قال تعالى (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يكُ خيرًا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابًا أليمًا في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير). سورة التوبة الآية 74، ففي الآية السابقة تحدث القرآن الكريم عن بعض الحوادث التي وقعت في الطريق أثناء غزوة تبوك ومن تلك الحوادث محاولة المنافقين اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من غزوة تبوك عند العقبة، حيث ذكر المفسرون تلك الواقعة عند تفسير هذه الآية، قال ابن كثير رحمه الله إن الآية السابقة نزلت فيهم أي: في المنافقين الذين حاولوا اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الضحاك: إن نفرًا من المنافقين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك في بعض الليالي في حال السير وكانوا بضعة عشر رجلًا فنزلت فيهم هذه الآية «. وقال الطبري: والذي همّ به، قتلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما جاء ذكر تلك الحادثة في حديث أبي الطفيل الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وأصله في صحيح مسلم قال: «لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بالعقبة، فلا يأخذها أحد، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة، يقوده حذيفة ويسوقه عمّار، إذ أقبل رهطٌ متلثمون على الرواحل فغشوا عمّارًا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: قدْ قدْ، حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوادي، فلما هبط ورجع عمار، قال: يا عمار، هل عرفت القوم؟ قال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثمون، قال: هل تدري ما أرادوا؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أرادوا أن يُنفّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال: فسار عمّار رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نشدتك بالله! كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ قال: أربعة عشر رجلًا، فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر رجلًا، قال: فعذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة؛ قالوا: والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمار: أشهد أن الاثني عشر الباقين، حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد». ومحاولة الغدر واغتيال القائد الأعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمّت ضمن خطة دبّرها المنافقون، كاد أن يتم تنفيذها في العقبة، وهي عقبة عسيرة المسالك يصعدها القادم من تبوك بعد تجاوزه وادي أتانه وقبل نزوله بذات الزراب بالقرب من رأس وادي الأخضر حيث العين المشهورة هناك (عين الأخضر). وتقع قرية صغيرة تسمى البيضاء يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم له مسجد هناك ولكن لا يوجد أثر له اليوم. والعقبة ضمن جبال صعبة المسالك محصورة بين ذات الزراب (أم زراب) وبين رأس الوادي الأخضر، وبالله التوفيق.