مختصر مقدمة تفسير “البينة أو النبأ العظيم”
بقلم :
خالد محيي الدين الحليبي
تفسير النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون
أو :
تابوت السكينة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آ له وصحبه الذين إتبعوه فى ساعة العسرة :
أما بعد :
هذه هى مقدمة في تفسير القرآن الكريم وهو التفسير المسمي ” بالنبأ العظيم ” أو ” تابوت السكينة ” ..
وهو بيان للقرآن بالقرآن وعلى الكلمة بمالم يأت مثله من قبل ولن يتكرر بإذن الله من بعد لاستحالة ذلك مع ملاحظة أننا لم نأت بمعجم , ولكن بينا آياته تعالى باسباب نزول الآية أولاً : ثم الكلمة الأولى فالتي تليها وأين وردت من خلال جذر الكلمة بمشتقاتها في كتاب الله تعالى إنطلاقاً من أصلها وجذرها ثم نأتي بالكلمة التى بعدها وترابطها بالتي قبلها فنجدها مكملة لها في المعنى و البيان أو تكرر نفس الهدف من كتاب الله وهو ولاية الله تعالى ثم ولاية رسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام من أول كلمة فيه إلى آخر كلمة وكأنه كما قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاَ ولا تفرقوا – آل عمران } أي لا تفرقوا على ولاية هؤلاء فإذا الختلف البيان القرآني مع سبب النزول لانتشار حركة الوضع في مناقب الرجال بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله وجدنا القرآن ينتصر كله مما بين الدفتين لأمير المؤمنين علي وأهل بيت النبي بما هو مذهل بحق وعجيب لايختلف بيان كلماته ولا آياته ولا سورة عن بعضها بعضاً في الدعوة إلى ولاية الله تعالى ثم رسوله صلى الله عليه ثم أهل بيته عليهم السلام وكأنه حبل ممدود مترابط .
وذلك لأن مواد القانون في هذا الوقت كانت قال رسول الله صلى الله عليه وآله كما سنبين فأرفق المنافقون أكاذيبهم بقال رسول الله صلى الله عليه وآله والتي أوهموا بها الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله ومن هنا جاء تخبط هذه الأمة واختلافها ثم جاءت أجيال كثيرة تتعبد و تعتقد في مناقب رجال ومدائحهم على أنهم الدين الخالص لله تعالى وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله مابعثه الله تعالى إلا من أجل توزيع المناقب على القبائل والرجال فهل سمعنا عن سيدنا نوح أو إبراهيم أو موسى وعيسى عليهم السلام أنهم رووا عن مناقب في رجال حولهم بهذا الحجم المخيف و الأمة بعد ذلك أشد تفرقاً؟ ولذلك تطرقنا لكل عصر وبيان مذهبة والفقةالمعترف به في زمانهم ثم تحول زماننا الآخرالذي نحن فيه الآن لسلة هذة الإختلافات كلها وقد إعترتنا نشوة من الجهل والتعجب بهم لضعف عقول رجال زماننا في البحث فقالوا بالسلف الصالح لمجرد أنه في عداد الأموات والله تعالى أعلم بالمفسد من المصلح وما إزددنا إلا تفرقاً وبعداً عن دين الله الحقيقي حتى أصبح في ذهن كل مسلم رجل يتولاه ويعتقد بسموه على العالمين فافترقت الأمة عن الذي كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته من بعده وبَعُدَ البون وشسع بيننا وبين الحق وازدادت نشوة الجهل فظننا أننا نحسن صنعا قال تعالى { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا- الكهف} . وخرج علينا الآن من يهدمون مساجد أهل البيت بالعراق على أن ذلك هو الحق ولديهم مرويات مكذوبة على رسول الله بذلك والعجيب أنهم نسوا أن أئمة أهل السنة لهم أضرحة ومشاهد تماماً كهذه المشاهد فالإمام الشافعي له هذا المقام بمسجده القاهري وكذلك أبو حنيفة رضى الله تعالى عنهما فأصبحت فتنة بدأها اليهود وتلقفها جهلاء كل زمان ممن بعد عن روح القرآن والسنة المتفقة معه.
وإذا ما بدأنا الكلام بحول الله تعالى وقوته عن منهج التفسير الذي سلكناه والمسمى بالنبأ العظيم.
من أهم الأصول وأولها فى بيان كتاب الله تعالى هو بيان القرآن بالقرآن فإن لم نجد فبالسنة فإن لم نجد فباللغة العربية وهذا هو المتفق عليه عند كثير من علماء التفسير فليس لعاقل أن يقول القرآن لايبين القرآن !؟ وقد قال تعالى
{ فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه – الإنسان } وهذا البيان القرآني للقرآن لكى لانضل كما قال تعالى { يبين الله لكم ان تضلوا } وحيث أن طاعة الله تعالى هى العمل بالقرآن لقوله تعالى :
{ وأطيعوا الله } فإن معنى { ثم إنا علينا بيانه } أي أن القرآن يبين بعضه بعضا كما قال بن كثير ما أجمل فى موضع فقد فصل فى آخر.ثم يأتى بعد ذلك بيان رسول الله قال تعالى{ وأطيعوا الرسول } وطاعته لاتكون إلا عملاً بسنته وبيانه صلى الله عليه وآله للقرآن لقوله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم – النحل44} وقال تعالى أيضاً {وما أنزلنا إليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى إختلفوا فيه – النحل 64} ثم يرث هذا الكتاب وبيانه فريقان :
الأول:
وهم آل بيت محمد الذين قال تعالى فيهم { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عباد نا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله – فاطر } وهؤلاء الذين إصطفاهم الله تعالى آخرهم آل بيت سيدنا محمد لأنهم ذرية المصطفين الأخيار من أنبياء الله تعالى الذين قال تعالى فيهم { إن الله إصطفى آدم ونوحاً وآل عمران على العالمين ذريةً بعضها من بعض والله سميع عليم – آل عمران } وفى مصحف بن مسعود { وآل محمد على العالمين } وأورد ذلك أبو حيان التوحيدي في تفسيرة البحر المحيط عند الآية الكريمة في ج/2ص 435 وهؤلاء الذين اصطفى تعالى لهم الكتاب وورثوه من رسول الله صلى الله عليه وآله جدهم والأمة مأمورة بالرجوع إليهم حا ل الإختلاف أوالجهل بأمور الشريعة كما كان يرجع أمير المؤمنين أبو بكر وعمر لعلي في كثير من أمور الفتوى قال تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ – الأنبياء 7 } .
وهنا لفظ أهل يبين أنهم أهل البيت لورود هذا الفظ في قوله تعالى{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا- الأحزاب} وهذا هو الميراث الأول
وأما :
الميراث الثاني :
وهم الذين ورثوا أحاديث خليط من المكذوب والصحيح بواسطة علماء قال فيهم أهل الحديث حاطبي ليل لجمعهم الصحيح والمكذوب وظن الناس فيما يهوون منها الصحيح بسبب ترويج حكام كل زمان مايستهويهم منها فظن الناس أنها من عند الله تعالى دون تدبر أو دراسة لكتاب الله تعالى أورجوعاً للقرآن وأهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وهم أعلم بالوحي من غيرهم وهنا يقول تعالى في هذا الميراث من العلم المخلوط فيه المكذوب والصحيح { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ – الأعراف169 } وعلى ماذكرنا سالفاً يتبين لنا بالقطع أن رسول الله صلى الله عليه وآله بين القرآن كما هو مذكور في قوله تعالى { لتبين للناس مانزل إاليهم- النحل } ومن يخالفنا قلنا له أليس إسلام عمر بن الخطاب عندما قرأ سورة طة وذكرتم إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفسرها لهم فلن نقول لكم إلا أين سورة طه وبيانها؟ ثم إذ تدبرنا ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وآله على مدي ثلاثة وعشرين سنة من الدعوة؟ فهل كان يطلق الآيات على عواهنها ليفهمها كلٌ على هواه أم شرح وفصل وقيد ومنع وحرم وحلل بإذن الله وقال تعالى في ذلك { لتبين للناس ما نزل إليهم }فأين بيانه صلى الله عليه وآله كماأنه صلى الله عليه وآله أسر بأسرار لأهل بيته لم يعلمها إلا أمير المؤمنين على بن أبي طالبكرم الله وجهه ولهذا الميراث الرسالي من العلم ينزل فيه عليه السلام { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه –هود } وقال بن عباس الذي على البينة رسول الله صلى الله عليه وآله والذي على البينه على بن أبي طالب – منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد باب التفسير ونزل فيه أيضاً قوله تعالى { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب-الرعد43}فى تفسير الثعلبى أنها نزلت فى أمير المؤمنين على بن أبى طالب عن أبى سعيد الخدرى قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى { قال الذى عنده علم الكتاب } قال ذاك وصى أخى سليمان بن داود عليه السلام فقلت: يا رسول الله فقول الله عز وجل {قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب – الرعد 43 } قال ذاك أخى على بن أبى طالب وطبعاً لايفوت المنافقين هذا الحدث ليضعوا فيه فيكذبون قائلين أنها نزلت فى عبد الله بن سلام فقال عكرمة والحسن البصرى فى كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص383 كيف يكون ذلك والسورة مكية وإسلام إبن سلام كان بعد ذلك .
ونجد بداية الخلاف كان بإستبعاد آل بيت النبي عليهم السلام من كل مناصب الدولة بعد موته فلم يتقلد أحد من بنى هاشم ولا بنى عبد المطلب منصب قضاء أو قيادة جيش أو ولاية أو إمارة وكان هذا فى عصر الخلفاء الثلاثة بعد رسول الله وهذا لاينكره أحد ومعلوم أن أمير المؤمنين إعتكف ستة أشهر يكتب القرآن ولم يبايع فيها أبا بكر ولما خرج بكتاب الله عليهم وفيه بيان رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا له ( لاحاجة لنا فى مصحفك يا على ) وذلك لأن هناك آيات رجم نزلت فى المرأة المخزومية فأبى بنو مخزوم تلك المعرة فلم يمر الحديث إلا على جثث ودماء ونزلت آيات فى لعن قبائل بعينها كالشجرة الملعونة مثلاً وأورد السيوطى فى تفسيره الدر المنثور أنهم خلفاء بنو أمية وطبعاَ كل من روى هذا الحديث قتله بنو أمية لذلك يقول أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عندي ما إذا ذكرته قطع هذا الحلقوم …فما هو الذي يقطع بسببه الحلقوم ؟ .
وكذلك في الخلافة التركية العثمانية من قال ان الخلفاء من قريش قتل لإبطاله خلافتهم وححكمهم وهكذا أصبح شرع الله تعالى كالموضة في الملابس التي تتغير في كل زمان بحسب أهواء حكام كل زمن .
وبالتالى جرد كتاب الله من بيان لرسول الله وآل بيته حقيقي يهدي الأمة فجهلت الأمة أموراً وأحكاماً ضاعت لم يجد فيها العلماء بد من الإجتهاد كحكم الذي يعرف أن الشيء مسروق ويشتريه هو سارق في مرويات أهل البيت وعند أهل السنة الإختلاف باختلاف المجتهدين وفتح باب الإجتهاد فى الدين وتم تأسيس وتأصيل دين جديد يحكم به الحاكم القبائل ويحولها لدولة ولم يستطيع فعل ذلك سليمان عليه السلام فبعد أن علمهم رسول الله إدارة البلاد ووزارة كل أمر من أمور الدولة وسيطرة الحاكم المركزية عليهم مع أخذ الشورى معهم فى أمور الدنيا وما لم يرد فيه نص علموا كيف يتم السيطرة على الدولة وهذا النظام لم تكن تعمل به أى إمبراطورية عظمى قبل الإسلام بل وبعد الإسلام وبهذا النظام المحكم حكم المسلمون العالم حوالى 1100-1200 عام حتى علم الغرب أصول إدارة الدولة بعد أن كان الإمبراطور هو وزير الدفاع والداخلية والمالية والمخابرات والإسكان وهو المستشار وبدأ هذا النظام من سقيفة بنى ساعدة وانطلقت فكرة مجلس الدولة والشورى وتوزيع المسئولية الإدارية على الوزراء والمستشارين مع سيطرة الدولة المركزية فى يد الخليفة . وتطلب هذا الأمر لحكومة البلدان ثورة فى القانون وكان الدستور فى هذا الزمان القرآن ومواد القانون قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
وهنا قبلوا الدستور ولكن بأفهام شتى مختلفة باخلاف العقول والشأة والهوى مع استبعاد البيان النبوي للقرآن الكريم .
فهل قال تعالى جردوه من معناه و أبعدوا الرسولصلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وهما القرآن الناطق وترجمان القرآن ورد عن أمير المؤمنين لما خرج عليه الخوارج وقالوا لاحكم إلا لله يا على لا لك ياعلي فأمر بألا يدخل عليه إلا حافظاً للقرآن فدخل عليه عدة آلاف وأمامه كتاب الله عز وجل فأخذ ينكته بعصا فى يده ويقول له يا مصحف انطق يا مصحف أحكم بينهم فتعجبوا وقالوا ياأمير المؤمنين أتخاطب كلاماً على ورق وهنا قال أمير المؤمنين عليه السلام لهم والله إنه كتاب الله القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق .
وهنا علمنا أن أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته هم القرآن الناطق وفي كل زمان العلماء هم القرآن الناطق الذى يحرص دائماً إبليس وحزبه في كل زمان إسكاتهم وإخفائهم ليظل كتاب الله تعالى مرتعاً لهم صامتاً بلا ناطق فيقولون فيه ما شاءوا حسب أهواء حكام كل عصر حتى أظلتنا الساعة كما قال صلى الله عليه وآله أنه من أشراطها أن يجادل المشرك المؤمن فيما يقول وقد حدث بالفعل وهذه هى إرادة الله تعالى وتم قتل أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بالمحراب كما هو معلوم ثم دس السم للإمام الحسن ثم قتل الإمام الحسين عليهم السلام شر قتلة يقتلها إبن نبى فى زمن من الأزمان .
ووجدوا كما هائلاً من الفضائل لأمير المؤمنين بالأفعال والأقوال والعلم الغزير فماذا يعملون بها وهنا يقول معاوية كما فى مروج الذهب ” من يأتينى بنقيصةٍ فى على وزنته ذهباً ” وحيث أن مواد الدستور والقانون فى ذلك الزمان هى قال رسول الله صلىاله عليه وآله فهنا أدلى اليهود بدلوهم وهم يعلمون ماذا فعل بهم في حصن خيبر وبقبائل من العرب فحاولوا أولاً الكذب على الله تعالى لتضليل الأمة وهذا:
أولاً:- فكذبوا على الله بأنفسهم وذلك بإعلان إسلامهم زوراً ثم الكذب على الله ورسوله والطعن في دين الله تعالى ورسوله وأهل بيته والمؤمنين لقوله تعالى فيما قالوه { وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون- فصلت26} وكان ذلك في زمانه صلى الله عليه وآله وقبل موته.
