الناصرة – “رأي اليوم” :

في سياق مناشداتهم وتوسّلهم قادة كيان الاحتلال لمساواة قتلاهم بقتلى جيش الاحتلال والمؤسسة الأمنية في الدولة العبريّة، طالب المتقاعدون من جيش العميل الإسرائيليّ أنطوان لحد الذين فرّوا إلى إسرائيل وزير الأمن نفتالي بينت بإنشاء نصب تذكاري لـ 650 قتيلًا في صفوفهم قاتلوا جنبًا إلى جنب مع جنود الجيش.

وقال موقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ في تل أبيب، قال إنّ بنيت ردّ على الطلب فقال إنّه سيشكّل فريقًا لفحص منح وسامٍ خاصّ عمّا أسماه القتال في الحزام الأمني في جنوب لبنان، وتابع الموقع أنّ النصب التذكاري لقتلى عناصر لحد من تصميم المهندسين الإسرائيليين، أب وابنه، يعقوب وأمنون ريختر، أقيم على رأس جبل في مرجعيون، مقابل قلعة الشقيف. وتم تدشينه في مراسم احتفالية في 22 أيار (مايو) من العام 2000. لكن بعد يومين من هذا التاريخ، انسحب الجيش من لبنان، وفجّر حزب الله هذا النصب. ومنذ ذلك الوقت، لم يقم بديل مناسب، وحتى بعد وضع حجر الأساس للنصب الجديد قبل ثلاث سنوات (في المطلة).

وقال عملاء لحد: شعب من دون ماضٍ مستقبله غير واضح، ونحن نطلب أنْ يخلد ماضينا لذكرى قتلى “جيش لبنان الجنوبي”، وأيضًا للأحياء بعد الخيانة السياسية لإيهود باراك لنا، الذي تخلى عن حلفاء إسرائيل، وفق تعبيرهم. الجنود السابقون في جيش العميل لحد وذووهم عبّروا عن خيبتهم من الاحتلال، ونقل الموقع الإخباريّ-العبريّ عنهم قولهم إنّ مساهمتنا في أمن إسرائيل لا تُخلّد وقتلانا لا يُذكرون، هم أُهمِلوا وتمّ نسيانهم، على حدّ وصفهم.

ويُشار في هذا السياق إلى أنّ صحيفة (معاريف) العبريّة كانت قد كشفت أخيرًا النقاب عن أنّ عشرات الجواسيس والعملاء اللبنانيين، الذي عملوا لحساب إسرائيل خلال احتلالها لجنوب لبنان، قدّموا التماسًا للمحكمة العليا في القدس المُحتلّة ضدّ جهاز الأمن العّام (الشاباك) وضدّ شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش (أمان)، زاعمين أنّ الدولة العبريّة أخلّت بالاتفاق معهم منذ شهر أيّار (مايو) من العام 2000، أيْ منذ فرار جيش الاحتلال من جنوب لبنان، وشدّدّت الصحيفة على أنّه بسبب حساسية القضيّة، فإنّ النقاش في المحكمة يدور في ظل تعتيمٍ إعلاميٍّ شديدٍ خشية الكشف عن آلية وكيفية قيام كيان الاحتلال بتفعيل الجواسيس، الذي كانوا ينتمون لما كان يُطلق عليه اسم “جيش لبنان الجنوبيّ”، الذي قاده في الفترة الأخيرة الجنرال أنطوان لحد.

ويصل عدد ما يُصطلح على تسميتهم في إسرائيل، بـ”اللحديين”، أيْ عناصر “جيش لبنان الجنوبيّ” المتعاملين مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان قبل تحرير العام 2000، وأفراد عائلاتهم، إلى حوالي 3000 شخص، يعيشون اليوم بشكلٍ أساسيٍّ في المدن والبلدات اليهودية، بعدما لم يرحب بهم فلسطينيو الداخل، ورفضوا التعامل معهم. ويسكن “اللحديون” (نسبةً إلى قائد “جيش لبنان الجنوبيّ” أنطوان لحد) بشكلٍ رئيسيٍّ في مستعمرات كريات شمونة ونهاريا وشلومي ونتسرات عيليت، بينما هاجر قسم كبير منهم إلى دول مثل كندا وأستراليا، أمّا لحد فقد مات في فرنسا عام 2015، بعد أنْ تحولّ إلى مُستوّلٍ في إسرائيل، التي تنكّرت له ولم تفِ بالتعهدات التي قطعتها على نفسها لإعالته.

ويتبيّن من الالتماس، الذي قُدّم من قبل عددٍ من المحامين الإسرائيليين، كما شدّدّت الصحيفة، يتبيّن أنّ المُشغلّين من الشاباك ومن الوحدة 504، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة أقّروا بأنّ هذه المجموعة من المُتعاونين ساهمت مُساهمةً كبيرةً في الحفاظ على أمن إسرائيل خلال احتلالها للبنان، وأنّهم كانوا يُحدّدون لهم المهام، وهم الذين كانوا يقومون بها في الجنوب المُحتّل، بما في ذلك تجنيد عملاء للاحتلال الإسرائيليّ، وتزويده بمعلوماتٍ قيّمةٍ وحساسّةٍ جدًا، بالإضافة لقيامهم بالتحقيق مع الأسرى في سجن الخيّام، سيئ الصيت، والذي كان يُزّج فيه رجال المُقاومة اللبنانيّة بعد اعتقالهم.

وتابعت إنّهم خلال عملهم تلقى الجواسيس والعملاء راتبًا شهريًا من المُخابرات الإسرائيليّة، وراتبًا من “جيش جنوب لبنان”، وقبل عدّة أشهر من الانسحاب الإسرائيليّ من لبنان، أضافت الصحيفة، درج المُشغّلون الإسرائيليون على الالتقاء بأعضاء المجموعة التي قدّمت التماسًا للمحكمة العليا في مناطق لبنانيّةٍ وإسرائيليّةٍ، وأبلغوهم بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ آنذاك، إيهود باراك، عاقد العزم على الانسحاب من جنوب لبنان، وأمروهم بالاستعداد للحظة وجمع كلّ ما يملكون من وثائق ومعلومات وأموال والاستعداد للانتقال للعيش في إسرائيل

وقالت مصادر أمنيّةٍ وصفتها الصحيفة بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، قالت إنّ الهدف الرئيسيّ والمفصليّ من استعداد إسرائيل لاستيعاب العملاء والجواسيس في أراضيها كان نابعًا من خشية مُخابرات دولة الاحتلال من استيلاء حزب الله، على الوثائق، والتي كان من شأنها أن تُلحق الأضرار بعمل المُخابرات الإسرائيليّة وطُرق تفعيل وتجنيد العملاء في الجنوب اللبنانيّ، على حدّ قولها.