دعت دراسة حديثة إلى التوقف عن استيراد أي شيء من الخارج، يمكن تصنيعه في مصر بما في ذلك استيراد الجرارات والقاطرات الكاملة، وقطع غيارها من ألمانيا وكندا وأمريكا وإسبانيا. وأشارت الدراسة إلى أن هيئة السكك الحديدية تستورد سنويا الكثير من العربات المكيفة من إسبانيا، على الرغم من أن الأيدي العاملة المصرية الماهرة، قد أثبتت جدارة في تصنيع عربات مكيفة من خلال شركة “سيماف”.
وأوضحت الدراسة التي جاءت بعنوان “إعادة أطروحات تنموية وخدمية من السكة الحديد .. رؤية للتطوير والتحديث”، أنه منذ حادث قطار الصعيد عام 2002، قد قام العاملون المصريون في شركة سيماف بتصنيع عربات مكيفة مصرية خالصة أسموها:”نفرتيتى”، وعربات مطورة غير مكيفة أسموها :”حورس”. وأضافت أن “كل عربة موجودة الآن ومكتوب عليها :”مطورة” هي كانت من قبل تحمل إسم :”حورس”، لكن لأن الصيانة في السكة الحديد هي بحق أسوأ ما فيها، فقد توقفت صيانة عربات نفرتيتى وتوقف تصنيع المزيد منها كذلك”. وأبانت الدراسة أن ذلك كله كان بفعل فاعل لصالح مافيا الاستيراد من الخارج.
واعتبرت الدراسة أن استيراد العربات والجرارات من الخارج مع وجود الصناع المصريين المهرة، من التناقض المعيب، منبهة إلى أن (وكالة ناسا) كانت طلبت من الهيئة العربية للتصنيع منذ سنوات القيام بتصنيع حفار ستستخدمه ناسا على المريخ، بينما لا تستعين سكك حديد مصر بنفس الهيئة في تصنيع قطع غيار القاطرات ناهيك عن القاطرات الكاملة.
وأضافت ــ معززة فكرتها في هذا الجانب ــ أن كلية هندسة القاهرة بها قسم للسكك الحديدية، وأن رسالة هذا القسم هي وضع تصميمات لقاطرات مصرية خالصة، إذ بعد تصنيعها ستستغنى الهيئة نهائيا عن استيراد القاطرات من الخارج، ويمكن البدء فيه بعمل تعديلات في القاطرات المستوردة، بنسب تتعدى 20% حتى يتم تسجيل براءات اختراع بتلك التعديلات. وأردفت “هيئة السكك الحديد بها مدرسة خاصة بها لتخريج كوادر السكة الحديد من سائقين وفنيين وغيرهم”، ويمكن لكلا المكانين تصنيع تلك القاطرات المعدلة هنا في مصر دون الدخول في مشاكل قانونية مع الشركات المصدرة لتلك القاطرات.
رجال الصيانة
ودعت الدراسة إلى عودة القطارات التوربينية إلى العمل، حيث لا معنى لتكهينها، باعتبارها تمثل أيقونة للسكة الحديد، وإعادة تلك القطارات كلها إلى العمل ليس أمرا صعبا، فالعربات نفسها لا تحتاج لمجهود خارق في صيانتها، لأنها مثل أية عربات مكيفة.
وأشارت إلى أن جرارات هذه القطارات لا تستعصى على خبراء الهندسة الميكانيكية في مصر، حتى وإن أدى الأمر إلى استبدال محركاتها بمحركات أخرى أسهل في صيانتها، منبهة إلى أن الحكم على هذه القطارات بالإعدام وحرمان ركابها منها، أمر محزن. ولفتت إلى أن قدرة شركة “سيماف” على “تقفيل مقدمة أي جرار من جرارات الهيئة ولتكن من ماركة “هنشل” الألمانية تماما مثل مقدمة القطار التوربينى”، بما يضمن ليس فقط عودة القطارات التوربينية إلى العمل، بل زيادة عدد القطارات التوربينية دون استيرادها.
قطارات مخفية
وكشفت الدراسة أن مافيا الاستيراد أخفت عددا من الجرارات المستوردة والتي يماثل صوت محركها صوت جرارات هنشل الألمانية، وكانت تلك الجرارات مدهونة كلها باللونين الأصفر والأخضر الفاتح، وكانت كلها تعمل في جر قطارات البضاعة، وكان يقال وقتها إنها يتم تشغيلها على قطارات البضاعة لكبحها، ثم تشغيلها بعد ذلك على قطارات الركاب، وفجأة اختفت كل تلك الجرارات، داعية إلى إعادة تلك الجرارات إلى العمل مع صيانتها بدلا من استيراد جرارات جديدة.
وكشفت تاليا عن نوع ثان من الجرارات المخفية ظهرت في وسط التسعينيات على غالب الظن أنها جرارات أمريكية، وكانت كل تلك الجرارات مدهونة بلونين يقسمان جسم الجرار إلى نصفين: الأحمر والرصاصى الفاتح، وفي أول تشغيل لتلك الجرارات بعد استيرادها تم تشغيلها على القطار الأسبانى.
أما النوع الثالث المختفي بحسب الدراسة، فكانت جرارات مستوردة زرقاء اللون، ثبت أنها غير قادرة على جر القطارات والسير بها لمسافة طويلة، وتم تشغيلها في سحب الاستوكات -جمع استوك وهو القطار بكل عرباته وجراره- من على أرصفة محطة القاهرة إلى الفرز، أو العكس، وفجأة اختفت كلها ولم يعد يظهر منها أي جرار، أين اختفت هي الأخرى؟ وعندما يتم العثور عليها، هل من الصعب على خبراء الهندسة الميكانيكية التوصل إلى العيب الذى يمنع تلك الجرارات من العمل لمسافات طويلة؟ وهل يمكن تشغيلها في جر قطارات الضواحي فقط ؟
استغلال ثروة
ودعت الدراسة إلى استغلال كل ما لدى الهيئة من عربات وعودته إلى العمل، سواء أكانت مكيفة أو مميزة أو عادية، وعدم تركها للصدأ وعوامل التعرية. وأنه للاستفادة القصوى من الجرارات فستتم إراحة الجرارات أو أن تكون “استوكات كاملة” بواسطة تبديلها في التشغيل مع تلك الجرارات أو العربات، مما ينتج عنه تقليل إهلاكها، وبالتالي زيادة أعمارها ومدد الاستفادة منها، وهذا يعرفه جيدا اختصاصيو الهندسة الميكانيكية وكذلك خبراء الاقتصاد. وطالبت الدراسة باستغلال ثروة الجرارات في زيادة أعداد القطارات على الخطوط المزدحمة، وزيادة أعداد عرباتها، لتقليل الازدحام بمحطات وقطارات تلك الخطوط.
حمى الخصخصة
وحذرت الدراسة مما أسمته “حمى الخصخصة”، والتي بدأت بتنفير الشعب من القطارات بعدة وسائل مثل؛ تعمد إلغاء مواعيد لقطارات مزدحمة جدا، وذلك توطئة لإلحاق خسائر متعمدة بالهيئة تمهيدا لخصخصتها، فتلك الخطوط المعلوم عنها أن قطاراتها مزدحمة لابد من زيادة أعداد القطارات بها للقضاء على الازدحام.