ثانياً:- أدلى المنافقون من الأعراب أيضاً بدلوهم كما فى قوله تعالى عنهم { فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول – النساء} وهذا فى حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد موته كان الإنقلاب الأكبر الذى قال تعالى فيه { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين – آل عمران} وهنابدأيظهر المنافقون والمداحون وبدأ تقنين فقه الخلافة العامل بمركزية الإدارة معتمداً على أحاديث إما مكذوبة أو غير ذلك ولكنه كان عصر منع التدوين فالسنة دونت بعد أكثر من مائة سنة في عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز ومن هنا جائت إلينا مكذوبات على الرسول لعدم تدوينها في زمانه بل وإحراقها والضرب عليها كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب ووصلت إلينا السنة الصحيحة ولكنها مختلطة بمدائح كثيرة لرجال وقبائل وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله ما جاء إلا ليمتدح آل زيد وآل عمرو وما جاءنا رسول الله إلا بالعبادة لله تعالى والتحاكم إليه وولاية آل بيته من بعده والمؤمنون حتى لاتتفرق الأمة . وتم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله بمكذوبات أكثرها فى مناقب رجال وحكام وكلها تقريباً مقتبسة من أمير المؤمنين الذى لم يفر فى أى غزوة كغيره ممن حوله من رجال وهنا يقول أحمد بن حنبل لإبنه عبد الله كما فى كتاب فتح البارى ج15 باب مناقب معاوية : [ إعلم يابنى أن على كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عن نقيصةٍ فعجزوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كياداً منهم لعلي ] وهنا تم قلب الولاية وجعلها لأى رجل وكان الفقه فى هذا الزمان يقوم على أن ” الخلافة فى قريش ” ونسوا أن آل بيت محمد هم الثمرة لهذه القبيلة وهم الشجرة وهم الأصل عليهم السلام وتم تأسيس عقائد كاذبة عمل بها بعض الأمة إلى الآن كعقيدة هدم المساجد ذات الأضرحة وهة مساجد تزيد على الألف عام وهم معرضون للإبادة و الإنقراض ” وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً” . ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وآله المبدأ فى فهم الحديث لئلا نضل فقال صلى الله عليه وآله ( ألا إن الحديث سيفشوا عنى فإذا رأيتم الحديث يتوافق وكتاب الله فهو قولى وخذوا به وإذا رأيتموه يتعارض وكتاب الله فليس بقولى ولا تأخذوا به) وتم ترويج المكذوبات وتكميم الأفواه حتى يقول أبى هريرة ماهو معروف لدى الجميع ” عندى ما إن تكلمت به قطع هذا الحلقوم” فما هو يا ترى هذا الذى يقطع به الحلقوم؟
الإجابة هو نفس الشىء الذى قطع به حلقوم الإمام على أمير المؤمنين والحسن والحسين وآل بيت محمد عليهم السلام ؟
وذهب القرن الأول إلى حال سبيله تاركاً إرثاً من خضم هائل من أحاديث فيها المكذوب والصحيح ويأتي عصر الوضع في مناقب الرجال بالقرن الثاني وهؤلاء كانوا مروجين لمناقب رجال نجحوا فى إدارة الدولة في زمان الخلفاء الثلاثة ثم الأمويين والعباسيين وحيث أن شرعنا الكريم بين للأمة وعلمهارسولها من الخراء إلى إدارة الدوله كل شيىء علمهم إياه وجاءت حكومات تقتل باسم الدين وهو عصر صراع المذاهب والحروب بين الحنابلة والأحناف بالعراق والشيهة والسنة بعد سقوط الدولة الفاطمية ومافعلته هذه الأمة من مذابح تشيب لها الولدان وكله مذكور بكتاب الكامل لبن الأثير وأداروا الدنيا بالدين وهو عصر السيطرة الكاملة على الشعوب وسلبها كل حقوقها وباسم الدين وفي كل عصر يتطور الفقه وفهم الدين والقرآن على حسب أهواء كل حاكم وإستبعدوا منها آل بيت محمد من كل مناصب الدولة فجاء الجيل الثانى وجاءت الدولة الأموية بعد أن تم قتل أمير المؤمنين وإستشهاده بالمحراب فتم تتبع جيشه من الصحابة البدريين فى كل مكان ومنهم حجر بن عدي وقتله هو وأصحابه وأخذ الفقه الأموى لهذه فهماً قرآنياً سنياً يتمحور حول الإنتقام من أمير المؤمنين وبالسنة التي مررها منافقوا السلف فأمر معاوية بلعن أمير المؤمنين من على المنابر فظلت سنة حتى يقول المسعودى بأن خطيباً للجمعة مرة تركها فقام رجل فقال له يا رجل تركت السنة وذكر ذلك بجميع كتب التاريخ القديم.
وتم ترويج مناقب فى آل أبى سفيان قاطبةً ومحو كل أثر نزل فيهم بل وتتبع رواة الأحاديث التى تذمهم والتى قالها رسول الله حتى قتل الحجاج سعيد بن جبير لولايته أمير المؤمنين كرم الله وجهه وآل البيت وقتلوا بواقعة الحرة كما ذكر السيوطى في تاريخ الخلفاء ص/210 من قريش والأنصار ثلاثمائة وستة رجال وغيرهم آلاف ممن كان يسير بالطرقات من العبيد والأغراب وأحبلوا ألفاً من النساء سمى أبناءهم بأبناء الحرة وفى عهد عبد الملك بن مروان يتم هدم أجزاء من أسوار الكعبة لقتل كل قرآن ناطق عليهم بالحق وليبقوا كل قرآن صامت وهو كتاب الله يزينون فيه ويزخرفون فيه بل ويعبثون فى أحكامه كيفما يشاءون ويقتلون آل بيت محمد فى كل مكان وكان من أكبر جرائمهم قتلهم للإمام الحسين رضي الله تعالى عنه وأرضاه لعنهم الله تعالى لعناً كبيراً إلى يوم القيامة وتقنينهم قتل آل البيت فيروون قول رسول الله صلى الله عليه وآله ” إذا جاءكم من يشق عصا الخلافة فاقتلوه كائناً من كان” ويضيفون إليه فى أحد الروايات ولو كان إبن محمد . ويعتمد بن تيمية على هذا الحديث فيقول في منهاج السنة ( المكذوبة) لقد قتل الحسين بسيف جده أي أن النبي هو الذي أمر لقتله وإنتهى الحكم الأموى تاركاً ورائه إرثاً كبيراً من كتب كتبوها فى دين الله تعالى مختلط بها الصحيح والمكذوب وكانت نهايتهم نهاية مأساوية على يد العباسيين الذين كان ولائهم أول الأمر للآل بيت محمد ثم انقلبوا عليهم و اكتشفوا أنهم إمتداد للدولة الأموية السالفة فأبادوهم وطاردوهم في كل مكان حتى تمنى أهل البيت رجوع عصر بني أمية وكان الفقه الأمبراطوري لهذة الدوله قائم على تقديس بني العباس ولذلك وردتنا نصوص تبين أن آيه إذهاب الرجس عن آل البيت نزلت فيهم وهى قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا-الأحزاب }
فروجوا للناس أنهم الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا من عند الله وأنهم الحاكم المقدس فقتلوهم مع إستبعاد المرويات الحقيقية التي تثبت أن أهل بيت محمد هم أصحاب الكساء وهم الذين نزل فيهم آية إذهاب الرجس وتطهيرهم تطهيرا ويعلن المأمون عقائد الدولة فيقول كما في تاريخ الطبري8 /326(المرجئة دين الملوك) والمرجئة فكر قائم على الأقول دون الأفعال ولذلك يقول صلى الله علية وآله (ألا إن المرجئة والقدرية لعنوا على لسان سبعين نبياً قبلى ألا إن المرجئة قوم يقولون الإيمان قول بلا عمل ) ويتبني بعد ذلك فكرة خلق القرآن والفكر المعتزلي وعقائده القائمة على أن القرآن مخلوق وصاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ويقوم ضدهم الأشاعرة وبكتب كثيرة أشهرها تفسير القرطبي وكنا نحن الآن السلة التي تلقفت كل هذه الأفكار فاختلفت الأمة وبعد البون وشسع بيننا وبين ما كان علية المصطفى وأصحابه وآل بيته عليهم السلام وحيث أن القائم بالثورة العباسية على الأمويين أبو مسلم الخرساني وبني هاشم وبني العباس وانقلاب العباسيين على آل بيت محمد وكان مكافئة أبو مسلم الخرساني الذي وطىء لهم فارس أن قتلوه شر قتلة وكان أبو جعفر المنصور وحيث أن العباسيين خافوا الفرس والعرب عامة فاتخذوا جنداً كثيفاً من الأتراك لخوفهم من الفرس لمافعلوه بأبو مسلم الخرساني كما أنهم شديدى الميل لأمير المؤمنين على كرم الله وجهه لعدله في القسمة والأحكام وقد تزوج من إبنة كسرى الإمام الحسين الذي تزوج شهر بانوة إبنة كسر يزدجرد ولهذة الأسباب مال بنو العباس للأتراك خوفاً من الإيرانيين المسلمين المحبين لآل بيت الرسول وتأميناً للدولة منهم استبعدهم وبدأالتغلغل التركي في البلاد ومن ثم تغير مفهوم بيان القرآن والسنة حتى أصبح الحكام بل والعلماء فيما بعد دمية يتلاعبون بها كيفما شاءوا وذلك في فترة ضعف العقائد والدين عند الناس وتفرقهم لمذاهب فقهية ومذاهب كلامية عقائدية و يتبنى الشرق المذهب الحنفي لقوله بأن الخلافة تصح ولو لعبد حبشي مجدع الأنف والمغرب العربي والأندلس يتبنيان الفقه المالكي القائل بعمل أهل المدينة ويصف إبن حزم أهل زمانه بالقرن الثالث الهجري قائلاً في بيان قوله تعالى { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – النور47-50} [ وهنا يقول بن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام ج/1ص98 هذة الآيات المحكمات لم تدع لأحد علقة يشغب بها وقد بين الله تعالى فيها صفة فعل أهل زماننا فإنهم يقولون : نحن المؤمنون بالله وبالرسول ونحن طائعون لهما ثم يتولى طائفةً منهم بعد هذا الإقرارفيخالفون ماوردهم عن الله عز وجل ورسوله صلى الله علية وبنص حكم الله تعالى عليهم ليسوا مؤمنين وإذا دعوا إلى آيات من قرآن أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله يخالف كل ذلك تقليدهم الملعون أعرضوا عن ذلك فمن قائل:ليس عليه العمل ومن قائل هذا خصوص ومن قائل هذا متروك ومن ابٌي هذا فلان ومن قائل القياس في غير هذا حتي إذا وجدوا في القراَن شياً يوافق ما قلدوا فيه طاروا به كل مطار وأتوا اليه مذغنين كما وصف الله تعالي حرفاً حرفاً فيا ويلهم ما بالهم أفي قلوبهم مرض وريب ام يخافون جور الله تعالي وجور رسوله عليهم ألا انهم هم الظالمون] ولا تنسي من قبل اخي المسلم قول ابي هريرة [ لو بعث فيكم رسول الله ما علم منكم غير صلاتكم هذه حتي صلاتكم هذه قد بدلتموها] وقوله أيضاً [ ما علم منكم غير الاَذان ]. وهذه الاقاويل تثبت تغير الفقه والعلم والتفسير بتغير الدوله معتمدة في الأصل علي مرويات رسول الله صلي الله عليه وسلم عليه واَله وهذه المرويات منها المكذوب عليه من وضع اليهود والمنافقين ومنها الصحيح وبالتالي كثر تأويل الايات على غير معناها وتعددت التفاسير لتصل إلي سلتنا الآن آلآف التفاسير المختلفه بعضها مع بعض على حسب المذهب الذي يدين به المفسر .
وقد بينا بتفسير النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون الايات فمنها:
- ايات تم الاتفاق عليها كقوله تعالي وأقيموا الصلاه وأتوا الزكاة فلا خلاف بين أحد علي اقامتهما وكل فرقة بالصورة التي تراها وبما وردها من أحاديث صحيحة أو بدعية .
- أيات مختلف عليها متنازع في فهمها وهى في المناقب كقوله تعالى { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ –التوبه 40} وهذة الأيه إعتبرها أهل السنة منقبة وغيرهم قالوا لهم إنها ليست منقبة ولامدح بل هى ذم وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول له ” لاتحزن إن الله معنا ” لتثبيته حيث جزعت نفسه فكيف يحزن وهو وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا إذا كان الحزن على دنيا فقدها أو خوف على نفس تقتل في سبيل الله ,.
ولذلك أنزل الله تعالى سكينته فقط على رسوله صلى الله عليه آله ولم تنزل على أبي بكر وأما في بيعة الرضوان لما ثبت المؤمنون علة الموت معه صلى الله عليه وآله أنزل تعالى سكينته على رسوله وعلى المؤمنين لصدق نيتهم و صدق ما في قلوبهم كما قال تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً –الفتح 18} وقوله تعالى { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين} وهذا مثال واحد من أمثلة كثيرة مختلف عليها ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت –الشورى} قال زيد بن أرقم هم بني هاشم وابن عباس قال أنهم بنو العباس وبنو هاشم وأحاديث كثيرة متواترة أنهم أصحاب الكساء أي أنهم أمير المؤمنين على عليه السلام والسيدة فاطمة والحسن والحسين رضى الله تعالى عنهم.
- آيات تم قلب معناها رأساً على عقب . كقولهم في حجية القياس مثلاً : { ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما } فاختلفوا على القياس هل هو على ماهو أعلى من الأف أم الأقل منها– راجع الإحكام بن حزم ج7/ص 370. وهذا ليس مقصود الآية بل هى بيان لعقوق الوالدين وتحريم تعلية الصوت عليهما كما هو واضح من المعنى فقلبوا معناها وصرفوها عن مقصدها الحقيقي لكي تستخدم في أمر آخر لاعلاقة له بها وهو القياس الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله قائلاُ ” لاتقسيوا الدين فإن الدين لايقاس وأول من قاس إبليس ” .
- أيات تم تفسيرها خطأً وهم لا يعلمون نتيجة للتقليد الأعمى وتوقف البحث والإجتهاد وهذا كثير جداً كقوله تعالى ( وعلمناه صنعة لبوس لكم ) قيل أنها الملابس وهى ليس كذلك بل هى الدروع . قال تعالى بنفس الآية( لتحصنكم من بأسكم) .
وكقوله تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً – الفتح 29} وهنا أجمعوابأن كل الصحابة عدول كلهم أصحاب فض وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يجاهد أحداً وذا أولاً وثانياً أن لفظم منهم يفيد بالقطع أنهم ليسوا جميعاً مؤمنين صادقي الإيمان كما في الآية هنا الْكُفَّارَ { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } ومنهم أي ليسوا جميعاً كما قال تعالى { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لم يؤمن به وربك أعلم بالمفسيدين – المائدة} وبالتالي فسرها أكثرهم تفسيراً خاطئاً وهم يعلمون وهذا غيض من فيض أمثلة كثيرة أضلوا بها أمة محمد صلى الله عليه وآله وهم يعلمون قال تعالى في أمة ذمها الله تعالى وهم اليهود { ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون } .
- وأخيراً آيات قالوا فيها الله أعلم كأية الروح وآية العرش والحروف المقطعة وهنا إعلم أيها المسلم الكريم أن ما أنزله الله عز وجل فله معنى وماحجبه عنا فلا علم لنا به وقال تعالى فيه { ويخلق مالا تعلمون } ولو قال رسول الله صلى الله عليه وآله تلك القوله لعيره اليهود والمنافقين معيرة بقيت ما بقى الليل والنهار لكثرة أهل الباطل وكثرة أتباعهم في كل عصر ومصر ومعلوم أن الناس سراع في قبول الباطل . ثم تأتي بعد ذلك الدولة التركية على أنقاض الدولة العباسية بعد قتلهم للخليفة المعتضد وكان طفلاً وكما هو الحال في سنة الإنقلابات على الدول وقتل المنافسين على الحكم المستحقين له وقوعاً تحت سنة كونية قال تعالى فيها { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون } .
فهل أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالتنافس على الحكم وقتل بعضهم بعضاً أم أمرهم بتولية الأطفال للخلافة؟ .
