موقع آية الله بشير النجفي :
بين آية الله بشير النجفي في حديثه التوجيهي والتربوي أن الكفر بنعم الله (سبحانه وتعالى) على مر العصور واستعمال هذه النعم في تحقيق معصية الله سبحانه وتعالى سببٌ في نزول بلائه على الناس.
قال الله سبحانه: “(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، أَيها المؤمنون في كل مكان نحن مقدمون على شهر رمضان المبارك وقد اقبل علينا هذا الشهر ببركاته ونعمه وهو رحمة الله تعالى وعطفه على العباد وما فرض الصوم على العباد إِلا لتطهير وتزكية أنفسهم وأَجسادهم” مشيراً سماحته أَن” التزكية ضرورية للإنسان قال الله سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، وقال أيضاً: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)، فالصوم هو نعمة من الله سبحانه لأجل تزكية النفوس وتقديس الأَبدان من الأَقذار والأَمراض”.
وبينّ سماحته أَن هذه النعمة يجب أَن تستثمر خير استثمار من خلال كثرة الاستغفار وتقديم التوبة الخالصة بين يدي الله سبحانه وتعالى حيث ذكر سماحته في البيان “هذا الشهر نعمة من الله سبحانه على العباد ينبغي للإنسان – لكل إِنسانٍ – والمسلم بالخصوص والمحب لأهل بيت النبي الأَعظم (صلى الله عليه وآله) بالأخص يجب علينا جميعاً أَن نعرف قيمة هذا الشهر الشريف وعظمة هذا الشهر المبارك ونستفاد من الروايات وخطب النبي الأَعظم (صلى الله عليه وآله) أنه كان يحث المسلمين ويؤكد للمؤمنين على كثرة الاستغفار وتقديم التوبة في هذا الشهر الشريف، والرجوع إِلى الله سبحانه وتعالى وهذا الحكم ليس مختصاً بالصائم فقط بل هذا حكم عام على كل مسلم وكل مؤمن حتى ولو كان عاجزاً عن الصوم لسبب ما، مؤكداً على الجميع أَن يستفيدوا من هذا الشهر بالاستغفار والإِنابة والتوبة”.
وأكد سماحته أَن المدة الزمنية لشهر رمضان يجب أَن تُعد فرصة مهمة لعمر الإِنسان المؤمن ويستغلها استغلالاً عاقلاً حريصاً على تحقيق النجاح والفوز يوم القيامة، فمرة نمضيه بتلاوة القرآن الكريم فشهر رمضان ربيعه، ومرة أخرى مساعدة الناس الفقراء من المجتمع وتأمين الحياة الكريمة لهم فيقول سماحته: “وعلينا جميعاً أَن نستغل هذا الشهر الشريف بالصيام والعبادة وخصوصاً تلاوة القرآن أنه ورد في الآيات والروايات أَن تلاوة القرآن في هذا الشهر الشريف أَفضل بكثير من التلاوة في شهر آخر” كما أنه “لإِطعام للفقراء وسد حاجات المحتاجين أهمية كبرى في هذا الشهر الشريف والمطلوب من كل مسلم تجاه كل مسلم بل حتى إِذا كان هناك غير مسلم يموت جوعاً وأَنت آمن من شره فلك أن تكسب رضا الله سبحانه بالعطف عليهم وإطعامهم، فعلى هذا الأساس نفس إطعام الفقراء وسد حاجاتهم مطلوب من كل مسلم على كل حال في جميع أيام السنة وفي خصوص هذا الشهر الشريف، فإن هذا العمل يكون أفضل بكثير من باقي الشهور والإنسان الصائم حينما يجوع يتذكر جوع الفقراء وجوع المساكين وحين ينظر إلى أطفاله الصائمين هذا يتذكر جوع أطفال المسلمين فيفكر في سد احتياجاتهم بكل ما يتمكن مهما يكن قليلاً.
وبخصوص ما يمر به العالم من جائحة كورونا والأرقام الكبيرة التي أصابت الشعوب هنا وهناك فقد أشار سماحته أن السبب الأول في هذا هو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وتعدد أنواع وأساليب الظلم وخروجهم عن حدود طاعة الله سبحانه وتعالى فيقول سماحته: “وينبغي أن نعلم أنه قد ابتلينا وابتلي العالم هذه الأيام بهذا الوباء المفني والبلاء المهلك _كارونا_ وينبغي أن نعلم الله سبحانه لا يبتلي الناس بهذا النحو من الأوبة إِلَّا لكثرة ذنوبهم وخروجهم عن طاعته وظلم بعضهم البعض ولذلك قال الله سبحانه في كتابه المبين: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)، وقال في آية أخرى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)، نستجير بالله تعالى ما هذا الوباء إِلَّا نتيجة سيئات أعمالنا، وذنوبنا، وظلم بعضنا بعضاً، وتعدي بعضنا على البعض ولم يحترم بعضنا بعضاً لم يؤدِ حقوق بعضنا البعض بل بعض الآباء لا يؤدون حقوق أبنائهم وبعض الأبناء لا يؤدون حقوق آبائهم وأمهاتهم تلك الزوجات الشريفات إذا قصرت إحداهن في أداء حق زوجها وكذلك العكس أن قصر احد من الناس في أداء حق زوجته فكل ذلك يكون ظلماً فكل ذلك عدم شكر للنعمة وكفر بها.
