في مُقابلةٍ نشرتها صحيفة (هآرتس) العبريّة، قبل عدّة أيّامٍ من الانتخابات الأخيرة في إسرائيل، أوائل شهر آذار (مارس) الجاري، قال عضو الكنيست يوعاز هندل من حزب (أزرق-أبيض)، الذي يتزّعمه المُتّهم بارتكاب جرائم حربٍ، ومطلوب للعدالة في عددٍ من الدول الأوروبيّة، الجنرال في الاحتياط بيني غانتس، قال هندل إنّ ثقافة العرب هي ثقافة الغابة، هناك يوجد خرق فاضح لكلّ حقوق الإنسان التي نعرفها في العالم الغربيّ، فهم لم يصلوا إلى مرحلة التطوّر التي يوجد فيها حقوق للإنسان، على حدّ تعبيره، وهذا التصريح العنصريّ-الفاشيّ كان تتويجًا لحملته وصديقه، النائب تسفي هاوزر، من نفس الحزب، لرفضهما التصويت مع حكومةٍ ضيِّقةٍ تعتمد على النوّاب العرب في الكنيست الإسرائيليّ، وبالتالي فإنّ رفضهما كان أحد الأسباب الرئيسيّ في عدم تمكّن غانتس من تشكيل حكومةٍ ضيِّقةٍ وإنهاء الحياة السياسيّة بشكلٍ كليٍّ لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وكانت هذه الخطوة صفعةً عنصريّةً إضافيّةً من غانتس ومن لف لفه للنواب العرب (14 نائبًا، بالإضافة إلى النائب د. عوفر كسيف، اليهوديّ غير الصهيونيّ)، وبالتالي لم يكُن مفاجئًا بالمرّة أنّ غانتس نفسه، الذي أكّد خلال المعركة الانتخابيّة أنّه يرفض تشكيل حكومةٍ تعتمد من قريبٍ أوْ من بعيدٍ على النوّاب العرب، لم يكُن مفاجئًا من قبله، وهو الصهيونيّ حتى النُخاع أنْ يُصرِّح في مقابلةٍ مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، بصوته وصورته إنّه لا ينفي بالمرّة فكرة الانضمام إلى حكومة وحدةٍ وطنيّةٍ برئاسة بنيامين نتنياهو، مسوغًا هذا التحوّل بـ180 درجة بأنّ الوضع، أيْ انتشار وباء “كورونا” يُحتّم على الجميع الالتفاف والتعامل بمسؤوليّةٍ مع الكارثة، وبالتالي فإنّ غانتس، مرّةً أخرى، طعن نواب “القائمة المُشتركة” وتنازل عنهم، علمًا أنّهم يُمثِّلون أكثر من 21 بالمائة من سكّان كيان الاحتلال، أيْ حوالي 1.6 مليون عربيّ- فلسطينيّ يعيشون داخل ما يُسّمى بالخّط الأخضر.
وفي سياقٍ ذي صلةٍ، قال ليلة أمس الجمعة المُحلِّل المُخضرم في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، أمنون أفراموفيتش، قال إنّ المؤتمرات الصحافيّة التي يعقدها نتنياهو تقريبًا كلّ ليلةٍ في ساعات المساء، حيث تكون نسبة المُشاهدة هي الأعلى، هي ليست مؤتمرات صحافيّة، إنمّا عرض يُقدّمه نتنياهو لكيل المديح لنفسه، مُستغّلاً أنّ قنوات التلفزيون والإذاعات ومواقع الإنترنيت، تقوم بنقل الـ”مؤتمر الصحافيّ” ببثٍّ حيٍّ ومُباشرٍ لتمرير رسائله وترسيخ نظرياته فيما يتعلّق بمكافحة وباء الـ”كورونا”، وأيضًا لتمرير الرسائل في كلّ ما يتعلّق بتشكيل حكومةٍ، ولفت المُحلِّل إلى أنّ نتنياهو لا يسمح للصحافيين بتوجيه الأسئلة، كما أنّه يمنح الوزراء فرصة للحديث، ولكنّهم عوضًا عن طمأنة الجمهور يقومون بكيل المديح لنتنياهو، أمّا العامل الثالث، بحسب أفراموفيتش، فهو قيام نتنياهو بتحميل المسؤولية لعددٍ كبيرٍ من الوزراء لأنّه يعلم بأنّ لجنة التحقيق ستُقام وبالتالي لا يُريد أنْ يكون المُتهم الوحيد في السقطة المُدويّة، التي من الممكن، أضاف، أنْ تكون مثلما حدث مع إسرائيل في حرب الغفران، أيْ حرب أكتوبر 1973 عندما فوجئت من هجوم الجيشين المصريّ والسوريّ دون أنْ تعلم شيئًا عن مخططهما، قال المُحلّل أفراموفيتش، الذي يتمتّع بمصداقيّةٍ كبيرةٍ في الشارع الإسرائيليّ.
إلى ذلك، قالت كاتبةٌ إسرائيليّةٌ، إنّ النقاش الدائر اليوم بين حزبي الليكود وأزرق أبيض، يتعلق بالتناوب على رئاسة الحكومة، بحيث يكون العامان الأولان من نصيب بنيامين نتنياهو، والليكود يبدي موافقة أولية على ولاية تمتد فقط عامًا ونصف العام، لكن نتنياهو يريد بذلك استدراج خصمه بيني غانتس للموافقة على تشكيل هذه الحكومة برئاسته، تمهيدا للوصول إلى شهر حزيران (يونيو) القادم، وأضافت موران أزولاي، مُحلّلة الشؤون الحزبيّة في مقالها بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أضافت أنّ نتنياهو يسعى للاقتراب من فترة انتخاب رئيس جديد لإسرائيل، ومن الواضح أنّ نتنياهو يطمح لهذا المنصب، حيث يسعى لأنْ يُدخِل تعديلاً على القانون الأساسيّ الإسرائيليّ، وبموجبه لا يتم محاكمة رئيس الدولة، على حدّ تعبيرها.
وأشارت إلى أنّ غانتس زعيم حزب أزرق أبيض قد يذهب مع نتنياهو زعيم حزب الليكود في حكومة وحدة، وهو ما من شأنه تفكيك حزبه، في ظلّ أنّ الليكود يعد بتشكيل حكومة مساواة، رغم أنّ غانتس وحده يحوز على 15 مقعدًا دون الكتلتين اللتين يقودهما عضوا الكنيست يائير لابيد زعيم حزب “يوجد مستقبل”، وموشيه يعلون زعيم قائمة “تيلم”، بحسب تعبيرها.