وبالقطع وجدوا في كل زمن علماء ضلالة يفتون لهم بما يشتهون وتتحطم الدولة الإسلامية ولتذهب إلى الجحيم على يد المتأولين الطالبين للدنيا وباسم الدين وقد كانت الدولة العباسية يقوم فقههم على على المذهب الحنفي لقوله بالإرجاء وولاية العبد الحبشي فعمل به أهل المشرق ثم إنتشرت هذه العقيدة لأنها تحكم بإيمان كل ناطق للشهادة بدون أداء حقها وبذلك أمن الحكام العباسيون على أنفسهم من الثورات مهما إرتكبوا من فواحش وآثام وموبقات كما أنه يتبني نظرية في الحكم والخلافة تقوم على حديث مكذوب فقدسوا أنفسهم وجعلوا أنفسهم يحكمون باسم الإله والويل كل الويل في زمان الخلافة التركية لمن قال لهم الخلافة في قريش والخلفاء من قريش وقد كتبت الكتب في الدين والعقائد وورث المسلمون هذه العلوم التى يظن كثير من الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله كما قال تعالى { وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون – آل عمران } .
ثم تأتي الدولة الوهابية بفقهها الدموي القائم على القتل وهدم المقدسات بام الدين وهو فكر أسسه المستشرقون لهدم دين الإسلام ورموزه باسم الدين ويفيك من تحليل كل السلف الصالح للإحتفال بالمولد النبوي باستثناء رجل يدعى الفاكهي الخمي السكندري هو الذي قال ببدعية الإحتفال لعدم عمل السلف الصالح به في القرون الثلاثة المحمودة الأولى وهنا اعتبر الفاكهي السلف الصالح أنبياء شركاء للنبي يؤخذ منهم الدين والتحليل والتحريم فيأخذ الوهابية رأي هذا الرجل دوناً عن أراء كل السلف ليعملوا به ما يدل على أن الفكر الوهابي فكر منتقى لهدم الدين ورموزه باسم الدين وقد ا عتمدوا في فقههم أيضاً على مكذوبات مضوعات تحرم الصلاة في المساجد التي فيها قبور أملاً في هدم مسجد سيدنا رسول الله صلى الله علية وآله ولكن حال الله تعالى دون مايشتهون وجاء خلفهم ليقوم بنفس المهمة فهدموا بهذه المكذوبات بيت اللأحزان الذي كانت تجلس فيه السيدة فاطمه للبكاء على رسول الله هى ونساء بني هاشم وهدموا بيت النبي الذي ولد فيه وحولوه إلى مراحيض وكذلك دار أبي بكر وحمزة ودار الأرقم بن أبي الأرقم التي كان يعلم فيها القرآن ويدرسه للصحابة .
و كذلك بيت السيدة خديجة و هذه المقدسات أخفوها وهدموها على أنها أصنام و أوثان عندهم هم واليهود أيضاً لعنهم الله جميعاً ويقولون عن مصر بأوليائها الصالحين أن بها ألف صنم طبعاً منهم السيدة زينب و سيدنا الحسين والسيدة نفيسة وسيدنا حسن الأور وزيد الأبلج وأضرحة ومزارات ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله المدفونين في مصر .
ولذلك قرأنا في الصحف أن أحد الوهابية السلفية إعتقلته الشرطة وهو متوجه لمسجد مولانا الإمام الحسين عليه السلام ليحرقه على أنه وثن وصنم .
وأخيراً يفجرون مسجد الإمام علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام بالمدافع وهذا هو توحيدهم
وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما بعثه الله تعالى للناس أجمع قال له اهدموا قبور موتاكم بداية من البقيع ولكن مع الأسف هدم البقيع في القرن الثاني عشر الميلادي بحجة أن هذا هو التوحيد بعني أن رسول الله والصحابة وكل من جاءوا بعد ذلك مشركين إلا إذا كان ابن عبد الوهاب نبياً جديداُ وهذا هو الأقرب إلى الصواب كما أنهم وبتلك الدعوة .
جعلوا مسجد عمرو بن العاص والمدفون فيه عمرو ابن العاص أو ابنه عبد الله وثن وذلك فيما بين العشرين إلى الثلاثين للهجرة وكذلك مسجد السيدة زينب سنة 62 للهجرة والحسن الأنور وأبيه زيد الأبلج إبن الإمام الحسن صنم وهؤلاء لن يزيدوا عن 80 للهجرة وهؤلاء ومن حولهم من الصحابة والتابعين كانوا راضين بهذا الكفر ليخرج علينا الوهابية بنبوة وشريعة جديدة لم ينفذها النبي صلى الله عليه وآله كما أنه بتلك المكذوبات أيضاً قطع عمر بن الخطاب شجرة الرضوان على أنها صنم يعبده المسلمون وهى شجرة الرضوان التي قال تعالى فيها { لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } فاجتثها عمر إلى يوم القيامة وكان بمقدوره أن يجعلها منطقة محرمة أو أن يحيطها بسور ويعين عليها حرس بل ويحكم بالإعدام على كل من اقترب منها وأما أن يقطعها فهذا يعني أنه أراد اجتثتثها حقداً على أصحابها وعلى هذه الأمة كما أن هذا يعني أيضاً أن عمر كان نبياً يشرع بوحي من الله أو أن النبي أخطأ في تركها ليوقع المسلمون في الشرك وهذا اتهام آخر لرسول الله صلى الله عليه وآله بالتقاعس عن إبلاغ الأمة مايضرها أو كتم شيئاً من الوحي أو أن الأصوب هو أن عمر نبياً هو الآخر مارس النبوة ولم يدعيهخا كمسلمة الكذاب الأبله فو حلل وحرم وسكت لكان إماماً لأهل السنة حتى الآن وهذا مالم يقع فيه عمر ابن الخطاب
والسؤال هنا :
هل كان شرع الله ناقصاً ومات رسول الله ولم يكمله ليكمله عمر أم نسى رسول الله أمراً يجعل الأمة تكفر به من بعده طبعاً لن نتكلم أكثر من ذلك فمن كان مسلماً فسيلهمة الله تعالى الصواب ولن يؤمن بما روجه المنافقون من أنه كان يصحح أخطاء رسول الله صلى الله عليه وآله بنزول الوحي موافقاً لرأييه مخطئاً لرسوله صلى الله عليه وآله .
وياأسفاه وجدنا أن النصارى قد حافظوا على شجرة إستظلت بها السيدة مريم عليها السلام وتسمى بشجرة مريم بمنطقة شمال القاهرة في المطرية بل والشجرة التي استظل بها موسى عليه السلام حتى الآن بسيناء في سانت كاترين مازالت موجودة حتى الآن أما أمتنا فقد قدمت عمر على القرآن والرسول وصوبت أفعاله كما صوبت أفعال هدم مقدسات الإسلام على أنها أوثان ويتطلعون إلى هدم مسجد رسول الله على أنه صنم بل وأحدهم وهو المدعو يوسف الأحمد يدعو إلى هدم الكعبة الشريفة وبنائها غلى هيئة برج ثلاثون طابقاً لمنع الإختلاط ك نقاً عن فتوى إمامهم ابن باز فهل هذه الفتاوى مصدرها القرآن أم التلمود هذا سؤال لكل من كان له مسكة عقل ؟
وبالتالي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ضاعت بركة هذة الشجرة الطيبة وقتل الطيبون من آل بيت
النبي محمد صلى الله عليه وآله و في كل زمان إلى الآن من جراء هذه المكذوبات والتأويلات التي قامت على أكتاف رجال مارسوا النبوة بدهاء شديد ولم يدعوها كالأبه مسيلمة الكذاب فظهر رجال موحدين يقتلون أهل البيت عليهم السلام والمسلمين الذينأحبوهم باسم التوحيد وآخرون يفجرون بيوت الله فيضعون القنبلة للخطيب تحت المنبر في يوم الجمعة باسم التوحيد وهذا أكبر ثواب في فقه هؤلاء المنتسبين للإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهذا فقة من أنواع الفقة الذي تلقفته أجيالنا الآن وأمتلئت المكتبة بشتى أنواع الضلالاات التي يحسبها الناس أنها من عند الله وماهي من عند الله كما قال تعالى فيما فعله اليهود بأمتهم {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ – آل عمران 78} .
وإذا تحذلق متحذلق وقال مالنا وبني إسرائيل قلنا له إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال [ ” أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل” ] وقال أيضاً صلى الله عليه وآله : [ لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ول دخلو جحر ضب لدخلتم ورائهم ولو كان فيهم من يأتي أمه علانية لكان في أمتي من يفعل ذلك …… الحديث ] و (صدق رسول الله صلى الله عليه وآله) وتظهر فكرة السلف الصالح على أنقاض الجهل وقلة البحث لدرء دور أهل بيت النبي محمد الريادي الذي أمر الله تعالى به ورسوله وأنهم من قريش أيضاً كالأمويين والعباسيين على أقل تقدير على الرغم من أن الله تعالى بين أنه عز وجل أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا لهذه المهمة فرووا المكذوبات في سلفهم على أنهم مطهرون فتصادمت الفكرة السلفية وأهل وقد نهى الله تعالى عن فكرة السلف الصالح قال تعالى { ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } وقال تعالى أيضاً { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وكفى به إثماً مبينا- النساء} وكل أمة مدحت رجالها وقالت بتلك الفكرة وقلدوهم في ذلك كما في قوله تعالى { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ الزخرف22-23} وهنا ينهى عز وجل عن السلف الصالح لأنك لاتدري ما إذا كانوا صالجين أم لا كما قال تعالى أيضاُ في علمه المطلق بالمصلح من المفسد { والله يعلم المفسد من المصلح} وكذلك يقول تعالى إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ….. الحديث
وتزكية الله تعالى لمن يشاء قد حددها وبينها أنها في الذين اصطفاهم الله عز وجل على الخلق وقال
فيهم { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ – آل عمران 33} وهذا الإصطفاء بين تعالى أنه لاخيار لأحد في ذلك الأمر من نبوة أو رسالة أو إمامة في ذرية هؤلاء الأنبياء إلى يوم يبعثون كما قال تعالى في ذلك الأمر : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ -القصص68}
و هذا الإختيار الإلهي في الذين إصطفاهم الله عز وجل كما في قوله تعالفي كل زمان ومكان في كل دولة وأمبراطورية يتعارض مع حكام كل عصر ممن يمتلكون جيوشاُ جرارة من المداحين والمرتزقة والمتسلقة والمتمذهبة بمذهب الدولة والذين يدورون في فلكها ولذلك القرآن وكتب الله السماوية تحسم هذه المعركة لصالح الأنبياء وذريتهم فلما بعث الله هؤلاء الأنبياء قتلهم اليهود كما قال تعالى { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم صادقين } ولما ظهر رسول الله أيضاً صلى الله عليه وآله قتلت هذه الأمة أبناءه صلى الله عليه وآله كما فعل اليهود بل بصورة أبشع في استخدام النص الديني للتلاعب في الدين وبظهور المذاهب توسع النفاق أكثر وأكثر لصالح الحكومة في كل دولة .
فإذا كانت الدولة شافعية المذهب فمن المستحيل تولية القضاء لحنفي وأمامك قصة مقتل النسائي بسبب كتابه الخصائص في مناقب أمير المؤمنين علي عليه السلام أو الإمام الشهيد أبو شامة أستاذ النووي بالقرن السابع الهجري لمجرد اتهامه بمذهب الظاهر .
ولكي يتخلصوا من هذا المأزق في فتاواهم المختلفة قالوا مروجين كلٌ من رسول الله ملتمس وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله فعل الشيء ونقيضة وفي هذة الإختلافات و مع اشغال الناس بها تتفرغ الدولة لتصفية الخصوم ودائماً يكونون من أهل هذه الملة .
فنشأت حروباً كثيرة ومتواصلة بين بلدان الإسلام والقبائل وكأن عفريتاً خرج من جزيرة العرب بدين القتل والتصفية الجسدية للخصوم من الطوائف المخالفة للحكام وأصبحت الحروب من أجل الإمارة والتوسعات بدين الدوله وقانونها الجديد المشتق من دين الإسلام ومواده القانون القائمة في ذلك الزمان على [ قال رسول الله ] مع إستبعاد القرآن وتأويلة وتفسيره الذي نقله أمير المؤمنين علي عليه السلام لصالح رجالهم الفارين من الموت في غزوة أحد والأحزاب وحنين ونشأمبدأالسطو على القبائل والبلدان السمة الأساسية لجهادهم فهؤلاء
في دولة بني حمدان جاءت مدينة تشكوا المجاعة للخليفة بالشام وقتئذٍ فقال لهم الخليفة إغزوا الروم كما أورده الكامل لابن الأثير
. فهل هذا منطق ؟ !! .
وعلى ذلك كانت أكثر الحروب توسعات وفتوحات للهيمنة والسيطرة باسم الدين مع قتل أهل بيت النبي أصل هذا الدين صلى الله عليه وآله
فاستندوا إلى نصوص دينية في حروبهم على الرغم من قوله تعالى عن الأمم الأخرى من أهل الكتاب : { لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – الممتحنة8- 9} وقال تعالى في غيرهم من الناس { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا- البقرة} ووجدنا أن هؤلاء يتباهون باعتداءاتهم على الهند وتخوم الصين شرقاُ وبلاد أوروبا (الروم غرباً ) وفي نفس الوقت ثبت باليقين والقطع أن حسن خلق الصوفية وأهل بيت النبوة كانا سبباً في نشر الإسلام فعلياُ في بلاد أسيا شرقاُ وأفريقيا .
ثم وجدنا هؤلاء يقيمون دينهم على ما أفتاه عمر كنبي فأفتى مثلا [ إذا رأيت الكتابى فضيق عليه لتضطره إلى أضيقه … ]
ثم وجدنا هؤلاء يقيمون دينهم على مكذوبات أفتوا بها مثلا [ إذا رأيت الكتابى فضيق عليه لتضطره إلى أضيقه … ] .
فإما أن يتنحى أو يقع على الأرض فهل هذا إسلام وهل هذا خلق رسول الله صلى الله عليه وىله الذي قال تعالى فيه { وإنك لعى خلق عظيم } والعجيب أنهم نسبوا هذا الفعل اللا أخلاقس للنبي صلى الله عليه وآله فيما رواه مسلم [ لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه) ،أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ] فهل هذا هو الخلق العظيم ؟ الذي قال فيه تعالى { وإنك لعلى خلق عظيم }
وهل هذه هى مكارم الأخلاق التى قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ؟
وإذا قرأ الغرب المثقف مثل هذه الأمور وهم يملكون كل أسلحة الدمار الشامل والسيطرة ولم يحاربوننا أو حتى يسبوننا كما ترى الآن فهم مخطئون بل وعلينا أن نقول لهم جزاكم الله خيراً لأن في أمتنا من إذا إمتلك عشر ما يملكون لسل سيفه أولاً على أبناء رسول الله ثلى الله عليه وآله وشيعتهم والصوفية والمسلمين وقالوا فيهم شيعة كفار أو صوفية مشركين أو أشاعرة ضالين .
