في ذكرى عيد العمال.. كيف كان القدماء المصريين يقدسون العمل؟

الشروق :

أثريون: ازدهار الحضار المصرية القديمة يرجع لإيمانهم بقيمة العمل
عبد البصير: مدن العمال المكتشفة أمدتنا بالكثير من المعلومات
“بدران” يكشف تفاصيل أول إضراب عمالي في التاريخ.


قال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، إن المصريين القدماء كانوا يقدسون العمل بشكل كبير، ويتقنون العمل، وكان صاحب العمل يكرم المتميز من العاملين دائما، حيث يرجع الفضل الأكبر في استمرار وازدهار الحضارة المصرية القديمة ووصولها إلينا بهذا الشكل المدهش الذي ما يزال خيال العالم أجمع وكل من يزور أو يشاهد أثارنا المصرية القديمة في الداخل والخارج؛ إلى إيمان المصري القديم بالعمل كقيمة عظمى في حياته الأولى وحياته الثانية الأبدية بعد الموت التي لم يكن من ورائها فناء.

وأضاف عبد البصير، في تصريحات لـ”الشروق”، أن العمل قديمًا لا يعني إطلاقًا العمال الحرفيين أو الفنيين المهرة فقط، كما يعتقد الكثيرون، وإنما كان يعنى بالعمل العمل على كافة المستويات في الدولة المصرية العريقة ولا يستثنى من ذلك المستويات العليا لإدارة الدولة ممثلة في الملك كنائب عن الآلهة في إدارة البلاد والوزير ممثلا للملك ثم حكام الأقاليم ممثلين للسلطة التنفيذية.

وتابع “ولا يمكن أن ينسى في هذا السياق التعاليم العظيمة الموجهة من الملك للوزير والتي يجب أن يتقنها كي ينجح في إدارة الأعمال في البلاد مثلما جاء في تعاليم الملك تحتمس الثالث لوزيره المعروف “رخمي رع” والموجودة في مقبرته رقم 100 في مقابر نبلاء البر الغربي لمدينة الأقصر في صعيد مصر الغالي علينا جميعا. وفى تلك التعليمات يرشد الملك وزيره إلى كيفية وحسن إدارة العمل في البلاد وإقامة العدل وتجويد العمل.

وأشار إلى أنه بالنظر إلى كل الآثار المصرية القديمة، على تنوعها وثرائها الأخاذ، فإن الشك لا يساور المتأمل منا لتلك الحضارة وإلى آثارها العظيمة في وجود نظام إداري محكم قام بالإيمان بالعمل كقيمة وتذليل كل العقبات أمام فريق العمل حتى يتجاوز مرحلة أداء العمل إلى الوصول إلى مرحلة الإبداع في العمل والاندماج فيه حتى تتحققق لنا تلك المعجزة المسماة بـ«مصر القديمة» التي لم تكرر أبدا ولن تكرر كثيرا ولا تضاهيها أية حضارة كانت في الماضي أو الحاضر.

وأوضح أن المدن المصرية القديمة في كثير من المواقع الأثرية المكتشفة أمدتنا بالكثير من المعلومات مثل مدينة العمال بناة الأهرام في هضبة الجيزة من عصر الدولة القديمة، واللاهون من عصر الدولة الوسطى، وتل العمارنة في مصر الوسطى، ودير المدينة في الأقصر من عصر الدولة الحديثة؛ بمعلومات عديدة ووفيرة عن طرق العمل وتنظيمه والفرق التي كانت تعمل بها وطرق حياتها والأمراض التي حدثت لهم وأسباب وفاة بعضهم أثناء العمل.

ومن جانبه قال أستاذ التاريخ بكلية الآثار جامعة القاهرة، الدكتور أحمد بدران، أن ذكرى عيد العمال ذكرى عظيمة فهم السند الرئيسي في قيام أي دولة وحضارة وبدونهم ميزان العمل يختل، ففي هذه الذكرى نذكر أول إضراب عمالي حدث في التاريخ في دير المدينة حيث نظموا العمال وقفة احتاجية وذلك في الشهر السادس من عام 29 من حكم رمسيس الثالث، حيث استمرت الوقفة الاحتاجية عدد من الأيام حتى تم قام زعيم العمال “بن انوكي” بعرض مطالب العمال والمشاكل التي تحدث في الجبانة من وراء الفرعون ووجه اتهامات خطيرة لاثنين من المسئولين المهمين وهما “وسرحات” و “بنتاورت” والتي تتمثل في سرقة أحجار من مقبرة الملك العظيم رمسيس الثاني، وثور مرقط وعليه علامة معبد الرامسيوم ومجامعة ثلاث سيدات متزوجات، كما لمح “بتستر” الوزير حوري على هذه الجرائم وطالب العامل بعرض المطالب والاتهامات علي رمسيس الثالث أو وزيره “تو” .

وأضاف بدران، لـ “الشروق” أن مطالب العمال في تلك الوقفة تمثلت في، ” صرف الأجور المتأخرة، محاربة الفساد الذي تفشي بين رؤسائهم (سرقة، فساد خلقي واجتماعي)، وإيصال صوتهم الي فرعون مصر ووزيره” مشيرًا إلى الوقفة الاحتجاجية للعمال تضمنت أثناء التعبيرعن مطالبهم عدد من الأمور منها، ” التجمع والتظاهر في أماكن العمل (المقبرة) والأماكن الدينية ( معابد تحتمس الثالث –الطريق الصاعد لمعبد منتوحتب الثالث- معبد سيتي الأول – معبد الرامسيوم – معبد مرنبتاح ) في أوقات النهار، الإضراب والتوقف عن العمل، الاعتصام نهارا بالإقامة في أماكن العمل او المعابد والاعتصام ليلا بالمبيت في الأماكن المذكورة او حمل المشاعل كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج، عرض المطالب في إفادة مكتوبة او شفاهة، وجود زعيم يقود المظاهرة مثل “بن انوكي” الذي عرض مطالب العمال واتهاماته للإدارة الفاسدة، استغلال زيارة المسئولين لعرض المطالب مثل تواجد الوزير في مهمة فتم عرض مشكلة العمال عليه”.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

يونسکو ترفض : طلب مصر إجراء تعديل لتقليص حدود القاهرة التاريخية المدرجة لديها

 شفقنا : يونسکو : مصر طلبت إجراء تعديل علی حدود القاهرة التاريخية أکدت لجنة التراث …