجنب غارات التحالف الدولي حيث يستخدم «سيارات تحمل لوحاتها أرقاماً عراقية أو سورية تعود لمقاتلين ومنتسبين أو متعاونين محليين مع كتائب حزب الله – العراق الذي يعد الفصيل الأقرب للحاج عسكر» حسب المصدر نفسه. ويشرف أيضاً على تدريب مقاتلي الفصائل في مناطق عدة من محافظة دير الزور، بعضها معسكرات في عمق صحراء منطقة البو كمال. ويضيف المصدر، أن «الحاج عسكر» حسب ما نقله مقربون منه، يتقن اللغات العربية والإنجليزية والفارسية ويتحدث الروسية بشكل جيد.
ومع تصاعد وتيرة الغارات الجوية التي تنفذها «طائرات مجهولة» على مواقع الفصائل الحليفة لإيران والتي يشرف عليها «الحاج عسكر» فإن هناك نية بسحب معظم مقاتلي الفصائل خاصة من الجنسيتين الأفغانية والإيرانية إلى داخل العراق للتمركز في مواقع جديدة على الحدود مع سوريا، حسب مصدرٍ ثالث.
ويؤكد هذا المصدر أن «الحاج عسكر» يتنقل بشكل متقطع في العديد من مناطق محافظة الأنبار، منها قضاء القائم ومنطقة عكاشات التابعة للقضاء بسبب قربهما من منطقة البوكمال السورية. ويتواجد المئات من مقاتلي الفصائل العراقية الموالية لإيران في منطقة عكاشات والتي تعتبر من المناطق المهمة في الأنبار بسبب تواجدها بالقرب من الحدود العراقية السورية.
وهناك، وفق ما قاله المصدر لـ»القدس العربي» كتائب سيد الشهداء وحركة النجباء في منطقة عكاشات بأعداد قليلة نسبياً، بينما تشكل كتائب حزب الله – العراق الفصيل الأكثر تسليحاً والأوسع نفوذاً في قضاء القائم ومنطقة عكاشات، بالإضافة إلى لواء الطفوف وهو الأكثر عدداً من غيره من الفصائل، وسرايا الخراساني وغيرها من الفصائل التي تتركز نشاطاتها على التهريب وتجارة المخدرات مع حماية أمن تلك المناطق من عمليات تنظيم «الدولة» الذي تراجع وجوده غرب العراق عموماً، حسب المصدر.
عمليات التهريب تتنوع بين الحبوب والكريستال والغنم والسلاح وتهريب البشر، حيث يتم إدخال العراقيين لزيارة سوريا بسعر 200 دولار دون جواز، كما يتم تهريب حتى الطيور النادرة من سوريا للعراق، وتتمركز بؤر نشاطات التهريب في النقاط التالية:
* منفذ قضاء القائم/ تسيطر القوات الأمنية عليه شكلياً، حيث يسيطر حزب الله على ساحة الآليات التي تدخل من الحدود السورية والتي يتقاضى من كل سيارة مبلغ 1500 دولار.
*منطقة عكاشات/ منطقة راس الهرم والتي يسيطر حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء وحيدريون وسرايا الخرساني ويتم من خلال هذه المنطقة التخطيط والتدبير لعمليات القتال والتهريب
*منطقة المشاريع (70 كم جنوب القائم) التي يستولي عليها حزب الله بالكامل ويقوم بإعطاء ترخيص لزراعة الأراضي بشرط أن يأخذ حزب الله 40 % من إنتاجها.
*تهريب النفط والغاز والكاز من البوكمال إلى القائم وبأسعار رمزية جداً.