ومن لا يعتقد عقائدهم فهو ضال بل يقولون ما قاله إبن تيمية في تكفيرهم وابن عبد الوهاب من لم يكفر الكافر فهو كافر ويمكنك قرأة مجموعة التوحيد أو فتح المجيد للتأكد مما نقوله الآن
وعلى ما ذكرناه آنفاُ امتلئت المكتبة الإسلامية بكتب عقائد وتفاسير وسنن وشروح وفقه مختلفة بعضها عن بعض من جراء البعد عن أهل بيت النبوة ورثة الوحي الشرعيين فلما توجهت الأمة لهؤلاء وتصديقهم في المرويات الكثيرة والتي لم يبحثوا عن صحتها انقسمت التفاسير القرآنية إلي مدرستين :
الأولى مدرسة التفسير بالرواية:-
وهي مدرسة تعتمد في التفسير على المأثور عن رسول الله والصحابة والتابعين وحيث أن المكذوبات كثيرة وتوارثتها إمبراطوريات ودول ومذاهب وأخذوها مسلمة على أنها التفسير الحقيقي والوحي الموروث من عند الله تعالى انقسمت هذه المدرسة لنوعين من التفاسير :
- تفسير قائم على سنة حقيقية ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
- تفسير يقوم على نصوص وآثار مكذوبة اعتقد الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله و لاختلاف العلماء أيضاً في علم الرجال مابين موثق ومبدع ومفسق لرجل واحد كونه شيعياُ فيفسه هذا ويكفره ذاك ولما لا وقد قال الذهبي بالحرف في الطبري رحمه الله وقد رفضوا دفنه فدفن في بيته لاتهامه بالتشيع [ ” فيه يسير من التشيع ” ] . وعلى الرغم من ذلك وثقه غيره من علماء , .
- وأما الحاكم صاحب المستدرك فيقول فيه الذهبي رافضي خبيث عالم بالحديث وعند غيره حديثه ثقة لأنه يأخذ الحديث على شرط البخاري وصحته وبالتالي ماجمعه من حديث يعتبر حديث صحيح على ما وضعه البخاري من شروط وبالتاسلي اختلفت التفاسير لهذا السبب ولاعتماد المحدثين في التحقيق على السند دون المتن وهذا خطأ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل حديث الشيطان لما أمسكه أبو هريرة فقال له ألا أعلمك كلمات إن قلتها عصمت من الشيطان قال ماهى : قال آية الكرسي والحديث معروف لدى الأمة ولكي لا تضل الأمة يبين صلى الله عليه وآله أن البحث لابد وأن يكون في المتن دون السند وإن كان في الأمرين فهو أفضل .
قال صلى الله عليه وآله ألا إن الحديث سيفشوا عني فإن رأيتم الحديث يتوافق مع القرآن فهو قولي وخذوا به وإن رأيتموه يتعارض مع القرآن فليس بقولي ولا تأخذوا به ….. الحديث أهـ .
وقد رد هذا الحديث بعضاً من أصحاب الأهواء والأفهام السقيمة للنصوص بحجة في السنة مالا أصل له في القرآن فرد عليهم الأستاذ نور الدين أبو لحية في كتابه منابع الهداية الصافية مايلي :
[ … ما ورد من الحديث في عرض الحديث على القرآن الكريم:
وهي موجودة في المصادر السنية والشيعية ، وسنوردها هنا، مع بيان موقف العلماء منها:
من الأحاديث الواردة في المصادر السنية، والتي تدعو إلى عرض الحديث على القرآن الكريم، إما صراحة، أو إشارة وإيماء:
[الحديث: 1] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني) – البيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (1/ 9) ورواه ابن المقرئ في معجمه، (3/ 239)
[الحديث: 2] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فلم أقله) – رواه البيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (1/ 116)
[الحديث: 3] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني والله لا يمسك الناس علي بشيء إلا أني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه) – رواه الشافعي في مسنده، (1/ 129)، رقم (116)، والبيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (3/ 360)، رقم (1155)
[الحديث: 4] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ستكون علي رواة يروون الحديث، فأعرضوا القرآن، فإن وافقت القرآن فخذوها وإلا فدعوها)- تاريخ ابن عساكر 55/ 77.
[الحديث: 5] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (سيأتيكم عني أحاديث مختلفة، فما جاءكم موافقًا لكتاب الله ولسنتي فهو مني) – الكفاية في علم الرواية 1/ 130، وسنن الدارقطني 4/ 208.
[الحديث: 6] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني سألت قوما من اليهود عن موسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وسألت قوما من النصارى عن عيسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وإنه سيكثر عليَّ من بعدي كما كثر على من قبلي من الأنبياء، فما حدثتم عني بحديث فاعتبروه بكتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو من حديثي، وإنما هدى الله نبيه بكتابه، وما لم يوافق كتاب الله فليس من حديثي)- مسند الروياني 2/ 255.
[الحديث: 7] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (سئلت اليهود عن موسى فأكثروا وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه سيفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله) – الطبراني 12/ 316 رقم 13224.
[الحديث: 8] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن رحى الإسلام دائرة)، قيل: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: (اعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته) – المعجم الكبير 2/ 97.
[الحديث: 9] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنه سيأتي ناس يحدثون عني حديثا، فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته، ومن حدثكم حديثا لا يضارع القرآن فلم أقله) – رواه البيهقي كما في [مفتاح الجنة للسيوطي 1/ 22].
[الحديث: 10] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما حديث بلغكم عني تعرفونه بكتاب الله فاقبلوه، وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن موضعه ولا تعرفون موضعه فلا تقبلوه) – رواه البيهقي كما في [مفتاح الجنة للسيوطي 1/ 22].
ومن الأحاديث الموقوفة على الصحابة في هذا ما روي عن معاذ أنه قال: (إنه يفتح القرآن على الناس حتى تقرأه المرأة والصبي، والرجل فيقول الرجل قرأت القرآن فلم أتبع، ثم يقوم به فيهم فلا يتبع، ثم يحتظر في بيته مسجدا فلا يتبع، فيقول قد قرأت القرآن فلم أتبع وقمت به فلم أتبع، واختظرت في بيتي مسجدا فلم أتبع، والله لآتينهم بحديث لا يجدونه في كتاب الله ولم يسمعوه عن رسوله لعلي أتبع)، قال معاذٌ: (فإياكم وما جاء به فإنه ضلالةٌ) – رواه الدارمي (199)
بالإضافة إلى هذا؛ فقد وردت الشواهد الكثيرة التي تؤيد تلك الأحاديث، ومنها ما روي عن معاذ بن جبل أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفتنة فعظمها وشددها، فقال علي بن أبي طالب: فما المخرج منها؟ قال: (كتاب الله فيه حديث ما قبلكم،ونبأ ما بعدكم، وفصل ما بينكم من يتركه من جبار يقصمه الله، ومن يبتغ الهدى من غيره يضله الله، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، وهو الذي لما سمعته الجن، الوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ – الجن 1-2} ، وهو الذي لا تختلف به الألسن، ولا يخلقه كثرة الرد) – أمالي أبي طالب ص 250، وحلية الأولياء 5/ 253، ومصنف ابن أبي شيبة 6/ 125 رقم 30007، ومسند البزار 3/ 72.
ومنها ما روي من رد الصحابة لبعض الأحاديث لمخالفتها القرآن الكريم، ومن الأمثلة على ذلك ما روي من رد عائشة ما رواه أبو هريرة مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إنما الطيرة في المرأة، والدابة، والدار)، فردت عليه بغضب شديد، وصفه الراوي بقوله: (فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض)، ثم قالت: (والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والدار والدابة، ثم قرأت عائشة: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ – الحديد22) – رواه أحمد: 6/ 150 وفي 6/ 240 وفي 6/ 246..
ومنها ما روي عن رد عائشة لحديث ابن عمر الذي يقول فيه: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)، حيث قال: وهل ـ يعني ابن عمر ـ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبر فقال: (إن صاحب هذا القبر ليعذب وأهله يبكون عليه)، ثم قرأت قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام 164) – أبو داود (3129)، والنسائي في المجتبى 4/ 17، والطبراني في الكبير (13262).
ومنها ما روي عن أبى إسحاق قال: كنت فى المسجد الجامع مع الأسود بن يزيد ومعنا الشعبى فحدث الشعبى بحديث فاطمة بنت قيس أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة فقال الأسود: أتت فاطمة بنت قيس عمر ابن الخطاب فقال: (ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندرى أحفظت أم لا، المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة) -الدارمى (2/ 218، رقم 2274)، وأبو داود (2/ 288، رقم 2291).
وهو يقصد بذلك قوله تعالى: ( لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ – الطلاق 1)
وللأسف؛ فإن كبار أعلام المدرسة السنية لم يفعّلوا هذه الأحاديث، بل اتهموا الأحاديث الداعية إلى عرض الحديث على القرآن، وذلك ما جعلهم يقعون أحيانا كثيرة في تقديم أحاديث آحاد على القرآن الكريم نفسه، ونسخه، بل تعطيله بسببها، كما سنرى ذلك في كل أجزاء السلسلة عند ذكر الأحاديث المردودة.
ومن أقوالهم في رفض هذا الاعتبار، والأحاديث التي تسانده قول ابن بطة ـ بعد عرض بعض تلك الأحاديث ـ: (قال ابن الساجي: قال أبي رحمه الله: هذا حديث موضوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وبلغني عن علي بن المديني، أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل، والزنادقة وضعت هذا الحديث)- الإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 266)
ثم علق على ذلك بقوله: (وصدق ابن الساجي، وابن المديني رحمهما الله، لأن هذا الحديث كتاب الله يخالفه، ويكذب قائله وواضعه، والحديث الصحيح، والسنة الماضية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترده قال الله عز وجل: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا – النساء 65) والذي أمرنا الله عز وجل أن نسمع ونطيع، ولا نضرب لمقالته عليه السلام – كتاب منابع الهداية الصافية لنور الدين أبو لحية ص16-20 ] . أهـ .
وأما :
الثانية فهي مدرسة التفسير بالدراية :
وهى مدرسة تعتمد في التفسير على الرأي ودون التقيد بالسند وهو الحديث أو آثار الصحابة أهل البيت فيستخدمون التأويل لبيان القرآن على ما أدركوه من فهم وما حصلوه من علم مكتسب وهؤلاء نسوا بأن القرآن كتاب الخالق عز وجل وبالالي فيه جزء وهبي من الله لايمسه ولا يرك غور معناه إلا المطهرون من أهل البيت عليهم السلام كما قال تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } وهؤلاء لجأوا في تفاسيرهم للرأي والإجماع والقياس واستنبطوا أصولاً أخرى للفقه كالإستحسان والإستصحاب والمصالح المرسلة وعمل أهل المدينة فاختلفت الأمة ولذلك ظهرت كتب كثيرة في التفسير والفقه والعقيدة ومنهم من استخدم الرواية والدراية معاً كروح المعاني للألوسى
و درأً لهذا الإختلاف واعتمادأ على قوله تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بينه } أي أن المكلف الأول في بيان القرآن هو من أنزله وبالتالي أصح التفاسير أولاً هو بيان القرآن للقرآن اعتماداً على الآية المذكورة آنفاً . ثم بيان رسول الله صلى الله عليه وآله في آثارهم وتراثهم لقوله تعالى { لتبين للناس مانزل إليهم } وأما أهل بيته من بعده لقوله تعالى فيهم { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون } وبالتالي :
أولاً :
بينت القرآن بالقرآن إن شاء الله على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها ثم بالسنة وأسباب النزول المتناثرة في كتب كثيرة لقوله تعالى ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) فبيناه كلمة كلمة فمثلاً إذا قال تعالى :
( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ- الإسراء1)
سبحان
كلمة تنزيه لله عز وجل. وهى كلمة تنزيه لله تعالى عن كل عيب أو نقيصة يقول تعالي (فسبحان الله رب العرش عما يصفون – الأنبياء 22) ويقول )هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ – الحشر23)وسبحانه وتعالى لأن الخلق كله يسبح بحمد ولذلك الآية التالية (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- الحشر24) وسبحان للتنزيه لقوله تعالي أيضًا (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء43) ولقوله تعالى (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ-مريم35) وهنا يقول تعالى سبحانه تنزيهًا له تعالى من الشرك والولد وكل نقيصة والسماوات والأرض جميعًا يسبحن بحمده تعالى لقوله عز وجل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ-الإسراء 44) ويقول تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم-الإسراء 44) ولذلك فهو المنزه عن كل عيب ونقصيه وشبيه وهو المُسَبحُ له سبحانه وتعالى الذي يسبح بحمده كل مخلوق حتى حملة العرش في قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ-الزمر75) ويأتي لفظ سبحانه للتعجب كما في قوله تعالى (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً- الإسراء93) وأما قوله تعالى (الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله -الإسراء1) وأما:
أسرى
أي سرى بفلان وصاحبه ليلاً يقول تعالى (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الدخان23) وقال تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الشعراء52) وهذا الإسراء كان لمنطقة سيناء مما يدل على أن الإسراء كان بين المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مروراً بطور سيناء كما أخبرت السنة أنه صلى الله عليه وآله صلى بطور سيناء ركعتين وقال له جبرائيل أتدرى أين صليت يا محمد فقال له صليت بطور سيناء حيث تجلى ربك إلى موسى (ع) والآية هنا تبين أن هذا الإسراء بقطع من الليل كما قال تعالى (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ-هود81) وكان من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بفلسطين مروراً بطور سيناء بمصر. وهى الأماكن المباركة التي نزلت بها الكتب السماوية لقوله تعالى
(الذي باركنا حوله) أي كما فال تعالى
( وهذا كتاب أنزلناه مبارك –الأنعام92) فالتوراة و لألواح بسيناء بمصر والإنجيل ببيت المقدس والقرآن بجزيرة العرب. وأما
(حوله)
أي ماحول الحجاز لقوله تعالى( وممن حولكم من الأعراب منافقون- التوبة) أيماحول بيت المقدس هنا في قولهتعال ( الذي باركنا حوله – الإسراء1) أيالحجاز وسيناء والشام
( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)
وهنا (لنريه من آياتنا) أي كقوله تعالى (لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى- طـه23) أي ا، الآيات المعجزات ستكون بهذه البقاع المباركة وحيث أن الله تعالي قال (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُون َ- غافر 77) وبعض الذي نعدهم ما ستفعله أمته كلها من بعده إلي قيام الساعة وعذابهم وبيان سبب العذاب النازل عليهم . وأما:
آياتنا
أي تأتيهم بعض آيات ربك وهى من علامات الساعة كإشارة على أن أحداثاً ستقع بهذه البقاع هى من علامات الساعة ومنها الحروب العربية الإسرائيلية كما ستبين الآيات فيما بعد بوعد أولاهما بجزيرة العرب ثم وعد الآخرة بالشام مع الفلسطينيين الآن وحزب الله ومنظور ظهور قوة إسلامية عاتية بسيناء في المستقبل القريب قال تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُون َ- الأنعام 158) والآيات كلها خاصة المستقبلية التي تخص علامات الساعة والتي سنعرفها في آخر الزمان كما في قوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا – النمل 93) فنحن سنعرفها في آخر الزمان ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها وبينها وبين علامة كل دوله منذ وفاته إلى قيام الساعة حيث جلس معهم في الحديث المشهور يحدثهم بما هو كائن إلى يوم القيامة من بعد صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء وكان هذا بعد حادث الإسراء والمعراج حيث عرج به إلى السماء وهذه حادثة من الآيات التي جعل الله تعالى الأمة تراها ولا يبنكرها إلا جاحد فقد شرح لهم صلى الله عليه وآله صفات المسجد الأقصى وهو لم يذهب إليه قال تعالى (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُون َ- غافر81) أي أن كثير اًمن الناس أنكرت هذه المعجزة الإلهية خاصة في زمان البعثة النبوية الشريفة وكذبوه فبين لهم ما رآه من قوافل بين مكة والشام في الطريق ورفع له جبريل الأمين المسجد فشرح لهم وصفه وعدد نوافذه وأبوابه ثم بين مكانة أناس فيهم فى النار وفى الجنة ووصف المسجد الأقصى لهم .ولبيان كلمة. وأما:
لنريه
أي بقدرة الله عز وجل يريه هذه المعجزات وما هو كائن في هذه الأمة بعد وفاته صلى الله عليه وآله قال تعالى (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ- المؤمنون95) وهنا قدرة الله لاتحد فيمكن أن يريه كما في حادث الإسراء والمعراج أو بالرؤيا أو بالوحي يمكن أن يريه الله تعالى آياته وما توعدبه الكافرين والمنافقين وما سيفعلونه بأمته وما سيفعله الله تعالى بهم . والرؤيا إما مناميه لقوله تعالى هنا (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ-الأنفال43) ويمكن أن يرى بالوحى كما رفع جبرائيل المسجد الأقصى له يراه فيعدد أبوابه ونوافذه وهذا الوحى مثلاً يقول تعالى فيه (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ-الفيل1) أى أنه رأى بعينه وبصيرته ما حدث لهم وذلك بواسطة الوحى هنا أيضا لقوله تعالى (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ-المؤمنون95) فهو بالقطع صلى الله عليه وآله رأى ما سيحدث لمنافقى أمته والكفار أعداء الله تعالى إما في المعراج وهو الأرجح هنا لورود نصوص في ذلك ولكن القرآن هنا يثبت أن الله تعالى بين لرسول الله صلى الله عليه وآله أناساً بأعيانهم حادوا الله ورسوله وليسوا بمجهولين وأحداث تقع إلى يوم القيامة بأشخاصها وأعيانها وما ستفعله الأمة ثم يقول تعالى
(السَّمِيعُ)
( وسميع) أى أنه تعالى يسمع كل شئ لقوله (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ – الزخرف80) ولبيان أنه تعالى يسمع الناس يقول تعز وجل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى الله-المجادلة1), وهو سبحانه وتعالى كان سميعاً بصيرأ لكل شيء قبل خلقه .قال تعالى ( وكان الله سميعاً بصيرا- ) وأما:
بصير
أى بأعمالهم قبل خلقهم كما في قوله تعالى (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً-الفتح24) ويقول تعالى (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً-الفرقان20) ويقول تعالى أيضاً (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً- فاطر45) وهنا بصيراً يرى كل أعمالهم سبحانه وتعالى وقد أحاط بها علماً قبل خلقهم ولذلك يقول تعال (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً-الطلاق12) ويقول تعالى (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى- العلق14) ويقول (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى- النجم40) ومن هنا يتبين لنا أن الله تعالى (سميع بصير) على أعمال بنى آدم وعلى ما سيفعلونه فهو رقيب عليهم وهو كان بعملهم عليم قبل خلقهم فكأن الله تعالى يقول (لنريه من آياتنا) بما أريناه وسمعناه جعلناه يسمع ويبصر صلى الله عليه وآله ماسيفعله بنوا إسرائيل في المسلمين في وعد الأولى على زمانه صلى الله عليه وآله ثم وعد الآخرة كما ستبين الآيات فيما بعد و الكلام عنهم .
