النص المترجم حرفيا لمقالة حسين شريعتمداري المنشورة في كيهان الإيراتية ، واثار ضجة مفتعلة للمتصيدين بالمياه العكرة..
- حسين شريعتمداري (بالفارسية: حسین شريعتمداری) رئيس تحرير صحيفة كيهان المحافظة الإيرانية
26 September 2020 – 20:36
حسين شريعتمداري||
تلاقفتني ألطاف الإله الودود، كي اسرد قصة تكون تقدمة لمدونة طرحتها قبل سنوات بحضرة احد علماء الدين الكبار، اذ كان الخطر الذي استشعرته محدقا، فلا حيلة لي سوى ان اُبلغ سماحته مواطن الحيطة . فيما لم يكن من اللباقة ان يصدر التحذير من قبلي الى فقيه فطحل وعالم رفيع الشأن.
وشاءت الاقدار أن اُعيد تلك القصة، وللخطر عينه الذي ها أنا أشعر به اليوم وإليكم التقدمة؛ (في سورة النمل المباركة تمت الاشارة الى قصة الهدهد وما اتى به من خبر للنبي سليمان عليه السلام. ففي الآية (20) وعلى لسان سليمان: ” مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ”؟
فجاء رد الهدهد: ” أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ”.
فلم يكن الهدهد سوى طير، ومن البديهي ان مكانته لا تقاس بمكانة النبي سليمان عليه السلام. ولكنه جاء بخبر لسليمان من سبأ ما كان قد احاط سليمان به مع عظمته).
ان مقتضى مهنتي تجعلني على اطلاع مستمر بالاحداث واستخبر امورا لا يستبعد ان تكون خافية على بعض السادة العظام.
وان هكذا امور لا ترفع بالضرورة من شأن أمثالي ككاتب اعلامي، ولا سوف تنزل من شأن الرجال الكبار. ولكن؛
في الثالث عشر من سبتمبر الماضي، استقبل سماحة آية الله علي السيستاني، احد المراجع العظام للشيعة، في مكتبه مبعوثة الامين العام للامم المتحدة بالعراق “جينين هينيس بلاسخارت”، طارحا مواقفه القيمة بخصوص امور العراق، مما يعكس رؤيته العلمائية وحلال العقد لما يدور في العراق من مستجدات.
معلنا دعمه الكامل لاجراء الانتخابات التشريعية المبكرة المزعم عقدها يونيو 2021، بشكل شفاف، وضرورة مكافحة الفساد، واجتناب المحاصصة واجراء محاكمة عادلة للمفسدين في اي موقع كانوا.
وفرض سيادة الحكومة وتجنب اي فئوية ومناطقية تحت ظل عناوين مختلفة بعيدة عن الدستور. وبالتالي محاكمة المتورطين بعمليات الاغتيال الاخيرة.
وطالب سماحة آية الله السيستاني (دام عزه) خلال اللقاء، من مبعوثة الامين العام للامم المتحدة، ان تقام الانتخابات البرلمانية العراقية باشراف ممثلين عن الامم المتحدة!
واستميحه عذرا ان أتقدم بحضرته بان هذا الطلب، اولا؛ أقل من شأن سماحة آية الله السيستاني ومنزلته المرموقة والجديرة بالاحترام.
اذ واقع الامر ان الامم المتحدة هي التي تفتقر لتأييد سماحته في اثبات احقيتها. ثانياً؛
ان هذا الطلب لا يتناسب ومكانة العراق كدولة مستقلة، قد اخذ استقلاله وحريته بالتضحيات والمآثر والدماء الطاهرة وجراحات قلوب شعبه الشريف لاسيما الشباب الغيور لهذه الارض المقدسة.
فدعوة الامم المتحدة للاشراف على الانتخابات في بلد ما، بمثابة الاعلان عن افلاس الدولة، وعدم الثقة بالشعب والاعتماد على الاجانب، ومن البديهي ان هاتين المقولتين لا تمتان بأي صلة بالحضرة القدسية لسماحة آية الله السيستاني المرجع الكبير للعالم الشيعي.
ولا يعترينا أدنى شك في ايامنا هذه، بان الامم المتحدة، وعلى العكس من ما تدعيه، ليست لا تتحرك باتجاه إقرار السلم العالمي وحسب، بل هي منظمة تعمل بشكل آلية للضغط تحركها قوى الغطرسة لاسيما اميركاوحلفائها الغربيين والعبريين والعرب، اذ يكفي إلقاء نظرة عابرة على برامج ومواقف هذه المنظمة خلال عقود مضت، توصلنا بوضوح لهذه الحقيقة المرة؛
صمت الامم المتحدة حيال جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين، بل هي تؤيد احيانا هذه الجرائم. وتجاهل الدعم التسليحي والمالي المفضوح لصدام والذي قامت به اميركا وحلفاؤها خلال الحرب المفروضة لثمان سنوات، وغزو اميركا لافغانستان والعراق، والمذابح التي ترتكب بحق مسلمي ميانمار وكشمير، والتغاضي عن جرائم السعودية بقتل النساء والرجال والاطفال في اليمن، والسكوت المطلق والذي يستشف منه التاييد حيال الحصار البري والبحري والجوي للشعب المظلوم في اليمن، وتركهم اسارى المرض والجوع و…
وكذلك التسليح والتمويل المالي للارهابيين التكفيريين من قبل الحكومات المجرمة؛ اميركا واوروبا والسعودية والامارات و… وهي نفسها المنظمة، التي يطلب سماحة آية الله من مبعوثها الاشراف على الانتخابات البرلمانية العراقية، اضطرت بضغط الرأي العام ان تصنف السعودية في قائمة مجرمي الحرب ولكنها استدركت بعد فترة وجيزة من تهديد آل سعود بقطع المساعدات المالية عن الامم المتحدة فسحب الامين العام للامم المتحدة وبكل صلافة ودون أي حياء قراره الاول!
ان منظمة الامم المتحدة مرت الى جانب جريمة ترامب في اغتيال قادة الاسلام الكبار الحاج قاسم سليماني وابومهدي المهندس اللذان تدين لجهادهما امن الشعب العراقي والمنطقة مرور الكرام، في الوقت الذي ينبغي محاكمة اميركا حسب المادة 42 من الفصل السابع لبروتوكول الامم المتحدة، وعشرات الامثلة الاخرى التي لا تستوعبها هذه الوجيزة.
ولطالما سمعنا من سادتنا مثل سماحة آية الله السيستاني، واودعناها قلوبنا، تفسير الآية ستين من سورة النساء المباركة، اذ ينذر الباري سبحانه المؤمنين من الرضوخ لحكم الطاغوت؛ “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ”.
ان ما يسعفني من معرفة اجمالية ولكن يقينية بحنكة سماحة آية الله السيستاني المعظم الممزوجة بالحكمة، تجعلني اؤمن بوقوع خطأ في التقرير المنشور عن لقاء سماحته بالمبعوثة الاممية، وان مكتب سماحة آية الله السيستاني قد افتقد للدقة المطلوبة بنقل تقرير اللقاء. والذي نتوقعه من مكتب سماحته ان يصحح هذا القسم من التقرير. اذ ان سماحة السيد آية الله السيستاني من مراجع الشيعة الكبار وهو محسوب على العالم الاسلامي اجمع.
واكرر رجائي ان تصنفوا جرأة الكاتب في خانة الولاء والاحترام الذي يكنه لسماحته…
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين