لندن- “القدس العربي” :
كان سلاح الجو الإسرائيلي ينوي شن هجوم جوي ضد مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية الذي احتضنته الجزائر وأعلن عن ميلاد الدولة الفلسطينية، ولكن طائرات “إف 15” الإسرائيلية تراجعت في آخر لحظة بعدما اعتبرت العملية انتحارية نتيجة نشر الجزائر مقاتلات “ميغ 25” السوفياتية ورادارات ومنظومة قوية لصواريخ مضادة للطيران.
وأوردت هذه المعلومات المجلة العسكرية الأمريكية “واتش ميليتاري” بتفاصيل دقيقة للغاية، حيث تؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت تدرس عقد مؤتمرها التاريخي في عدد من الدول ومنها العراق وتونس ولكنها راهنت في آخر المطاف على الجزائر.
وكانت إسرائيل قد هددت بقصف أي بلد عربي سيحتضن المؤتمر لا سيما وأنها في الثمانينيات كانت تسيطر على أجواء الشرق الأوسط بفضل طائرات “إف 15” التي تنتمي إلى الجيل الرابع، وهاجمت بها سوريا عام 1982. لكن اختيار منظمة التحرير للجزائر جعل سلاح الجو الإسرائيلي في موقف صعب للغاية نتيجة عاملين، الأول وهو البعد الجغرافي مما يعني تسليح “إف 15” بأسلحة كثيرة وبمستودع كبير للوقود وهذا سيحد من مناورتها الحربية وسيجعلها ضعيفة، والعامل الثاني هو قوة الجيش الجزائري الذي يعتمد على السلاح السوفياتي وقتها والروسي في الوقت الراهن.
ووعيا منها بجرأة الموساد والجيش الإسرائيلي بتنفيذ مغامرات دون احترام القانون علاوة على التهديدات بضرب أي بلد عربي يحتضن مؤتمر المنظمة، أقدمت الجزائر على تحصين العاصمة وأساسا نادي الصنوبر الذي احتضن المؤتمر. وأقام سلاح الجو الجزائري منطقة ممنوعة حول المنطقة من خلال أنظمة الدفاع الجوية KuK 2K12. وكانت طائرتا “ميغ 21” تحلق في الأجواء المنخفضة باستمرار للحراسة والأمر نفسه مع طائرتي ميغ 25 التي تكلفت بالتحليق في الأجواء العليا، بينما بقيت باقي طائرات السرب “ميغ 25” في حالة تأهب في القواعد التي كانت تتواجد فيها.
ويوم 10 نوفمبر 1988، رصدت الرادارات الجزائرية مجموعة من طائرات “إف 15” تتوجه على مستوى متوسط نحو الأجواء الجزائرية. وقررت وزارة الدفاع الجزائرية إرسال طائرات إضافية من “ميغ 25” لتعزيز الحراسة الجوية مباشرة بعد رصد الطائرات الإسرائيلية وشكلت جدارا جويا في الأجواء العليا، مما سيسمح لها بتوجيه صواريخها إلى المقاتلات الإسرائيلية بسهولة.
وبعدما رصدت القيادة الحربية الإسرائيلية استعداد وأهبة المقاتلات الجزائرية وتأكدت من استحالة تنفيذ الهجوم أمام مقاتلات قوية ومسلحة بشكل مكثف، اضطرت إلى تجميد الهجوم على مؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية وعادت أدراجها، علما أنها كانت ستكون عملية الضرب الجوي الأكثر جرأة في تاريخ إسرائيل بسبب البعد الجغرافي بين المنطقتين. وكانت “ميغ 25” تعد الطائرة المقاتلة الأكثر سرعة في العالم وتحمل خمس مرات صواريخ من “إف 15” وذات مدى بعيد وتحلق في أجواء عالية جدا.
ومن جهة أخرى، يبدو أن هذه العملية الإسرائيلية هي التي جعلت الجزائر تحصن نفسها دائما بمقاتلات روسية متطورة وبنظام صواريخ مضاد للطيران من فئة إس 300 وإس 400 علاوة على صواريخ دقيقة مثل إكسندر الروسية التي تثير قلق دول جنوب أوروبا.