وهذا مثال ضربناه على هذا النوع من التفاسير الذي تظهر نبذة عنه لأول مرة بمؤتمركم الموقر نسأل الله تعالى أي يحوز إعجابكم والأعجب هو كتاب الله تعالى الذي فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم هو الفصل وليس بالهول من عمل به أجر ومن تركه من جبار قصمه الله وهو الذي لاتشبع منه العلماء ولا تنفد عجائبه وهو الذي قالت في الجن (إنا سمعنا قرآناً عجبا يهدي إلى الرشد فأمنا به)
ثانياً :
رتبته على ترتيب النزول وفقاً لمصحف أمير المؤمنين عليه السلام :
الباحث في تدوين القرآن يجد العجب من أن الشائع أن المصحف تم تدوينه في عهد عثمان بعد أن كثرت المصاحف في أيدي الناس فما هذه المصاحف؟ وهل كان فيها مدسوسا على كتاب الله ؟ أم كان فيها بيان لرسول الله صلى الله عليه وآله واختفى بعد موته لنزول آيات بعينها في صناديد الكفر والنفاق القرشي لإسلامهم بعد الفتح ؟ أم كان فيها قرآن ضاع واختفى وأكلته الداجن كما روى عن السيدة عائشة .
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة وأهم هذه الأسئلة كيف ينزل القرآن مرتباً على أحداث وقعت لرسول الله صلى الله عليه وآله بمكة والمدينة مرتبة ومنجمة على أسباب نزول وترتيب نزول ثم يعاد ترتيبه ترتيباً أخفى معه كثيراً من الأحداث ثم يروى عنهم بأن جبريل جاء للنبي صلى الله عليه وآله فقال له يا محمد لنعيد ترتيبه مرة أخرى كرامة لهؤلاء أو إخفاءاً لما نزل فيهم ومافعلوه بك وبأمتك فقال له جبريل عليه السلام هيا نعيد ترتيبه مرة أخري وهذا ما حدث بالفعل فقد اختفت أحداث يراد منها الطمس والإخفاء لما فعله كل منافق وكافر أسلم بعد الفتح من قريش وقالوا بأن سيدنا جبريل عليه السلام عاوده عدة مرات لإثبات هذا الترتيب الشائع وهنا يبين بن حجر أن جبريل عليه السلام عندما كان يعاود رسول الله صلى الله عليه وآله في السنة التي توفى فيها كان على ترتيب نزوله [قال الكِرْماني : وعلى هذا الترتيب كان يعرضه على جبريل كل سنة، أي: ما كان يجتمع عنده منه، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين(أي يعرض عليه ترتيب المصحف العادي)- البرهان في توجيه متشابه القرآن ص 16، والبرهان في علوم القرآن (1/259)].
وبه قال الباقلاني أيضاً وذهب بعض العلماء إلى أن العرض من رسول الله صلى الله عليه وآله لجبريل عليه السلام كان على ترتيب النزول: كقول ابن حجر فيما قاله رداً على الكرماني و الباقلاني، بل الذي يظهر أنه كان يعارضه به على ترتيب النزول – فتح الباري ج8/658 ] .
و مصحفنا هذا الذي بين أيدينا هو هذا الترتيب الذي أقر به بن حجر العسقلاني في فتح الباري وكما هو مدون في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام وذكر فهارسه بهذا الترتيب السيد مرتضي العسكري رحمه الله في كتابه –القرآن الكريم وروايات المدرستين ج/2]. وحيث أنهم جمعوه في عهد الخليفة عثمان فبما كان يتعبد المسلمون في عهد الخلفاء من قبله ؟ .
وهل تركهم رسول الله ليعبثوا في القرآن كما شاءوا وترك المصطفى صلى الله عليه وآله جمعه فيكون مقصراً أمام الله تعالى ولم يحافظ على كتاب الأمة؟.
أم قال لهم افعلوا بكتاب الله ما شئتم فهو ملك لكم إفهموه كما تشاءون ورتبوه كما تشاءون ووتقولوا على الله تبارك وتعالى فيه ماتشاءون ؟.
أم أنه لم يكن يعرف أن القتل سيستحر في القراء بمعركة اليمامة وهو صاحب الوحي المنزل من عند الله تعالى والمسؤل عنه يوم القيامة؟ .
و هذه العقائد كلها تحمل اتهام وتقصير لرسول الله صلى الله عليه وآله فكيف يتركهم بلا كتاب حتى يقف عمر ابن الخطاب على باب المسجد فيقول من كان عنده آية فيأتنا بها وذلك بعد أن استحر القتل في القراء بواقعة اليمامة . [ ورد عن عمر بن الخطاب أنه أشار لأبي بكر بجمع القرآن لأن القتل قد استحر في القراء بواقعة اليمامة فقال أبي بكر ما كنت لأفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله فبات يتقلب يميناً ويساراً حتى شرح الله صدره كما قال – البخاري ج/ 5 ص210 عن زيد]
[فأمره وزيداً بأن يقفا على باب المسجد ويعلنا للمصليين : رحم الله من كان عنده آية فليقلها حتى نكتبها في المصحف- كنز العمال ج/2 ص573] وهذا تشكيك في مجرد ترتيب الآيات أيضاً بمواضعها وهو سبب قطعي لوجود آيات مدنية بالقرآن المكي ومكية بالقرآن المدني وإلا قلي بربك مثلاً كيف يقول تعالى بالقرآن المكي حيث لم تفترض الصلاة (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى ) فهذه من المدني الموضوع بالسور المكية وذلك لأن الصلاة لم تفترض إلا بالمدينة .
ثم أمروا من كان عنده مصحفاً فليأتهم به لجمعه فجمعوا ما قدروا عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وفيها بيان لهذا القرآن فأحرقها أبي بكر بل وتقول مرويات أم المؤمنين عائشة أنه كان تحت سريرها سورة كاملة فجاءت الداجن أكلتها ويقول عمر أنه كانت هناك سورة تعدل سورة براءة رفعت أو ضاعت ولم يبق منها إلا لو كان لابن آدم واديان من مال لتمنى ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.بل ويقول عمر أيضاً أن القرآن كان أكثر من ألف ألف حرف والقرآن الذي بين أيدينا ثلاثمائة ونيف أي أكثر من ثلثيه قد ضاع على حد زعم الخليفة عمر بن الخطاب ويروى عنه أيضاً بأن سورة الأحزاب كانت تعدل سورة براءة في الطول ولم يتبق منها إلا ما تراه الآن بالمصحف الشريف وكل هذا لا يعنينا لأن الله تعالى تكفل بحفظه ولكن هذه المرويات تضع هذا الخليفة موضع شك واتهام خاصة إذا علمنا أن زيداً كاتب الوحي يهودي بل ولا يعرف له نسب على وجه الدقة.ولذلك رفض ابن مسعود إعطاء أبي بكر مصحفه بواسطة زيد وهو أحدث عهداً بلإسلام من ابن مسعود فرفض إعطائهم مصحفه [ روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه : أنهم جاءوه لينزل على رأيهم ويعطيهم مصحفه الذي دونه من في رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهم ( لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت يهودي له ذؤابتان- تاريخ المدينة لبن شبة ج3/ ص1006].
[ وروى الحاكم قال بن مسعود : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لم يسلم – الحاكم ج2/ص 228 ] وهنا سبعين سورة أي عند نزول سورة الأنبياء على ترتيب النزول تحديداً بمكة وكان زيد طفلاً صغيراً وقبل أن يولد كان بن مسعود مسلماً لله تعالى [قال لما كتب زيد المصحف لقد أسلمت وإنه في صلب رجل كافر – كما في أسد الغابة لبن الأثير ج1/ص80 ] .
كما أن زيداً الكاتب بنسبه اليهودي متهماً بل الحقيقة أنه ليس معروفاً له نسب حقيقي وهذا يؤكد شكوكنا فيه من هو: يقال أنه هو الذي كتبه وجمعه بأمر الخليفة أبي بكر ومستشاره عمر بن الخطاب :وأما عن نسب زيد فعـنـدمـا نـرجـع إلى ترجمة زيد في كتب التراجم نجدهم يذكرون أن أمه هي النوار بنت مالك ولا يذكرون فيها خلافا قال ابن الأثير في أسد الغابة ج5 ص 557 🙁 الـنوار بنت مالك بن صرمة من بني عدي بن النجار وهي أم زيد بن ثابت الأنصاري الفقيه الفرضي كـاتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , روت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم , روت عنها أم سعد بنت اسعد بن زرارة أخرجه الثلاثة ) انتهى .
ولـكـن مـصادر السيرة والتاريخ والرجال المعروفة خالية عن اسم أبيها مالك بن صرمة , ولا عن اسـمـه الخر الذي ذكره ابن الأثير ( مالك بن معاوية ) كما لا توجد روايات عن حياتها , وهل إنها تزوجت بعد ثابت أم لا ؟.
لـكـن الـمـشـكلة الصعبة في ترجمة زيد معرفة الاسم الحقيقي لأبيه وجده وأعمامه ونسبه ذكـرت المصادر لجده عدة أسماء منها:
(1) الضحاك بن خليفة , وله ابن اسمه ثابت ,
(2) ومنها الضحاك بن أمية بـن ثعلبة بن جشم وله ابن اسمه ثابت
(3) ومنها الضحاك بن الصامت .
(4) ومنها الضحاك بن زيد بن لـوذان بـن عمرو بن عبد عوف.
لكن يصعب أن تنطبق ترجمة أي واحد منهم على زيد إذا صـعـدت مـع نـسـبه جداً فجد , مضافا إلى أن بعض هؤلاء الأجداد المفترضين لزيد من الأوس , وبعضهم من الخزرج , .
وإذا عدنا لمصحف بن مسعود سنجد به آية الإصطفاء مضافا إليها { وآل محمد على العالمين } أي أنها مكتوبة في مصحفه وبقراءته هكذا بسم الله الرحمن الرحيم { …… إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَوَنُوحاًوَآلَ إِبْرَاهِيمَوَآلَ عِمْرَانَ وآل محمد عَلَى العَالَمِينَ – أل عمران33 } أي أن الآية هكذا نزلت من عند الله تبارك و تعالى . ذكر ذلك أبو حيان التوحيدي في البحر المحيط ج2/ ص 435 ومعجم القراءات القرآنية للدكتور أحمد مختار عمر والدكتور عبد العال سالم مكرم بجامعة الكويت ج2/ص22 وهذا المصحف موجود الآن بمتحف اسطنبول ولهذا ترجع أهمية مصحفه ونحن نقول ذلك ليس تشكيكاً في القرآن بل تأكيداً على أنه محفوظ من العبث و التحريف كما في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ – سورة الحجر9} وهنا المعنى ( إنا ) أي نحن وليس أنتم وذلك لأن (إنا) لفظ يأت على الله تعالى ورسله وملائكته وآل بيته عليهم السلام وذلك لأن لفظ (إنا ) ور في قوله تعالى { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ – سورة مريم40} وميراث الأرض لا يكون إلا لله تعالى ورسله وملائكته والمسلمين الصالحين فهؤلاء هم الوارثون كما قال تعالى { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون – الأنبياء } وهؤلاء الصالحون وأولهم سيد الخلق محمد وجبرائيل عليه السلام وأهل بيت النبي والصالحون هم الذين سيحافظون على كتاب الله وليس غيرهم من المنافقين الذين لم يصطفيهم الله تعالى أصلاً لهذا العمل فهم ليسوا موكولين به من الله { قل آ الله أذن لكم أم على الله تفترون – } .
كما يقول تعالى أيضاً { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ الصافات – 165 – 166 } والله تعالى لا يسبح له إلا خلقه وملائكته و المؤمنين به تعالى وهؤلاء هم المعنيون هنا بلفظ (إنا) من قوله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } أي أن الذكر له أهل الموكول إليهم حفظه وهم أهله الذين قال تعالى فيهم { فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون- الأنبياء } وأول هؤلاء بعد رسول الله أمير المؤمنين عليه السلام بمصحفه الذي كتبه على ترتيب النزول وفي حواشيه أسباب النزول وتفسيرات لرسول الله صلى الله عليه وآله وهو أول الموكول إليهم حفظه بعد نزول سيدنا جبريل به عليه السلام ثم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أمير المؤمنين باب علم رسول الله وأعلم هذه الأمة بعده صلى الله عليه وآله الذي كتب القرآن وجمعه لهم وهو القرآن الذي بين أيدينا بلا زيادة أو نقصان وما حدث من الصحابة إلا أنهم رتبوه بداية بالمكي ثم المدني ومصحف أمير المؤمنين كان على ترتيب النزول كما بينا.
