"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

اثنا عشر قرنا من التاريخ اليهودي بمدينة فاس

www.aamjm.org :

المقبرة اليهودية فاس

  تعتبر مدينة فاس إلى يومنا هذا من أهم المراكز الرئيسية لحياة اليهود بالمغرب، فمنذ تأسيس المدينة في القرن التاسع عشر، كانت و لازالت موطنا لطائفة يهودية نشيطة إرتبطت بأسماء عدد من العلماء اليهود المشاهير. أكثرهم شهرتا، الحاخام موسى بن ميمون الذي كتب عددا من الأعمال الدينية و الفلسفية باللغة العربية. وصل موسى بن ميمون إلى مدينة فاس كلاجئ من شبه الجزيرة الإيبيرية في منتصف القرن الثاني عشر و إستقر بها لعدة سنوات، كغيره من علماء أخرين إستقروا بالمدينة و أثروا دينيا و روحيا على حياة المدينة. من بينهم  نذكر يهوذا بن قريش المتخصص في علم اللسانيات المقارنة، العالم اللغوي النحوي دوناش بن لبراط، يهودا إبن حيوح كاتب كتاب النحو العبري الحديث، عالم اللغة داوود بن ابراهيم الفاسي الواضع لقاموس عبري عربي، “جامع الألفاظ”، جاؤونيم مدينة صور صامويل جوفني، إسحاق الفاسي كاتب التلمود الصغير و يوسف إبن عقنين.

 تشتهر مدينة فاس بالملاح، أول حي يهودي في المغرب. تعايش، إلى حدود القرن الثالث عشر، اليهود و المسيحون و المسلمون في “فاس البالي”، المدينة العتيقة حاليا، لكن في عهد الموحدين فرضت على اليهود قيود شديدة، فأرغم العديد منهم على إعتناق الإسلام و لم يسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية إلا في عهد الدولة المرينية. في عام 1276، أسس المرينيون “فاس الجديد”، المدينة الحديثة، و بما أنه تم بناء الحي الجديد مكان سوق الملح القديم، فقد أطلق عليه إسم الملاح (أشتق إسم الملاح من مصطلح الملح).  يومها، كان غالبية المستقرين بالحي الجديد من اليهود،  فأصبح مصطلح الملاح مرادفا و إسما لكل أحياء اليهود التي شيدت في القرون اللاحقة بمختلف المدن المغربية.
شهد الملاح بمدينة فاس أحداثا تاريخية فارقة، حيث وصل في عام 1942 عدد كبير من اللاجئين اليهود المهجرين من شبه الجزيرة الأيبيرية إلى المدينة بحمولتهم الدينية و اللغوية المختلفة، الشيئ الذي خلق توثرات مع ساكنة فاس الأصلية الناطقة باللغة العربية. عرف الملاح مرة أخرى في النصف الثاني من القرن السابع عشر نموا هائلا في عدد القاطنين به، حين طردت حوالي 1300 أسرة من بلدة زاوية أيت إسحاق من طرف المولاى رشيد و هجرت بذالك إلى مدينة فاس، فكانت النتيجة تزاحم سكاني في أحياء و شوارع الملاح الضيقة و المزدحمة سلفا، نتج عن ذلك بناء عدد جديد من البيوت.
أحد البيوت؟ 
أحد هذه البيوت هو محور أول مشروع للجمعية في المغرب. يعود بناء هذا المسكن إلى القرن السابع عشر و يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من سور المدينة، في نهاية درب الفاسيين و بمحيط الكنيس المركزي للطائفة اليهودية. من غير المعروف من عاش بهذا البيت في نهاية القرن السابع عشر، غير أن أخر من سكنه من اليهود هو الباحث و مؤلف كتاب “القصيد”، قصائد قصيرة مغناة عادتا، كوهين حبيبي الذي أثرت نصائحه الدينية على الطائفة اليهودية بشكل واضح. فقد أغلقت يوم وفاته عام 1947 كل المحلات التجارية بالملاح و قيل ان الناس تبعت جنازته حافية الأقدام. منزله اليوم  مهجور و مهدد بالأنهيار.
1947 ,حبيبي كوهين
1947 ,حبيبي كوهين
لماذا هذا المشروع؟
تركت إثنا عشر سنة من حياة اليهود بصمتها على مدينة فاس، حيث لا تزال العديد من المآثر التاريخية شاهدة على تاريخ هذه الطائفة. رممت مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي تحت إشراف البروفيسور شمعون ليفي كنيسين: كنيس إبن دانان و كنيس الفاسين. هذا الأخير تم ترميمه بمساعدة مالية من وزارة الخارجية الألمانية. الكنيسين مفتوحين حاليا للعموم و يقدمان صورة مهمة عن الحياة الدينية للطائفة اليهودية بمدينة فاس. نسعى من خلال هذا المشروع لتسليط الضوء على الثقافة اليومية لليهود المغاربة. فمن خلال ترميم هذا المسكن النموذجي بالملاح، و صيانة أثاثه القديم و تفاصيله المعمارية، سنعيد تشكيل واقع الحياة اليومية الأصيلة للأسر اليهودية بمدبنة فاس.
ترغب الجمعية في شراء هذا البيت المكون من خمس طوابق و الممتد على مساحة 93 متر مربع من أجل ترميمه بمساعدة المتخصصين من ذوي الخبرة. كما نود تأثيثه بتحف تعود إلى الحياة العادية أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين كما نهدف الى  تصميم معرض دائم تعرض فيه صور للملاح المعاصر.
مهمتنا الأنية هي الحصول على الوسائل لشراء وصيانة و إعادة بناء البيت لتقديم المعارض المخطط لها. من أجل ضمان نجاح المشروع، سنعمل بشكل وثيق مع المختصصين و الخبراء  للاستفادة من خبرتهم الحرفية، و خبرتهم في إدارة المشاريع و معارفهم الأكاديمية. الأكثر من هذا، لدينا شريك ذو تجربة مهمة و هو مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي الذي حقق مشاريع ممائلة بنجاح.
إذا كنت ترغب في مساعدة الجمعية في إنقاد هذا البيت، و كذلك في تطوير و الحفاظ على مساحة الثقافة و التاريخ اليهودي في المغرب، إتصل بنا!