خروج أربعة ألوية من فصائل الحشد الشعبي وفك ارتباطها بالحشد والتحاقها بالجيش العراقي مباشرة ، خطوة قد تبدو في الظاهر عملية إدارية داخل القوات المسلحة العراقية، لكن في النظر إلى خلفيات هذا التحرك يمكن الحديث عن تحولات في قلب الصراع بين الولايات المتحدة من جهة والمقاومة العراقية و إيران من الجهة المقابلة.
واصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي أمس قرارا بفك ارتباط أربعة ألوية من هيئة الحشد الشعبي، وربطها به مباشرة، وجاء القرار بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، وتسمى الألوية الأربعة “حشد المرجعية”، وهي تابعة بشكل مباشر للمرجعية الدينية الشيعية في العراق، ثمة أسباب ظاهرة لهذه الخطوة يتم الحديث عنها عراقيا منها خلافات إدارية ومالية واعتراض ألوية المرجعية على المرشح الأبرز لخلافة أبو مهدي المهندس الذي اغتالته الطائرات الأمريكية وهو أبو فدك المحمدي الذي يوصف انه مقرب من إيران.
لكن في عمق المشهد تقول المعلومات الواردة من العراق أن الولايات المتحدة سعت منذ مدة إلى شق هيئة الحشد الشعبي وإلى دفع تحديدا القوات الموالية للمرجعية إلى الخروج من هيئة الحشد، لأن امريكا تعلم جيدا ان الحشد يحظى بشعبية كبيرة في العراق، نظرا لكونه تأسس بفتوى من المرجعية العليا في العراق، وتعتقد الولايات المتحدة حسب مصادر عراقية بأنها اذا ما دفعت القوات الموالية للسيد السيستاني للخروج من هيئة الحشد فإن هذا سوف يؤدي إلى انهيار صورة الحشد داخل الشارع العراقي، ورفع أهم غطاء لتشكيل الحشد وهو المرجعية، وبالتالي ضرب مؤسسة تنظر اليها الولايات المتحدة باعتبارها قوة عسكرية حليفة لإيران وتشكل تهديدا للوجود الأمريكي وبديلا للجيش العراقي والأجهزة الأمنية العراقية.
وإذا كانت هذه الخطة تبدو ذكية واستراتيجية، إلا أن نتائجها اليوم ربما جاءت متأخرة، لأن الظاهر في المشهد العراقي أن ثقل مقاومة القوات الأمريكية يتجه نحو فصائل صغيرة ومختفية لا تعلم عنها واشنطن شيئا حتى الآن سوى أنها تنسبها إلى إيران، فبعد ظهور “عصبة الثائرين” وتنفيذها عملية استهداف قاعدة التاجي ما أدى إلى مقتل جنديين أمريكيين وآخر بريطاني، فإن التصعيد المقبل سيحمل إلى الواجهة أسماء جديدة لتنظيمات ترفع شعار طرد القوات الأمريكية، وسوف نسمع بشكل أكبر عن تنظيم “قبضة المهدي” أو “أصحاب الكهف” أو غيرها من التسميات. وبالتالي يمكن اكتشاف انه في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تخطط لشق هيئة الحشد الشعبي، وضرب صورته في الداخل العراقي، فإن إيران ومعها حلفاء عراقيين كانوا يبنون منظومة قتالية جديدة.
وسربت الولايات المتحدة خطة عسكرية تقضي بقصف 122 هدفا في العراق بوقت واحد في حال تعرض جندي أمريكي واحد في العراق للموت، وهي خطة وان كانت مازالت محل جدل لدى المستوى السياسي والعسكري في واشنطن وسوقتها والإدارة على أنها قرار، إلا أنها تعكس مدى حساسية مقتل جنود أمريكيين في هذا التوقيت الحساس للإدارة الأمريكية خاصة في الشهور القليلة المقبلة قبل موعد الانتخابات الأمريكية.