يقول أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام [ ما من آية نزلت في ليل أو نهار في وبر أو مدر إلا علمت متى نزلت وفيمن نزلت – الإتقان للسيوطي ] وبعد ستة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله تفرغ لهذا العمل الجليل ومعلوم أن كتابة المصحف مجرداً إذا حاولت ذلك لن تتخطى الشهر الواحد وعلى ذلك الستة أشهر تعني أنه كتبه لهم بتفسير رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أتاهم به رفضه عمر وملئه من حوله لا حاجة لنا في مصحفك ياعلي فعندنا مثله ولا لعترة الرسول صلى الله عليه وآله بل والتاريخ يثبت استبعاده وكل آل بيت محمد عليهم السلام من كل مناصب الدولة في عهد الخلفاء الثلاثة أورد أبي نعيم في حلية الأولياء [ ….أنهم لما رأوا أمير المؤمنين على بن أبي طالب قادماً عليهم قالوا لأمر ما جاء أبوا لحسن ؟ فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و عترتي أهل بيتي وهذا الكتاب وأنا العترة قام إليه عمر فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما – أبو نعيم في الحلية والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي عن خير عن علي وتدوين القرآن لعلى الكوراني- ص344] .
وهنا قول عمر عندنا مثله يثبت حفظ القرآن من العبث أي أنه هو هو ولا فرق إلا في الترتيب وبيان الرسول صلى الله عليه وآله المنزوع منه وما رفض عمر إلا هذا البيان النبوي للقرآن الكريم .
وبالتالي لم يتم رفضه إلا لأنه كتب لهم فيه أسباب نزوله وتفسيره وفيمن سنزلت آيات الكفر والنفاق والظلم والقتل والزنا . كما بينا وليظل باب الاجتهاد والتحريف في فهم كتاب الله وولفتح التقول فيه بالرأي والأهواء إلى أن تزول هذه الأمة بآلاف التفاسير المختلفة الأفهام والآراء والأهواء فتضل هذه الأمة وتزل أقدامها بعد ثبوتها في عصر النبوة صلى الله عليه وآله فبعد أن كانت أمتنا ليس لها إلا كتاباً واحداً تهتدي به وتتجمع حوله
أصبحت تمتلك الملايين من الكتب وما ازدادت من الله تعالى إلا بعدا واختلافاً من جراء هذا العمل؟ .
فزلت قدمَ هذه الأمة بعد ثبوتها وأذاقهم الله تعالى السوء والعذاب لقتلهم أهل بيت النبي وشيعتهم و صدهم عن سبيل الله لأنه من أن المفترض أن رسول الله صلى اله عليه وآله قد بين لهم القرآن ورتبه لهم على أسباب نزوله وبيانه لمعرفة الأحداث والغزوات وبين لهم َمن إمامهم حتى لا يختلفوا من بعده فيتقاتلوا والأمة أشد اختلافاً وتقاتلاً من بعدهم .
وحتى يختفي الحق وأهله وتطمس النصوص الدالة على مجرمي قريش وتختفي الأحداث التي فعلوها برسول الله صلى الله عليه وآله ويظلوا محمودي السيرة رفضوا بيان رسول الله الذي دونه لهم علي عليه السلام
حيث قال الخليفة عمر ” لاحاجة لنا في مصحفك ياعلي ”
فاختفت معالم القرآن الحقيقية وتاهت معاني آيات كثيرة قالوا فيها الله أعلم أوأخطئوا في تفسيرها أوأخفوا بيانها عمداً أو صرفوها عن معناها الحقيقي ليتولوا هم الخلافة وتكون لقبائلهم الصدارة على أقوى دول العالم .بعد أن تركوا بيان المصطفى لكتاب الله تعالى صلى الله عليه وآله والذي قال فيه تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل 44 } .
أي أنه صلى الله عليه وآله لم يتركهم إلا وقد بين لهم القرآن ورتبه لهم و بين لهم من إمامهم وكل شيء حتى قيام الساعة ثم قال صلى الله عليه وآله ” تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” ولما حدث الانقلاب وقال تعالى فيه { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144) .
هنا أخرج ابن مسعود مصحفه وأبي بن كعب وأمير المؤمنين وغيرهم ممن جمعوا القرآن ليبينوا للأمة ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ويواجهون به الخليفة أبي بكر ومستشاره عمر فرفضوا مصحف أمير المؤمنين على عليه السلام بعد أن منعوه صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته في حديث رزية يوم الخميس وقال عمر فيه صلى الله عليه وآله إنه يهجر( أي يهذي من أثر المرض) بعد ذلك منعو أيضاً مصحف أمير المؤمنين ليجردوا كتاب الله من أي بيان أو أثر لتفسير النبي بل ويمنعون كتابة حديثة لئلا يرتبط بالقرآن فتعود تفسيراته صلى الله عليه وآله مرة أخرى لترتبط بالقرآن فيكونوا قد عادوا لنقطة الصفر مرة أخرى وهذا هو سبب عدم تدوين السنة إلا بعد أكثر من مائة عام في عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز وقد تحججوا بأنهم لم يدونوا الحديث خوفاُ عليه من أن يختلط بالقرآن فتركوا تدوينها وأحرقوها وضربوا عليها كما فعل عمر ابن الخطاب مع أبي هريرة لكثرة مروياته وإجرائه التحقيق مع كل راو للحديث على أنه متهم حتى يأت له بالشهود فكانت رواية الحديث في هذا عصرأبي بكر وعمر تهمة ُيضرب عليها المرء على الرغم من أنها جزء من الوحي الذي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى – النجم } أي أن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وحياً فكيف يضربون عليها ؟ إلا لخوفهم مما فيها من أسباب نزول كما بينا .
وهنا لنا سؤال.
لماذا لم يدون الخلفاء الثلاثة سنة رسول الله صلى الله عليه وآله المبينة للقرآن المكملة له الشارحة وهي جزءٌ من الوحي إلا إذا كان المقصود فتح باب التقول على الله تعالى بغير علم والاجتهاد والرأي والاستحسان …. الخ وبالتالي الكذب في الدين لإهلاك المسلمين كما قال تعالى عن خطة اليهود لعنهم الله : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فصلت 26} والآية تثبت ضلوع اليهود في كثير مما نقوله الآن من لغوا في دين الإسلام تفرق على أثره أمة محمد صلى الله عليه وآله في حرب طويلة ممتدة قال تعالى فيها
{ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – البقرة217 }
وبالتالي لم يشرع في تدوينها إلا عمر بن عبد العزيز بعد أكثر من مائة عام حيث خشى اندثارها .
ولما جمعوا القرآن جعلوه على هذا الترتيب الذي تراه في كتاب الله الكريم القائم على حجم السورة وليس ترتيب نزولها فجعلوا الأكبر حجماً في مقدمة الكتاب بعد الافتتاح بسورة الفاتحة ثم الأقل في الحجم وأما ترتيب النزول فلا يخضع لطول ولا لقصر بل ترتيب إلهى قائم على أسباب نزول وأحداث ووقائع وترتيب مرتبط بسيرة النبي صلى الله عليه وآله ترتيباً عجيباً ومع فقدان هذا الترتيب وعدم دراسته لعلماء السير والتواريخ والتراجم إختفت كثير من الأحداث وتاهت معالمها فلا يعلم عنها المسلمين إلا القليل مما يدل على أن التفرقة بين سنته الشارحة للقرآن والضرب على روايتها أفقد المسلمين الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الفقهاء برأيهم وقياسهم وإجماع فرقة ضد أخرى فتفرقت الأمة وتقاتلت وهو المطلوب إثباته من اليهود وقريش المنافقين المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وآله وبني هاشم وبالتالي كما بينا إختفت أحداث كثيرة بالسير والأحكام
وأما مصحف أمير المؤمنين فقد رتبه على ترتيب نزوله كما بينا وكان به البيان النبوي الشريف كما قال بن جزي في كتابه التسهيل : [ وكان القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله متفرقاً في صدور الرجال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله قعد على بن أبي طالب في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد – قال بن جزي في التسهيل ج1/ص 60 ]
وهنا يتبين لنا أن القرآن هو القرآن ولا اختلاف فيه وما هذا المصحف إلا مصحف أمير المؤمنين سواء
كتبه زيد أو عمر من الناس إلا أنه نزل منجماً على أسباب نزول وهذا مستحسن في تفسير القرآن لعدة أسباب منها :
- معرفة السيرة النبوية بصورة أدق وذلك لارتباطها ارتباطًا وثيقاً بنزول القرآن وتوالي الأحداث بدأً من نزول سورة العلق كما يعلم كل مسلم صغير أو كبير يعرفون بالإجماع أن (اقرأ باسم ربك الذي خلق) هى أول ما نزل من قرآن والخروج على هذا الترتيب طمس لأحداث وإخفاء لها وخروج على الفهم الحقيقي المرتب لأحداث وقعت لرسول الله وآل بيته والمؤمنين من بعدة إلي يوم القيامة وفي ذلك ليخدم الباحثين في السيرة النبوية وارتباطها بنزول القرآن والسنة النبوية المطهرة والتي هى أيضاً من الوحي.
- وبه يُتحدد التواريخ والأحداث والحكمة من ترابط السور وتسلسلها .
- وأخيراً لبركة القراءة بترتيب النزول كما نزل به سيدنا جبريل عليه السلام وإجابة الدعوى بهذا الترتيب أسرع بإذن الله .
ولذلك رتبناه على ترتيب النزول ووفق أسباب النزول وكلها وكرائم القرآن كله نزل في على كما قال سيدنا ابن عباس رضى الله عنهما : [ كل كرائم القرآن نزلت في علي ويقول أيضاً مامن آية فيها الذين آمنوا إلا علي إمامها وقسيمها وشريكها ]
ثالثاً : بينا أن كثير من القرآن ألفاظه منقولة عن معناها يحددها المولى عز وجل فالشمس مثلاً ظاهرها شمس وباطن معناها يشير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيه صلى الله عليه وآله : { وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا } .
والقمر ظاهره قمر وباطنه يشير إلى علي عليه السلام فإذا أقسم بالشمس وضوؤها كما قال تعالى { والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها } أي أنه تعالى يقسم بخلق من خلقه وهو الشمس وهذا ظاهر المعنى وأما باطنه يقسم الله تعالى بالنور القرآني المنزل على محمد صلى الله عليه وآله ثم القمر إذا تلاها وهو علي إمام المسلمين والنور الذي ورثه من النبي صلى الله عليه وآله
القمر لايظهر إلا في الليل والليل بظلمته ظاهره ليل وباطنه إشارة للضلال والكفر والنفاق مما يشير غلى أن ظهور القمر لن يكون إلآ وسط ظلمات النفاق
كما أن السماء ظاهرها سماء وبااطنها يشير إلى آدم عليه السلام وكذلك الأرض ظاهرها أرض وباطنها يشير إلى أمنا حواء عليها السلام والجوار الكنس إثني عشر كوكباً ظاهراً وأما بطن المعنى فهم إشارةإلى الأئمة الإثني عشر سلام الله تعالى عليهم .
وأكبر دليل على نقل ألفاظ القرآن عن معناها الظاهر بحسب مراد الله تعالى وكما حدده في مواضع من كتابه تعالى فهمها من فهمها وجهلها من جهلها لفظ العلم في موا ضع من كتاب الله ينقل تعالى معناه إلى أنه يعني العمل كما في قوله تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ – غافر57} .
وهنا هل ينكر أي أحد أن السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ؟ .
الإجابة لا أحد ولكن الله تعالى بين أن كل من أطاع مخلوقاً من دونه تعالى فقد جعله أكبر من الله تعالى لذلك نفى عنه تبارك وتعالى العلم لعدم عمله بما أمر ولذلك قال تعالى في كثير من الخلق الذين أطاعوا إبليس أنهم { ولكن أكثر الناس لَا يَعْلَمُونَ } .
وبالتالي لفظ يعلمون منقول بمعنى يعملون وذلك لأنهم لم يعملوا بما أمر الله تعالى فقد نفى عنهم العلم بالله تعالى كما بينا .
وهكذا كثير من ألفاظ القرآن ينقل عن معناه الذي يظنه الناس وأمير المؤمنين وأئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يعلمون ذلك تمام العلم ولذلك أثبتنا في تفسيرنا للقرآن صحة كل ماجا ء به القمي في تفسيره ونحن على استعداد لبيان غرائب أئمة أهل البيت في التفسير عليهم السلام
كما أننا بينا في هذا التفسير الفروق في المعاني اللغوية بين الألفاظ
كالفرق بين الكذاب والإفاك والمفتري والخراص وكلهم يشتركون في خاصية الكذب مع إختلاف ورود الكذبه فإن كانت قلب حقائق على الظن فهو إفك
وإن كان على سبيل التخمين و الإختراع والتخليق للكذبة فهو خراص
وإن كانت رجماً بالغيب وبلا علم يقيني فهو مفتري
وبالتالي كل لفظ في القرآن له حكمة ومدلول يشير إليه الخالق تبارك وتعالى .
ولبيان معني هذه الكلمات نبحث في كتاب الله تعالى عن أماكن وجودها وأوجه الإستدلال بها لنعرف مراد الله تعالى .
فمثلا كلمة إفك تأتي على حادث الإفك زمن الرسول صلى الله عليه وآله ثم تأت في موضع آخر لبيان معناها مثلاً في قول المفترين الذين افتروا على الله تعالى الكذب قائلين أن لله ولد سبحانه و تعالى عما يشركون { ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله – الصافات 151} أي من شدة كذبهم وترويجهم لهذه الكذبة .
رابعاً :
بينا بالقطع أن قاعدة بيان القرآن بالقرآن وعلى الكلمة ثابتة بلا ريب في القرآن المكي فقط كقاعدة يبنى عليها أحكام المدني أيضاً وبينا أن الآيات المكية تؤكد دائماً على ولاية علي وأهل البيت عليهم السلام و تثبيت العقائد في المرحلة المكية وأما المدني فقد اعتمد على الطريقة ذاتها إضافة إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله المتفق عليها بين مذهبي السنة والشيعة على السواء ومن كلا المصدرين فقد وجدنا أنه لا خلافات بينهما إلا قليلة وفي ألفاظ تفيد في بيان المعنى وجلاءه للناس .
كما بينا أن الوضع أكثره قد دخل على أمتنا وأغلبه في مناقب ومدائح الرجال ثم الأحكام فقد اعتمدنا على الأمور الثابتة بين المذهبين والتي لا يختلف عليها اثنان والتي أقرتها قاعدة بيان القرآن بالقرآن في المرحلة المكتية واستخدمناها أيضاً في المرحلة المدنية للترجيحات بين الصحيح والموضوع فالقرآن يصحح ويخطئ ويكشف المستور عن رجال ظنهم الناس من المبشرين بالجنة وماهم كذلك .
والمثال على الوضع في الأحكام اختلاف الأمة سنة و شيعة في زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدنا القرآن ينتصر لأصحاب المشاهد المقدسة وأولهم مشهد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم بقية أهل بيته وأولياء الله الصالحين قال تعالى وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا الكهف- } وكذلك زيارة رسول الله بعد أداء مناسك الحج من الأمة من يستحسنه ويحث عليه ومنهم من يبغضه بل ويحكم بكفر زائر قبره الشريف كما هو حال الوهابية وبالرجوع للقرآن كحاكم على هذا الإختلاف بعد أداء مناسك الحج وجدنا أن القرآن ينتصر للعاملين بزيارته الشريفة بعد أداء مناسك الحج : لقوله تعالى {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – البقرة199 } وهنا لاخلاف بين المفسرين سطحيوا النظرة بأن الأستغفار هو قول أستغفر الله وهذا صحيح ولكنه ذلك معنى منقوص لم يكتمل لورود الإستغفار في قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً – النساء64} وهنا يتبين لنا أن النص قطعي الثبوت بأن طالب الغفران عليه بزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا قال تعالى {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – البقرة199 } أي ثم زوروا رسول الله صلى الله عليه وآله لاكتمال مناسك الحج وتمامها ليغفر الله تبارك وتعالى لكم .
