"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

إسرائيل تُخفّض سقف التوقعّات لا سلام ولا تطبيع ولا غاز مع لبنان واستمرار حالة التأهب القصوى والتلفزيون العبريّ يبُثّ لقاءً مع ضابطٍ رفيعٍ لم يرَ عائلته منذ شهريْن

الناصرة – “رأي اليوم”  :
في موازاة الإعلان الرسميّ عن تحديد موعد لبدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، برعايةٍ أمريكيّةٍ وأمميّةٍ لترسيم الحدود بينهما، أطلقت تل أبيب صفارّات تخفيف سقف التوقعّات من هذه الخطوة، التي جاءت بعد 10 سنوات من الاتصالات غير المُباشرة، حيثُ أكّدت مصادر أمنيّة رفيعة المُستوى لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ الحديث لا يجري عن سلامٍ ولا حتى عن إشاراتٍ للتطبيع، أوْ حتى دلالات حول الغار، بحسب توصيفها.

وشدّدّ مُحلِّل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة، على أنّ المنطق يقول إنّه فيما تجري مفاوضاتٍ مهمّةٍ بين الطرفيْن، تل أبيب وبريوت، فإنّه يتعيّن على حزب الله المحافظة على الهدوء في الشمال ولو لفترةٍ قصيرةٍ، مُضيفًا أنّه لا توجد أيّ علامةٍ لتوجّه حزب الله للتهدئة، وأكبر دليلٍ على ذلك هو خطاب الأمين العّام للحزب نصر الله، يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، كما أكّد.

إلى ذلك، أكّدت صحيفة (معاريف) العبريّة أنّ حالة التأهب القصوى في حدود المنطقة الشمالية ما زالت على حالها، وذلك بسبب احتمال قيام حزب الله بتنفيذ عملية عسكرية ثأرًا لمقتل أحد عناصره خلال عدوانٍ منسوبٍ لإسرائيل في مُحيط مطار دمشق الدوليّ، في شهر تموز (يوليو) الماضي. والجدير بالذكر أنّ حالة التأهب بدأت منذ أكثر من 70 يومًا، بعد أنْ فشل حزب الله مرتين في محاولاته الرامية لقتلٍ جنديٍّ إسرائيليٍّ انتقامًا لمقتل ناشط الحزب في سوريّة، حيثُ عاد السيّد نصر الله وأكّد أنّ حزبه ليس على عجل من أمره للقيام بذلك، وأضاف: “ننتظر خروج الجنود الإسرائيليين من جحورهم”.

وعلى الرغم من الفترة الزمنيّة التي مرت منذ مقتل عنصرٍ من حزب الله، تُشير التقديرات السائدة لدى قيادة الجيش الإسرائيليّ، وفق (معاريف) العبريّة، إلى أنّ حزب الله ما زال يخطط لتنفيذ عمليّةٍ عسكريّةٍ أُخرى، حيثُ نقلت عن مصادر عسكريّةٍ رفيعة المستوى قولها إنّه لا يوجد أيّ تغيير في حالة التأهب القصوى، وأنّ هذه الحالة ستستمر حتى بعد كشف النقاب عن مستودعات الصواريخ الدقيقة لحزب الله، كما قالت.

وللتدليل على عُمق التوجّس الإسرائيليّ، أجرى القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ لقاءً مع ضابطٍ رفيع المستوى في الجيش، والذي لم يترك المنطقة الشماليّة منذ أكثر من شهرين بسبب التوتّر على الحدود، حيثُ قام التلفزيون بعرض لقاءٍ بينه وبين زوجته وأولاده في البيت عن طريق تطبيق (زووم)، لعدم تمكّنه من الالتقاء معهم في بيتهم.

وعودة على مُفاوضات ترسيم الحدود، فقد نشر الناطق بلسان الخارجيّة الإسرائيليّة للإعلام العربيّ، أوفير غيندلمان، تغريدةً على (تويتر) أكّد فيها أنّ وزير الطاقة د. يوفال شتاينيتس يرحب بالتفاهمات التي تمّ التوصل إليها بين بيروت وتل أبيب بفضل جهود الوساطة الأمريكيّة حول إطلاق مفاوضات بين إسرائيل ولبنان قريبًا وقال: نسعى إلى إنهاء الخلافات بين البلدين حول ترسيم المياه الاقتصاديّة، وذلك من أجل تطوير الموارد الطبيعية لصالح جميع شعوب المنطقة، حسبما قال الوزير الإسرائيليّ.

ومن ناحيته، قال المستشرق الإسرائيليّ، إيهود يعاري، المقرب جدًا من المؤسسة الأمنية في تل أبيب، إنّ المتحدث الرئيسيّ باسم الجانب اللبنانيّ في هذه العملية هو رئيس مجلس النواب المسلم الشيعيّ نبيه بري، الذي تصرَّف بموافقة الرئيس ميشيل عون، ويفترض أيضًا بالموافقة الضمنية لـ”حزب الله”، لافتًا إلى أنّه من المرجح أنّ الانهيار الماليّ الذي يشهده لبنان أدّى إلى تسريع الجهود التحضيرية لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة، ومن ناحية أخرى، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنّه بمجرد الموافقة على خط ترسيم الحدود وبدء لبنان في التنقيب عن الغاز الطبيعيّ، فسوف يتضاءل الخطر على منصات الغاز البحرية الإسرائيلية بشكلٍ كبيرٍ، كما قال يعاري.

واختتم المستشرق بالقول إنّه من المهم الملاحظة أنّ الدافع نحو إبرام اتفاقٍ بحريٍّ محتملٍ لا يندرج ضمن عملية التطبيع الأخيرة بين إسرائيل ودولٍ عربيّةٍ أخرى، وأنّه من وجهة نظر “حزب الله” والحكومة اللبنانيّة الحالية، لن يعكس ترسيم الحدود البحرية أيّ تغييرٍ في موقفهما تجاه إسرائيل أو الحدود البرية لـ “الخط الأزرق” الذي رسمته الأمم المتحدة في أعقاب حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، ومع ذلك، قد يزيل خطرًا واحدًا على الأقل، وهو أنّ أيّ مواجهةٍ مستقبليّةٍ مع “حزب الله” ستطال بالضرورة حقول الغاز البحرية لإسرائيل، على حدّ قوله.