بقلم :
خالد محيي الدين الحليبي
الركوع والسجود في القرآن الكريم بين المسلمين واليهود
سنرفع هنا بإذن الله الإشكال ونزيح اللثام عن قوله تعالى في الآية الكريمة { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ – يوسف100 }
وكيف أخطأ الإيرانيون في مشهد مسلسل يوسف الصديق حينما جعلوا النبي يعقوب وبنيه يسجدون على الأرض لنبي الله يوسف عليه السلام وهذا عمل محرم في الدين على العموم لغير الله تعالى
وذلك لأن الركوع لنبي الله يعقوب في الحقيقة ووفقاً لميزان القرآن الكريم وبيان القرآن بالقرآن أنه انحناءة تشبه الركوع في تحية الدخول على الملوك قديماً .
إعلم أخي الكريم أن لفظ سجود في القرآن الكريم عند أهل الكتاب يعنى ركوع عند المسلمين والركوع عندهم بمعنى سجود وقد اكتشفنا ذلك من خلال بياننا للقرآن بالقرآن والذين انتصر لأهل بيت النبي (عليهم السلام) في قوله تعالى بسورة الحج يخاطب الله تعالى رسوله الكريم والمسلمين قائلاً سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ – الحج 77 } ولما خاطب أهل الكتاب من قبلنا ومنهم السيدة مريم عليها السلام قال لها مقدماً السجود على الركوع مبيناً كيفية صلاتهم أن السجود قبل الركوع أو هى نفس الصلاة المسلمين بشكلها المعروف ولكن مع اختلاف المسمى فالركوع عندهم يسمى سجود عند المسلمين والسجود بشكله عند المسلمين يطلق عليه عندهم ركوع عند اليهود لقوله تعالى مخاطباً السيدة مريم عليها السلام { يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ – آل عمران43}
وعلى ذلك الإختلاف في اللفظ فقط وصلاتهم مثل صلاة المسلمين أو بتقديم السجود على الركوع مقارنة بصلاة المسلمين كما بينا ويمكننا على ذلك الأساس القرآني أن تقول بأن قوله تعالى لداود عليه السلام لما أخذ نعجة أخيه إلى نعاجه في قوله تعالى { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ – ص24} أي أنه لم ينحنى نصف انحناءة هو في صلاة المسلمين بل خر على الأرض ساجداً وهذا عكس ما قاله الله تعالى عن نبي الله يعقوب وبنيه وإخوة نبي الله يوسف عليه السلام وأوردته إيران في مسلسل يوسف الصديق أنهم سجدوا له
وهذا خطأ كبير
بل هو انحنى له على عكس ما فعله نبي الله داوود الذي سجد على الأرض في قوله تعالى { فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ – ص 24} وأما نبي الله يعقوب فقد حياه تحية الملوك في انحناءة بسيطة لطيفة ورد ذكرها في قوله تعالى { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ – يوسف 100}
وفي تفسير القمي لهذه الآية يبين أن السجود كان شكراً لله تعالى وليس لنبي الله يوسف وهنا يصح السجود حتى لو كان المقصود منه السجود بشكله عند المسلمين [حدثني محمد بن عيسى عن يحيى بن أكثم وقال سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل فعرضها على أبي الحسن عليه السلام فكانت إحداها أخبرني عن قول الله عز وجل ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا سجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء، فأجاب أبو الحسن عليه السلام اما سجود يعقوب وولده ليوسف فإنه لم يكن ليوسف وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله وتحية ليوسف كما كان السجود من الملائكة لآدم ولم يكن لآدم إنما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لآدم فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكر الله لاجتماع شملهم ألم تر انه يقول في شكره ذلك الوقت (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) فنزل جبرئيل فقال له يا يوسف اخرج يدك فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور، فقال ما هذا النور يا جبرئيل؟ فقال هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك فحط الله نوره ومحى النبوة من صلبه وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف وذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال ” لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب ” فشكر الله له ذلك ولما أرادوا ان يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال ” لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ” فشكر الله له ذلك فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي وكان موسى من ولد لاوي – تفسير القمي – علي بن إبراهيم القمي – ج ١ – الصفحة ٣٥٦ ] .
بالتالي هنا نكون قد بينا أن السجود انحناءة للملوك كالركوع أو السجود كان سجود شكر لله تبارك وتعالى وهذا مالم يوضحه كاتب سيناريو المسلسل بدليل قول يوسف في المسليل بعد سجود نبي الله يعقوب ” انهض يا أبي ” وفيه دليل أنه كان يعني السجود ليوسف عليه السلام وهو خطأ في فهم الآيات الكريمة ومقاصد البيان القرآني لها .
هذا
وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
لمشاهدة صلاة اليهود فيديو على هذا الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=3Gr5lUsFI-s
&
https://www.youtube.com/watch?v=PyIWZFUUvok