حذرت مجلة فورين بوليسي الأميركية من أن العزل الصحي الذاتي قد يكبح جماح فيروس كورونا، إلا أنه سيذكي أوار التطرف في العالم.
وذكرت المجلة -في مقال لنيكيتا مالك مديرة مركز التطرف والإرهاب بجمعية هنري جاكسون في لندن- أن ملايين البشر القابعين في منازلهم خوفا من التعرض لوباء كورونا الفتاك، سيتحولون إلى مواقع التواصل الاجتماعي الزاخرة بالمعلومات المضللة.
وتقول نيكيتا مالك إن الإسلاميين المتطرفين وجماعات اليمين المتطرف يستغلون حالة الارتباك والخوف المستشرية على نطاق واسع لنشر الكراهية.
وعصفت جائحة كورونا (كوفيد-19) بالعديد من الدول في أنحاء العالم، وأتاحت فرصة للجماعات المتطرفة من مختلف ألوان الطيف العقائدي والديني لبث خطابات الكراهية.
وكما يحدث عادة في أوقات الحيرة وعدم اليقين، سارع “المتطرفون والإرهابيون” لاقتناص الفرصة ليتواصلوا مع جمهور آخر غير الذي درجوا على الوصول إليهم.
قلق وأسباب
واعتبرت الكاتبة ذلك أمرا مثيرا للقلق لعدة أسباب؛ ففي عام 2014، حين كانت الدوائر الأكاديمية في الغرب تدرس مدى تأثير الدعاية التي يطلقها تنظيم الدولة الإسلامية على الراغبين في السفر إلى الخارج والانضمام للصراع الدائر في العراق وسوريا؛ بدا واضحا أن ما يجذب العناصر المنخرطة في تجنيد أنصار جدد نحو الجمهور المستهدف هو رغبة هؤلاء في معرفة موقعهم من العالم.
ومع توفر مزيد من المعلومات عن الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية، أو حتى أولئك الذين ارتكبوا هجمات إرهابية في بلدانهم؛ كان الدافع المشترك لهؤلاء هو الحاجة للانتماء إلى مجتمع “أصيل”، وارتكاب أعمال عنف أو القضاء على أساليب حياة من ينتمون إلى المجتمع “الدخيل”.
وتنظر أغلب المجتمعات إلى من يعتنقون مثل تلك الأفكار على أنهم “متعصبون”، إلا أنهم في الغالب يكونون قادرين على إغواء الأقلية لما يمتلكونه من جاذبية، أو لأن مزاعمهم “الغريبة” تبدو منطقية.
وضربت كاتبة المقال مثلا على ما ذهبت إليه بالمرأة البريطانية (21 عاما) التي أقدمت على طعن عضو في البرلمان البريطاني بسبب تصويته لصالح الحرب في العراق. وذكرت نيكيتا مالك أن تلك المرأة ربما أقدمت على فعلتها تلك تحت تأثير خطب الداعية الإسلامي أنور العولقي على يوتيوب.
عامل جذب
وترى الكاتبة أن العامل الذي دفع تلك المرأة لاتخاذ قرارها بطعن النائب البرلماني -والمتمثل في الوحدة والملل- اقترن بعامل جذب تجلى في شخصية مجَنِّد جذاب استطاع توضيح الواجبات المنوطة بأتباعه من الجنسين بلغة إنجليزية.
ومع تفشي جائحة كورونا، طُلب من الناس البقاء في بيوتهم. ولسوء الطالع فإن خطوة من هذا القبيل تُنذر بتعاطي الجماهير الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، والدعاية المتطرفة على الإنترنت في وقت يحاول فيه أناس فهم أبعاد الأزمة المحيطة بهم.
ومع أن حكومات الدول بذلت جهودا كبيرة لتوفير المعلومات الصحيحة عن وباء كوفيد-19 على شبكة الإنترنت، فإن على شركات الإعلام الاجتماعي التحلي باليقظة والحذر إزاء أمرين اثنين: ازدياد نظريات المؤامرة وما تضطلع به من دور في الدعوات المنادية بشن مزيد من أعمال العنف التي تستهدف المجتمعات المعرضة للخطر.
ووفقا لمقال فورين بوليسي، فإن بحثا في موقع يوتيوب أُجري في خضم تفشي فيروس كورونا يُظهر زيادة في مقاطع الفيديو “الصليبية” والجهادية التي تنبئ بظهور “المهدي المنتظر” قبل يوم القيامة ليخلص البشرية من الشر.
عقاب ووباء
وبالنسبة للمتطرفين الإسلاميين –حسب تعبير الكاتبة- فإن نشر ذلك الخطاب تزامن مع دروس مطولة لعدد من المتحدثين، الذين أشاروا فيها إلى أن كوفيد-19 هو عقاب أنزله الله على البشر، بل إن تنظيم الدولة الإسلامية حث أتباعه على عدم دخول أرض الوباء.
من ناحية أخرى، كشفت مذكرة حديثة لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) أن جماعات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة حثت أنصارها في رسائل بعثتها إليهم على نشر فيروس كورونا بين اليهود، واستخدام “بخاخات” مليئة بإفرازات جسم معدية في مهاجمة أفراد الشرطة، كما حثت هذا الجسم المعدي على السفر إلى أماكن تجمع اليهود، كالأسواق والمكاتب السياسية والشركات ودور العبادة.