وبين سماحته في حديثه التوجيهي والتربوي أن الكفر بنعم الله (سبحانه وتعالى) على مر العصور واستعمال هذه النعم في تحقيق معصية الله سبحانه وتعالى سببٌ في نزول بلائه على الناس، مشيراً إِلى أَن نعمة التقنيات الحديثة والتواصل بين الساكنين في مشارق الأَرض وغربها في تحقيق معاصي وأَضرار بالآخرين مادياً ومعنوياً، اِنما هي كفرٌ بهذه النعمة الإِلهية التي قدمها للإِنسان المعاصر فيقول سماحته: “واعلم أَن الكفر بالنعمة لا يختص باللسان أَو بالعقيدة، بل استخدام نعمة الله تعالى في غير طاعة الله سبحانه، فهلاك بعض الأمم السابقة لأجل هذه السيئات كانوا يستخدمون نعمة الله سبحانه في معصيته سبحانه والله سبحانه منّ على الناس بهذه النعم وبهذه التكنولوجيا الحديثة التي كان بشر بها أئمتنا (عليهم السلام): (إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق) هي وسائل راحة (نعمة) لكن الإِنسان اتخذها وسائل معصية ومسائل تعدي على الأَعراض وعلى الأَموال وعلى النفوس وكل ذلك كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، وكان هذا البلاء لأجل هذا التعدي على النعم الإِلهية علينا التي لا تعد ولا تحصى”.
وفي ختام كلمته يؤكد سماحته أَن الواجب على كل المؤمنين هو التوجه لله سبحانه وتعالى، وعدم اليأس، والمطلوب من الإِنسان إِصلاح سلوكه وتصرفاته وأَخلاقه بما يحقق رضا الله (سبحانه وتعالى)؛ ليعم الخير مرة أخرى وينحسر هذا الوباء فيقول سماحته: “لا يجوز لأي احد أَن ييأس من رحمة الله تعالى وأَن رحمة الله قريبة من المحسنين، فعلينا أَن نحسن من خلال إِصلاح سلوكنا وأَعمالنا لعل الله سبحانه يغفر لنا خطيئتنا، ويتجاوز عن سيئاتنا، ويتجاوز عن ذنوبنا ومعاصينا، حتى نفوز بنعم الله تعالى من جديد، وقد اقبل شهر رمضان المبارك ونستعين بهذا الشهر الشريف على التكفير عن ذنوبنا والحرص على الدخول في طاعة الله تعالى لدفع هذا الوباء وغيره من الأَوبة التي يبتلى الإِنسان بها لسيئات أَعمله وعلينا أَن نتوب إِلى الله سبحانه”.
ونصح سماحته المؤمنين وبالخصوص الشباب في العراق بالاستفادة من شهر رمضان المبارك والعودة التي أحضان الهداية والخير والإِصلاح والفضيلة، وبالالتزام بالتعليمات الصحية والتوجيهات الصادرة من الجهات المعنية للحفاظ على صحتهم وصحة عوائلهم ومن خلالهم الحفاظ على سلامة وصحة المجتمع فيقول سماحته:” يا أيها الأَخوة في كل مكان وأَولادي الشباب في كل مكان وخصوصاً في عراقنا العزيز عراق الإِمامين علي والحسين (عليهما السلام) عراق الأَئمة الطاهرين العراق الذي يحتوي في أَحضانه هذه الحوزة العلمية أَم الحوزات، علينا جميعاً أَن نستفيد من هذا الشهر المبارك من صيامه وقيامه وكذلك علينا أَن نلتزم بنصائح الأَطباء المخلصين المهرة المختصين في حفظ حياتنا وفي حفظ نفوسنا وفي حفظ عوائلنا وحفظ أَجسامنا وأَرواحنا من هذا المرض الوبيل.
وفي هذا المجال أَوجه ثنائي ومدحي للشباب أَولادي في القوات المسلحة والأَمنية ولمن هم في المستشفيات الباذلين لقصارى جهدهم في حفظ المؤمنين وحفظ المواطنين، جادّين في ذلك، شكر الله مساعيهم الجميلة وتقبل منهم هذا العمل وزاد عليهم النعم بالتوفيق المزيد والمزيد لهذه الخدمة وغيرها من الخدمات”.
………..