DW :
شكل البرلمان الأوروبي لجنة خاصة من أجل كشف الهجمات ومحاولات التأثير الالكتروني الخارجية ومحاربتها. ومع تفشي وباء كورونا بالتحديد ازداد حملات التضليل وانتشار الأخبار الكاذبة، كما تعتقد المؤسسات الأوروبية.
في بداية الصيف أطلقت بروكسل صفارة الإنذار، إذ قالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، فيرا جوروفا “أثناء وباء كورونا غرقت أوروبا في حملات التضليل”.
وهذه الحملات ليست فقط لأسباب صحية خطيرة، بل هي تهدف للقضاء على الثقة في الحكومات والإعلام. وكمثال على ذلك أشارت المفوضية إلى الازدياد الكبير لمناهضي التلقيح في ألمانيا. ففي أقل من شهرين، كما أكد تحقيق تراجع الاستعداد لتلقي لقاح في ألمانيا بنحو 20 في المائة. والادعاء المروج له في المواقع الاجتماعية بأن شرب مسحوق مبيض يساعد ضد كورونا تراه المفوضية كمحاولة إضافية للتضليل المقصود. “التضليل في أوقات وباء كورونا يمكن أن يكون قاتلا”، كما قال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل. ويتم ترويج نظريات المؤامرة بشكل متزايد في أوقات كورونا: ومن بين تلك النظريات هو أن محاربة الفيروس يمكن أن تُتخذ كذريعة لتلقيح إجباري للسكان أو أن مؤسس مايكرسوفت بيل غيتس يريد بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي مراقبة الناس.
الدعاية والهجمات الكترونية
ومن أجل مجابهة هذا النوع من الحملات، شكل البرلمان الأوروبي لجنة خاصة باشرت الآن عملها الذي يتجاوز الإحاطة بكورونا، لأن الاتحاد الأوروبي يرى أن وراء الحملات محاولات لاسيما من روسيا والصين لتدمير الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي ومن ثم إضعاف الاتحاد الأوروبي ودوره في العالم. وهذه اللجنة من شأنها أولا أن تكشف في أي مجالات يتم نشر هذه الأخبار الزائفة، وأحد تلك المجالات هو محاولة التأثير على الانتخابات. فقبل الانتخابات الأوروبية الأخيرة اشتكى نواب من البرلمان الأوروبي من دعاية روسية مكثفة، ولم يتعلق الأمر في ذلك بحملات التضليل في المواقع الاجتماعية فقط. فالنواب تحدثوا عن هجمات الكترونية على البنية التحتية للانتخابات. وبعض النواب المقربون من داعميهم في بلدان ثالثة يتلقون بصفة مباشرة أو غير مباشرة دعما ماليا. وعلى هذا النحو هناك شبهة في أن حزب اليمينية الشعبوية الفرنسية والنائبة الأوروبية السابقة، مارين لوبين حصلت على أموال من الكرملين. ولوبين قامت بصفة متكررة بانتقاد العقوبات الغربية ضد روسيا في أزمة أوكرانيا.
الحسم لدى منصات الانترنت الكبرى
وأهم الشركاء للاتحاد الأوروبي في هذه الحرب هي شركات الانترنيت الكبرى مثل فيسبوك وتويتر وغوغل. فالاتحاد الأوروبي يعتزم إلزامها بالتحرك بشكل أقوى ضد التضليل وفتح المجال للباحثين للحصول على البيانات. “ليس هناك تعاون هيكلي بين المنصات ومجموعة البحوث”، قالت المفوضية الأوروبية قبل أسبوعين. “فالمنصات يجب أن تضطلع بالمسؤولية أكثر وتقديمها للمحاسبة والعمل بشفافية”، كما قالت نائبة رئيسة المفوضية، جوروفا. وتوجد إجراءات طوعية، لكنها غير كافية بالنسبة إلى المفوضية التي تعتزم طرح اقتراحات إضافية.
ومنذ يونيو/ حزيران عندما تم تشكيل اللجنة الخاصة، حثت المفوضية الأوربية منصات الانترنت على التعاون بشكل وثيق مع محققين مستقلين وتقديم تقارير شهرية حول جهودها ضد الأخبار الزائفة. وهناك نتائج ايجابية حسب المؤسسة الأوروبية، إذ تم تبيان مصادر موثوقة والتقليل أو إزالة مضامين خاطئة ومضللة. وعلى هذا النحو أشارت فيسبوك وانستغرام مثلا إلى مضامين مؤسسات الصحة مثل منظمة الصحة العالمية.
أين تبدأ الرقابة؟
والإجراءات الطوعية لمنصات الانترنت ليست كافية بالنسبة إلى فيدرالية الصحفيين الأوروبية والمجلس الأوروبي لدور النشر واتحاد قنوات التلفزة الخاصة في أوروبا. أوروبا تعتمد كثيرا على النية الحسنة للفاعلين في الانترنت، كما كتبوا منذ يونيو/ حزيران في بيان مشترك. وطالبوا بعقوبات “فعالة”، إذا لم تلتزم الشركات بميثاق السلوك الطوعي. لكن الأمر ليس سهلا بالنسبة لمحققي البيانات، إذ ليس من السهل في الغالب تحديد الأخبار الزائفة وتمييزها عن التعبير عن الرأي، والمنتقدون يخشون التدخل في حرية التعبير. “لا أريد خلق وزارة حقيقة”، كما قالت فيرا جوروفا، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية. وحتى اللجنة الخاصة للبرلمان ستواجه في حربها ضد الأخبار الكاذبة هذه المشكلة باستمرار.
كريستوف هاسلباخ/ م.أ.م