خامساً :
مع بيان كل آية نراجع بيان أهل بيت النبي عليهم السلام وتفاسيرهم لها من كتاب البرهان ونور الثقلين وكنز الدقائق فنراجع مروياتهم ونضاهيها بما بيناه من بيان للقرآن بالقرآن فجدنا أن تفسيرنا للقرآن شارحاً لما ذكره الأئمة عليهم السلام تماماً بتمام بالتفصيل والمثال على ذلك هنا :
{ مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان }
[ عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال : علي وفاطمة ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان ) قال : لايبغي علي على فاطمة ، ولاتبغي فاطمة على علي : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) الحسن والحسين عليهم السلام –
– وعن محمد بن العباس عن جعفر بن سهل عن أحمد بن محمد عن عبدالكريم عن يحيى بن عبدالحميد عن قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري في قوله عزوجل : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال : علي وفاطمة قال : لايبغي هذا على هذه ، ولاهذه على هذا ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) قال : الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين .
3 – كنز : علي بن عبدالله عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي- الجارود عن الضحاك عن ابن عباس في قوله عزوجل ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان ) قال : ( مرج البحرين ) علي وفاطمة ( بينهما برزخ لايبغيان ) قال : النبي صلى الله عليه وآله ( يخرج منها اللؤلؤ والمرجان ) قال : الحسن والحسين
4 – – كنز : علي بن مخلد الدهان عن أحمد بن سليمان عن إسحاق بن إبراهيم الاعمش عن كثير بن هشام عن كهمش بن الحسن عن أبي السليل عن أبي ذر رضي الله عنه في قوله عزوجل : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال : علي وفاطمة عليهما السلام ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) قال : الحسن والحسين عليهما السلام ، فمن رأى مثل هؤلاء الاربعة : علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ؟ لايحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا كافر ، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت ، ولاتكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار .
وقد – روي عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري بأن البحرين علي وفاطمة عليهما السلام بينهما برزخ محمد صلى الله عليه وآله ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) الحسن والحسين عليهما السلام ، ولاغرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما وكثرة خيرهما ، فإن البحر إنما يسمى بحرا لسعته .
. – أبي عن سعد عن الاصبهاني عن المنقري عن يحيى بن سعيد القطان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ( مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لايبغيان ) قال : علي وفاطمة بحران من العلم عميقان لايبغي أحدهما على صاحبه ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) الحسن والحسين عليهما السلام
وعن الاعمش عن أبي صالح عن ابن عباس إن فاطمة عليها السلام بكت للجوع والعرى ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : اقنعي يافاطمة بزوجك فوالله إنه سيد في الدنيا ، وسيد في الآخرة ، وأصلح بينهما ، فأنزل الله : ( مرج البحرين يلتقيان ) يقول : أنا الله أرسلت البحرين : علي بن أبي طالب عليه السلام بحر العلم ، و وفاطمة بحر النبوة ، يلتقيان يتصلان ، أنا الله أوقعت الوصلة بينهما ، ثم قال : ( بينهما برزخ ) مانع رسول الله صلى الله عليه وآله ، يمنع علي بن أبي طالب عليه السلام أن يحزن لاجل الدنيا ، ويمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لاجل الدنيا ( فبأي آلاء ربكما ) يامعشر الجن والانس ( تكذبان ) بولاية أميرالمؤمنين عليه السلام أوحب فاطمة الزهراء عليها السلام ؟ فاللؤلؤ الحسن ، والمرجان الحسين ، لان ، لان اللؤلؤ الكبار ، والمرجان الصغار . اللؤلؤ الكبار ، والمرجان الصغار .
عن الثعلبي من تفسيره عن الحسين بن محمد الدينوري ، عن موسى بن محمد ، عن علي بن محمد بن الحسن بن علوية عن رجل من أهل مصر عن أبي حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله عزوجل : ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان ) قال : فاطمة وعلي عليهما السلام ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) قال : الحسن والحسين عليهما السلام – بحار الأنوار ، 24 / 97 ومابعدها ] .
وذكرهذه المرويات السيد هاشم البحراني في تفسيره البرهان وغيره من تفاسير أهل البيت وغيرها من أهل السنة كالدر المنثور .
وهنا لبيان القرآن بالقرآن وجعل الله تعالى حكماً بين السنة والشيعة ولنرى لمن ينتصر القرآن سنبين هذه الآية كلمة كلمة إن شاء الله :
{ مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان – الرحمن19}:
(مرج)
[ ومرج الدابة يمرجها مرجاً : أرسلها ترعى ويقال من هذا مرج الله البحرين :أرسلهما وأطلقهما يجريان – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل الراء والجيم ] قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً – الفرقان53} وورد هذا اللفظ في قوله تعالى { فهم في أمر مريج – ق55} أي في أمر مختلف ولكن الفارق بين مختلف ومريج وحدة المختلفين فهم مجمعون على تكذيب الرسول مختلفين في إطلاق العنان لخيالهم فمن قائل كذاب وآخر يقول ساحر وآخر يقول كاهن وغير ذلك وهنا نستنتج أن ورود لفظ مريج هنا أو مرج بين البحرين أي جمع بين مختلفين متضادين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج كما بينا أو كما قال تعالى {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ – الأنفال63 } وهذا التأليف بين المختلفات منها الذكر والأنثى وهما مختلفان في الخلق كما قال تعالى عن كل خلقه زوجين الشيء وضده كما قال تعالى {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الذاريات -49} ومن هذه الأزواج الذكر والأنثى وبالتالي لامانع من أن يكون ظاهر البحرين ماء وباطنهما ذكراً وأنثى قد بينهما صلى الله عليه وآلأه بأنهما علي وفاطمة .
وأما :
(البحرين)
والتقاء البحرين إجتماعهما كما قال تعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً الكهف60} ومجمع البحرين التقائهما كما قال تعالى هنا{ مرج البحرين يلتقيان } وذان البحران لا يبغيان لقوله تعالى { وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ – النمل61} ] أنهما لايبغيان كما في الآية هنا وكما في الحديث أن علياً لايبغي على فاطمة وهذا باطن المعنى وليس ظاهره وحيث أن البحر ماء وقال تعالى في الماء {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً – الفرقان54} وهنا يقول صلى الله عليه وآله في بيان هذه الآية خير النسب نسبي وخير الصهر صهري… الحديث على السيدة فاطمة وأمير المؤمنين علي عليه السلام فالمعنى هنا بالقطع للآية ظاهرها بحران وباطنهما علياً وفاطمة عليهما السلام وأما :
(يلتقيان)
[ ولقى الرجل يلقاه قابله – معجم ألفاظ القرآن باب لقى] قال تعالى يحيتهم يوم يلقونه سلام – الأحزاب 44} وهذا السلام يكون بإذن الله بين المختلفات والمتضادات كالبحرين هنا في قوله تعالى { مرج البحرين يلتقيان } ولورود هذا اللفظ في قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه – البقرة 37 } وبيان أن هذه الكلمات منها أسماء الأئمة عليهم السلام وأولهم أمير المؤمنين عليه السلام فالآية على ذلك تشير إلى أن اللقاء بين أمير المؤمنين وأنثى مختلفة عنه في الخلق لأنه ذكر وهذا باطن المعنى واللفظ أيضاً هنا يشير إلى هذا اللقاء وهذه ليست مصادفات لأن القرآن كله أثبت أنه يدور حول رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وأولهم أمير المؤمنين سلام الله عليهم أجمعين .
وأما :
( بينهما برزخ ):
[ البرزخ : الحاجز بين الشيئين – معجم ألفاظ القرآن باب الباء فصل الراء والزاي والخاء] ولو كانا شيئاً واحداً لما جعل الله تعالى بينهما برزخاً ليميز العذب من الملح الأجاج كما قال تعالى { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً – الفرقان53}. وأما :
(لايبغيان )
[ بغى ظلم وعدا عن الحق واستطال فهو باغ – معجم ألفاظ القرآن ] قال تعالى { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ – الحجرات9} ولورود اللفظ في القرآن على البغي بين حضرة المصطفى وأهل بيته عليهم السلام أن علياً لايبغي على فاطمة عليها السلام.
( يخرج منهما)
الخروج ورد على خروج الإنسان من بطن أمه في قوله تعالى { وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً – الحج5 } وهنا يخرج منهما نوعين الؤلو والمرجان كما قال تعالى { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } أي أن اللؤلؤ سيشبه الأم لخروج الطفل من بطنها وهى الأصل في هذه الكلمة والمرجان شبيه بالأب وهو علي لن الحديث وضح بأن اللؤلؤ الإمام الحسن والمرجان يشير إلى الإمام الحسين عليهما السلام وهذا ثبت بالقطع أن الإمام الحسن كان شديد الشبه غلى جده المصطفى وحيث أن فاطمة عليها السلام كانت شديدة الشبه بالنبي صلى الله عليه وآله فيكون الإمام الحسن والإشارة غليه هنا في باطن المعنى إلى اللؤلؤ والإمام الحسين شديد الشبه بأمير المؤمنين عليهما السلام . وأما :
(اللؤلؤ والمرجان)
فالآية هنا صريحة وواضحة من أن السقاه في الجنة ولدان كأنهم لؤلؤ مكنون كما قال تعالى {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ – الطور24} ومعلوم من أحاديث الحوض الكثيرة أن الساقي هو رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام وعلى ذلك ظاهر الآية غلمان الجنة وباطن المعنى أنهم الحسن والحسين وحيث أن المرجان صغار اللؤلؤ فيكون الآية هنا(اللؤلؤ والمرجان) هما الحسن والحسين عليهما السلام وحيث أن هذا اللفظ ورد على الحور العين في قوله تعالى عنهن { وحور عين كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ – الواقعة23} وحيث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في السيدة فاطمة [ إبنتي فاطمة حوراء إنسية ….. الحديث] أي أن اللؤلؤ والمرجان وهما الحسن والحسين كما أثبتنا سالفاً وهما يشبهان إلى حد كبير أمهما فاطمة سلام الله عليها . وهنا مثال على بياننا للقرآن الكريم السؤال .
من الذي كان يفهم القرآن أكثر وأعمق سيدنا الإمام أبي عبد الله الصادق وأهل البيت عليهم السلام أم خصومهم المكذبين لهم ؟.
مثال آخر :
{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً- الإسراء60}
وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس
والإحاطة بالشيء الإحداق به من جميع جوانبه وأحاط به علمًا وقدره أما إحاطة الله بالعلم يقول تعالى { وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً – الطلاق21} ويقول تعالى { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْما- طه110} وإحاطة الله تعالى بالخبر يقول تعالى فيه {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً –الكهف91} والإحاطة قدرة أيضًا لقوله تعالى { وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً-الفتح21} ويقول تعالى فيمن أحاطت به القدرة وسيغرقه الله تعالى { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لنكو نن مِنَ الشَّاكِرِينَ – يونس22} كما أن الله تعالى يحيط عمل الناس كما في قوله تعالى { وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ – الأنفال47} ويقول تعالى {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ – هود92} وإذا نزل عذاب الله تعالى علي الناس فهو بعذاب محيط بهم كما في قوله تعالى { وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ هود84)والله تعالى محيط بكل شيء كما في قوله تعالى } وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً– النساء126 )والإحاطة تكون قدرةً وعلمًا وقهراً وخبراً وعملاً بالكافرين لقوله تعالى { وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِين -َ البقرة 19 } ومن أراد النصرة فليستنصر بالله كما في قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ – محمد 7 } وأما:
(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ )
الرؤيا في القرآن عامةً إما بشارة بملك أو نزع ملك البشارة كما في قوله تعالى { يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ –يوسف4} قال تعالى في فتح مكة { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ –الفتح24} وقال تعالى لإبراهيم عليه السلام {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ – الصافات-105} ونزع ملك كما في قوله تعالى عن عزيز مصر {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ-يوسف43} وقد رأي فرعون رؤيا قتل من أجلها أطفال بني إسرائيل ومن هنا يتبين أن الرؤيا هي بيان لرسول الله صلى الله عليه وآله بما ستفعله ألأمه من بعده كانقلابها على الأعقاب وطرد آل بيت النبوة من بيوتهم ومن منازلهم التي أنزلهم الله تعالى فيها كما في قوله تعالى عنهم {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهوكم تطهيرا ـ الأحزاب } فتم طرد هؤلاء الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وإبعادهم عن الخلافة وإلى الآن وقال تعالي في هذا الانقلاب العظيم في نظام الحكم القرآني { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفإن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ -آل عمران144 } وفى السنة يقول صلى الله عليه وآله [ لترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض – البخاري – مسلم – بن ماجة ]وفي هذه الرؤية التي رآها رسول الله صلى الله عليه وآله بيان عن ارتداد الأمة حيث رآهم صلى الله عليه واله تردهم الملائكة عن الحوض وتقول له الملائكة[ إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك لقد ارتدوا على أعقابهم القهقرى البخاري]
وروي عند أهل القبلة أن هذه الرؤية [ أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى قوماً من بنى أمية يرقون منبره وينزوون عيه نزو القردة فقال هو حظهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم – كنز الدقائق ج7 / ص435] .
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأي رجالاً من نار على منابر من نار يردون الناس على أعقابهم القهقرى المصدر السابق.ج7/437 ] .
وقال رسول الله رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة فأنزل الله(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاس والشجرة الملعونة في القرآن – فتح القدير للشوكاني ج3/ 240 وقالت أم المؤمنين عائشة لمروان ابن الحكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لأبيك وجدك إنكم الشجرة الملعونة في القرآن-ِ الشوكاني ج3/ 240 والدر المنثور للسيوطي. وأما :
أريناك :
ورد هذا اللفظ على المنافقين في قوله تعالى (وَلَوْ نَشَاءُ لأرينا كهم فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ – محمد30) وهذا يثبت أن المنافقين هم الذين رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله في رؤياه التي هي فتنة للناس وهم الذين قبلوا نظام الحكم شورى بعد أن كان وصية كما فعل كل بنى قبل رسول الله صلى الله عليه وآله .
كما أن :
الفتنة
معناها كما قال أبو حذيفة [ أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تتبع- مصنف بن أبي شيبة] ولذلك يقول تعالى عن حزب الله وحزب الشيطان { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ-الفرقان20} والفتنة وردت على أنها ترك بعض أوامر الله تعالى في القرآن وهي الولاية لقوله تعالى { وأحذرهم أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ –المائدة49 } وقال تعالى { فلعلك تارك بعض ما يوحي إليك وضائق به صدرك- هود12 } وبعض ما أنزل الله هو مودة آل بيت إبراهيم وعدم سفك دمائهم وإخراجهم من ديارهم كما في قوله عن لفظ بعض { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بالآثم وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ – البقرة84-85} وهنا الميثاق بعدم قتلهم أو إخراجهم من ديارهم هو مودة آل بيت نبيهم . ولذلك يبين تعالى أنهم كفروا بالله وقتلوا الأنبياء كما في قوله تعالى { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ – البقرة91}ولذلك يقول تعالى عن محاولتهم إثناء رسول الله على تنفيذ أمر الله بالوصية { وإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً – الإسراء73-74} وأخيراً أنذر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس- المائدة67 } من هنا يتبين لنا أن الفتنة بين حزبي الله وحزب الشيطان لقوله تعالى { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ – الأنعام53 } وهناك الشاكرين هم الذين لم ينقبوا على وصية الله باستخلاف أمير المؤمنين في قوله تعالى { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ -آل عمران 144} وأما الشاكرين فقال تعالى فيهم { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور- ُسـبأ13} وهؤلاء الشاكرين الله يعلمهم كما في قوله تعالي في آية الأنعام { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ –الأنعام53} وهذه الفتنة يقوم عليها رجل كالسامري صاحب الفتنة كما في قوله تعالى { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ – طـه 85} وأضلهم أخرجهم عن طاعة الله وأصبح هو السيد والكبير المطاع كما في قوله تعالى { وَقَالُوا رَبَّنَا آنا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا –الأحزاب67} والفتنة تكون ببعثة الرسول أو الإمام الذي يهلك في زمانه الظالمين لقوله تعالى { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ –الدخان17} ولذلك يقول تعالى في الإمام { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً –الإسراء15} وقال تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ – الأعراف34} وأجل الأمة ببعثته لقوله تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ –الأعراف34} ومن هنا يتبين لنا أن بعثة الرسول والإمام فتنة للأمة كلها تنشق بين مؤمن وكافر بالله العظيم ويحل على الأمة الظالمة العقاب ويقولون هؤلاء المستكبرين فيما قاله رب العزة تبارك وتعالى {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ –الأنعام53 } وهذا حسد لرسول الله وآل بيته قال تعالى فيه { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً-النساء54} ولذلك يقولون حسداً { أهؤلاء منًّ الله عليهم من بيننا } وهذا كان موقف الرافضين لولاية أمير المؤمنين حيث قالوا لبن عباس رضى الله تعالى عنه [ إن القوم استصغروا علي فقال له والله ورسوله ما استصغروه عندما خلع حصن خيبر… ] . الحديث
وتثبيتاً لهذه الفتنة ثم الكذب على رسول الله في نشر مناقب لا يصدقها عقل في هؤلاء القائمين علي هذه الفتن وتم الحط من منزلة الرسول الأعظم نفسه حتى قالوا عنه أنه يخطئ ويصحح له عمر أخطاءه تعالى عما يشركون ووضعوا أحاديث في هدم القبور أملاً في هدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وآل بيته والصالحين من الصحابة الكرام وتم إضلال الناس واعتبار آل البيت أقل الناس منزلة ومن عظمهم قالوا عنه أنه عابد لهم من دون الله ومن سمى علياً قتلوه أو أبعدوه كما كان يفعل معاوية حيث حرم تسمية على بل وسبه على المنابر ثمانين عاماً كما هو معلوم ومن سمى علياً يحرمه عطاء بيت المال حتى أورد صاحب مروج الذهب أن فتىً جاء لمعاوية قائلاً له إن أبواي عقانى وسمياني على فضحك معاوية وأجزل له العطاء وقتلوا المؤمنين الموالين لآل بيت محمد في كل مكان وفي كل زمان على أنهم كفار تحت هذه النصوص المكذوبة ولذلك يقول تعالى { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ – البروج10 } ولو لم يفتنوهم لما قتلوا أمير المؤمنين والحسن والحسين وكل آل البيت بعد ذلك أليس تحت وطأة هذه المكذوبات ؟وهذا ما اغتم له رسول الله حينما رأى كل هذه الأحداث و الأثني عشراً قرداً من بني أمية ينزوون على منبره الشريف . وأما :
( وَالشَّجَرَةَ)
والملعونة أي المطرودة من رحمة الله لأنها شجرة نسب لشياطين إنس وجن محاربين للنبيين وأولياء الله الصالحين قال تعالى فيهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا- الأنعام } .
وهؤلاء فتنة للمؤمنين كما بينا وهم المحاربون لأصحاب الشجرة الطيبة وهى شجرة النبوة بدأً من آدم وانتهاءاً بقائم آل بيت محمد وهذه الذرية قال تعالى فيها { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ- إبراهيم24- 27 } .
والشجرة الطيبة إشارة للعاملين بالكلمة الطيبة وهى كلمة التقوى والمنزلة على النبيين وآخرهم سيدنا محمد والذين معه الذين قال تعالى فيهم { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا – الفتح 26} وهذه الكلمة هي كلمة لا إله إلا الله وهى عهد والوصية معها جعلها الله وصية لكل نبي كما قال تعالى في إبراهيم عليه السلام { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – الزخرف 28 } وهذه الكلمة هي الإسلام والوصية التي قال فيها عليه السلام { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ – البقرة131- 132} .
وهؤلاء وذريتهم هم الذين اصطفى لهم الله تبارك وتعالى الدين وأما أصحاب الكلمة الخبيثة الذين قال تعالى فيهم أن مثلهم كالشجرة الخبيثة فهم المحرفون للكلم من بعد مواضعه أصحاب الإختيار الأرضي الذي يتعارض مع الإختيار الإلهي الذي اختار فيه آدم واصطفاه و النبيين من ذريته وأمر الخلق بالسجود له عليه السلام والنبيين في صلبه فكفروا بهذا الإختيار قائلين { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم – الزخرف31 } فحرفوا الكلم من بعد مواضعه كاليهود ومدحوا رجالهم ليرفعوهم فوق النبي قائلين بأن عمر يصحح أخطاء للرسول صلى الله عليه وآله لعنهم الله فافتروا على الله الكذب كما قال تعالى في اليهود لعنهم الله { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ – المائدة14} وكما قال تعالى ذلك في اليهود قال في المنافقين من هذه الأمة { يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّه – الفتح15} وهؤلاء يبين تعالى هنا أنهم شجرة نسب خبيثة مذكورة في القرآن وبيناها في أوائل هذه السورة أنهم أولاد قابيل قاتل أخيه عند قوله تعالى في بنى إسرائيل { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً – الإسراء3} . وبينا أنهم ذرية من حملنا وليس نوح أي أنهم كما أثبتنا أبناء أول قاتل على الأرض كفروا بعد نجاتهم من طوفان نوح في قوله تعالى { قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ – هود48} وكل كافر قاتل على الأرض يرجع نسبه إليه لعنه الله ومنهم اليهود . وكذلك الأمويون الذين ثبت بكتاب مثالب العرب لهشام ابن السائب الكلبي أن أصلهم كان عبداً رومياً أزرق العينين وأن مروان ابن الحكم الأموي أمه كانت يهوديه كما في مروج الذهب للمسعودي واليهود ينسبون إليهم الذرية من الأم لذلك ورد في تفاسير أهل بيت النبي عليهم السلام بأن أوائل سورة الإسراء يخص بني أمية .
وعلى ذلك الشجرة الملعونة أصلها اليهود وفروعها بنوا أمية وكلاهما كذب على الله تعالى ورسوله ووضعوا الحديث عليه صلى الله عليه وآله فأدخلوا الإسرائيليات في السنة وعملوا فتنة بين المسلمين مازلنا نحصد نتائجها منذ أحداث السقيفة وإلى الآن . وأما :
( الْمَلْعُونَةَ)
واللعن هو الطرد من رحمة الله وهو يكون للظالمين الذين قال تعالى فيهم { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ – هود18} ومن هنا يتبين لنا أن الشجرة الملعونة هي الظالم أهلها والملعون الرجيم الأول الذي ثال تعالى فيه { فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين – ص77- 78 }
وحزبه أعداء النبيين والصالحين مجرمين كما قال تعالي { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين ـ الأنبياء } وهؤلاء المجرمين ورائهم امم كافرة ملعونة تؤيدهم قال تعالى فيهم أنهم ملعونين كما في قوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً – الأحزاب64} ويوم القيامة يدخلون النار فتلعن كل أمة أختها كما قال تعالى { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا- الأعراف38} ومن هذه الأمم الملعونة اليهود بكفرهم وعصيانهم وقتلهم للأنبياء بغير حق لقوله تعالى عن شجرتهم الملعونة { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ – المائدة78} وكذلك المنافقين الذين أطاعوا سادتهم وكبرائهم ملعونين كما في قوله تعالى { وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً-الأحزاب67-86} ومن هذه هؤلاء المنافقين بنو أمية أصحاب الشجرة الملعونة في القرآن كما في الآية التي نحن بصددها الآن يقول تعالى فيهم { والشجرة الملعونة في القرآن – الإسراء }
وهؤلاء الكفار والمنافقين جميعاً شجرة نسب واحدة لعلمهم الحق و لكتمانهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله التي تبين ولاية علي المنصوص عليها فاختلفت الأمة وتشتت شملها وقال تعالى في هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ-البقرة159} وبالتالي روجوا المكذوبات على الرسول كما قال تعالى { فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُول- النساء81} وهؤلاء هم بنو إسرائيل وبنو أمية وكل من كفر ونافق فهو من هذه الشجرة الخبيثة الملعونة الملعونة في القرآن وهو لا يدرى وهم أولياء الشيطان الذي قال تعالى فيه { وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً- النساء119} .وأما:
(وَنُخَوِّفُهُمْ)
والتخويف من عصيان الله تعالى وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة كما قالت رسل الله لأممهم يخوفونهم بالله تعالى ومن عاقبة عصيانه عز وجل { إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم – ٍيونس 15} ولكن الله تعالى يبين أنهم لا يخافونه ولا يخافون الآخرة كما قال تعالى عن أصحاب هذه الشجرة الملعونة { كَلَّا بَلْ لا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ – المدثر53} ولذلك حذرهم الله تعالى نفسه كما قال تعالى { وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ – آل عمران 38} ولما أبو إلا الكفر والفسوق والعصيان ولم يخافوا الله تعالى بين تعالى أنهم طغوا طغياناً كبيراً قال تعالى فيه هنا { ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيرا }. وأما:
(فما يزيدهم إلا طغيانا(
هنا يبين تعالى أن القرآن لم يزيدهم إلا كفراً على كفر وضلالاً على ضلال كما قال تعالى {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً – المائدة64} أي أن لكفرهم بالسول صلى الله عليه وآله والقرآن كفروا بكل الأنبياء والرسل من قبل ولذلك المسلم إذا نافق يتحول لجبار طاغية في الأرض عكس المسيحية التي قال تعالى فيها { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ – الحديد27 } اي أنهم كفروا بموسى وعيسى فقط والمنافقون كفروا بهؤلاء وفوقهم محمد صلى الله عليه وآله ودين الإسلام ولهذا السبب جعل الله تعالى المنافقين في الدرك الأسفل من النار لعلمهم من الإسلام مالا يعلمه أهل الكتاب ولإعلانهم الإسلام وإبطانهم الكفر وهؤلاء سمتهم الجبروت والطغيان وعدم الخوف من الله تعالى كما قال : { وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً – الإسراء60} سُئل سمرة ابن جندب وكان أحد رجال معوية [قال محمد بن سليم قال: سألت أنس بن سيرين: هل كان سمرة قتل أحدا ؟
قال وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب ؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس ، فقال له هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا ، قال لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت أو كما قال .حدثنى عمر قال حدثنى موسى بن إسماعيل قال حدثنا نوح بن قيس عن أشعث الحدانى عن ابى سوار العدوى قال: قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلا قد جمع القرآن – الطبري في تاريخه ج 4 ص176] وهنا ترى الطغيان الكبيرواضح في أفعال بني أمية وأوليائهم وكذلك اليهود لأنهم كفروا بموسى وعيسى وازدادوا كفراً بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وقتلوا آل بيته عليهم السلام شر قتله في التاريخ لم تشهدها أمة منقبل لذلك يقول تعالى هنا فيهم : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً – النساء 137}. وهؤلاء يبين تعالى أنه خوفهم ولكنهم لم يزدادوا إلا طغياناً كبيرا كما قال تعالى { ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيرا}
ثم يقول تعالى مبينا أن إمام الكفرة وجذر شجرة الكفر الخبيثة وهو إبليس اللعين مبيناً أنه أول من عصى الله تعالى في قوله تعالى :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً –الإسراء61)
وهنا:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فسجدوا إِلَّا إِبْلِيسَ)
أي أنه تعالى يقول للملائكة { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ – البقرة34} وهنا يبين تعالى قياس إبليس الفاسد وعمله بالهوى والرأي في مقابل النص والأمر الألهي قائلاً أأسجد لمن خلقت طينا قال تعالى { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً –الإسراء61} . وأما :
(لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً(
وهنا يبن تعالى أنه لكفره بالله تعالى ترك الأمر الألهي وعمل بالهوى ظناً منه أن النار أفضل من الطين قال تعالى فيما قاله الملعون إبليس
{ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ – صّ 76} ومن هنا تبين لنا أن أصل هذه الشجرة الملعونة هو إبليس لعنه الله أول من نادى بالعنصرية والاستكبار والهوى والرأي والقياس فلما حسده أراد أن يثبت له تعالى خيريته على كثير من ذرية آدم وليس آدم والمصطفين الأخيار من ذريته فقال لعنه الله :
( قال أرايتك هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إ لَّا قلِيلاً – الإسراء62)
قَالَ أَرَأَيْتَكَ
وأرأيتك هنا : [مصدرها رأي ويراد بها أأبصرت ويقصد بها للتنبيه كأنه قال أخبرني – معجم ألفاظ القرآن ج/1 باب رأي والكاف للخطاب هنا ] . وذلك كقوله تعالى { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ- الماعون 1} وأول مكذب بالدين هو إبليس لعنه الله تعالى ولذلك يقول تعالى في أتباع إبليس { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى– العلق 9-14 } وأما قوله تعالى
(هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَي- الإسراء62) وأما:
(وهذا الذي )
هنا أداة إشارة المقصود منها هنا التصغير والاحتقار والإنكار لورود هذه الآية في قوله تعالى : ( أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً – الفرقان 41) وهنا كأنه تعالى يثبت لنا وحدة العقيدة بين إبليس وأوليائه من الكافرين والمنافقن لعنهم الله في التحقير من المؤمنين والحط من شأنهم والتعالي عليهم كما قال تعالى وأما:
) كَرَّمْتَ عَلَي)
التكريم قال تعالي فيه { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر – الإسراء 70 } وهذه كرامة الله تعالى لبني آدم في الدنيا بحسن خلقتهم واستواء قامتهم وتوفير كل مايحتاجونه من مطعم وملبس ومشرب لذلك قال تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر- الإسراء70} وكرامة الآخرة لا ينالها العبد إلا بالعمل وفق ما أمر الله عز وجل لورود هذا اللفظ في قوله تعالى : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ – الواقعة77- 78} فمن أراد كرامة الآخرة فليعمل بهذا الكتاب الكريم وهذا الكتاب ينزل على الرسل المكرمين من أبناء آدم تحمله الملائكة أيضاَ وهم مكرمين لقوله تعالى { بل عباد مكرمون – } وقال تعالى أيضاً { وهل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} و رسول الله صلى الله عليه وآله والقرآن المنزل عليه مكرمين لقوله تعالى : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ – التكوير20}
وهذا التكريم الخاص والمحدد لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله بالذات هو الذي علمه إبليس وازداد حنقه منه ومن أمته منذ بداية خلق آدم عليه السلام إلى خاتم النبيين محمد وأمته أكبر فقال هنا لعنه الله تعالى في هذه الأمة وحنقه عليها { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إ لَّا قلِيلاً – الإسراء62} : ثم يقول تعالى :
(لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً – الإسراء62) ………. إلخ البيان القرآني لكتاب الله تعالى كما بينا لسماحتكم :
هذا وبالله التوفيق وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وصلي الله علي سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
خالد محى الدين الحليبى